“كانت لنا ايام” فى مدرسة ود مدنى الاهلية 1942-1948

“كانت لنا ايام” فى مدرسة ود مدنى الاهلية 1942-1948 (1)
هذه ذكريات ماض كانت ايامه بكل المقاييس وافرة الاشراق عن مؤسسة تربوية ظلّت شامخة شموخ من اسسوها ومن عملوا فيها معلمين هداة ومرشدين تركوا من الآثار والبصمات ما ظل باقيا فى وجدان ونفوس من سعدوابالدراسة فيهاعبرالسنين وهى لا تزال وما تنفك تخلد فى اغوار الابديه وابعاد اللانهائيه.. وما آثار المعلمين ان هى ألآ كذلك. مكان كان ساحرا بكل ما حمل ويحمل الوصف من معان عند كل من عاش فى تلك المدينة الفيحاء التى كم كانت سعادتى غامرة بنشأتى وبالحياة بين اهلها الغرالميامين سنين عددا..هى مدينتى.. ودمدنى الباسلة..التى لم يكن ابناؤها يطيقون قضاء اكثر من نهار يومهم خارجها الآ للشديد القوى. فى مدرستها الأولية على شاطىء النيل الازرق الخالد( مدرسة النهر) النهر الذى كان الانجليز قد اطلقوا اسمه على كل المديرية التى امتدت من مدينة الكاملين شمالا الى مدينة فازوغلى جنوبا وألى تخوم مديرية كردفان غربا و الى حدود مديرية كسلا التى كانت تضم كل مناطق ومدن شرق السودان الى البحر الاحمرشرقا وجعلوا ودمدنى المدينة الفيحاء حاضرة لها.. فى تلك المدرسة العريقه التى تم انشاؤها فى بدايات القرن العشرين حيث تلقى الكثيرون من جيل ألآباء بداية تعليمهم بها وهى مبنية من “القش والحطب” وظلت بعدما تم اعادة بنائها بالطوب الاحمرتهدى المدينة كل عام من سنى عمرها المديد كتائب من طلابهاالى المدرسة الاميرية الوسطى القائمةعلى بعد خطوات شرقيها على شاطىء الازرق الدفاق..¬¬¬ الى ان كان عام 1939 عندما انطلقت المدرسة الاهلية الوسطى تقدم الاسناد للاميريه قبولا اضافيا مضاعفا لأبناء المدينة وما جاورها من المدائن والارياف لدراسة المرحلة المتوسطة.
تفتحت مداركى..لمدة عام واحد – وانا ابن خمس سنوات من عمرى فى مدرسة النهر الاوليه – على يدى كوكبة من المعلمين الأخياركم سعدت بلقاء اثنين منهم فى لآحق من الزمان بعد غياب فاق الثلاثين بخمسة من الاعوام وانا على رأس مؤسسة تربوية كبرى..”ناظر” صرح تعليمى كبير(اضحى اثرا بعد عين).. الخرطوم الثانوية القديمه وكان من التقيته بعد تلك السنوات هو استاذنا الجليل المرحوم احمد عبد العال ? من رجال مدينة حلفاية الملوك (عليه فيض من رحمة الله)الذى كان حين لقائى به يعمل فى ادارة التعليم الابتدائى فى رئاسة وزارة التربية والتعليم.صرخ صرخة داوية اذهلت من كانوا يقاسمونه المكتب وفاضت دموعه مدرارة حالما ابلغته باسمى وان شخصى الضعيف كان من تلاميذه فى سوابق ألأزمان فى ذلك الصرح العظيم- مدرسة النهر الاوليه فى ودمدنى المدينة العزيزة على نفوس كل من سعدوا يالعيش فيها. اما ثانيهما فقد كان لقائى به لقاء عاصفا فى مدينة سنجه ? موطنه الاصلى- وانا على راس وزارة التربية والتعليم وكيلا اولآ لها-من بعد زمان فاق الخمس واربعين سنة من آخر عهد لى به فى نهايةعام 1941 عندما اكملت عامى الوحيد ذاك دارسا بين يديه وحان فى بداية عام 1942 موعد انتقاله الى صروح تعليمية تعددت مثلما كان انتقالى الى صرح تعليمى آخر فى مدينة ودمدنى (المدرسة الاهلية) اعتبارا من يناير1942حيث قضيت بين ارجائها ثلاث سنوات اخر (1942-1944)الى ان انتقلت مواصلا دراسة المرحلة الوسطى فى قسم آخر من ذات المدرسة الاهلية العملاقة التى انا بصدد استعادة تذكارسيرة ايامى بين ارجائها لمدة اربع سنوات (1945-1948) قبل انتقالى الى صرحنا الشامخ على الضفة الشرقية من النيل الازرق الخالد فى فبراير من عام 1949فى صرح عظيم وجميل آخرلعل الكثيرين من القرّاء قد تابعوا ذكرياتى عنه امتاعا ومؤانسة عبر الصحف وصفحة التواصل الاجتماعى التى انشأها نفر كريم من خريجيه الاخيار.
حقيقة الامرجاءتنى فكرة تسجيل هذه الذكريات عن مدرسة ود مدنى الاهلية الوسطى فى شهر ديسمبرمن عام 1998 كانما هو وحى هبط علىّ من حيث لآ ادرى وانا استرجع شريط احداث فترة من حياتى فى المدينة الباسلة عندما خطر ببالى وبلا مقدمات اننى فى مثل تلك الايام من عام 1948 قبل نصف قرن من الزمان كنت قد اكملت دراستى فى ذلك المكان الذى فاض القا وسحرا. فوجدت نفسى انهض مسارعا الى القرطاس والقلم اقلب شتى الافكارفى كيفية بداية انزال ذلك الهاجس النفسى الى ارض الواقع بتجميع كل المعلومات والرؤى التى بدأت تنداح وتحمل مما كان ذا صلة بالمكان الذى طاب موقعا ورجالا وتصنيفها ومن ثم وضع خارطة طريق للانطلاق لتسجيل ما بدأ ينساب تباعا الى مقدمة ذاكرتى يكاد يفجرها لتجد مخرجا للانطلاق فى ألآفاق.وسراعا لاح امام ناظرىّ ما دار من احاديث”عذبة النبع وريقه” لاستاذنا الجليل واستاذ الاجيال مصطفى محمد حسن (المعروف بأسم “ابوشرف” رحمة الله عليه فى اعلى عليين) الذى كم سعدنا بلقائه-نحن مجموعة من ابناء مدينة ودمدنى- ظهيرة يوم سبت اغرمن ايام شهريوليو 1999فى داراخ كريم من تلاميذ الاستاذ “ابوشرف ومن خريجى الدفعة الاولى فى الصرح الكبير- مدرسة مدنى الاهلية الوسطى فى ديسمبرعام 1942وفى ولاية فيرجينيا الامريكية- كان لقاؤنا بالاستاذ ابو شرف فى دار الاخ وليم ابرااهيم خليل ? الذى عاش سنوات عمره الاولى بين افراد اسرته من بينهم كان احد شقيقيه خليل كاتب الحسابات فى رئاسة مديرية النيل الازرق واخيه يوسف ابراهيم خليل صاحب محل حياكة الملابس الافرنجيه الذى كانت تحمل لافتة المحل اسم (ترزى الجزيره) المجاور لمحل المرحوم امين بركات غربى اجزخانة الجزيرة فى سوق مدينة ودمدنى.. جلسنا متحلقين حول الاستاذ الذى جاء الى منطقة واشنطن من ولاية كونيتيكت – حيث تقيم احدى ابنتيه الدكتورة “رقيّة”وزوجها الدكتورمعتصم محمد حسين المحاضران بجامعة الولاية وحفيدتيه الذين جاءهم الاستاذ زائرا- فتكرّم بتلبية دعوة تلميذه وليم لزيارة مدينة واشنطن وما جاورها? ولقاء الكثيرين من ابناء مدينة ودمدنى الذين كان من بينهم فى تلك الايام النطاسى والرياضى الكبيرعوض “القون” والاعلامى اللوذعى عبدالرحمن زياد وعبد المنعم الامين رئيس الجالية السودانيه فى منطقة واشنطن الكبرى هذه الايام وشخصى الضعيف مع اخرين كثرفاضت بهم داروليم خليل الرحبه وشملتهم حرمه فيكتوريا بكرمها الفياض. وقصرت الساعات التى سعدنا فيها بلقاء الاستاذ عن الاحاطة بكل ما اردنا تناوله مع الاستاذ الجليل عن احوال السودان قديمها وحديثها وعن اخبار مدينة ود مدنى وسيرة اهلها الغرالميامين ابّان فترة عمله فيها وهو يتولى قيادة العملية التربوية مع رفيق دربه الأستاذ صالح مصطفى الطاهرفضلا عما اختزنته ذاكرته عن تاريخ صرحنا التعليمى الكبيرومن زاملوه من معلمينا الاخيار.
فاضت كلمات الاستاذ عن حال السودان سياسيا واجتماعيا خلال ذلك العقد ألاول من عمرالانقاذ وما بدا على التعليم من سمات تدهور اضحى باديا للعيان بعد اطلاق شعار”اعادة صياغة الانسان السودانى” مقارنة بما كان عليه فى سوابق الازمان. وتنقل الاستاذ باحاديثه من زمان الى آخر يجتر ذكرياته من بعد تخرجه فى كلية غردون فى ديسمبرعام 1934قبيل انتقال المسترقريفث بقسم العرفاء(قسم اعداد معلمى المدارس الاولية) من كلية غردون الى معهد التربية فى بخت الرضا.وتواصل الحديث العذب عن انشطة خريجى الكلية اجتماعيا وادبيا وهم يعملون فى انحاء كثيرة من السودان وصاروا ينشئون الجمعيات الادبيه فى بعض عواصم المديريات الشماليه وفى بعض مدن البلاد الاخرى يتدارسون خلاصة ما كان يتوفرلهم من معارف ومعلومات فى امهات الكتب التى يتبادلون قراءتها ومناقشة محتوياتها المتعددة الموضوعات من اخبار الدنيا العريضة والعالم العربى على وجه الخصوص فضلا عن منظومات كبار الشعراء فى العالم العربى من القريض والمنظوم من الاشعار الى جانب كتابات الادباء ممن سطعت اسماؤهم فى دنياوات ألآداب والفنون والعلوم..لينتقل بنا الاستاذ الى نادى خريجى مدارس السودان فى ودمدنى وايامه الزاهيه وهو يضم خريجى الكليه وغيرها من مدارس السودان العاملين فى دواوين الحكومه فضلا عما كان النادى يزخر به من نشاط ادبى يتزايد ونشاط سياسى لم يظهر جليا على السطح اذ كان بطبيعة الحال ذلك امرا محرّما على السودانيين عامة وعلى موطفى الحكومة خاصة ولكن النفوس والعقول كانت تتلاقى بما يفيض فيها من تساؤلات تتبدى فى بعض الاشعارمواربة وخفية عن امنيات اهل السودان برحيل الانجليزعن البلاد. ولما كانت مدينة ودمدنى عاصمة أكبر المديريات مساحة واتساعا واكثرها كثافة سكانية من الوان الطيف من خريجى كلية غردون اطباء على قلّة عددهم ومهندسين وقضاة ومعلمين فى المدارس الاولية والوسطى وكل من وجد فرصة للقراءة والاطلاع اوالانضمام الى تلك الجمعيات الادبية يثرى تجربته ومعلوماته فقد كان” نادى خريجي مدارس السودان” فى ودمدنى واحة ظليلة يتوافد اليها الجميع كل مساء حيث تتلاقح الافكارويتم تبادل الخبرات والتجارب عبر المحاضرات والمناظرات والمطارحات شعرا ونثرا والمسرحيات التى يقدمها الخريجون وغيرهم من اهل ودمدنى ممن كان لهم الخيال الواسع وطلاقة اللسان وملكة التمثيل اومن بين اعضاء الجمعية الادبية التى تم تكوينها لتكون محور ومنطلق كل نشاط يقام فى النادى الكبير. بين احاديث الاستاذ – وكلنا أذان صاغية لكل حرف منها – وردت اسماء لجنة النادى العريق فى دورة ذلك العام الفريد 1938.. الدكتور ابراهيم انيس اول سفير للسودان لدى الولايات المتحده واستاذ الاجيال صالح بحيرى وابراهيم عثمان اسحق واسماعيل العتبانى واخيرا وليس آخرا كان الاستاذ احمد خير المحامى الذى جاءاقتراحه على رفاقه فى هيئة تساؤل واستطلاع راي عن قيام تجمع لخريجى كلية غردون باسم “المؤتمر” على غرارتجمع “المؤتمر الهندى” الذى قاد الهند على نارهادئة الى نيلها الأستقلال سلميا- كان الاقتراح امتدادا لتواصل فكرى مستدام ونقاشات بين الخريجين تفيض وتتسع.. يتبادلون الرأى حول فكرة المؤتمر المقترحة واهدافها وطرائق بلورتها وما ينتظران يتحقق من الالتفاف حولها فى المستقبل القريب والبعيد فاضحت الفكرة وعاء جامعا لكل الذين نالوا قدرا من التعليم وبمرور الايام صارلكلمة المؤتمرسحرعظيم فى نفوس واذهان قطاعات كبيرة من المجتمع السودانى متعلمين وغيرهم ممن صقلتهم وعلّمتهم الحياة.. فاصبح نادى الخريجين قبلة انظار اهل ودمدنى مثلما كانت الاندية الرياضية التى كانت تحت ادارة وقيادة المزيج من موظفى الحكومه ونفر من التجارواصحاب المهن من كل نوع وجنس فازدات العقول تفتحا وازدانت استنارة وبدأت الافكار تتلاقح كل حين. وبدأ الاحساس يتضاعف نحو ازدياد المعرفه ونشر الوعى بين الناس كافه فى داخل ودمدنى وفيما حولها من انحاء الجزيرة الفيحاء .. بطبيعة الحال لاينتشرالوعى وتزداد المعارف الآ عبر التعليم.. فكان تسارع الخريجين والخيّرين الى زيادة رقعته تزداد حدته وتتواصل احاديث اهل المدينة عن وسائل انزال رغبات المنادين بتوفير المزيد من فرص التعليم لأبناء المدينة وما جاورها الى ارض الواقع.
ولما كانت المدارس الاوليه لاتزيد عن اصابع اليد الواحده ناهيك عن المدرسة الوسطى الوحيده المعروفة باسم ألأميريه فصارالحديث بين روّاد النادى العريق وفى غيره من الاندية يتناول الموضوع الحيوى..التعليم وزيادة رقعته.. فتح المزيد من دور العلم صار هاجسا لدى الخريجين والخيرين من اهل ودمدنى ايمانا واقتناعا بما يمكن تحقيقه وما يتوقع ان يحدثه قيام المزيد من المدارس من تقدم وازدهار فى حياة المواطنين عامة وعلى مستقبل البلاد خاصة. وغمرت السعادة نفوس اهل ودمدنى عندما تنادى نفر من الخريجين والتفوا حول فكرة المعية جذبت اليها افئدة اهل ودمدنى البواسل.. انشاء مدرسة اهلية اسوة بتلك التى اقامها اهل امدرمان قبل عشر سنوات او تزيد. مدرسة اخرى سندا للمدارس الاوليه القائمه جنبا الى جنب مع اخرى اهلية وسطى تزيد من عدد المقبولين فى مرحلة ما بعد الاوليه من الناجحين فى امتحان نهاية المرحلة الاوليه الذين تقصردرجاتهم عن القبول فى المدرسة الاميرية الوحيده فى المدينه والتى ظلت تشتكى عنت الايام والانجليزبالابقاء عليها وحيدة فى عاصمة المديرية الواسعة الارجاء ألآ من مثيلة لها منذ القدم فى مدينة رفاعه واخرى حديثة الانشاء هى مدرسة الدويم “الريفية” تحت مظلة معهد التربية فى بخت الرضا. فتنادى اهل ودمدنى.. شيبهم وشبابهم..فقيرهم وغنيهم,, وجادول بكل غال ونفيث لتصبح المدرسة الاهلية واقعا ملموسا تحت اشراف ورعاية نفركريم من رجال المدينة الاوفياء الذين نذروا نفسهم لأقامة ذلك الصرح التعليمى الجديد وقد عرف اهل ودمدنى ذلك النفر الكريم على مدى الزمان وهم الخارجون عن انفسهم الواهبوها للآخرين- رحم الله من انتقل الى رحاب ربه ) وعلى قدراهل العزم تأتى العزائم..كانت حماستهم دافقة فتدافع من ورائهم اهل المدينة الباسلة المعطاءة وتم افتتاح الصرح الكبير مؤقتا فى دارتبرع بها احد اولئك الكرام من الرجال تحت مسمى مدرسة “النيل” فى عام1939 الى ان اكتملت مبانى المدرسه على ارض فسيحة فى الركن الجنوبى الغربى من المدينه لتبدأ الدراسة فى الموقع الجديد اعتبارا من بدايةعام 1941.
لم يبخل اهل ودمدنى على طلاب صرحهم الوليد بكل ما كان يجب توفيره من احتياجات العملية التربوية والتعليميه وظلوا عبر السنين يمدّون ابناءهم بمثل ما كانت توفره مصلحة المعارف لرفاق دربهم الدارسين فى المدرسة الاميريه مما كان له الاثر الواضح فى منافسة تلاميذ الاهلية لرصفائهم فى الاميريه اكاديميا ورياضيا وثقافيا بفضل حماسة نفركريم من ابناء ودمدنى آثروا ااتخاذ التعليم مهنة لهم ومن ثَمّ انضموا الى صرح مدينتهم الشامخ بعد اكمالهم دراستهم فى كلية غردون..توافد الكثيرون منهم ومن رفاق دربهم فى مرحلة الدراسة الثانويه من غير ابناء ودمدنى عارضين علمهم وتجاربهم وخلفيات اهليهم الثقافيه وعاداتهم وتقالبدهم المختلفه للمساهمة فى تثبيت اركان العملية التعليمية فى المدرسة الوليدة تحت قيادة احد قدامى خريجى قسم المعلمين فى كلية غردون كان للاستاذ صالح بحيرى دوركبير فى اقناع المسؤولين فى مصلحة المعارف للموافقة على انتدابه لقيادة العملية التربوية كناظرللمدرسه.. كان هو الاستاذ هاشم الكمالى من رجال الهاشماب فى مدينة امدرمان..فكان لها!..ومع رفاقه المعلمين كانوا يدا واحدة ومضربا للمثل فى التفانى ونكران الذات..يواصلون ليلهم بنهارهم تدريسا فى داخل الفصول وتوجيها وهداية ورعاية وارشادا فى خارجها لتلاميذهم من ابناء المدينه وممن حصلوا على درجات اهلتهم للالتحاق بالمدرسة من ابناء قرى الجزيرة المجاورة. وظلت السفينة تبحرفى سهولة ويسر بفصل ما حباها الله من توفيق القائمين على امرها من اعضاء مجلس امنائها الغرالميامين وسند اهل المدينة الباسلة لمعلميها.وعندما انقضت فترة انتدابه للعمل بالمدرسة الاهليه غادرالاستاذ هاشم الكمالى مدينة ودمدنى بعد ان شقت المدرسة الاهليه طريقها بنجاح كامل تحت اشرافه ورعايته..غادرها عائدا الى عمله فى المدارس الحكوميه ليخلفه اثنان من قدامى خريجى كلية غردون تولى كل منهما الادارة والاشراف على تلاميذ احد قسمىها الشرقى والغربى.وظل الشيخان يواصلان جهودهما يتقدمان الصفوف لكل عمل يصب فى مجالات تقدم المدرسة وازدهارها عاما بعد عام رغم هبّات اعاصيرالنشاط السياسى فى تلك السنوات والتى كان المعلمون وقيادات المدرسه يشاركون مشاركة فعّالة فى تظاهرات شباب ابناء المدينه الباسلة التى كانت تنتظم البلاد فى حواضرها واريافها ويعودون لممارسة عملهمفى الصرح الكبيردون مؤاخذة او محاسبة من اعضاء لجنة المدرسه الذين كانوا على قدركبيرمن الوعى والادراك لآبعاد القضايا السياسيه والمؤمنين بضرورة مشاركة كل سودانى للتصدى لها.فيعود الشيخان الجليلان ومعهما المعلمون بعد اطلاق سراحهم من الاعتقال اوالسجن ليجدوا ابواب المدرسة مشرعة امامهم فيواصلون كفاحهم الاكاديمى داخلها ويعودون مرة بعد اخرى للمشاركة مجددا فى التطاهرات التى تندلع عقب الليالى السياسية فى نادى الخريجين وساحات المدينة المتعددة.
واواصل فى الحلقات القادمات باذن الله الحديث عن صلتى بالمدرسة الاهلية التى امتدت طوال فترة السنوات السبع القادمات من 1942 الى 1948

الطيب السلاوي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. استمتعت بالسرد الجميل ولكن كنت اتمنى ان يتواصل , انا احد طلاب مدرسة ودمدنى الاهلية 1982-1985 لقد قضيت فيها المرحلة المتوسطة وكانت لا تزال فيها بقية من الالق ويسمع فيها صوت التاريخ والعراقة , وكانت لا يزال فيها بقية من التميز , انها فترة رغم حداثتها مقارنة بتجربتك ولكنى لا زلت اذكر ردهاتها ولا زلت اذكر الفصول وطابور الصباح فى وسط الفصول واشجارها الوريفة .. ولا زالت تثير فى نفسى اشجان كثيرة وحنين دافق الى تلك الفترة الجميلة ..
    للاسف فى مشروع الترابى لتدمير السودان تحولت تلك المدرسة التاريخية الى معسكر للدفاع الشعبى وامتلات باصحاب الدقون الطويلة والعقول الفارغة . لقد اصبحت الان اثر بعد عين لقد تلاشت مدرسة مدنى الاهلية ولم تعد موجودة الا بقية من الاطلال .. تشير الى ان هنا كان تاريخ جميل وذكريات اناس عظماء مروا يومأ من هنا وذهبوا الى الدنيا بعد ان قضوا انضر واجمل ايام حياتهم فى هذا المكان قبل ان تحل لعنة الشيطان على السودان وتدمر كل حياة الناس فيه ..

  2. رائـع اسـتـاذنا الجـلـيـل الطـيب الـسـلاوى ونحـن فى انـتـظار الـمـزيـد اطـال الله فى عـمـرك ومـنحك الصحة والعافـية والرضاء

  3. الأكرم : رائد التعليم الطيب السلاوي

    لك ألف عافية ، ونسأل المولى أن يرزقكم طول العُمر وقوة الذاكرة ويُسر المعيشة .

    وأتنم إذ توثقون تاريخ نخشى عليه الضياع . إن مؤسسة التعليم التي أنتم روادها ، رعت التعليم ، وأسهم العمل الطوعي الأهلي في تكوين مؤتمر الخريجين كما تعلمون ، وهي النواة الحقيقية لرواد الحركة الوطنية . كانت دون شك ” مدني ” هي رائدة الفكرة التي ازدهرت فيما بعد .

    أنتم هم الضامن الحقيقي لتوثيق تاريخنا للتاريخ ، فكثير من الفجوات في تاريخنا لم تزل قائمة بسبب عدم اهتمام أهلنا بالتوثيق . وأنتم لكم قصب السبق ، ليس في التوثيق ، بل في حمل راية التعليم في كل مدان السودان وأريافه . فرواد التعليم والاستنارة هم حملة المشاعل ، ورواد النهضة الحقيقية لسودان الغد .

    ونحن نشهد بأسى بالغ ، سيطرة الجهل النشط ، ومؤسسة الهدم التي لم تُضر بالحاضر فحسب ، بل امتدت يد العُقوق إلى هدم الماضي ، وهزيمة الحاضر ، ومنع التنوير لمستقبل الأجيال القادمة . وهو شيء مؤسف وقهر مُمِض .
    أرجو أن تداوم على الكتابة ، فهي توضح للأجيال القادمة أن أهل الاستنارة منذ بدايات القرن الماضي ، مروراً بمؤتمر الخريجين والحركة الوطنية ، التي كانت الامتداد الطبيعي لتوق الرعيل الأوائل للعمل الأهلي الخيري . هي حراك متواصل يهدف نهضة البلاد وأهلها .

    وعندنا في أم درمان ثلاثينات القرن الماضي ، نهض العمل الخيري نتيجة طبيعية لضعف مؤسسات التعليم ، وتم دعم كل أنشطة التعليم الأهلي ، من دخل الأسواق الخيرية التي نشأت لدعم ” مدارس الأحفاد ” ، ” مدرسة بيت الأمانة ” . وتسابق الخيرين لتشييد منارات التعليم . منها انبثقت ” مدرسة المليك ” ، “مدرسة محمد حسين ” و ” مدرسة الكباجاب ” في أم درمان .وقامت كذلك المدارس الأهلية ، في جميع أنحاء السودان كعمل أهلي خيري ، تدافعت فيه أذرع الخير ، وأسهمت كثيراً في النهضة في تاريخنا .

    سدد المولى خُطاكم ، فأنتم سدنة العلم ، وحُماة عرينه ، الذي تحاول الحركة الإسلاموية الحاكمة محوه من الوجود . فمؤسسة الهدم ، هي التي قسمت السودان ، وتسعى جاهدة لتفتيته ، ليس لديها برنامج إلا عودة التخلف وسيطرة القبلية والجهوية ، والسعي الحثيث لمحو ثقافات الشعوب السودانية .

    وأبشر كل الوطنيين أن مشروع الهزيمة ومشاريع الجهل النشط ، آيلة إلى السقوط ، لأن عناصر هلاكها تكمن داخلها .

    شكري الجزيل لقامة نيّرة ، وقلم ثاقب ، ونذكر بالخير صديقنا دكتور عبد الحليم السلاوي ، مهندس العمارة ، فقد كان يسبقنا بدفعة في قسم العمارة بجامعة الخرطوم . لا أدري ماذا فعلت به الحياة ؟ . ولا نعرف أين يقيم ، فقد انفطرت مسبحة الأصدقاء ، وانتشروا في الأرض ….

  4. الأستاذ الطيب السلاوى ( معلم الأجيال والقرون ) ز
    اسأل الله العلى القدير ان يديم عليك نعمة الصحة والعافية ونعمة الذاكرة التى تجود بها بمثل هذه الذكريات الجميلة .. ذكريات تصل الى درجة التوثيق قد لا يعرفها الكثيرون .

  5. استمتعت بالسرد الجميل ولكن كنت اتمنى ان يتواصل , انا احد طلاب مدرسة ودمدنى الاهلية 1982-1985 لقد قضيت فيها المرحلة المتوسطة وكانت لا تزال فيها بقية من الالق ويسمع فيها صوت التاريخ والعراقة , وكانت لا يزال فيها بقية من التميز , انها فترة رغم حداثتها مقارنة بتجربتك ولكنى لا زلت اذكر ردهاتها ولا زلت اذكر الفصول وطابور الصباح فى وسط الفصول واشجارها الوريفة .. ولا زالت تثير فى نفسى اشجان كثيرة وحنين دافق الى تلك الفترة الجميلة ..
    للاسف فى مشروع الترابى لتدمير السودان تحولت تلك المدرسة التاريخية الى معسكر للدفاع الشعبى وامتلات باصحاب الدقون الطويلة والعقول الفارغة . لقد اصبحت الان اثر بعد عين لقد تلاشت مدرسة مدنى الاهلية ولم تعد موجودة الا بقية من الاطلال .. تشير الى ان هنا كان تاريخ جميل وذكريات اناس عظماء مروا يومأ من هنا وذهبوا الى الدنيا بعد ان قضوا انضر واجمل ايام حياتهم فى هذا المكان قبل ان تحل لعنة الشيطان على السودان وتدمر كل حياة الناس فيه ..

  6. رائـع اسـتـاذنا الجـلـيـل الطـيب الـسـلاوى ونحـن فى انـتـظار الـمـزيـد اطـال الله فى عـمـرك ومـنحك الصحة والعافـية والرضاء

  7. الأكرم : رائد التعليم الطيب السلاوي

    لك ألف عافية ، ونسأل المولى أن يرزقكم طول العُمر وقوة الذاكرة ويُسر المعيشة .

    وأتنم إذ توثقون تاريخ نخشى عليه الضياع . إن مؤسسة التعليم التي أنتم روادها ، رعت التعليم ، وأسهم العمل الطوعي الأهلي في تكوين مؤتمر الخريجين كما تعلمون ، وهي النواة الحقيقية لرواد الحركة الوطنية . كانت دون شك ” مدني ” هي رائدة الفكرة التي ازدهرت فيما بعد .

    أنتم هم الضامن الحقيقي لتوثيق تاريخنا للتاريخ ، فكثير من الفجوات في تاريخنا لم تزل قائمة بسبب عدم اهتمام أهلنا بالتوثيق . وأنتم لكم قصب السبق ، ليس في التوثيق ، بل في حمل راية التعليم في كل مدان السودان وأريافه . فرواد التعليم والاستنارة هم حملة المشاعل ، ورواد النهضة الحقيقية لسودان الغد .

    ونحن نشهد بأسى بالغ ، سيطرة الجهل النشط ، ومؤسسة الهدم التي لم تُضر بالحاضر فحسب ، بل امتدت يد العُقوق إلى هدم الماضي ، وهزيمة الحاضر ، ومنع التنوير لمستقبل الأجيال القادمة . وهو شيء مؤسف وقهر مُمِض .
    أرجو أن تداوم على الكتابة ، فهي توضح للأجيال القادمة أن أهل الاستنارة منذ بدايات القرن الماضي ، مروراً بمؤتمر الخريجين والحركة الوطنية ، التي كانت الامتداد الطبيعي لتوق الرعيل الأوائل للعمل الأهلي الخيري . هي حراك متواصل يهدف نهضة البلاد وأهلها .

    وعندنا في أم درمان ثلاثينات القرن الماضي ، نهض العمل الخيري نتيجة طبيعية لضعف مؤسسات التعليم ، وتم دعم كل أنشطة التعليم الأهلي ، من دخل الأسواق الخيرية التي نشأت لدعم ” مدارس الأحفاد ” ، ” مدرسة بيت الأمانة ” . وتسابق الخيرين لتشييد منارات التعليم . منها انبثقت ” مدرسة المليك ” ، “مدرسة محمد حسين ” و ” مدرسة الكباجاب ” في أم درمان .وقامت كذلك المدارس الأهلية ، في جميع أنحاء السودان كعمل أهلي خيري ، تدافعت فيه أذرع الخير ، وأسهمت كثيراً في النهضة في تاريخنا .

    سدد المولى خُطاكم ، فأنتم سدنة العلم ، وحُماة عرينه ، الذي تحاول الحركة الإسلاموية الحاكمة محوه من الوجود . فمؤسسة الهدم ، هي التي قسمت السودان ، وتسعى جاهدة لتفتيته ، ليس لديها برنامج إلا عودة التخلف وسيطرة القبلية والجهوية ، والسعي الحثيث لمحو ثقافات الشعوب السودانية .

    وأبشر كل الوطنيين أن مشروع الهزيمة ومشاريع الجهل النشط ، آيلة إلى السقوط ، لأن عناصر هلاكها تكمن داخلها .

    شكري الجزيل لقامة نيّرة ، وقلم ثاقب ، ونذكر بالخير صديقنا دكتور عبد الحليم السلاوي ، مهندس العمارة ، فقد كان يسبقنا بدفعة في قسم العمارة بجامعة الخرطوم . لا أدري ماذا فعلت به الحياة ؟ . ولا نعرف أين يقيم ، فقد انفطرت مسبحة الأصدقاء ، وانتشروا في الأرض ….

  8. الأستاذ الطيب السلاوى ( معلم الأجيال والقرون ) ز
    اسأل الله العلى القدير ان يديم عليك نعمة الصحة والعافية ونعمة الذاكرة التى تجود بها بمثل هذه الذكريات الجميلة .. ذكريات تصل الى درجة التوثيق قد لا يعرفها الكثيرون .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..