مقالات وآراء

قصيدة الفيتوري: يوميّات (حاجّ إلى بيت اللّه الحرام)

كنت أنقب فى رفوف مكتبتى عندما عثرت بمحض الصدفة على قصيدة (يوميات حاج إلى بيت الله الحرام) لشاعرنا العظيم المقيم الراحل محمد الفيتورى التى جاءت ملحمة من كل الجوانب تحكى عبثية حالنا العربى المعاصر وقف فيها متضرعا لله ورسوله يشكو فيه ما وصلنا إليه من إنكسار مزرى كأنه أصابنا سحر مبين. أذكر أننى سمعتها بصوته فى الرباط بالمغرب فى تسعينيات القرن الماضى بحضور الصديق الصحفى طلحة جبريل حين كنا نلتقى ثلاثتنا دائما فى مقهى فولتير قبالة مبنى البرلمان بشارع الحسن الثانى ورغم مرور السنين العجاف فالرجل ورى الثرى وختم عرض حياته ورحل عن دنيانا إلا أن كلماته ما زلت حية تنبض بنبضها وها نحن نعيش نفحات شعائر الحج هذه الأيام مع أوجاعنا العربية التى لا تنقطع وما زال يحكمنا الجنون.

قصيدة يوميّات (حاجّ إلى بيت اللّه الحرام)
محمّد الفيتوري

قوافلٌ يا سيّدي قلوبُنا إليكْ
تحجُّ كلّ عام
هياكلٌ مُثْقَلَةٌ بالوَجدِ والهيامْ
تُقْرِئُكَ السَّلامْ
يا سيّدي
عليك أفضلُ السلامْ

على الرُّفاتِ النبويِّ كلّ ذرةٍ عمود من ضِياءْ
منتصبٌ من قبة الضريح
حتى قبة السماء
على المهابة التي
تخفض دون قدركَ الجباهْ
راسمةً على مدار الأفق أفقاً عالياً
من الأكفِّ
يموجُ باسم الله:
ـ الحمد لك
والشكر لك
والمجد لك
والملك لك
يا واهب النعمة يا مليك كل مَن ملك
لبّيك لا شريك لك
لبيك لا شريك لك
يا سيدي عليك أفضل السَّلام
من أُمَّةٍ مُضَاعَهْ
خاسرة البضاعَهْ
تقذفها حضارة الخراب والظلام
إليكَ كلّ عام
لعلّها أن تجدَ الشّفاعَهْ
لشمسِها العمياء في الزحام

يا سيدي
منذ ردمنا البحر بالسدود
وانتصبت ما بيننا وبينك الحدود
متْنا..
وداستْ فوقنا ماشيةُ اليهود
يا سيدي
تعلمُ أنْ كان لنا مجدٌ وضَيّعناه
بَنَيْتَهُ أنت، وهَدَّمناه
واليوم ها نحن!
أجل يا سيدي
نرفلُ في سقطتنا العظيمهْ
كأننا شواهدٌ قديمهْ
تعيشُ عمرَها لكي
تُؤَرّخَ الهزيمهْ!!
لا جمرَ في عظامِنا ولا رمادْ
لا ثلجَ لاسوادْ
لا الكفرُ كلّه ولا العبادَهْ
الضعفُ والذّلّة عادَهْ
يا سيّدي
علّمتنا الحبّ
فعَلِّمنا تَمَرُّدَ الإرادهْ
ابكِ لنا
وادعُ لنا
فالعصرُ في داخِلنا جدار
إن لم نُهَدِّمْه
فلن يغسِلَنا النهارْ”.

عزالدين حمدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..