لا تعيدوا الساعة فقط

لا تعيدوا الساعة فقط

..اعيدوا لحظات الفرح التي سرقت بليل حالك السواد..اعيدوا موتانا الذين ذهبت دمائهم هدرا في عرفكم ولكنها لن تذهب عند المليك المقتدر .اعيدوا لنا شهدائنا مجدي وجرجس والتاية ومحمد عبدالسلام وعوضية وشهداء سبتمبر وشهداء رمضان وكجبار .وكل شهداء الرأي والحق السليب الذين عطرت دمائهم ارض الوطن..اعيدوا اقتصادنا الذي مات سريريا .اعيدوا لنا احلامنا وامالنا التي سرقت او اغتصبت عنوة..اعيدوا لنا الجنوب وصوت ميري وغناء دينق .وقلم فرانسيس دينق ونضالات باقان اموم . اعيدوا لنا النوير والدينكا والشلك والزاندي بترانيمهم ورقصاتهم التي تألفها الروح ويستأنس بها الفؤاد .اعيدوا لنا ملكال ومريدي و واو وكبويتا وجوبا اعيدوا صوت النور الجيلاني وهو يغني لشجر التك والباباي وهو رافع كلتا يديه ويلوح وكانه يودع الجنوب في لمحة توحي باستقراء المستقبل المظلم .اعيدوا الامن لدارفور التي كانت قبلة للحفظه والمشايخ..اعيدوا الخضرة والسلام للنيل الازرق وجبال النوبة وجنوب كردفان..اعيدوا للوطن هيبته بين الدول فنحن من علمنا الشعوب الكبرياء والعزة والشموخ . لم يكن لدينا من تطارده العدالة ولم يكن بيننا من اتهم بابادة ولا تجويع ولا تشريد..اعيدوا لنا جيشنا الذي كنا نتباهى به بين الدول .فلم يوصفوا بالمرتزقة ولم يدانوا باغتصاب الفتيات .اعيدوا لنا عذرية بلادنا التي تهتكت .اعيدوا لنا هيبة الجندي السوداني الذي كانت تفوح من عرقه رائحة العفة ويتقطر منه حب الوطن..اعيدوا لنا مشروع الجزيرة والسكة حديد .اعيدوا لنا ديننا دين التسامح والاخاء .وخذوا الحماس الفردوسي الكاذب والتدين الشكلاني الذي صدعتم به رؤسنا .اعيدوا الامان الي بلادنا حيث كان الشخص يتجول من حلفا الي نملي دون ان يحاف لص او قاطع طريق او خائن امانة..اعيدوا العفاف الي بنات الليل وبائعات الهوي اللائي اصبحن ماكنات للتفريخ لدار المايقوما .اعيدوا للمعلم وقاره وللتلميذ اخلاقه .اعيدوا لنا الحس الفني المرهف والكلمات التي تتدفق جمالا ورقة ومعني .اعيدوا لنا وردي ليلهب حماسنا حين يردد (علي اجنح الفجر ترفرف فوق اغصانك…) ومصطفي ليناجي ارواحنا ويدخل غرف كل المنازل ليسكب فينا عبير روعته وبديع حسنه. اعيدوا لنا محمد الحسن سالم حميد ليعلمنا (الرجعة للبيت القديم).ومحمود عبدالعزيز ليغني للشرق وللغرب وللشمال وللجنوب وللاطفال .وننتظره علي بوابات المسارح بشوق وبسؤال حائر هل سياتي ام لا..اعيدوا لنا الاهلية والترابط الاسري والتفاعل الاجتماعي اعيدوا نبره الحنان والالفة في صوت الجار حين يسأل جاره (كيف اصبحت كيف) اعيدوا طعم الزاد واللقمة الهنية التي ربما تكون قد اتت من الجار السابع..اعيدوا دموع محبي الوطن التي انهمرت حينما سمعموا الفنان وهو يغني (خذوا المناصب والمكاسب بس خلولي الوطن)
اعيدووا لي مايا…
وان لم تفعلوا ولن تفعلوا فلاحاجه لنا بتاخير او تقديم الساعة فنحن لانابه بتلك الترهات ومايؤرقنا حقا هو ان تظلوا جاثمين علي صدورنا ساعة اخري ولكن تذكروا
.سننسي كل ماتاتون من فعل وقول .

هيثم عبدالقادر
[email][email protected][/email]