استراتيجية الاحتلال الانجليزي في السودان

استراتيجية الاحتلال الثاني 1898-1956م
مر السودان بفترتين من الاحتلال وهي الفترة الاولي من 1821-1885م وهي احتلال باسم الدولة العثمانية زورا وبهتان وحقيقته انه احتلال (علوي الباني) قادته اطماع مغتصب عرش مصر (محمد علي باشا) الوالي الانقلابي .ومورست فيه ابشع الاساليب لقهر شعب السودان وتصفية (المال والرجال) من ارض السودان بالقدر المستطاع. وقد استعان هذا الاستعمار بجيوش من الاداريين والضابط المرتزقه من كل ارجاء المعمورة من انجليز ونمساويين واكراد وارمن وشركس ومجر واكراد وامريكان وغيرهم.
كلهم كانوا مغامرين وباحثين عن المجد واستكشاف مواطن المال فعملوا في (مص دم) شعب السودان وارهاقه ماديا ومعنويا لذلك اندلعت الثورة المهدية كثورة سياسية لتغيير الاوضاع التي وصلت حدا لا يمكن احتماله.
بعد الثورة المهدية وحروباتها الكثيره في عهدي (المهدي والخليفه) وعمت البلاد خلافات تنوعت انماطها واشكالها واسبابها المتعدده.
لم يكن السودان غائبا عن استراتيجيات الدول الكبري وقتها فكان حاضر كونه أرض أضم بين حياتها النيل الذي كان يمثل أكبر المطامع وكان هناك سباق للاستحواز علي أراضيه . وجري التسويق لاحتلال مصر في الدوائر على اعتبار ان قناة السويس ممر مائي هام و من ثم منها التورط في صحاري ومجاهل السودان. فكان احتلال مصر هو المؤشر المهم فتم احتلالها في العام 1882م. ونتيجه للاوضاع السيئة في مصر تورط الانجليز جنوبا بدعاوي لاتقل عن دعاوي التدخل اليوم في السودان وهي قديمة مستحدثه ولعل اهمها في تلكم الحقبه
– محاربة تجارة الرقيق التي (شبع) منها الغرب وبني علي جماجم العبيد ثورته الصناعية والمدنيه وتنصل منها ليحاربها متناسي ان سفن الاسطول البريطاني هي من حملت ملايين العبيد الي اوربا وامريكا نفسها.
– نشر الحضارة واستكشاف مجاهل افريقيا التي لا تدين بالمسيحيه التي نشطت في خارج اوربا بعد قمعها وبتحجيم دورها. فخرجت الجمعيات التبشيرية لتعمل في مجاهل افريقيا وتكون الدليل الاول لاعادة احتلال افريقيا واسيا. فقد (بارت تجارة) التبشير في اوربا فسعوا في كرة جديده لاعادة الحروب الصليبية باسم التوسع ونشر الثقافه والمدنية الغربية وهو (باطل اريد به شرعنه امر باطل) .
– الحاجه القصوي للموارد والعماله الرخيصة التي ستكون محرك نظريات اقتصاد السوق الراسمالي التوسعي ويجوز ان نطلق علية(الامبريالي) ايضا. وهي نفس دعاوي الاحتلال الاول الذي كان هدفه المال والرجال ايضا. فقد جند الاحتلال الثاني ايضا من السودانين لتحقيق مأربة التوسعية.
– ازدياد نشاط الجمعيات العلمية و(تعطشها) للكتابات التي ينشرها الرحالة والمغامرون عن الارض والسكان والموارد والفرص المتاحة. وكان مؤتمر برلين في العام 1885م يشجع علي حيازة تلكم البلدان المتخلفه علي اساس امبريالي انها (ارض بلا سيد لسادة بلا ارض) وكان الشعوب علي هذي الاراضي لا يجب ان تبقي او تعيش وهو فكر متطور لظاهرة الرق فبدلا من بيع الانسان لاخيه واستبعاده فهم غالطوا افكار الحريه والحقوق المدنيه واستبدلوا الرق(بالاحتلال) علي اساس نظريه التفوق للجنس الابيض.
الاحتلال الثاني …هوة التصنيع.
استفادت اوربا من تطور حركة التصنيع خصوصا في السلاح الذي تطور من ناحيتي المدي وكثافه النيران فظهرت بندقية (لي متفورد) ومدافع (المكسيم) سريعة الطلقات ومدافع (الهاوزر) الثقيله اضافة الي تطوير البوراج الحربية واساليب الاشتباك. واضحي الفارق كبيرا بين الشرق الذي لايزال يعتمد في تكتيكة العسكري علي الالتحام المباشر واستخدام بنادق عتيقة مثل (رامجتون والخشخشان وابولفته) التي عفا عنها الزمن وتجاوزتها اوربا.
خطط اباء الاستعمار ودهاقنته للاستحواز علي الموراد وحيازة الارض وان كلف ذلك ارواح المدافعين عن حريتهم وانطلقت جيوبوليتك الاحتلال لتوسع مناطق نفوذهم التي كتب عن امكانيتها الرحالة والمبشرون والجواسيس الذين جابوا ارجاء المعمورة وخبروا عادات الشعوب ودرسوا نقاط ضعفها. لذلك تسرب الاستعمار من فوهات البنادق مركزا علي نظرية(فرق تسد) و(فرق تحكم) و(ارعب تدوم) فكان ان حصدت ارواح السودانيين في معركة ام درمان وسالت الدماء كالانهار ولم تشفع المدنية والرحمة الزائفة التي تمنح للكلاب والقطط دون اصحاب الارض.
نظرية بناء الطائيفيه والحكم الاهلي.
كان لتقارير الجاسوس الالمعي (رودلف سلاطين باشا) المرتزق النمساوي والمغامر الذي (نفد بجلده) من مقصلة الخليفة عبدالله. كان لتقاريره فعل السحر اذ كشفت عن كل نقاط الضعف واسهمت كتاباته (السيف والنار في السودان) وتقاريره السرية في تعجيل امر الحملة. وبعد كرري مهدت لانشاء مستعمرة السودان فتم وضع السودان تحت وصاية وزارة الخارجية ولم يحكمة الانجليز بل اسسوا الطائيفية لتفريغ (الشحن الديني) واهتموا بالادارة الاهلية لتحكم وتدير القضايا المحليه و(صنعوا) طبقة الافندية للاعمال الادارية ووضعوا (مناهج التعليم المعلب) الذي ينمط حياة المجتمعات ويحولها الي (شغيلة) ولم يدير جيش من الانجليز بل كانو في احسن الاحوال عددهم 700-750مفتش جلهم خريجين ودارسي علم الاجتماع والسياسه وعلم الاجناس وغيرها من العلوم النظرية.
لم يكن وضع السودان (يفرق كتير) لو انه ضمن مسئولية وزارة المستعمرات او الخارجية. فقد جاءت تقارير (شواطين باشا) تؤكد ان السوداني (غير) فلم يعتلي مفتش ظهر سوداني ولم يهان احد وذلك لطبيعة الدم الحامي وأثر حرارة (شموس) الاستواء.
ويبقي ان الاحتلال سبه لو (بقي أو أستعجل) في الخروج فقد اقعدنا كثيرا. علي الرغم مما قدم من تنوير ومعاهد وتلغراف وجامعات وسكة حديد الا ان استراتيجية (شفط) الموارد وأكل مال الشعب بالباطل من قبل أجانب أمر مرفوض وان أدعي بعضنا ان النظم الوطنية في مرحلة مابعد الاستقلال ايضا أوغلت في الخراب الا ان وطني ولا (ملي بطني)
او كما قال الشاعر المجيد التني
في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوع الوطن العزيز
وهي من قصائد ملاحم الوطن الذي قدم كثيرا ولم يبخل علينا لذلك نريده قوي منيع لا يحتل ولا يضام…… هذا و(أبقوا عشرة) علي البلد… هذا والله اعلم