مبادرة البارود والنار..!

حتى وقت قريب، كان التصنيف الحكومي يجزم بان حزب المؤتمر الشعبي هو الواجهة السياسية لحركة العدل والمساواة، وان الحركة هي ذراع حزب الترابي السياسي.
وحتى وقت قريب، كانت حملات الاعتقال تطال قادة الشعبي، بمزاعم انهم يخططون ويديرون العمل العسكري الذي تنشط فيه حركة العدل والمساواة في دارفور. بل ان هذه التهمة طالت حتى الراحل الدكتور حسن الترابي، كما طالت آخرين مثل مساعد رئيس الجمهورية الحالى والقيادي البارز بالمؤتمر الشعبي ابراهيم السنوسي.
وقطعا لست في حاجة لتذكيركم بان الاجهزة الامنية “خمشت” الرجل ذات سفرية من صالة الوصول بمطار الخرطوم، بحجة انه قاد عملية تنسيقية حربية واسعة النطاق، في احد سفرياته الخارجية.
كما انني لست في حاجة للفت عنايتكم الى ان سجون الحكومة احتشدت بقادة المؤتمر الشعبي، على خلفية دخول قوات العدل والمساواة لمدينة امدرمان نهارية العاشر من مايو 2008م، بحجة ان التخطيط والتدبير للعملية تم من ضاحية المنشية حيث مسكن الترابي، ومن حي الرياض حيث تقبع دار المؤتمر الشعبي.
قلت ما تقرأون، لانني قرأت ان الامين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، اجترح مبادرة، قال إنها تهدف لانهاء الحرب وارساء السلام في السودان. بل ان الحاج بدا واثقا من ان مبادرته يمكن ان تضع حدا للحروب والاقتتال في السودان. وهنا تذكرت ? وربما فعل غيري ? حديث الراحل الدكتور حسن الترابي الذي قطع ذات مرة، بأنه قادر على حل مشكلة دارفور خلال 48 ساعة فقط..!
طبعا كلكم تعلمون ان الثمانية والاربعين ساعة انقضت ولم ير الناس سلاماً، لا في درافور، ولا في غيرها من المناطق المأزومة والملتهبة، على الرغم من تلاشي المسافة الفاصلة بين الراحل الدكتور حسن الترابي، وبين قادة المؤتمر الوطني كلياً..! وعلى الرغم من ان المؤتمر الشعبي اضحى مكوناً اصيلا وفاعلا في الحوار الوطني، وفي صناعة القرار، واخيرا في حكومة الوفاق الوطني..!
وهنا لا يملك المرؤ سوى ان يسأل عن مدى تأهيلية حزب المؤتمر الشعبي وجدراته، لكي يكون وسيطا للسلام، وهو الموصوف عند الحكومة بانه حزب يملك حركة مسلحة تطلق الرصاص باسمه ورسمه وايدلوجياته..!
ثم هل يملك المؤتمر الشعبي ما يؤهله اخلاقياً للعب هذا الدور، وهو عند كثيرين صاحب تاريخ دموي، وانه منبت فكرة تجييش الشباب للقتال في جنوب السودان، من منطلقات دينية، حتى اشوكت البلاد ان تتحول ? وقتها – الى ثكنة عسكرية..!
المدهش في القصة كلها، ان المبادرة التي اطلقها الامين العام للمؤتمر الشعبي، لقيت استجابة كبيرة وترحيبا غير منكور من قيادة المؤتمر الوطني، كما لو ان المؤتمر الشعبي انهى علاقته – التي كانت الحكومة تجزم بوجودها ? مع الحركات المسلحة وخصوصا حركة العدل والمساواة..!
قناعتي، انه ليس امام المؤتمر الوطني سوى احد امرين، إما ان يعتذر للشعب عن تضليله طوال السنوات الماضية، بمعلومة غير صحيحة حول علاقة المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة. او ان يطالب المؤتمر الشعبي بانهاء علاقته اولا بالحركة، او اجبارها على الجلوس للتفاوض، ليكون الشعبي مؤهلا لطرح مبادرته الرامية لانهاء الحرب وارساء السلام.
الصيحة
اعتذر لينا انت اول
من التوهان دا
اذا ما لاقي موضوع
خد اجازة