البطل السودانى علي عبد اللطيف، رئيس جمعية اللواء الأبيض

البطل السوداني علي عبد اللطيف
رئيس جمعية اللواء الأبيض (1896- 1948)

علي عبد اللطيف هو أحد الشخصيات البارزة في الحركة الوطنية السودانية خلال الربع الأول من القرن العشرين، فهو قاد ثورة 1924 ضد الاستعمار الإنجليزي للسودان عبر جمعية اللواء الأبيض التي أنشأها مع عبيد حاج الأمين وآخرين في عام 1923 على أنقاض جمعية الإتحاد السوداني
كان علي عبداللطيف يدعو لوحدة السودان شماله وجنوبه ويفتخر بأنه سوداني فقط، ويرفض القبلية والعنصرية ـ رغم انتمائه لاثنين من اكبر واعرق قبائل السودان وافريقيا وهما النوبة والدينكا ـ ولذلك أصبح رئيساً لأول تنظيم سياسي سوداني ينادي برحيل الاستعمار الانجليزي في العام 1924م وكان من ضمن هذا التنظيم عبيد حاج الأمين من أشراف الخندق، وحسين شريف من آل المهدي، وسليمان كشة من الجعليين، ومحمد سرالختم من أهالي حلفا، وصالح عبدالقادر من قبيلة الرباطاب، وتوحد كل هؤلاء تحت قيادته في زمنٍ كانت فيه درجة الحداثة والمدنية ضعيفة جدا، وكان صوت البيوتات والقبائل هو الاعلي.
ولم يكن طريق النضال مفروشاً بالورود لعلي عبداللطيف، فقد تعرض وهو يواجه المستعمر لخناجر الغدر ايضاً من خلفه بواسطة القوى الطائفية التي كانت تدور في فلك الاستعمار، ففي مقال نشر بجريدة (حضارة السودان) مثلاً جاء فيه علي لسان احد المتحدثين باسم الطائفية بانه قد: “أهينت البلاد لما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز فى المجتمع بأنهم المتصدون والمعبرون عن رأي الامة. ان الشعب السودانى ينقسم الى قبائل وبطون وعشائر، ولكل منها رئيس او زعيم او شيخ، وهؤلاء هم أصحاب الحق في الحديث عن البلاد. من هو علي عبد اللطيف الذى أصبح مشهوراً حديثاً والى أي قبيلة ينتمي؟”.

ولكن التاريخ يحفظ في سجلاته الابطال فقط بعيداً عن قبائلهم وانسابهم، وقد خلد علي عبداللطيف اسمه كأب ورمز للنضال والسودانوية بتجرده وترفعه عن العمالة للاستعمار والوقوع في فخ القبلية بينما كان بامكانه الاستمرار في حياة الوظيفة كضابط والافتخار بانتمائه لقبائل ذات تاريخ ضارب في الجذور.
. وقد شغل علي عبد اللطيف منصب رئيس الجمعية وقدم للمحاكمة مرتين، الأولى في عام 1924 بتهمة التحريض علي المظاهرات التى انتهت بالحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة سنوات، والثانية في عام 1925 لتأسيسه مع آخرين جمعية اللواء الأبيض المحظورة وحوكم فيها بالسجن لمدة عشر سنوات ونفيه إلى مدينة واو بجنوب السودان ثم نقل إلى مصر حيث توفي هناك.
أُعتُقِل علي عبد اللطيف وقدم للمحاكمة. واثناء المرافعات أجاب عبداللطيف إجابة أشتهرت فيما بعد في السودان عندما سأله القاضي عن قبيلته التي ينتمي إليها. وأجاب أنا سوداني ، ورفض التحدث عن قبيلته رقم ان القاضى كرر له السؤال اكثر من مرة.

ميلاده ونشأته
ولد علي عبد اللطيف عام 1896م وكان والده عبد اللطيف أحمد الذي ينتمي إلى قبيلة النوبة الميري من جبل ليما بجنوب كردفان ، وأمه واسمها النصر زين تنتمي إلى قبيلة الدينكا قوقريال، فرع دينكا ريك، بجنوب السودان.
شبّ علي عبد اللطيف في جو مشبع بالعسكرية وسط ثكنات الجيش ومعسكرات تدريباتهم، حيث كان والده جندياً بالأورطة الثالثة عشرة السودانية التي تتبع للجيش المصري. والسبب في التحاق والده بالجيش المصري انه كان يعيش في مدينة الخندق جنوب دنقلا، وعندما جاء جيش المهدية بقيادة النجومي متجهاً شمالاً الى مصر أخذ كل القادرين على حمل السلاح ومنهم عبداللطيف أحمد والد علي عبداللطيف.

وفي معركة توشكي هزم جيش الخليفة بقيادة النجومي وتم أسر بعض الجنود منهم عبداللطيف وتم ضمه للجيش المصري في الأورطة الثالثة عشرة المرابطة في حلفا. وكان عبداللطيف قد تزوج من النصر الزين وهي من دينكا قوقريال (احد فروع قبيلة الدينكا المشهورة وينتمي لها الرئيس الحالي لدولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت) وأنجبت له في وادي حلفا علي عبداللطيف.

وبعد استعادة مدينة الخرطوم من قوات المهدية بواسطة القوات البريطانية في 5 سبتمبر / أيلول 1898 م انتقلت الأسرة للعيش هناك في حي «هبوب ضرباني» الذي كان يقع خلف حي «الترس» المشهور آنذاك بالخرطوم.
وبعد أن أحيل والده للمعاش في عام 1908 م، انتقلت العائلة مع عائلات بعض الجنود الآخرين المتقاعدين إلى مدينة الدويم بمنطقة النيل الأبيض لإستغلال قطعة الأراضي الزراعية التي منحت لهم للإعاشة عليها، لكن لم يرق للفتي علي عبداللطيف جو فلاحة الأرض فغادر الدويم إلى الخرطوم.
تعليمه
إلتحق علي عبد اللطيف بالخلوة في الخرطوم حيث تعلم مباديء الكتابة والقراءة وحِفْظ سور القرآن الكريم. وأقام هناك مع خاله ريحان عبدالله الذي كان ضابطاً ومدرساً حربياً في مدرسة ضرب النار بحي بُرِّي في الخرطوم. ثم دخل عليّ القسم الإبتدائي بكلية غوردون التذكارية ( جامعة الخرطوم حالياً) . وعرف بإجتهاده في تحصيل العلم وتفوقه الدراسي واجتاز إمتحان القبول بالمدرسة الحربية المصرية. ونسبة لخلفية اسرته العسكرية واحرازه لنتيجة عالية في امتحانات الكلية فقد تم قبوله تلميذا حربياً بالمدرسة الحربية المصرية في عام 1912م.
تخرج علي عبد اللطيف في المدرسة الحربية المصرية عام 1914م وعمل بعد تخرجه جندياً في مدينة أم درمان ولكنه لم يلبث فيها كثيراً حيث تم نقله إلى الجبال الشرقية بجبال النوبة في جنوب كردفان في منطقة تلودي، ثم إلى حامية الفاشر بشمال دارفور حيث قضى فيها فترة من الزمن، نُقِل بعدها إلى مدينة رمبيك ببحر الغزال، ومن ثمّ تمّ تعيينه مأموراً. وفي عام 1918 م نُقِلَ إلى مدينة ود مدني وترقى إلى رتبة ملازم أول وأظهر في ود مدني نشاطاً أدبياً ملحوظاً. وكان يحضر في إجازاته إلى أم درمان حيث اصبح عضواً نشطاً في نادي الخريجين هناك، إلا أن ثمة حادثة مهمة تعرض لها في ود مدني عام 1921م ، كانت ذات وقع كبير على نمط حياته فقد التقي مصادفة وهو في الطريق العام ممتطياَ صهوة حصانه بمفتش إنجليزي وجرت العادة على ينزل السودانيون في مثل هذه الحالة من ظهور دوابهم تحية للضباط الإنجليز ، إلا أن علي عبد اللطيف لم ينزل عن صهوة حصانه لأداء التحية بإعتبار ذلك أمراً مبالغاً فيه مقصود وينطوي على إذلال، مما أثار استياء المفتش الإنجليزي وحنقه. فتم استدعاء علي عبد اللطيف وإحالته إلى محكمة عسكرية سريعة لمحاسبته نقل على إثرها إلى أم درمان للعمل في وحدة عسكرية أقل درجة من رتبته العسكرية القيادية كعقاب له.
تزوج علي عبد اللطيف بالسيدة العازة محمد عبدالله في عام 1916 م وأنجبت له إبنته الأولى نعمات في عام 1918 م، ثم إبنته الثانية سِتَنّا في عام 1924 م، والتي توفيت عام 1987م. وقد لعبت السيدة العازة دورا بارزاً في النشاط السياسي لجمعية اللواء الأبيض، إبتداء من قيامها بحفظ الوثائق السرية، ثم دورها كحلقة وصل بين زوجها ورفاقه ومن بينهم عبيد حاج الأمين خلال فترة سجنه فضلاً عن مشاركتها في مظاهرات عام 1924 ممثّلة للنساء المناضلات في تلك الفترة.[1]

نشاطه السياسي
كان عبد اللطيف يعدّ من القوى المتعلمة وينتمي بحكم تخرجه من مؤسسة تعليمية إلى تجمعات الصفوة التي تمثلها طبقة الأفندية بالعاصمة، وقد نما لديه بمرور الوقت شعور وطني واهتمام بالعمل السياسي فتقدم في مايو / أيار 1922 م بمذكرة مفتوحة في شكل مقال سياسي إلى جريدة «حضارة السودان» تحمل عنوان مطالب الأمة تتضمن انتقادات لسياسة إدارة الحكم الثنائي إزاء السودان بغرض نشرها، إلا أن رئيس تحرير الصحيفة حسين شريف، تردد في نشر المقال الذي تمكنت المخابرات الإنجليزية في نهاية المطاف ان تضع يدها عليه. وتم اعتقال علي عبداللطيف وتقديمه إلى محكمة برئاسة مفتش الخرطوم البريطاني ماكنتوش، .

مطالب الأمة السودانية
عبر عبد اللطيف في المقال عن احتجاجه على سياسة الحكومة الاستعمارية معددا بعض المظالم ومنادياً بتقرير المصير، وتضمنت مطالب الأمة التي ذكرها في مقاله إلغاء احتكار الحكومة لسلعة السكر والمواد التموينية الأخرى، والمساواة بين الموظفين السودانيين وغيرهم من الموظفين الإنجليز والمصريين ومنح حق تقرير المصير للسودانيين.
أُعتُقِل علي عبد اللطيف وقدم للمحاكمة. واثناء المرافعات أجاب عبداللطيف إجابة أشتهرت فيما بعد في السودان عندما سأله القاضي عن قبيلته التي ينتمي إليها. وأجاب أنا سوداني، ورفض التحدث عن قبيلته. تمت إدانة عبداللطيف وحوكم بالتجريد من الرتبة العسكرية والسجن لمدة عام والذي خرج منه في عام 1923 م ليؤسس حركة سياسية قادت أول مظاهرة ضد الحكم الثنائي في السودان.[2]

جمعية اللواء الأبيض
وفي مايو / أيار 1924 أسس علي عبد اللطيف جمعية اللواء الأبيض . وانتشرت لها بنهاية الشهر نفسه عدة فروع في مختلف مدن السودان الشمالية.
وبدأت التظاهرات التي نظمتها الجمعية في التواتر فى الخرطوم في 17 يونيو / حزيران ثم أم درمان في 19 من الشهر ذاته. وفي 23 أشهرت الجمعية علمها وشعارها. وكان العلم أبيض اللون يتوسطه رسم تقريبي لحوض النيل مع رسم للعلم المصري بهلال والنجوم في الركن الأعلى من العلم وكُتِبَت تحته عبارة «إلى الأمام » باللغة العربية. وقد بلغ أعضاء الجمعية ومناصريها حوالي الألفي شخص.

محاكمة علي عبد اللطيف
وفي أغسطس 1924 م تم اعتقال علي عبداللطيف مرة أخرى ومعه قادة جمعية اللواء الأبيض وتم تقديمه في فبراير 1925 م، إلى محكمة جنائية كبرى علنية برئاسة القاضي أوزبرن وعضوية كل من الميجر برادلي والشيخ حسين الفيل. وعقدت المحكمة جسات مرافعاتها في منطقة كوبر بالخرطوم بحري . وحوكم علي عبد اللطيف ورفقاه تحت المواد 94 من قانون عقوبات السودان )التآمر على الحكومة وارهابها بواسطة القوة الجنائية وانفاذها من خلال العضوية في جمعية غير قانونية في السوان) و90 (ترويج المظاهرات والجمعيات غير القانونية ) و96 ( إثارة الكراهية على الحكومة بألفاظ أو كلمات قيلت أو كان في النية قراءتها أو وضعت بقصد أن تُتلى) والمادتين 82 و 96 (التحريض على تلك الجرائم المتقدم ذكرها). كما أضيفت إلى قائمة التهم تهمة حيازة أو وضع كتب أو محررات من شأنها إثارة الكراهية والإزدراء بالحكومة وبث روح الحقد والعداوة بين الأهالي، والتي يُعاقِب عليها قانون البضائع المهربة لسنة 1901م.
نفى علي عبد اللطيف هذه التهم ووجهت إليه المحكمة اسئلة حول نشاط الجمعية وصلتهم برئيس الحزب الوطني في مصر سابقاً حافظ رمضان عندما زار هذا الأخير السودان قبيل حوادث عام 1924، وعن المظاهرات التي خرجت حينذاك. وأكد عبد اللطيف للمحكمة رئاسته للجمعية، وإلتقائه بحافظ بك رمضان في الخرطوم بمعية عبيد الحاج الأمين وصالح عبد القادر وسليمان كشة لاستفساره عن اخوين لهذا الأخير كانا يقيمان في مصر.
كما التقى بحافظ رمضان مرتين أخريين للتحدث عن مواضيع ذات طبيعة سياسية و الاستفهام عن غرض المصريين وسياستهم إزاء السودان. ووصف عبد اللطيف رمضان بأنه كان «متحفظاً جداً» في حديثه. ورداً على سؤال حول أغراض الجمعية وفيما إذا كانت تعمل لبحث مظالم الأهالي، أجاب عبد اللطيف قائلاَ: «ليس من أغراض الجمعية أن تبحث في مظالم الأهالي بل كنّا معارضين للتغيير المطلوب أي أن يكون الإنجليز مطلقي التصرف بالسودان دون المصريين. وقد صرح البرلمان المصري بأن السودان جزء من مصر لا يتجزأ، أما البرلمان الإنجليزي فقال أن السودان جزء من الإمبراطورية البريطانية لأن لنا فيه مصالح مالية وزراعية ومسؤوليات أدبية لا يسعنا أن نعرضها للضياع. وقد قرأت أنا بنفسي مقالاً في التيمس عن تصريح مكدونالد الذي ذكر فيه بأن 92% من الأهالي السودانيين مع الإنجليز. وهذا ما جعلنا نجهر برأينا لنصحح هذا الخط».
وعن المظاهرات ذكر عبد اللطيف بأن المشاركة فيها كانت بمحض إرادة المتظاهرين وإنها لم تقم إلا بعد المنشور الذي صدر بمنعها وقد أراد المتظاهرون أن يُظهروا شعورهم نحو ما يجري في البلاد. و أقر عبد اللطيف بعلم الجمعية ومعرفتها بحظر التظاهر إلا انها قامت بتنظيم المظاهرات بأغلبية الأصوات فيها. ونفى استلام الجمعية لأية أموال من مصر.
وقد مثَّلَ الدفاع المحامي أمين الشاهد، بينما كان بيلي نائب مدير مديرية الخرطوم يمثل الإدعاء العام. وتمت إدانة المتهمين بمن فيهم علي عبد اللطيف بالتهم المنسوبة إليهم وصدرت ضدهم أحكاماُ بالسجن لمدد مختلفة .
حوكم علي عبد اللطيف بالسجن لمدة عشر سنوات ونُفِيّ مع كل من عبيد حاج الأمين وعلي البناء ومحمد المهدي الخليفة إلى مدينة واو بمديرية بحر الغزال في جنوب السودان
. ثم أطلقت الحكومة سراح جميع المسجونين بموجب معاهدة عام 1936م بين مصر وبريطانيا وكان من بنودها العفو الشامل عن جميع المسجونين السياسيين. ولم يشمل العفو علي عبد اللطيف الذي نُقِل مرة أخرى إلى سجن كوبر في الخرطوم بحري وبقي فيه حتى عام 1938 م حيث تم نقله سرا إلى مصر بناء على طلب من الحكومة المصرية ، بحجة إصابته بالجنون لتقوم السلطات المصرية بالإشراف على صحته النفسية والعقلية.
وفاته
توفى علي عبد اللطيف في 29 أكتوبر / تشرين الأول 1948 م في مستشفى القصر العيني في القاهرة بمصر ، ودفن بمقابر العامة وهي مقابر تخص عبدالعزيز عبدالحي، وهو أحد اقربائه من قبيلة الدينكا وكان مديراً لمديرية أسوان (وهو شقيق الشاعر المشهور عبدالمنعم عبدالحي). وعندما جاءت ثورة يوليو 1952م تم نقله الى مقابر الشهداء بمصر بقرار من الرئيس محمد نجيب الذي كانت تربطه صلة وثيقة بعلي عبداللطيف وكان معجباً بمواقفه

المراجع والمصادر
? لمحه من الماضى لفهم الحاضر وتغيير المستقبل: عن ضابط وثورة | sudanya الصحافة – للمراسلة: [email][email protected][/email]-رأي(الأرشيف(

? حسن نجيلة:ملامح من المجتمع السوداني، الطبعة الأولى، دار الخرطوم للطباعة والنشر، الخرطوم (1994(
جمعية اللواء الأبيض 1924 – موسوعة التوثيق الشامل

The Sudan, A Record of Achievement, J.S.R Duncan, William Blackwood and Sons, 195

بابكر ابراهيم حبيب ابراهيم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ بابكر لك التحية ورد في موضوعك ان الشاعر عبد المنعم عبد الحي من الدينكا. عرف في امدرمان انهم من النوبة. وهذا غي مؤكد لان القبلية انتهت في امدرمان ولم نعد نهتم بها اكثر من تعريف فقط . ارجو ان تتأكد لفائدة الجميع. ورد اسم عبد العزيز عبد الحي كالحاكم العسكري لاسوان. وقد يكون هذا صحيحا. وقد اكون انا في جانب الخطأ عندما كتبت من الذاكرة انه ادريس عبد الحي ما هو مرجعك؟ وهل هنالك اخ ثالث هو عبد العزيز ؟
    اقتباس
    يوم الاحد 8 ابريل صار الجنوبي اجنبياً في بلاد السودان . و غداً سيجدها رجال امن الانقاذ و رئيسهم وسيلة لأبتزاز الجنوبيين . و سيجد اشقائنا و شقيقاتنا من الجنوب من يسألهم (ماشي وين يا عب . وين اقامتك ؟ و ليه ما طرت بلدك ؟ و بتسوي شنو هنا ؟ ) . ستكون هذه فرصة للأبتزاز و المطالبة بالرشوة ، و دفع غرامات وهمية و هبمته .
    قد قرأنا و سمعنا من قال انه بعد يوم الاحد 8 ابريل ، اي جنوبي سيعامل مثل بنقالي او حبشي . لا يزال السودانيون و أنا على رأسهم يتحدثون عن المعاملة السيئة التي يجدها السودانيون من المصريين . و لكن حتى هذه المعاملة السيئة التي نتكلم عنها ، يجد الجنوبيون و سيجدون ما هو اسوأ منها . و يقول الشماليون انهم اهل النخوة و النجدة و الشرف ، و أهل الضيافة و الكرم . في دي المصريين كانوا أحسن مننا . فحتى بعد انفصالنا من مصر و حكومة مصر في بداية الحكم الثنائي و حتى الى ثلاثينيات القرن ، كانت تتكفل بجزء من ميزانية حكومة السودان . و لم يقل المصريون للسودانيين ان بعد تاريخ 1 يناير 1956 يجب عليكم ان تغادروا البلد . و لم يتعرض المصريون للسودانيون بما يتعرض له الجنوبيين الآن .
    لقد كان ادريس عبد الحي محافظاً على اسيوط . لأنه كان باشا أو لواءً في الجيش . و كان متزوجاً من مصرية . و لقد اخبرني دكتور محمد محجوب عثمان رحمة الله عليه ، أنه بعد تخرجه من الكلية الحربية سنة 1958 و هذه الدفعة العاشرة التي ضمت اغلب رجال مايو ، فأن زوجة اللواء ادريس عبد الحي و هي مصرية من أسرة رائعة ، أن قالت لهم : ( أي واحد فيكم لو عنده عشرة جنية ، أنا الليلة دي بعقد ليه على احسن بنت من احسن عوائل. لأنه نحن بنحترم السودانيين و بنحبهم ). الباشا ادريس عبد الحي هو شقيق الشاعر عبد المنعم عبد الحي . مؤلف اغنية انا امدرمان . و التي يقول فيها ( و على ابن الجنوب ضميت ضلوعي ) . و التي غناها الاستاذ أحمد المصطفى . و بدلاً عن ضم الضلوع بدأ الآن رفع السوط و البندقية في وجه الجنوبي . و لو كان الرائع و مشكل وجدان الشعب السوداني عبد المنعم عبد الحي موجوداً الآن في الموردة و يجلس في كنبته في مدرسة الموردة الأولية ، كما كان يجلس بجوار صديقه الشاعر مبارك المغربي . لكان قد سمع الآن (ما تمشي بلدك) .
    لقد كان علي البرير و هو من اسرة البرير المشهورة في السودان ، مرشح حزب الوفد المصري ضد مرشح القصر شمس الدين في الانتخابات في مصر . و كانت الجماهير تهتف بأسمه . و كان اللواء البنا ياور الملك فاروق ، و الذي يحل و يربط في القصر الملكي . و كان يسكن معه في بعض الفترات الصادق المهدي عندما كان يدرس في مصر .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..