ملف ابيي .. حيلة لا يجب ان تنطلي على الحكومة

ملف ابيي .. حيلة لا يجب ان تنطلي على الحكومة

ما كنت اود الكتابة مرة اخرى عن (ابيي) المسلوبة لو لم يثيرني ذلك الخبر الذي نشر في صحيفة الراكوبة اللاكترونية نقلاً عن صحيفة الصحافة السودانية بتاريخ /١٣ /٩ /٢٠١٧م ، وسبب امتناعي عن تناول القضية ليس لانها لا تستحق الكتابة، بل تسحق ان توّلف لها ألآف الكتب وليست أعمدة راي خجولة ” لا تسمن ولا تغني من الجوع” كما نفعل حالياً، لكنني امتنعت نسبة للظروف السياسية السيئة التي اوجدها (فرقاء السياسة) في بلادنا، والتي تبدلت معها الاوليات الوطنية وكل الاحلام الشريفة والمشروعة لدي عامة الشعب، فليس من المنطق ان يتناول المرء قضية وهو يعلم مسبقاً ان جهده لا يجدى نفعاً مع هذا الواقع الملتهب داخل البيت الجنوبي الذي تنهش فيه ميتة لحم حية.

وتتهم الخرطوم جوبا بالمراوغة والتماطل في تنفيذ البروتكولات الموقعة بين الطرفين حول منطقة ابيي اذ قال رئيس اللجنة الاشرافية (جانب السودان) عن ابيي حسن على نمر في معرض اتهامه أن جوبا هدفت من حل إشرافيتها والتهرب من إجتماعات المنطقة لخلق زعزعة من أجل عرقلة رفع العقوبات (الامريكية) كلياً عن السودان وأضاف بالقول: أي محاولة من حكومة جوبا للخروج عن البروتكولات الموقعة حول منطقة ابيي ستنهي كافة الإتفاقيات الأخري معها.

سأكتفي بهذه الجزئية من الخبر الذي اثار حفيظتي وعليه نتساءل من هو المراوغ الحقيقي في قضية ابيي؟ جوبا أم الخرطوم؟ وهل يعتقد نظام البشير ان العالم اجمع مصاب بالزهايمر حتي ينسي احداث أمس القريب؟ من الذي رفض راي لجنة حكماء الحدود بخصوص ابيي التي قالت رايها الصريح في الأمر الذي أوكل اليها حسب نصوص البرتكولات التي يتحدث عنها هذا المتنمر ، ومن الذي تنصل من اقامة استفاء ابيي في مواعيده الذي كان يتزامن مع استفاء جنوب السودان عام ٢٠١١ حسب اتفاقية السلام الشامل؟

ومن الذي عرقل مقترح الاتحاد الافريقي الذي ضرب موعداً آخر لاقامة استفتاء ابيي ٢٠١٣؟، بل من الذي رفض قرار محكمة لاهاي في ذات الخصوص؟

هذه اسئلة لا ننتظر في شانها أجوبة من أحد لان الجميع يعلم بكل الحقائق المتعلقة بأبيي، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون هو ان حكومة السودان لم تختار هذا التوقيت صدفة لاثارة هذا الملف مع البلاد بعدما كانت هي المعرقل الرئيسي له، فلقد تيقنت ان جنوب السودات في طريقها نحو التعافي من أزمتها السياسية وان كانت بطيئة نسبة للمتغيرات الكثيرة التي طرأت على الساحة الجنوبية وخاصة مع الضعف الذي اصاب حليفتها (معارضة مشار ) التي تعيش اسوأ ايامها والتي راهن عليها نظام البشير كثيرا كي يفوز عبر استخدامها ودعم قضيتها باغلب الملفات العالقة بين البلدين حسب الصفقات السرية المبرمة بينها والمعارضة، فالمعروف ان المعارضة المسلحة الجنوبية عبارة عن مقلب قط ومطرقة الخرطوم التي تضرب بها كل الجنوبيين بما ذلك المعارضة المسلحة نفسها، وبناء على ما سلف الذكر فضلت الخرطوم استغلال الظروف غير المواتية التي تعيشها الجنوب واستثمارها لمصلحتها، بينما حكومة البلاد غير مستعدة على الاقل في الوقت الحالي لمناقشة تلك المسائل المصيرية مع الخرطوم كما ينبغي لانها غارقة في ازمتها الداخلية.

هذه الحيلة اتمنى ان لا تنطلي على حكومتنا وتجازف بقضية مضمونة، فكل الملفات العالقة بيننا والسودان بما في ذلك ملف ابيي يجب ان تبقي كما هي الي حين يستعيد فيه البلاد والشعب الجنوبي كله عافيته كاملة ويتولى شئونها نظام جديد معافي من ازمات قبلية، عندها فقط يمكن الجلوس مع نظام البشير لمناقشة بعض الامور.

اما تهديد الخرطوم بان المراوغة سينهي كل الاتفاقيات الاخرى معها، فلا يوجد جديد لم نجربه من ومع السودان، فلتقم قيامة، فهذا خير لنا من فقدان “حق لنا” لصالح من لا يستحقه بالحيل الماكرة.

ألقاكم.

سايمون دينق