أحلام وكوابيس..!

الناظر إلى تسفار وزير الخارجية البرفيسور إبراهيم غندور المتصل، ولا سيما زيارته الحالية إلى امريكا، سيجد أن الحكومة السودانية تحرص ، على تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي، وتبذل في سبيل ذلك كل غالٍ ورخيص. أما الناظر بعمق إلى الحراك الحكومي الخارجي، سوف يجد أن المُحصلة تكون – في كل مرة – صفراً كبيراً. وسيجد أن الحكومة ترفض الاعتراف بالنتيجة التي تضعها ضمن القائمة السوداء، للدول شديدة الخطورة على مواطنيها وجيرانها وعلى الأسرة الدولية.

المثير للاستغراب، أن هذا المشهد ظل حاضراً منذ العام 1997م، وتحديداً بعد أن قررت واشنطن معاقبة نظام الانقاذ ذي المرجعية الإخوانية، الذي رفع شعار “أمريكا روسيا قد دنا عذابها”. وهي الفترة التي تزامنت مع تجييش قطاعات كثيرة من الشعب السوداني، حتى أوشكت البلاد – كلها – أن تتحوّل إلى ثكنة عسكرية، يتزيا فيها الشباب والفتيات بلامة الحرب.

المهم، أن الحكومة السودانية، ظلت ترنو للتطبيع مع الأسرة الدولية، وظلت تندد بابقاء اسم السودان ضمن القائمة السوداء، وهذا طموح مشروع، لكنه ليس مستحقاً، طالما أن الحكومة تفكر بعقلية إرضاء “اليانكي”، على حساب أبناء السودان من التنظيمات السياسية الأخرى..!

انظر إلى الحكومة السودانية تجد أنها ظلت تنتفض في وجه قرار ابقاء اسم السودان ضمن القوائم الخطرة، وفي وجه العقوبات المفروضة عليه، بحجة أنها بذلت كل شيء.. نعم كل شيء، لحيازة الرضا الأمريكي. وربما ذلك ما جعل صدمتها شديدة، بعدما رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رفع العقوبات كلياً في 12 يوليو الماضي.!

الثابت، أن الخرطوم ظلت تجلس للإجابة على امتحان الإصلاح الشامل المؤدي إلى رفع العقوبات، لكنها ? للأسف ? ظلت ترسب في النتيجة النهائية، ولذلك هي دائماً ما تطالب بإعادة تصحيح الأوراق الدبلوماسية، ظناً منها أن “المصحح الأمريكاني” لم يكن أميناً ولا دقيقاً، مع أن الواقع يقول إن إجابات الخرطوم على أسئلة رفع العقوبات لم تكن صحيحة، فهي دائماً تضع الإجابات الخطأ في المواضع الخطأ.

الغريب في القصة كلها، أن الحكومة ترى أن إخراجها من دائرة العقوبات الأمريكية في الثاني عشر من أكتوبر المقبل، أمرا مستحقا، لأنها واصلت جهودها من أجل تحقيق الاستقرار في المحيط الإقليمي، ومن أجل مكافحة الإرهاب، وإيواء بعض لاجئي الدول الأخرى. وهنا مكمن العجب..!

لاحظوا أن الحكومة ظلت تحصر أحقيتها في رفع العقوبات في ما قدمته للأسرة الدولية والإقليمية وللاجئين. ونحن بدورنا نجدد قولنا عاليه بأن الحكومة ? بهذا – غير مؤهلة للخروج من الدائرة السوداء، لأنها تراهن على تطبيع العلاقات مع الخارج، وتنسى تجسير المسافة الفاصلة بينها ومكونات الداخل.

عفواً، نحن لا نرفض أن ينشط المؤتمر الوطني في الحرب على الإرهاب، لكننا ندعوه للنظر إلى الإرهاب الذي يُمارس على المواطنين والأحزاب.. كما أننا لسنا ضد أن ينخرط في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ولكننا نلفت انتباهه إلى أهمية تحقيق الاستقرار الداخلي. وأيضاً ندعوه لتفكيك معسكرات النزوح التي تأوي آلاف السودانيين والتي تسبب فيها بسياساته غير الرشيدة، بدلاً من ايجاد المأوى للاجئي الدول الأخرى..! وإن فعل المؤتمر الوطني ذلك فسوف نضمن له الخروج من الدائرة السوداء.. فهل سيفعل؟
الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..