كلنا زي بعض

المتأمل في أزماتنا السياسية، والاقتصادية، والأمنية والاجتماعية، يجد أن منبعها واحد، والقلب الذي يضخ الدم في شرايينها وأوردتها واحد، وتُسقى بماء واحد، ومحصولها النهائي واحد، ولا فضل في الأكل بين ثمراتها المرة.. هذه السمات العامة لا تختلف بين حزب حاكم وآخر معارض، ولا بين إثنية وأخرى ولا جماعة ونظيرتها، إلا بمقدار السلوك الشخصي الاستثنائي..

إذا تأملت ملامح الأزمة تجدها في التعليم، الصحة، الاقتصاد، المجتمع، التنمية.. وفي الممارسات السياسية والنشاط التجاري، وطرق التفكير ونمط الحياة..

تأملوا كل الأزمات الحالية وتفحّصوها ونقِّبوا ستجدون أن القاسم المشترك بين كل أزماتنا هو السلوك الجانح نحو الفوضى… نعم أزماتنا كلها نتاج طبيعي لممارساتنا السلبية وسلوكنا غير الإيجابي..

السلوك المتحضر الإيجابي المنضبط والملتزم بالقانون والصدق مع النفس وحب العمل يبني أمماً متحضرة، وقد فعل، والسلوك الهمجي العشوائي، القائم على السلبية والأنانية وحب الذات والغش والخداع يُفرّخ مجتمعات همجية وعشوائية متخلفة تائهة تخطو نحو مستقبل مجهول بلا هدى والكتاب منير، وقد فعل ….

سلوكنا الإداري غير المنضبط، وحب الفوضى والضيق بالنظام والتبرم من الانضباط، كانت نتيجته وثماره المُرة خدمة مدنية كسلانة ومتسكّعة وكحيانة بلا شعور بالانتماء الوطني لأن الشعور القوي بالانتماء هو المحرك الحقيقي للأداء التنفيذي الجيد والتشريعي المخلص وهو الدافع للإتقان والعمل المتقن…

وسلوكنا السياسي المخادع غير المتجرّد والجانح للتآمر وإحاكة الدسائس هو الآخر أفقد سفينتنا الوطنية البوصلة وجعلها تبحر في بحر لا ساحل له وسط الرياح والأمواج ولا ندري أين ومتى ترسو..

وسلوكنا الجشع الأناني الذي يوجه نشاطنا الاقتصادي هو الذي دمّر اقتصادنا الوطني وقلم أظافره ونتف ريشه ومنعه التحليق في فضاءات المنافسة…

وسلوكنا الجانح للفوضى والذي لا يحترم القانون كقيمة إنسانية وسلوك حضاري هو الذي جعل الدستور والقوانين مسخاً مشوهاً بعد أن خلع أنيابها وأفقدها الهيبة…

الانضباط والمتابعة والدقة في الإدارة هما سر النجاح لإدارة أي عمل، والفوضى والتخبُّط هما متلازمة من متلازمات الفشل الإداري…

السلوك السياسي والإداري هما من السلوك العام في الشارع لا ينفصل عنه، فرجل الشارع الذي يتسم سلوكه الشخصي بالخمول والكسل وحب الذات والخداع والرياء والعشوائية، إذا تمكن من أي منصب دستوري، أو ذهب معارضاً للنظام الحاكم سيمارس ذات السلوك المدمّر للشخصية والمجتمع ولن يتغير من أمره شيء، اللهم إلا أن يُخفي ما كان ظاهراً للعامة حينما يصبح تحت الأضواء…

في ظني أن أزماتنا كلها أصلها أزمة سلوك وممارسة، ومن الصعوبة بمكان أن يتغير السلوك بين عشية وضحاها، فالطبيعة تغلب التطبع، اللهم إلا أن يأتي جيل آخر متحرّر من أعراض أزمة السلوك وأكثر انضباطاً..

اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الصيحة

تعليق واحد

  1. هذا كلام معلوم بداهة , ولكن الابداع في معرفة اسباب العلة وجزورها ومن ثم المعالجة مع ملاحظة ان الزمن كفيل بتصحيح هذا الاعوجاج وذلك بانهيار النظام القائم بتكلفة عالية كالحرب مثلا وتكون اثار الحرب هي الطريق لتجنب الوقوع فيها كما حدث في اوروبا وشرق اسيا حينها سيعلم الجاهلون قيمة الحرية والوطن عندما بتشتتون في المنافي , اما المصلحون فلا مكان لهم في بلد تحكمة الطائفية والعشائرية والتعويل على احياء الامة بعد الطوفان

  2. ألم يكن سلوكنا بعيد خروج المستعمر الذي علمنا الانضباط وقيمة العمل واحترام القانون واحترام الآخر والمساواة امام القانون حتى كان مدير الادارة والمدرسة والمشروع الخ يسبق موظفيه بخمس دقايق قبل موعد الدوام ويقف في المدخل يراقب الحضور فيعاقب من يتاخر خمس دقايق بالخصم من مرتبه ويجلد من ياتي متكاسلا ومتاخرا من الطلاب والنتيجة كانت أن قاطراتنا وبنوكنا وبريدنا تضبط على صافراتها وشارات فتحها لبدء الدوام كانت تضبط بها الساعات ويعرف بها الوقت وكل شيء كان بنظام على الأقل في المدن ومؤسسات القطاع العام في الارياف منمدارس وشفخانات ونقاط شرطة ومحطات قطارات ومشاريع وزيارات ميدانية رقابية واستمر هذا الحال في عهود النظم العسكرية عبود ونميري ماعدا فترات الديمقراطية الطائفية التي تنزع بالناس الى قضاء حوائجهم تجاوزا للقانون وبروز المحسوبية والتواكل وخلافه كانت امراض الحزبية التي تأبى أن تساوي بين المواطنين لأنها لا تريد تطبيق هذه القيمة على نفسها ومحاسيبها وهكذا ديدنها الا انها لم تنل من تلك القيم التي خلفها الاستعمار الا قليلا واستمر مظهر مدننا ومستشفاياتنا نظيفا وتعليمنا وصحتنا مجانيا إلى أن أتى هؤلاء القوم من حيث لاندري وخربوا كل قيمة وشيء جميل في هذا البلد واعادوها لفوضى وحياة القطعان الجائعة من البهايم التي تقتحم المزارع والحدابق وتغزو المؤسسات العامة وتستولي على المرافق العامة فتحيلها الى خراب ما بعده خراب حتى تغير اسم عاصمتنا المثلثة الجميلة المخضرة وشوارعها التي كانت تغسل وترش بالماء في عهد الانجليز فتغير اسمها حتى صارت عاصمة الذباب والبعوض والطاعون الذي يستحون من اسمه الكوليرا ! كوليرا في عاصمة البلاد مدنها الرئيسية بل ويموها عاصمة القمامة والنفايات التي تحيط بها وتملأ شوارعها وبمناسبة النفايات حتى ارياف البلاد ومروجها الخضراء احيلت الى مناطق خطرة تضج بالنفايات السامة المشعة والعفنة حيث لم يكتفوا بمخرجاتهم من السحت واللغف الحرام والشره بل استجلبوا لنا نفايات اوروبا ودفنوها في اراضينا الطاهرة دات التراب والرمال النقية وهو الطلق النقي فلم يكتفوا بقتلنا بالامراض بل و ازكموا انوفنا بالنتانة ~ فكيف تشبهنا بهؤلاء وتقول كلنا سواء ؟ ان هذا الجيل الذي تربى في اكناف هؤلاء لن يكونوا بأفضل منهم مالم يتم الكنس لبقايا من احدثوا كل. هذا الخراب والعودة لما كنا فيه قبل مجيئهم المشئوم على ان تكون لنا كلمة وفعل مع الطائفية وكل ماهو طائفي لا يؤمن بالمساواة وكل خداع باسم الدين…..

  3. ألم يكن سلوكنا بعيد خروج المستعمر الذي علمنا الانضباط وقيمة العمل واحترام القانون واحترام الآخر والمساواة امام القانون حتى كان مدير الادارة والمدرسة والمشروع الخ يسبق موظفيه بخمس دقايق قبل موعد الدوام ويقف في المدخل يراقب الحضور فيعاقب من يتاخر خمس دقايق بالخصم من مرتبه ويجلد من ياتي متكاسلا ومتاخرا من الطلاب والنتيجة كانت أن قاطراتنا وبنوكنا وبريدنا تضبط على صافراتها وشارات فتحها لبدء الدوام كانت تضبط بها الساعات ويعرف بها الوقت وكل شيء كان بنظام على الأقل في المدن ومؤسسات القطاع العام في الارياف منمدارس وشفخانات ونقاط شرطة ومحطات قطارات ومشاريع وزيارات ميدانية رقابية واستمر هذا الحال في عهود النظم العسكرية عبود ونميري ماعدا فترات الديمقراطية الطائفية التي تنزع بالناس الى قضاء حوائجهم تجاوزا للقانون وبروز المحسوبية والتواكل وخلافه كانت امراض الحزبية التي تأبى أن تساوي بين المواطنين لأنها لا تريد تطبيق هذه القيمة على نفسها ومحاسيبها وهكذا ديدنها الا انها لم تنل من تلك القيم التي خلفها الاستعمار الا قليلا واستمر مظهر مدننا ومستشفاياتنا نظيفا وتعليمنا وصحتنا مجانيا إلى أن أتى هؤلاء القوم من حيث لاندري وخربوا كل قيمة وشيء جميل في هذا البلد واعادوها لفوضى وحياة القطعان الجائعة من البهايم التي تقتحم المزارع والحدابق وتغزو المؤسسات العامة وتستولي على المرافق العامة فتحيلها الى خراب ما بعده خراب حتى تغير اسم عاصمتنا المثلثة الجميلة المخضرة وشوارعها التي كانت تغسل وترش بالماء في عهد الانجليز فتغير اسمها حتى صارت عاصمة الذباب والبعوض والطاعون الذي يستحون من اسمه الكوليرا ! كوليرا في عاصمة البلاد مدنها الرئيسية بل ويموها عاصمة القمامة والنفايات التي تحيط بها وتملأ شوارعها وبمناسبة النفايات حتى ارياف البلاد ومروجها الخضراء احيلت الى مناطق خطرة تضج بالنفايات السامة المشعة والعفنة حيث لم يكتفوا بمخرجاتهم من السحت واللغف الحرام والشره بل استجلبوا لنا نفايات اوروبا ودفنوها في اراضينا الطاهرة دات التراب والرمال النقية وهو الطلق النقي فلم يكتفوا بقتلنا بالامراض بل و ازكموا انوفنا بالنتانة ~ فكيف تشبهنا بهؤلاء وتقول كلنا سواء ؟ ان هذا الجيل الذي تربى في اكناف هؤلاء لن يكونوا بأفضل منهم مالم يتم الكنس لبقايا من احدثوا كل. هذا الخراب والعودة لما كنا فيه قبل مجيئهم المشئوم على ان تكون لنا كلمة وفعل مع الطائفية وكل ماهو طائفي لا يؤمن بالمساواة وكل خداع باسم الدين…..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..