وطن في زنزانة الأمراض النفسية..!

لا يجد المرء سوى أن يحار وتأخذ منه الدهشة كل مأخذ؛ جراء الإهمال الذي يلاقيه الطلاب والتلاميذ؛ ولا سيما في مجال دعمهم نفسياً ومعنوياً؛ ذلك أنهم يعيشيون – بحسب تقارير رسمية – وسط كومة من الإحباط والمآسي.
وظني أن هذا يحتم على الجهات المختصة أن تقوم بتفعيل دور المرشد الاجتماعي والنفسي في الدور التعليمية.
ولكن للأسف فإن الحكومة والمجتمع – كلاهما ? لم يتفاعلا مع المعلومات الصادمة التي تزيح النقاب عن جزء من الواقع المزري الذي يعيشه كثير من الطلاب والتلاميذ.
وتحضرني هنا الحقائق المفزعة التي كشف عنها وزير الصحة بولاية الخرطوم البروفيسور مامون حميدة، في أبريل الماضي؛ وتحديداً حينما قال إن 30% من طلاب ولاية الخرطوم يعانون من أعراض الإصابة بالأمراض النفسية.
ولكن مع ذلك كله؛ غضّت الجهات المختصة الطرف عن تلك المعلومة المثيرة وغيرها من الحقائق، وتلكأت في التعامل الحاسم مع الإحصائيات التي تحذر من صعود حالات المرض النفسي بين الطلاب والتلاميذ.
المؤسف في القصة كلها، أننا كنا نعتقد أن جرعات الإحباط والاكتئاب حصرية على ولاة الأمور، لكن يبدو أن تلك التقديرات خاطئة كلياً، إذ أن الإحصائيات برهنت على أننا بلغنا مرحلة متأخرة جداً، بحيث نال الإحباط ممن كنا نظن أنهم يملكون التحصين المطلوب من مسببات المرض النفسي..!
وظني، أن المنطق والواجب يفرض على الحكومة والمختصين والمهتمين، الدخول إلى ورشة عاجلة لتمحيص تلك الظاهرة، ودراستها بصورة عملية وعلمية، لتحديد الأسباب التي جعلت شريحة يفترض أنها خارج دائرة الإحباط في عمق بحر الاكتئاب. ثم من بعد ذلك كتابة روشتة حاذقة وخبيرة لمحاصرة وتتريس تلك الظاهرة، والعمل على انتشال المصابين من وهدة الوجع النفسي. ولا سيما أن أغلب تلك الإحصائيات لم تذكر الأسباب وراء تصاعد معدلات المرض النفسي وسط الطلاب.
لكن وإلى حين حدوث ذلك، لابد من إدانة الحكومة وتوبيخها، لأن الناظر إلى سياساتها المتخبِّطة، سيدرك أن الإحباط المنُسرب إلى دواخل الناس، طلاباً كانوا أو ولاة أمور، يعود بالدرجة الأولى إلى أدائها العبثي، وخاصة في الملفات الاقتصادية التي جعلت الناس ينامون على سعر جنوني للدولار، ويستيقظون على سعر آخر، أكثر جنوناً وصعوداً..!
أضف إلى ذلك الخيبات المستمرة للساسة السودانيين، سواء أكانوا في صف الحكومة أو صفوف المعارضة. وكل هذا، كفيل بأن يفرز حالة من الإحباط العميق لدى الكثرة الكاثرة من السودانيين، خاصة بعدما تيقّنوا بأن مستقبل البلاد لن يكون مشرقاً، وموفور السعادة والرخاء، طالما أنه في أيدٍ ليست أمينة، ولا حادبة على ترقية الوطن ورفاهية مواطنيه..! وطالما أن الحكومة تنتهج سياسة رفع الدعم، دون غيرها من الحلول لمعالجة الأزمة الاقتصادية..!
قناعتي، أنه لابد من تعلية الأسباب التي تُحصِّن الناس من الوقوع في براثن الأمراض النفسية، لأن إغفال هذا الجانب ربما يرفع درجة المرضى النفسانيين، فالواقع المخيف الحالي، مقروناً مع المستقبل الغامض أو غير المشرق، يمكن أن يرفع من معدلات الإصابة بالأمراض النفسية، ليس للطلاب فقط وانما حتى لمن هم دون سنهم، خاصة أن الأمراض النفسية بين السودانيين بلغت أرقاماً غير مسبوقة. ولسنا في حاجة إلى تبيان ذلك، ببساطة لأن تقارير وزارة الصحة الاتحادية نفسها، تشير إلى أن العام قبل الماضي سجل 16810 حالة إصابة بالأمراض النفسية، مقارنة مع 11637 حالة في العام الذي سبقه.
أعود وأقول إن الضائقة المعيشية الخانقة التي يعيشها المواطن السوداني، مُضافاً إليها انسداد الأفق السياسي، كفيلة بأن ترفع معدلات الإصابة بالأمراض النفسية، خاصة في بلد مثل السودان، يتصدر الدول العربية في معدلات الانتحار. لذلك تظل البلاد في حاجة ماسة، فعلاً ? لا قولاً ? إلى إعلاء شأن الصحة النفسية. لا سيما أن هناك من يُعلِّي من بواعث الإحباط بسياساته العقيمة، وخططه عديمة الجدوى الاقتصادية..!
الصيحة
مسكين هذا السودان لا يسلم من شماتة السياسيين ولا الصحفيين ولا حتى هواة الكتابة…من قال لك أن (السودان في مصحة) ؟؟؟
عندما كتب محمود درويش (وطنى في شنطة) وكان يقصد بالطبع متاهة و ترحال الفلسطيني المستمر بين الأقطار الخارجية لم يسلم من النقد والسخرية بإعتباره يكتب عن حالته وتجربته الشخصية اما بقية اهل فلسطين فلا زالوا باقين على الأرض.. السودان والحمد لله لازال سليم العقل والبدن ,,, فلاتدخلوه مستشفى العجزة والمجاذيب …
مسكين هذا السودان لا يسلم من شماتة السياسيين ولا الصحفيين ولا حتى هواة الكتابة…من قال لك أن (السودان في مصحة) ؟؟؟
عندما كتب محمود درويش (وطنى في شنطة) وكان يقصد بالطبع متاهة و ترحال الفلسطيني المستمر بين الأقطار الخارجية لم يسلم من النقد والسخرية بإعتباره يكتب عن حالته وتجربته الشخصية اما بقية اهل فلسطين فلا زالوا باقين على الأرض.. السودان والحمد لله لازال سليم العقل والبدن ,,, فلاتدخلوه مستشفى العجزة والمجاذيب …