الرافسون في ولاية القضارف

لا تقف عزيزى القارئ عند العنوان كثيراً فله حكاية تأتيك ليس عاجلاًَ، فالمهم الآن ان ولايتنا الحبيبة شارفت على أن تكون ولاية جارة. و من المرجح جدا ان يفقد المؤتمر الوطني الحاكم ليس منطقة القضارف المدينة فقط، ولكن الولاية بحدودها الجغرافية وقاعدتها الإقتصادية, بعد ان فقد منذ زمن بعيد قاعته السياسية, او على الارجح انها لم تك موجودة اصلاً, وفقدانه هذه الولاية وما عليها ليس بسبب ضعفه التنظيمى او قاعدته المالية والسلطوية, ولكن بسبب سياساته المعتمدة والتي أقر بخطئها منذ زمن ليس بالبعيد السيد صلاح قوش مستشار الرئيس لشؤون الامن حينها, ولعل السيد قوش لم يفصح عن تفاصيل هذه السياسة باكثر من أنها سياسة رزق اليوم باليوم, ولكن المشاهد من تجلياتها فى ولاية القضارف وما يحيط بها تجاوزت بقفزات واسعة هذه السياسة الرزقية الى الدخول عميقاً في عدم الإحساس والخدر والغياب عن المسؤولية الوطنية, لم أعرف في غير هذا الزمن الإنقاذي ان كائناً بشرياً أستطاع التخلى بالكامل عن أية صفة من الصفات التي تميزه عن الوحوش الكاسرة، مثلما نجح وبصورة كاسحة أعضاء المؤتمر الوطني، الذين أستطاعوا ان يدخلوا إبليس اللعين فى حيرة من أمره، وهو يشاهد ويسمع يوميا المقدرات العجائبية التي يمارس بها هؤلاء العجائبيون تعاملاتهم مع الله ومع خلقه. فبكل بساطة تخلى هؤلاء عن تعاليم الدين الإسلامى الذى، وأصبحوا يلبسونه ثياباً تمويها كل يوم من أجل الوصول الى أغراضهم الدنيوية. كما وتخلوا بسهولة عن أية قيمة من قيم الصدق والأمانة والشرف وحتى صفة الخجل التي يتميز بها الإنسان عن غيره من مخلوقات الله وهم يمارسون أحابيلهم وإجتراحاتهم في صدد تحقيق غاياتهم الآنية ومنذ إنقلابهم في العام 1989 الذي بدأ بخديعة عرابهم الترابى وإختياره دخول السجن حبيسأ إما تمويها أو خوفاً من فشل حركته الإنقلابية وما يترتب عنه. وهذه البداية المنحرفة عن تقاليد الشعب السوداني هى التي جعلت من كل الإنحرافات التالية عملاً يرونه أخلاقيا ومشروعاً يدعم السياسة الميكافيللية الممارسة اليوم وعلى كل مستويات الحكم ومن مختلف المسؤولين. وهذه السياسة إتبعها كل الولاة الذين أصيبت بهم القضارف، إلا من رحم ربى، لم تعد المشاكل القابضة على أهل الولاية من إهتمامات الوالي ولا ولاة الأمر الذين جلسوا على أنفاسها كلهم, وهذا باب واسع يمكن الإنتظار والمحاورة والمداورة فيه, ولكن قضية هذه الولاية الحدودية لا تحتمل سياسة هذا الحزب وقد ظهرت بوضوح تجليات المساومة والمدارة التي تنتهجها مع الجيران الذين تمادوا في إستغلال هذا السكوت عن خروقاتهم للسيادة الوطنية, فقد ظلت مدينة القضارف ومدن الولاية الاخرى تفتح أبوابها ردحاً طويلاً من الزمن للإخوة الاثيوبيين الذين يلجأون إليها طلباً للغوث, ولكنهم الآن تجاوزوا إحترام حقوق الجيرة حتى بعد أن تنازل لهم المؤتمر الوطني عن منطقة الفشقة الزراعية، بعدم مثابرته على ترسيم الحدود، فتمددوا بسلطانهم المسلح الى عمق الولاية وأطراف مدينة القضارف عبر عصابات النهب المسلح لكل متحرك ميكانيكي أو بيولجي وأخدوا يشكلون رعباً مقيما لكل مزارع يجرؤ على الزراعة فى تلك الجهات, والذين على قدر ما إستجاروا بحكومة الولاية، إلا ان ردودها لم تقل عثراتهم ولا نتصرهم بل حتى لم يجدوا آذانا صاغية لشكاياتهم، والوالي وبطانته يبرعون في تجويد الأجوبة الإنصرافية مستخدمين كلمات وعبارات يخجل العامة عن ترديدها، مما يفصح مباشرة عن الدرك الذى وصل اليه رعاة الولاية من عدم المسؤولية التي تصل لدرجة الإستهتار بالارواح والعقول, هل يعقل ان يرد مسؤول على سائل بعبارات مثل “أرفسك رفسة يوم القيامة ما تقوم ” بسبب ان المسكين المطلوب رفسه أشار على أحد الولاة أن تكون أولويات التنمية هي توفير المياه الصالحة للشرب بالمدينة اولا. فأنظروا اليوم الى الالوليات التى أصبحت عندهم صرف مليارات الجنيهات لإستبدال “الحمير” التى كانوا يركبونها فى مشاوير عملهم “الوطنى” بعريات الدفع الرباعى آخر موديل، ليتهم سلموا سروج وبرادع حميرهم التى كانت تصاحبهم حيناً من الدهر الى متحف المدينة إن كان بها متحف ، أو أن وزير السياحة بها يعرف ما هو المتحف وما هو دوره؟ الان بدأ الحزب الحاكم ممارسةيعد للإنتخابات القادمة، ويمني نفسه بالفوز فيها باية صورة. ولكنه إن تمادى فى سياسته هذه سيحكم ولاية غير سودانية, فالخطر القادم ليست المعارضة والكارثة القادمة ليست بعيدة ولكنها قادمة عبر الحدود, فهلا قيد الرافسون أرجلهم. ” وأنا ما بجيب سيرة ديوان الزكاة “.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..