الاستثمار في الداخليات

سوء إدارة مؤسسات الدولة في السودان أتاح الفرصة للبعض ليستثمروا في كثير من الخدمات التي لها علاقة باحتياجات المواطن الذي أصبح يدفع مُضطراً من أجل أن تنقضي حاجته دون عناء، واحدة من تلك الأشياء التي فشلت الحكومة في إدارتها بكفاءة هو سكن الطلاب، مما جعل الكثيرين يستثمرون في الداخليات الخاصة، وهي في حقيقة الأمر ساهمت في حل مشكلة السكن كثيراً، بل ونجحت في أن تكون أفضل من الداخليات الحكومية، بدليل أن هناك مئات الداخليات الخاصة التي انتشرت في العاصمة، ورغم أنها لا تخلو من بعض المشاكل إلا أنها أثبتت تفوقها على الحكومية، وكثيرون لجأوا إليها بسبب المشاكل في الداخليات الحكومية، فالطالب يدفع سنوياً مبلغاً مقدراً وفوق هذا غير مهيأة بما يكفي مما يجبر الطلاب للمطالبة بحقوقهم دائماً، وليست مشكلة داخلية الزهراء ببعيدة حين قامت الطالبات بتظاهرة تطالب بحمايتهن فقط، وقبلها طالبن بتحسين البيئة حين لقيت إحداهن حتفها نتيجة سقوطها، هذا غير المشاكل السياسية التي انتقلت إلى الداخليات، مما جعل الأهالي أنفسهم يتوجسون خيفة منها، كما أن كثيراً من الطلاب يتفقون مع بعضهم ليستأجروا لهم شقة أو منزلاً نظام (أبعد عن الشر).

الصندوق القومي لرعاية الطلاب بولاية الخرطوم كشف عن (حملة) لمراجعة شاملة للداخليات الخاصة غير المصدقة من الصندوق بالولاية لضبط كل الظواهر السالبة ومراجعة الضوابط والإجراءات المتبعة في سكن الطلاب بهذه الداخليات، وأنّ الصندوق بصدد التوسع في السكن الخاص تحت رعايته لتقليل الظواهر السالبة التي ظهرت في الداخليات الخاصة، وأن الخُطة تقتضي إسكان «20» ألف طالب بحلول العام القادم. وأوضح الأمين العام للصندق بولاية الخرطوم مختار محمد مختار خلال مُخاطبته المنبر الإعلامي الخاص بتدشين برنامج التقديم الإلكتروني لإسكان الطلاب، وقال إن التقديم الإلكتروني للداخليات بدأ من هذا الشهر، وإن الصندوق مستعد لمعالجة كل الإشكالات المتعلقة بإسكان الطلاب بولاية الخرطوم عبر مجمعاتها السكنية الـ «8» وتقديم كافة المعينات.

الصندوق القومي لرعاية الطلاب يعمل في هذا المجال منذ ربع قرن وحتى الآن لم يحل مشكلة السكن لأنه لم يفهم أن مشاكل الداخليات سببها الاستثمار في هذا المجال غير القابل للاستثمار والتكسب، فالتعليم العالي ليس سوقاً ولا مجال سياحة، بل زبائنه مواطنون فقراء يحتاجون للمساعدة وهم الاستثمار الحقيقي يجب أن تخسر فيهم الدولة لتكسب فيما بعد، كما أن مشاكل الداخليات الخاصة والحكومية واحدة ليس بينها أي فرق ونفس الظواهر السالبة الموجودة في الداخليات الحكومية موجودة في الخاصة بل وأقل، وهي كلها لا تنفصل عن المشاكل الأكاديمية المثقلة بها الجامعات، لأن الداخلية يجب أن يكون دورها مكملاً للجامعة وبما أن الاثنين الآن لا يقومان بدورهما كاملاً فلن تنتهي مشاكل الداخليات أبداً.

لم تعانِ الداخليات من أية مشاكل عندما كانت تتبع للجامعات، وأعتقد أنه ما زال هو الحل الأمثل، ففي كل العالم الداخليات تتبع للجامعات حتى في مصر القريبة هذه، والذي لا يختلف عليه اثنان أنّ الداخليات الخاصة انتشرت بسبب الفراغ الذي خلّفته الداخليات الحكومية وانتشارها ينتهي بانتهاء مشاكل التعليم العالي كلها، ولكن هذه الحملة المقصود منها أن تكون كل الداخليات الخ
التيار