السودان.. غياب عدالة أم أزمة ثقة؟!

السودان.. غياب عدالة أم أزمة ثقة؟!
إنتهى مؤخراً موسم الحج، وعاد قادة الحكم في السودان إلى مواقعهم التي فرضوا أنفسهم عليها للاستئثار بها رغم أنف رعاياهم.
إلا أن التوسل بين العبد وربه لا يجب أن ينتهي بانتهاء مواسم الأعياد في مثل هذه المناسبات الدينية الكبيرة. وفِي السيرة شواهد للتوبة وأدب الاعتذار للناس والاستغفار عن الجرائم العظيمة.
بنظرة متأنية لما يدور في السودان نجد أنه ليس أكبر من كل السواءت التي ارتكبت خلال السنوات الماضية إلا الحالة التي وصلت إليها البلاد كنتاج للإنكار والإمعان في المراوغة واستفزاز الناس بسياسات فرض الأمر الواقع وممارسة الانتقاء من منظور حزبي وعرقي ضيق وبما يتعارض مع قيم الدين الحنيف.
لذا، ومِمَّا لا شك فيه فإن قضية الحكم بالإعدام على الطالب عاصم عمر في هذه الأيام المباركة لا تنفصل عن الدين، خاصة وأنها محاكمة مسيسة بإمتياز، بالرغم من أن بعضهم ما فتىء يَنفُث سموم الأكاذيب تبريرا وإنكارا لفعل مشين، والأدهى انهم يفعلون كل ذلك من زوايا قانونية وشرعية. ويقولون أن العدالة كانت من وجوب شروط القبول بالحكم ?الجائر? على عاصم عمر، والمنطق يقول غير ذلك.
لقد كان ملفتا للأنتباه في الآونة الاخيرة أن قطاعات عريضة من المواطنين تجهر بالحديث عن غياب العدالة في السودان، وقد ترك الاهتمام العميق بقضية غياب العدالة في السودان أثراً بالغاً في ثقة غالبية المواطنين تجاه مؤسسات الدولة برمتها والقائمين على أمر الحكم والقضاء.
وموضوعيا لابد من الإقرار بأن هناك خللا جوهريا في نظام العدالة في السودان، والشواهد لا تعد ولا تحصى، تبدأ من التدخل السياسي المباشر ?الأمني بصفة خاصة? في كل القضايا المتعلقة بالمعارضة وتحديدا قضايا حرية التعبير، وقد حُكم من قبل على صحفي معارض بخمسة سنوات سجنا لمجرد أنه كتب مقالاً تحدث فيه عن إنتخابات عام 2010.
لا يجب ان ننسى العدد الكبير من القوانين المخالفة للدستور التي تستخدم لتصفية الخصوم.
كما لا يمكن إنكار تسييس القضاء وضعف تأهيل القضاة، وقد يتساءل البعض عن عدم تدخل الحكومة عندما يكون الموت من نصيب الخصوم كما حدث مع شهداء تظاهرات سبتمبر 2013.
كل ذلك يجعل تقديم نظاميين للمحاكمة، بل إصدار احكام عليهم لتصل إلى حد الإعدام بحقهم مظنة شبهة سياسية.
ولا يزال أحدهم يتمتع بمنصب رفيع رغم إدانته بالقتل العمد، واستنفاد كافة مراحل التقاضي (فقط لانه من بيت الكلاوي التنظيمي والأمني).
والذاكرة تختزن حادثة توجيه الراحل الدكتور حسن الترابي عراب النظام الرئيسي اتهاما صريحا لقادة الحركة الاسلامية وقادة حكم الانقاذ بتصفية إخوانهم وزملائهم الذين ورطوهم في المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك آنذاك. بالرغم من أن هذه القضية برمتها وعلى خطورتها البالغة ?لانها استهدفت رئيس أكبر دولة عربية وفِي بلد اجنبي? لم يفتح حولها أي تحقيق ولم يقدم فيها أي مسؤول سوداني للعدالة أو المحاكمة إلى يومنا هذا.. المعنيون خططوا لها وظلوا يتمتعون بأرفع المناصب في الدولة إلى أن أخرجتهم منافسات الصراع السياسي الداخلي.
هنا في أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص بيننا قضاة ووكلاء نيابة وضباط شرطة كبار كانوا ضالعين في هذه الممارسات حتى أخمص أقدامهم، وهم الآن يعيشون فترة صحوة ضمير اتسمت بالتدوين وهم يعكفون -من باب التوبة الرحب- على إصدار كتب توثيقية تحكي عن تجاربهم في تسيس العدالة وخرق القوانين في المؤسسات العدلية السودانية.
خلافا لما ذكر، وبعيدا عن التسييس، إذا ارتقينا إلى مستوى الموضوعية الذي ينبغي علينا اتباعه في هذه المرحلة التاريخية، وبلادنا لم يبق فيها الكثير؛ لابد من اتباع الأدوات الكفيلة بترسيخ قيم العدالة والاعتدال والاعتداد بالآراء التي تنبع من الفهم العميق للواقع الحالي والإحاطة بحقائق لا يمكن تجاهلها، والتي تؤكد ان مشكلات السودان تحتاج لمعالجات جذرية ?اساسها الدين?، وبصورة أشمل لأنها مظهر لأمراض مستوطنة لا يمكن تداركها فقط برحلات الحج السنوية -المدفوعة القيمة من أموال الغلابة والفقراء والضحايا أنفسهم-، ولا بالمهدئات ولا النكران وسياسات ?كسر الرقبة? لتلقين الناس رغم أنفهم مبدأ قبول الخطأ وتكريسه والإيمان به.
هذه الممارسات هي التي تجرف السودان (وبهدوء شديد) نحو الهاوية.
من هنا، لابد من تهيئة البيئة المطلوبة بالتربية الفردية والاجتماعية الشاملة من خلال إقامة ميزان العدالة بداية لترسيخ لغة القانون.
ثمة تذكرة للمعنيين، اتقوا الله في انفسكم ودماء ابناء شعبكم، ?من يؤيدونكم ومن يعارضونكم، كله بالقانون?.
ومن المهم جدا ان تعيدوا النظر في محاكمة عاصم عمر، عاجلا وليس اجلا، لانها ستعمق من الجراح وتزيد النار لهيبا، وأكدت بصورة واضحة تماما ان ميزان العدالة في السودان مائل شقه.
وتذكروا قوله تعالى: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار)، صدق الله العظيم.
خالد الاعيسر
كاتب سوداني مقيم في بريطانيا
صحيفة راي اليوم
[email][email protected][/email]
هذا كلام من وجهة نظرك انت فقط وانت شخص معارض لايمكن باى حال من الاحوال ان تشيد بالحكومه وهو كلام مكرر ولا يساوى ثمن الحبر الذى كتب به
العجيب في قضية الطالب عاصم رغم خطل الحكم بالادانة هو تمسك ذوي المرحوم بالقصاص من المحكوم عليه مع أنهم لم يكونوا يعلمون شيئاً قتل ابنهم الذي كان ضمن فرقة تفريق مظاهرة طلابية، ولاعلم لهم حتى بهذه المعلومة كون ابنهم أصيب في مظاهرة أم في ظروف أخرى! ولا يجزم أحد بذلك ولكنهم أخذوا المعلومة فقط من هيئة الاتهام التي تولت القضية وتقبلوها لكون ابنهم يعمل في الشرطة. ولنهم يعلمون جيدا أن الشخص الذي قيل لهم إنه هو الذي قتل ابنهم لم يكن لديه علاقة بابنهم الا من خلال المظاهرة التي شارك فيها الطرفان افتراضاً وليس يقيناً. فلو فرضنا أن الشرطة لم تصل لأحد من الطلاب على أنه الفاعل فهل كان أولياء الدم هؤلاء سيتركون دمه يذهب هدراً أم سيطالبوا الدولة بديته، ليس تماماً كالقتيل الذي لا يعرف قاتله ويقيد البلاغ ضد مجهول والذي تدفع الدولة ديته لتقصيرها في منع أو العثور على القاتل، ولكن هنا لأن القتيل لقي حتفه وهو في خدمة الدولة. فالعجيب في موقفهم في هذه الظروف هو مطالبتهم وتمسكهم بالقصاص بدلاً من الدية وكأنهم يريدون التشفي من قاتل تعارك مع ابنهم وقتله! ان الشيء المتوقع من أي ولي دم يخشى الله ويكبر في نفسه خوف الوقوع في ازهاق روح قد تكون بريئة فيبوء بغضب من الله مثل القاتل المتعمد والخلود في النار! أليس الأهون لهم في هذه الظروف أن يطالب بالدية فهي ربما تكون أخف وزرا كونها أكل أموال بالباطل من قتل النفس بغير حق فذا أعظم عند الله من هدم الكعبة! وعوضاً عن ذلك، لماذا لا يرفض أولياء الدم هذه المحاكمة وهذا الحكم ويطالبوا بإلغائها ويتمسكوا بحقهم الثابت في الدية ضد الدولة المسئولة ليس فقط عن حياة ابنها الذي لقي حتفه في خدمتها وبسببها بل عن حياة كل من كان في حمايتها وتوليها هذا الواجب بتوليها حكم الدولة، بدلاً من المجازفة بأنفسهم في جرم الوقوع في قتل النفس أو أكل المال الحرام؟
هذا مجرد تذكير لأولياء الشرطي أن أدركوا أنفسكم فعمر العدالة والقضاء في هذه البلاد كان هذا ديدنه لا يطبق القصاص في قتلى المظاهرات وخاصة الطلابية على الاطلاق وكان هذا ما يوافق الشرع الصحيح تماماً ولم يقل بعكس ذلك قاض أو مفتي أو فقيه من قبل إلا هذا القاضي!!!!
هذا كلام من وجهة نظرك انت فقط وانت شخص معارض لايمكن باى حال من الاحوال ان تشيد بالحكومه وهو كلام مكرر ولا يساوى ثمن الحبر الذى كتب به
العجيب في قضية الطالب عاصم رغم خطل الحكم بالادانة هو تمسك ذوي المرحوم بالقصاص من المحكوم عليه مع أنهم لم يكونوا يعلمون شيئاً قتل ابنهم الذي كان ضمن فرقة تفريق مظاهرة طلابية، ولاعلم لهم حتى بهذه المعلومة كون ابنهم أصيب في مظاهرة أم في ظروف أخرى! ولا يجزم أحد بذلك ولكنهم أخذوا المعلومة فقط من هيئة الاتهام التي تولت القضية وتقبلوها لكون ابنهم يعمل في الشرطة. ولنهم يعلمون جيدا أن الشخص الذي قيل لهم إنه هو الذي قتل ابنهم لم يكن لديه علاقة بابنهم الا من خلال المظاهرة التي شارك فيها الطرفان افتراضاً وليس يقيناً. فلو فرضنا أن الشرطة لم تصل لأحد من الطلاب على أنه الفاعل فهل كان أولياء الدم هؤلاء سيتركون دمه يذهب هدراً أم سيطالبوا الدولة بديته، ليس تماماً كالقتيل الذي لا يعرف قاتله ويقيد البلاغ ضد مجهول والذي تدفع الدولة ديته لتقصيرها في منع أو العثور على القاتل، ولكن هنا لأن القتيل لقي حتفه وهو في خدمة الدولة. فالعجيب في موقفهم في هذه الظروف هو مطالبتهم وتمسكهم بالقصاص بدلاً من الدية وكأنهم يريدون التشفي من قاتل تعارك مع ابنهم وقتله! ان الشيء المتوقع من أي ولي دم يخشى الله ويكبر في نفسه خوف الوقوع في ازهاق روح قد تكون بريئة فيبوء بغضب من الله مثل القاتل المتعمد والخلود في النار! أليس الأهون لهم في هذه الظروف أن يطالب بالدية فهي ربما تكون أخف وزرا كونها أكل أموال بالباطل من قتل النفس بغير حق فذا أعظم عند الله من هدم الكعبة! وعوضاً عن ذلك، لماذا لا يرفض أولياء الدم هذه المحاكمة وهذا الحكم ويطالبوا بإلغائها ويتمسكوا بحقهم الثابت في الدية ضد الدولة المسئولة ليس فقط عن حياة ابنها الذي لقي حتفه في خدمتها وبسببها بل عن حياة كل من كان في حمايتها وتوليها هذا الواجب بتوليها حكم الدولة، بدلاً من المجازفة بأنفسهم في جرم الوقوع في قتل النفس أو أكل المال الحرام؟
هذا مجرد تذكير لأولياء الشرطي أن أدركوا أنفسكم فعمر العدالة والقضاء في هذه البلاد كان هذا ديدنه لا يطبق القصاص في قتلى المظاهرات وخاصة الطلابية على الاطلاق وكان هذا ما يوافق الشرع الصحيح تماماً ولم يقل بعكس ذلك قاض أو مفتي أو فقيه من قبل إلا هذا القاضي!!!!