بالدمع أكتب

٭ قرائي الأعزاء قد تستغربون وتقولون كيف تكتب بالدمع هذه المهووسة وأقول لكم نعم أكتب بالدموع لأنها ليست دموعاً بيضاء لا تظهر على الورق وإنما هي حمراء بلون الدم استغفر الله ليست بلون الدم وإنما هي دموع من دم تلك التي يذرفها أهل المرضى أمام جميع أنواع المرض في السودان يذرفونها بعد أن أصبح العلاج فوق طاقة الجميع.. غلاء الأدوية أصبح خرافيا لا يصدق ولا تقدر عليه إلا الأقلية المشرفة التي أصبحت تشكل طبقة صغيرة وبعيدة عن باقي المجتمع تتلقى علاجها بالخارج وتحت أسوأ الفروض في المستشفيات الخاصة.
٭ الخارطة الاجتماعية في المجتمع السوداني في حراك غير عادل وغير منطقي أقلية ندفع ببقايا التفاح والعنب والكمثري وبقايا السمك والدجاج واللحم إلى صناديق القمامة وأغلبية ساحقة تلوك الحنظل وتتدثر بالحرمان وتحتضن الجوع ولا تنام فبين الجائع والنوم عداء مستحكم لا يقبل الصلح ولا المفاوضات.
٭ بهذه الكلمات أستأذنكم لأغمس قلمي في دمعهم الدم وأكتب هذه الصورة بل وأنقلها كما هي.. فقد بلغ السيل الزُبى وأهل السياسة يتبادلون الكلمات الميتة والأشواق المشنوقة.
٭ أب مفجوع حمل طفله الثالث وذهب إلى قسم الحوادث.. حمل طفله الثالث بعد أن مات الأول والثاني بسبب الملاريا اللعينة.. الأول داهمته الملاريا وهو في عامه السابع.. بذل طبيب الحوادث كل ما في وسعه وفارقته الحمى وخرج إلى البيت ولكن في البيت عجزت الأسرة من أن تفي بمتطلبات فترة النقاهة فالملاريا ذهبت بدم الطفل ووزنه.. لا لبن ولا فاكهة ولا خضار ولا لحم ولا سمك ولا دجاج شحب الطفل ومات.. بكت الأم وجذع الأب وانكفيا على جراحهما..
٭ وبعد أقل من عام زارت الملاريا الابن الثاني كان في السادسة جن جنون الأب والأم معاً ذهبا إلى المستشفى وشبح الموت يلاحقهما.. انفجرا في بكاء طويل عندما قال لهما طفلهما ما تدوني محل هيثم ما تدفنوني.. ذهبا إلى المستشفى باءت محاولات الطبيب بالفشل هذه المرة ومات مصعب في اليوم الثالث.. انهارت الأم وأغمى عليها ودخل الأب في حالة ذهول ولم يستطع عمل أي شيء.. قام أهل الأطفال المرضى بالواجب وذهبوا بالأب والأم والجثمان إلى منزل الأسرة.
٭ لم يمض على هذه المواجع سوى نصف عام.. وهذا ابنهما الثالث صاحب الأربع سنوات يحمله الأب المفجوع إلى الحوادث مرة أخرى هذه المرة لا بسبب الملاريا بل بسبب عضة كلب.
٭ وقف الطفل أمام المنزل وعندما أتى كلب ضال أخذ في ملاعبته وكان رد الكلب أن عقره.
٭ نظر الأب في وجه الطبيب طويلاً وهو يبلغه بعدم وجود مصل السعر.. خرج الأب كالمجنون يبحث عن المصل سمع كلاماً كثيراً قيل ان هذا المصل يوجد في الصيدلية الفلانية والصيدلية الفلانية ولكن أسعاره خرافية.
٭ ضم إليه ابنه وأخذ يبكي بدموع من الدم قال له طفله مالك يا بابا عضاك كلب.. لم يستطع الرد فقد عضه سعار هذا الزمان المفجع.
٭ ألم أكن محقة في كلماتي الباكيات عن حالة واحدة من ملايين الحالات التي تفيض بها حياتنا الاجتماعية في مجال واحد.. مجال العلاج.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

تعليق واحد

  1. نعم أستاذه آمال عباس هناك زيادة جنونيه فى أسعار الدواء بشتى صنوفه ولن يستطيع شراؤها حتى من كنا نحسبهم ميسورى الحال ولم تقتصر الزيادة على الدواء فقط بل شملت الخبز والخضروات واللحوم وتذاكر البصات ومواد البناء وكل ماهو سلعه أو خدمة تباع داخل السودان ، السؤال ؟؟ أين المواطن المكتوى بنار هذه الأسعار ؟

  2. [ألم أكن محقة في كلماتي الباكيات عن حالة واحدة من ملايين الحالات التي تفيض بها حياتنا الاجتماعية في مجال واحد.. مجال العلاج.هذا مع تحياتي وشكري].
    اصيله يا استاذه آمال عباس ومحقه. دمعت عيناي . انفجرا في بكاء طويل عندما قال لهما طفلهما ما تودوني محل هيثم ما تدفنوني.. متعك الله بالعفو والعافيه….

  3. نعم أستاذه آمال عباس هناك زيادة جنونيه فى أسعار الدواء بشتى صنوفه ولن يستطيع شراؤها حتى من كنا نحسبهم ميسورى الحال ولم تقتصر الزيادة على الدواء فقط بل شملت الخبز والخضروات واللحوم وتذاكر البصات ومواد البناء وكل ماهو سلعه أو خدمة تباع داخل السودان ، السؤال ؟؟ أين المواطن المكتوى بنار هذه الأسعار ؟

  4. [ألم أكن محقة في كلماتي الباكيات عن حالة واحدة من ملايين الحالات التي تفيض بها حياتنا الاجتماعية في مجال واحد.. مجال العلاج.هذا مع تحياتي وشكري].
    اصيله يا استاذه آمال عباس ومحقه. دمعت عيناي . انفجرا في بكاء طويل عندما قال لهما طفلهما ما تودوني محل هيثم ما تدفنوني.. متعك الله بالعفو والعافيه….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..