الحظر الأمريكي وعصا موسي

الحظر الأمريكي وعصا موسي

منذ فترة ليست بالقصيرة تعمل الحكومة السودانية علي تسويق رؤية ( معينة) لملف العلاقات السودانية الأمريكية مفادها أن رفع العقوبات الأمريكية المفروضة علي السودان يعني تلقائياً حل معظم المشاكل والأزمات التي تحاصر الحكومة وأن كل المعاناة وشظف العيش وتدهور كل الخدمات وغيرها السبب الأساسي هو الحظر الأمريكي وهي رؤية قاصرة تتغاضي عن الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية عمداً والطبقة الحاكمة تعلم علم اليقيين أسباب تراجع وتدهور الصادرات وزيادة الواردات وإرتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور قيمة العملة الوطنية لها أسباب أخري غير الحظر الأمريكي.
رفع الحظر الأمريكي لن يحل المشاكل القائمة في ظل غياب المحاسبة والشفافية والفساد المستشري وسوء التخطيط والإدارة لكل الملفات الاقتصادية والسياسية ، هذا بالإضافة إلي صعوبة تحقيق ( الحلم) وتطبيع العلاقة مع واشنطن في غضون شهور قليلة رغم التقارب الكبير والواضح بين الخرطوم وواشنطن في الفترة الأخيرة ، وصحيح الولايات المتحدة تدعم استمرار النظام القائم ولاتريد أي تغيرات جوهرية في بنية الحكم القائم وصحيح أيضا أن السياسة الأمريكية لاتعرف العدوات الدائمة ولا الصداقات الدائمة بل تعرف المصالح الدائمة وتقف مع صاحب الشوكة والغلبة و تنتهج سياسة تشجع إمتلاك القوة العسكرية علي حساب المنطق والرؤية ، ورغم كل ذلك ليس من السهل مسح كل الإرث الطويل لسلسلة العقوبات المتعددة المفروضة علي السودان في يوم ، وحتى وإن رُفعت العقوبات،فلن ترفع إلا بشكل تدريجي و بشروط أخرى سوف تثير مزيد من المخاوف لدي صانع القرار السوداني ، و العقوبات التي فرضتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض على السودان صدرت إما بأوامر تنفيذية من الرئيس أو بتشريعات من الكونجرس الأمريكي والأخيرة ربما تستغرق قترة طويلة من الزمن حتي تدخل حيز التنفيذ.
الرؤية الحكومية تري أن رفع العقوبات سيتم بموجب مصفوفة الاتفاق الذي وقع بين الحكومة الأمريكية والسودان، والتي تتعلق بمكافحة الإرهاب وتسهيل وصول المعونات للمتأثرين بالحرب في درافور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق والتعاون لحل الصراع في دولة جنوب السودان .. ألخ ولكن الذي سوف يزيد من مخاوف الحكومة ويبدد كثير من الأحلام والتوقعات هو وضع الجانب الأمريكي لبنود وشروط إضافية تبدو مزعجة للحكومة السودانية مثل حقوق الإنسان والحريات الدينية وهي قضايا شائكة وتقف خلفها كثير من اللوبيات المعادية للحكومة السودانية.
رفع العقوبات الأمريكية له أثر إيجابي علي الاقتصاد السوداني وعلي مناخ الإستثمار ، غير أن الحكومة مطالبة بإصلاحات جذرية، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة والنفط والمعادن ومحاربة الفساد فعلاً لاقو حتي يمتد الأثر الإيجابي لكل القطاعات ويحدث التغيير المنشود .و في الذاكرة البترول الذي تدفق في جيوب ( بعينها) وظلت القطاعات الحيوية في الاقتصاد تعاني وذهبت الحقول جنوباً والأغلبية الصامتة والموجوعة سمعت بالبترول (سماع) و رفع الحظر الأمريكي لايعني الحل السحري لمشاكل السياسة والاقتصاد.

حسن بركية
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..