وثائق أمريكية عن نميرى (48): لاقو: انفصال الجنوب، في انتخابات حرة نادرة، لاقو يميل نحو كينيا ويوغندا، والير نحو الخرطوم

وثائق أمريكية عن نميرى (48): لاقو: انفصال الجنوب

يخشى الجنوبيون ظلم الشماليين اذا بدا انتاج البترول

لاقو يميل نحو كينيا ويوغندا، والير نحو الخرطوم

يخشى الجنوبيون ظلم الشماليين اذا بدا انتاج البترول

حاليا، لن يعض الجنوبيين اليد التي تطعمهم

تستمر هذه الحلقات عن وثائق أميركية عن السودان. وهي كألاتي:

— الديمقراطية الأولى (25 حلقة): رئيس الوزراء إسماعيل الازهرى (1954-1956)

— الديمقراطية الأولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958)

— النظام العسكرى الأول (19 حلقة): الفريق إبراهيم عبود (1958-1964)

— الديمقراطية الثانية (29 حلقة): رؤساء الوزارات: سر الختم الخليفة، الصادق المهدى، محمد احمد محجوب

— النظام العسكرى الثاني: المشير جعفر نميرى (1969-1979، اخر سنة كشفت وثائقها)

—————————–

عناوين الحلقة السابقة:

عودة الصادق المهدى بعد مصالحة بورتسودان

احمد المهدى لم يستقبل الصادق المهدى في مطار الخرطوم

الشريف الهندي يقول انه عائد، ثم يغير رأيه

نميرى والسادات والقذافي: وحدة وادي النيل

فاطمة عبد المحمود جميلة وسياسية ماهرة، لكن في خبث

————————————

انتخابات مجلس الشعب:

7-4-1978

” … خلال 4 شهور منذ بداية هذه السنة، استمرت مساعى نميرى لتحقيق المصالحة الوطنية، وضمان قوة نظامه. اجرى، في فبراير، انتخابات مجلس الشعب في الشمال والجنوب. وكانت اكثر انتخابات ليبرالية منذ ان جاء نميرى الى الحكم عام 1969. واشتركت فيها أحزاب من المعارضة.

غير ان الاتحاد الاشتراكى السوداني، الحزب الوحيد والحاكم، ادار الانتخابات:

1. وافق على المرشحين.

2. اشرف على التصويت، وعد الأصوات.

3. منع المناقشات القبلية والعرقية والطائفية.

4. اشترط تاييد ثورة 25 مايو (التي جاء بها نميرى الى الحكم) …

رأينا:

1. لم يلتزم كثير من المرشحين بهذه الشروط. وذلك بسبب التاثير القوى للطائفية والقبلية والدين.

2. استغل الاخوان المسلمون تصريحات نميرى عن أهمية الإسلام الاصولى (“فندامانتاليست”) في السودان.

3. كان اكثر المرشحين سياسيين سابقين، ورجال اعمال، وزعماء قبائل. ولم يكن سهلا منعهم من ممارسة العمل السياسى كما يمارس.

4. كانت الانتخابات اكثر ديمقراطية مما توقع نميرى نفسه. ولم يعترض عليها. وكانت سلمية.

5. فاز في الانتخابات معارضون كانوا في الخارج، وكانت صدرت ضدهم احكام اعدام.

6. حسب الدستور، عين نميرى 30 عضوا في مجلس الشعب، وكلهم من قادة الاتحاد الاشتراكى الذين لم يترشحوا في الانتخابات)…”

————————

انتخابات الجنوب:

” … اكتسح قادة التمرد السابقون والسياسيون الذين عادوا من المنفى انتخابات مجلس الشعب في الإقليم الجنوبى. فازوا على حساب مؤيدى ابيل الير، نائب نميرى وحاكم الإقليم الجنوبى. وانتقدوه بانه:

1.ليس له صوت قوى في الخرطوم (عند نميرى، رغم انه نائبه).

2. ليس إداريا ماهرا.

3. من السياسيين الجنوبيين. وليس من العسكريين (الذين حاربوا في الغابة. قبل اتفاقية السلام والحكم الذاتي في عام 1972).

في الأسبوع الماضى، شكل وزارة جددية الجنرال جوزيف لاقو، مؤسس جيش الانانيا الذي كان قاد التمرد في الجنوب. وهو الذي وقع مع نميرى على اتفاقية السلام والحكم الذاتي. وصار، منذ ذلك الوقت، قائد القوات الجنوبية في الجنوب.

لكنه، الأن، تخلى عن منصبه ليكون رئيسا لوزراء الجنوب (الاسم الرسمي: رئيس المجلس التنفيذي العالى في الجنوب) …

قالت لنا مصادرنا الخاصة ان نميرى مال، منذ البداية، نحو لاقو، لا نحو الير. وارسل نميرى، قبل الانتخابات في الجنوب، نائبه أبو القاسم محمد إبراهيم ليقنع الير الا يترشح لمنصبه مرة أخرى …

سارع لاقو، بعد ان تولى الحكم، وعزل كبار الإداريين، ورجال الشرطة. وتعهد برفع مستوى المعيشة في الجنوب، وباقناع نميرى ليرسل مزيدا من المساعدات الى الجنوب. خاصة لان الوضع الاقتصادي هناك سيئ جدا …”

———————————-

الجنرال لاقو:

24-8-1978

” … توجد في منطقة الحكم الذاتي في جنوب السودان 6 ولايات، من جملة 18 ولاية في كل السودان. وتوجد في جوبا، عاصمة الإقليم الجنوبي، الجمعية التشريعية الإقليمية.

في نفس الوقت، يرسل الجنوبيون ممثلين الى مجلس الشعب في العاصمة الوطنية الخرطوم. هكذا، يتمتع الإقليم الجنوبي بحكم ذاتي، ويشارك في حكم السودان. بينما تقع الولايات الأخرى تحت الحكم المباشر للحكومة الوطنية في الخرطوم …

تأسس هذه النظام النادر من نوعه في عام 1972، عندما وقع نميرى وجوزيف لاقو، قائد قوات “الانيانيا”، اتفاقية انهاء حرب استمرت 17 سنة. وهكذا، مهدا للسلام بين جنوبيين افارقة سود غير مسلمين، وبين اغلبية عربية مسلمة تسيطر على الشمال …

منذ سنة 1972، واجه الجانبان حملا ثقيلا لتحقيق السلام، والاستقرار، والتنمية، في الجنوب. لكن، بعد مرور 5 سنوات، أصاب التعب حكومة الجنوب، وصارت غير فعالة …

هكذا، في انتخابات فبراير الماضى، تغيرت الوجوه في جوبا. وبدلا عن قيادة ابيل الير (المحامي والسياسي المدنى المقرب من نميرى منذ سنوات كثيرة،) فاز في الانتخابات العامة الجنرال جوزيف لاقو (عدو نميرى لسنوات، حتى وقعا اتفاقية سنة 1972).

استغل “الجنرال الاصلاحى” لاقو المصالحة الوطنية التي أعلنها نميرى. والتي عاد بعدها معارضون سودانيون (شماليون وجنوبيون) كانوا في الخارج. وجند لاقو رجاله، عسكريين ومدنيين، لاقصاء الير.

ولم يكن سرا ان لاقو اقنع نميرى بان تشمل المصالحة الوطنية قادة جنوبيين ظلوا في الخارج حتى بعد اتفاقية الحكم الذاتي. وهكذا زاد لاقو أنصاره لمواجهة الير. وكانت مواجهة بين “مناضلى الداخل” و “مناضلى الخارج.”

منذ ان تولى لاقو الحكم، ركز على 3 اهداف: التنمية الاقتصادية، ورفع مستوى المعيشة، وبناء الهوية الجنوبية …”

——————————-

لاقو والير:

” … تحدث الجنرال لاقو كثيرا عن الفساد وعدم النزاهة وعدم القدرة في عهد ابيل الير. ربما هذا صحيح. لكنه ليس عادلا اذا نظرنا الى الصورة الكبيرة لجنوب السودان، وظروفه، ومشاكله. ثم ان لاقو نفسه، خلال الشهور الأولى من حكمه، لم يحقق إنجازات اقتصادية هامة، بسبب نفس هذه المشاكل المعروفة والمتوقعة: المواصلات، والاتصالات، وراس المال، والقوى العاملة.

لكن، تبدو خطط لاقو اكثر إيجابية، واكثر تفاؤلا، من خطط الير.

في نفس الوقت، لا يريد لاقو ان يميل كل الميل. وذلك لانه يخشى غضب الرئيس نميرى. ربما يريد، حقيقة، ان يعلن تأسيس الآتي: خطوط جنوب السودان الجوية، وسكك حديد جنوب السودان، وهيئة المواصلات النهرية والبرية في الجنوب …

وسرا او علنا، يعمل لاقو على توثيق العلاقات مع كينيا ويوغندا، ودول أخرى تجاور جنوب السودان …

سيمضى وقت طويل حتى يقدر جنوب السودان على توفير مدارس، ومكاتب بريد، وعيادات طبية، وكبارى على الأنهار، مثلما كانت في سنة 1955 (سنة اول تمرد جنوبي، قبل سنة واحدة من استقلال السودان. استمر التمرد فترات متقاطعة، وتحت أسماء منظمات مختلفة، حتى سنة 1972، عندما وقع نميرى ولاقو، قائد تنظيم “انيانيا”، اتفاقية انهاء الحرب، وتاسيس حكم ذاتي في جنوب السودان).

يواجه جنوب السودان، في فصل الصيف الحار هذا، نقصا في امدادات الطعام والبنزين. وتظل الكهرباء في كل الجنوب “ترفا.”

وقال مسئولون جنوبيون ان هناك “مجاعة.” فعلا، في الشهر الماضى، سافر 3 وزراء من جوبا الى الخرطوم، وقابلوا نميرى، وطلبوا مساعدات سريعة وكثيرة …

وقالت مصادرنا الخاصة ان نميرى وافق سريعا. ولكن سرا. (ربما خوفا من الاتهام بانه يساعد الجنوبيين أكثر من الشماليين). فعلا، أرسل نميرى طائرات شحن عسكرية تحمل أغذية وحاجيات. وامر الخطوط الجوية والحديدية بتقديم معاملات خاصة لنقل هذه الى الجنوب …

رأينا:

1. يحرص نميرى على حماية واحد من اهم إنجازاته، وهي انهاء الحرب في الجنوب. لهذا، يبدو أحيانا وكأنه يعطف على الجنوب أكثر من باقى مناطق السودان.

2. يريد نميرى اسكات تصريحات من قادة جنوبيين بان هدف الشماليين هو “سابوتاج” (تخريب) الجنوب.

2. ربما لا يوجد “سابوتاج.” لكن، يقول جنوبيون لا يثقون في الشماليين ان الجنوبين يجب ان يعتمدوا اكثر على الدول المجاورة للجنوب، مثل: كينيا، ويوغندا …

——————————–

“الوطنية الجنوبية”:

” … نلاحظ وجود هدف “ستارتلنق” (مذهل) لحكومة الجنوب: هدف “وطنى”، يتمثل في الاكتفاء الذاتي، وخاصة عدم الاعتماد على الشماليين.

ولا يخفى الجنرال لاقو انه يريد ان يكون الحكم الذاتي للجنوب “مور اوتونوماص” (اكثر ذاتية)، داخل سودان موحد.

وليس سرا وجود “ريزنتمنت” (استياء) وسط الجنوبيين بسبب اعتمادهم، اضطرارا، على الشماليين …

في نفس الوقت، نقدر على ان نقول بان الجنوب يظل “لويال” (مواليا) لنميرى. ويظل شغوفا للدفاع عنه ضد اعدائه في الشمال. ذلك لان الجنوبيين يخافون، اذا سقط نميرى، سياتي شمالى لا يثقون فيه …

بل ان الجنوب يقبل ان يتحمل، مضطرا، أهدافا شمالية تاريخية وتقليدية في الجنوب. مثل: التعليم الالزامي للغة العربية. وذلك لان الجنوب لا يريد ان يحرج نميرى مع اخوانه المسلمين في الشمال …

في نفس الوقت، يريد الجنرال لاقو ومؤيدوه ان يكون الجنوب قويا، حتى يقدر على التفاوض قويا مع الحاكم السوداني في الشمال الذي سيخلف نميرى، متى سيكون، ومن سيكون. ويريد لاقو ومؤيدوه تأسيس جنوب موحد، وقوى اقتصاديا، و”شوفينستك” (تعصب وطنى متطرف)، ليتعامل مع الشمال على أسس متساوية …

وأكدت لنا مصادرنا الخاصة ان الجنرال لاقو فعل الأتي:

1. اتخذ إجراءات سرية ضد تجارة الشماليين في الجنوب.

2. ضم مقاتليه في حركة “انيانيا” الى الحكومة المدنية.

3. يريد تأسيس كادر “باتريوتز” (جنوبيين وطنيين متحمسين).
4. يوثق، في هدوء، علاقته مع كينيا ويوغندا، في نطاق السياسة السودانية الخارجية، ولكن، مع تحاشى البيروقراطيين الشماليين في الخرطوم.

5. يؤسس علاقات شخصية مباشرة مع قادة كينيا ويوغندا …

حسب مصادرنا، لا يريد الجنرال لاقو الانفصال، ولا يتوقعه. لكن، يريد ان يكون الانفصال خيارا ممكنا. وليكون “لاست ريزورت” (الحل الأخير) …

—————————

لاقو ضد الير:

” … يريد الجنرال لاقو تحقيق هذه الأهداف وعيناه على “عدوين”: حكومة الخرطوم، والمعارضة الجنوبية بقيادة ابيل الير.

توضح المعلومات التي جمعناها ظهور عداء علنى، وهو لم يكن سرا على أي حال، بين لاقو العسكرى المتحمس، والير المحامي الهادئ. ظهر العداء علنا بعد فوز لاقو في الانتخابات الأخيرة (الحرة تقريبا) في الجنوب.

لكن، عند كل جانب نقاط ضعف:

في جانب، ينافس لاقو وهو لا يقدر حتى على توحيد مؤيده.

في الجانب الآخر، لا يقدر الير على التخلص من اتهامات الفساد عندما كان حاكم الجنوب …

وفي كل الأحوال، يحدث الأتي:

1. يستمر الصراع الشخصى على الحكم.

2. يعاني كل جانب منافسات داخليةـ وانتماءات متنوعة، ومعقدة، ومتناقضة.

3. يبدو ان لاقو يراهن على تحالف في المستقبل مع كينيا ويوغندا. ويبدو ان الير يراهن على تحالف في المستقبل مع الشماليين …

—————————

اين يقف نميرى؟

” … وسط هذا الصراع بين الجنوبيين، تستمر حكومة نميرى في السير على سياسة ودية، لكن متوترة، معهم. بدون أي حب من أي جانب:

في جانب الجنوبيين: يعرفون انهم يعتمدون على الشماليين في امدادات الطعام، والطاقة، والمال. ويعرفون أهمية بقاء نميرى في الحكم.

لا باس اذا لم يتفقوا معه على كل شيء، لن يعود الى الحرب ضدهم. حتى اذا غضب غضبا شديدا عليهم.

ولا باس اذا تأخر الشماليون في ارسال الطعام والطاقة والرواتب، سيصبر الجنوبيين. لن يعضوا اليد التي تطعمهم …

لكن، كلما قل اعتماد الجنوبيين على الشماليين، كلما زادت ثقتهم في أنفسهم، وكلما اتسعت الشقة بين الجانبين …

————————–

راي الشماليين في الجنوبيين:

تقف وراء هذه التحليلات السياسية التي نقدمها هنا حقيقة هامة: راي كل جانب في الأخر:

في جانب الشماليين: لا يفهمون الجنوبيين ابدا، غير استثناءات قليلة. ويرى الشماليون الأتي:

1. هزموا عسكريا هذه القبائل غير المتحضرة. وعلى هذه القبائل ان تكون ممتنة للشماليين لان الشماليين يتحملونهم، وكانوا يقدرون على رفض تحملهم …

2. يساعد الشماليون الجنوبيين، ويبنون لهم مدارس ومستشفيات وطرق. وذلك على حساب بناء مدارس ومستشفيات وطرق في الشمال. لماذا ذلك والشمال لم يتمرد ضد الحكومة كما تمرد الجنوب؟

3. حتى الصفوة في الشمال، تتوقع ان يظل الجنوبيون عبئا على الشماليين. او، في احسن الحالات، يحاول الجنوبيون منافسة الشماليين، بدون ان يقدروا على ذلك.

4. بالنسبة للشماليين، يمكن ان يحدث اى شيء، وكل شيء، الا المساواة مع الجنوبيين…

———————————

راي الجنوبيين في الشماليين:

في الجانب الآخر، يرى الجنوبيون الأتى:

1. انتصروا على الشماليين، بدليل ان الشماليين قدموا تنازلات، ووافقوا على منح الجنوبيين الحكم الذاتي (اتفاقية سنة 1972).

2. يجب على الشماليين مساعدتهم في التنمية، وذلك لان الشماليين هم الذين دمروا الجنوب خلال حرب استمرت عشرات السنين، وفي ارض الجنوب، لا في ارض الشمال.

3. يثق الجنوبيين في أنفسهم، ويعتقدون انهم يقدرون على منافسة الشمال، بل التفوق عليه، في مجال التطور والتنمية. وذلك بسبب الثروات الطبيعية في الجنوب، وخاصة البترول الذي تستكشفه شركة “شيفرون.”

لكن، يخشى الجنوبيون ان يظلمهم الشماليون عندما يبدأ انتاج البترول …

نقول، مرة أخرى: ليست هذه مشكلة سياسية او اقتصادية. هذه مشكلة اختلاف ثقافات. وهى، بالتأكيد، تسبب عدم الثقة بين الجانبين. وتعرقل حتى التواصل بينهما …

لكن، ربما لأ بأس من عدم التواصل. لان الجنوبيين، في نهاية المطاف، يريدون وطنية جنوبية (الجنوب دولة، او شبه دولة، او يجب ان يكون دولة) …

سياستنا نحن الاميركيين نحو الجنوب كالأتى:

في المستقبل القريب، يجب الا نقلق. لا يهدد الجنوبيون نظام نميرى. بل ربما يفيدونه (ضد معارضيه).

لكن، في المستقبل البعيد، واذا شهد السودان عاصفة سياسية كبيرة، لن نقدر على التنبؤ بما سيحدث.

في نفس الوقت، نقترح زيادة مساعداتنا للجنوب، وان تكون مباشرة. وسيرحب نميرى بذلك …”

——————————-

مقابلة جوزيف لاقو:

1-2-1979

” … قابلنا، امس، الجنرال جوزيف لاقو، رئيس المجلس التنفيذي العالى للإقليم الجنوبي. جاء الى الخرطوم للاشتراك في اجتماعات مجلس الدفاع الوطنى العالي …

عبر لاقو عن سعادته لأننا سنشترك في تمويل طريق في جنوب السودان، يريط جوبا وتوريت ولودوار، في كينيا. وقال انه زار بريطانيا مؤخرا، وحث البريطانيين على الاشتراك في تمويل الطريق، لانه يرى أهمية الاتصالات بين جنوب السودان وكينيا …

ونحن قلنا له ان جنوب السودان يمكن ان يحصل على مساعدات إنسانية أميركية. وان فرق السلام الأميركية (“بيس كوربز”) يمكن ان تعمل في جنوب السودان. وكنا ناقشنا الموضوع مع نميرى. ونميرى رحب. لكن، لم يصلنا منه ما يجعلنا نتابع الموضوع …

وقال لنا لاقو انه سعيد بمساعداتنا، وانه يرحب بفرق السلام …

واشتكى، بدون ان يسمى أسماء، من عراقيل يضعها الشماليون المسئولون في الحكومة امام ارسال مزيد من المساعدات، وتقديم مزيد من الخدمات، في الجنوب.

وقال انه يفهم لماذا يتردد الشماليون في قبول فرق السلام الأميركية. وأشار الى سببين:

أولا: لا يثق الشماليون في الغربيين (المسيحيين) كثيرا.

ثانيا: يتردد الشماليون في الفخر بأنفسهم، وبثقافتهم، وهذه مشكلة حضارية يواجهونها …

لكن الجنوبيين، كما قال لاقو، اكثر ثقة بأنفسهم، وبثقافتهم. ولهذا، ينفتحون أكثر على الدول الغربية….

رأينا:

1.كان لاقو سعيدا بمقابلتنا، وبمساعداتنا له.

2. اشتكى من الشماليين بدون ان يسمى أسماء.

3. يخاف من ان تردد الشماليين نحو توثيق علاقتهم (الحضارية) معنا، ومع الدول الغربية، سيعرقل انفتاح الجنوب علينا، وعلى الدول الغربية …”

—————————–

تعديل وزارى:

12-3-1979

” … مضت سنة تقريبا منذ الانتخابات في جنوب السودان، والتي كانت واحدة من اكثر الانتخابات نزاهة هناك، رغم انها جرت في ظل نظام نميرى العسكرى. فاز انصار الجنرال جوزيف لاقو، وهزموا انصار ابيل الير، نائب نميرى وحاكم الجنوب حتى ذلك الوقت.

لكن، بسبب قوة الانقسامات القبلية، سببت هزيمة الير توترات، ومشاكل، واشتباكات …

يوم 24-2، اعلن نميرى إعادة تشكيل وزارة الجنوب، وقسم المناصب الوزارية مناصفة بين انصار لاقو، وانصار الير …

كان الصراع بين قبائل. وكان أيضا بين العسكريين والمدنيين. بين متمردي قوات “انيانيا” التي حاربت حكومة نميرى بقيادة لاقو (حتى اتفاقية السلام)، وبين المدنيين بقيادة الير …

في المرة الأولى، اشتكى الجنرال لاقو لنميرى من فساد حكومة الير. وفاز.

هذه المرة، اشتكى الير لنميرى من عدم ولاء لاقو لنميرى، ومن نوايا لاقو الانفصالية، ومن عدم كفاءة أنصار لاقو (مقاتلو “انيانيا” السابقين).

لم يقسم نميرى الوزارة مناصفة فقط، بل فضل انصار الير، واعطاهم وزارات رئيسية. مثل وزارات: المالية، الداخلية، الشئون القضائية …

وعزل نميرى نائب لاقو، صمويل ارو، بعد اخبار بان ارو خطط لانقلاب ضد لاقو. وبان ارو يريد فصل الجنوب. وعزل، أيضا، كلمنت امبورو، وجوزيف ادوهو. وكلهم من السياسيين المخضرمين في الجنوب …

توضح تصرفات نميرى شيئين:

1. لايفهم الشماليون الجنوبيين.

2. لا يفهم العسكريون (نميرى) الديمقراطية (في الجنوب).

رغم ذلك، نصح لاقو أنصاره بقبول قرارات نميرى. وقال لهم ان استقرار نظام نميرى في الشمال في مصلحة الجنوب (خوفا من ان تاتي حكومة جديدة في الشمال تغير الوضع، وربما تعود الى الحرب).

وقال لنا مسئول جنوبي ان لاقو قدم اعذارا لنميرى امام اخوانه الجنوبيين. وقال لهم ان ما فعل كان “اول غلطة” يرتكبها نميرى في الجنوب. وان “الشماليين وبقية العرب” لا يفهمون الديمقراطية. وان نميرى، لهذا، خرق مبدا عدم عزل شخص فاز في انتخابات حرة …

رأينا:

1. نعرف العلاقة القوية بين نميرى والير. لكننا نرى ان الير استغل هذه العلاقة لمصلحته. لقد سقط في الانتخابات، وكان يجب عليه احترام ذلك، والبقاء في المعارضة، ليحاول الفوز مرة أخرى.

2. يتحمل نميرى مسئولية اكبر بحكم انه رئيس السودان. لقد مال ميلا كبيرا نحو الير الذي سقط في الانتخابات. بل احتفظ بالير نائبا له، وكان يجب ان يعين لاقو، حاكم الجنوب الجديد، نائبا له.

3. عندما قابلنا لاقو في بداية السنة، لم يقل لنا انه يريد انفصال الجنوب. لكنه تحدث كثيرا ضد الشماليين. وها هو الير يتهمه بانه يريد فصل الجنوب.

4. أخيرا، ها هم الشماليون، مرة أخرى، يفرضون حلا على الجنوبيين. لكن، ربما سيكون هذا الحل اسوا من المشكلة …”

=======================

الحلقة القادمة: نميرى يزور أمريكا، مرة اخرى

========================

[email][email protected][/email]

MohammadAliSalih.com

Mohammad Ali Salih, Facebook

MellowMuslim@Twitter

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..