الإنقاذ ومحكمة مجلس حقوق الناس

الرأى اليوم
الإنقاذ ومحكمة مجلس حقوق الناس
🔹عندما إستبدت الحكومات بشعوبها، مستغلة قدرات الدولة ، من أجل البقاء فى الحكم ، وإسكات كل أصوات النقد ووسائط نقل الحقيقة الحرة ، لتأسيس حكم قاهر عضود ، يقوم على إستحواذ ثروات الشعوب ، من خلال تسخير أجهزة أمن باطشة ، و إعلام طبال ، وسياسيين بلا وازع من أخلاق أو ضمير سوى إستدامة السلطة ، لحاكم فرد ، وخيال حزب صمد ، فيصبح الحاكم هو الدولة وخيال الحزب هو الشعب ، وما عداهم الخونة والمارقين ، من هنا يبدأ التسلط ، وتدور آلة القهر من سجن وتعذيب ومصادرة ونهب للثروات
🔹لكل هذة الحقائق تأسست وتخلقت فى إطار تطور الفكر الإنسانى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ، ومنحتها عصبة الأمم ومن بعدها الأمم المتحدة حق القوة الجبرية ، لمواجهة الحكومات الفاجرة فى حق شعوبها تطورت آليات الضبطية الدولية حتى وصلت مجلس حقوق الإنسان بجنيف
🔹الإنقاذ نموذج للحكومات المستبدة التى تأسست على القهر والمغالبة، فمنذ فجرها الأول بدأت بمصادرة الحريات ، وحل الأحزاب ، وتأميم الصحافة وتفننت فى أساليب العنف السياسي، والتعذيب للمعارضين ، فقد كنا أول جنود المقاومة الوطنية لهذا السلوك المشين ، تقدمنا أساتذتنا الأجلاء دكتور أمين مكى مدنى وفاروق أبوعيسي ، المرحوم عبدالوهاب سنادة ، والدكتورة حمودة فتح الرحمن ودكتور محجوب التجانى ، و آبدون أقاو والدكتور صدقى كبلو و آخرين لتاسيس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان بالمنفى فقد لعبت دور المصده الرئيسية لهجمة النظام الغاشمة ،على كل حقوق الناس لحد التصفية الجسدية للمعارضين ، وهنا يجب أن أذكر للتاريخ دور رجل الأعمال الوطنى المرحوم الفاتح سلمان، الذى مول و أسس أول مجلة متخصصة فى مجال حقوق الإنسان السودانى بلندن ، وكانت ترأس تحريرها الصحفية الناشطة الإنجليزية إيما شارب.
🔹لقد لعبت المنظمة السودانية لحقوق الإنسان ، ومجلة سودان مونتر دوراً رئيسياً فى فضح ممارسات نظام الإنقاذ و إنتهاكاته غير المسبوقة لحقوق الإنسان الأساسية ، وبمعاونة الشبكات الإقليمية ممثلة فى المنظمة العربية لحقوق الإنسان وللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ، ومنظمات عالمية مثل العفو الدولية ، وهيومان رايت وتش وغيرها من المنظمات بفضل هذا المجهود، تم وضع نظام الإنقاذ فى الكرنتينة الدولية لحقوق الإنسان فى العام 1993تحت البند الرابع ، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت قضية إنتهاك حقوق الإنسان السودانى ، حاضرة فى أجندة المجتمع الدولى إلى يوم أمس ، للرصد والمتابعة والتحليل وعقوبات من خلال خيبر خاص تعينة الأمم المتحدة سنوياً ، كمجلس الوصاية الدولى ،على الحكومات غير المؤتمنة على إحترام حقوق مواطنيها
🔹جلست الأمس بدأت بتقرير الخبير المستقل عن حالة حقوق الأنسان فى السودان ، فقد رصد الخبير أرستيد ننوسى بعض الجوانب التى إعتبرها تحسن منها فصل وزارة العدل عن لأمانة العامة ووقف إطلاق النار فى جبهات الحرب الأهلية و العفو عن أسري الحرب ، ولكنة أكد أن الحريات العامة المدنية والسياسية ،ما زالت فى خطر كبير، حيث لم يتوقف الإعتقال التعسفى ، ومصادرة الصحف والتضييق على منظمات المجتمع المدنى ومواجهة الطلاب و إستخدام القوة الزائدة ، كما تناول الإنتهاكات فى حزام الحروب من إغتصاب و إنفلات أمنى من مليشيات النظام (خاصة الدعم السريع) ومليشيات أخرى، ومعاناة المواطنين فى الاراضى المحررة ومناطق العمليات من نقص الغذاء والدواء ، و أن المجهودات المبذولة دون المستوى المطلوب لحل هذا الإشكال الإنسانى الحساس والهام .
فقد ذكر المقرر الخاص أن إصلاح أوضاع حقوق الإنسان فى السودان يحتاج إلى إصلاح البيئة الدستورية ، والقانونية، فى إتجاة يتواكب مع قوانين حقوق الإنسان ، كما طالب بتغيير قانون جهاز الأمن الوطنى لكى لايعتقل النشطاء أو يمارس التعذيب عليهم وطالب المقرر أن يكون جهاز محترف لجمع المعلومات وتحليلها فقط ، كما طالب المقرر الخاص بإلغاء قانون النظام العام ، وحل المليشيات التابعة للحكومة تحت كل المسميات .
🔹علق بالتأمين على ما ورد فى تقرير الخبير الدولى ، كل من ممثل الإتحاد الأوربى وحكومات كل من ألمانيا وبريطانيا وسلوفينيا والولايات المتحدة الأمريكية ، مؤكدين على تدهور أوضاع حقو الإنسان فى السودان ، مع الإشارة لبعض الإيجابيات التى وردت فى تقرير الخبير وأعتبرتها هذه الحكومات غير كافية ، و أكدت على ضرورة تنفيذ كل ما ورد فى تقرير الخبير المستقل الذى جاء فى أكثر من تسعين صفحة ، متناولاً كل الإنتهاكات بشكل منهجى صحيح وشامل وفيه إحترافية ومهنية واضحة.
🔹حج إلى جنيف وفد سودانى ضخم ، يتقدمه وزير العدل ووزير الدولة وعدد من ضباط جهاز الأمن الوطنى ومنظمات مجتمع مدنى تابعة للحكومة حقوا نطلق عليهم لقب حكومة الفنادق ، فقد أقسم الجميع أن أوضاع حقوق الإنسان فى السودان عسل على لبن ، لكن المجتمع الدولى ينظر لهم بعين السخط فقط ، فقد تناولوا الحوار الوطنى كمنجز لحل الأزمة السياسية، ووقف إطلاق النار كحل لقضية الحرب الأهلية، و أن السودان مستعد للتعاون مع الأسرة الدولية لتحسين أوضاع حقوق الأنسان و أن وضعه تحت نظام الرقابة الدولية مجحف وغير عادل ، و أن الأسرة الدولية لاتقدم المساعدات الكافية، فى ظل ظروف الحصار الدولى ، وتدفق اللاجئين على البلاد، والملاحظ أن وزير العدل غادر القاعة بمجرد إلقاء خطابه، دون الجلوس للإستماع لكلمات الحكومات وتعليقاتهم ، مما يعتبر تصرف غير لائق من ناحية دبلوماسية
🔹تحدثت عدد من المنظمات الدولية ، معقبة على تقرير الخبير الدولى المستقل منها منظمة هيومان رايت وتش ، فقد كان خطابها شاملاً كل الأنتهاكات فى البلاد لم يتركوا شاردة إلا أحصوها ، وطالبوا بأن يعاد النظام للمراقبة الدولية تحت البند الرابع، نسبة للتدهور المريع لحقوق الإنسان فيه ، كذلك تناولت كلمة المركز الأفريقى للعدالة ودراسات السلام معدداً للإنتهاكات فى السودان ، خاصة ضد منظمات المجتمع المدنى والنشطاء وتناول بالتفصيل قضية مركز تراكس ودكتور مضوى ، لكن أخطر الكلمات جاءت من منظمة التضامن المسيحى العالمية ، وهى منظمة ذات تأثير كبير فى الدول الغربية فقد إتهمت الحكومة السودانية بالتحيز الدينى والتضييق على المسيحيين وهدم دور عبادتهم ومحاكمة الرهبان و أزعاج رواد دور العبادة بقانون النظام العام.
🔹شاركت فى الجلسة عدد من الدول العربية، منها مصر والبحرين والإمارات وتونس ، تحدثت نيابة عنهم مصر ، والدول الأفريقية شارك جنوب السودان ويوغندا وأريتريا والصومال ،تحدثت نيابة عن افريقيا دولة تونس ، الدول العربية و الأفريقية خطاباتهم جاءت على نسق خطابات الجامعة العربية والإتحاد الأفريقى حيث هى أندية للحكام للإشادة بحكمتهم ووعيهم و وإسعاد شعوبهم التى تضحك مماتسمع.
🔹الختامة إنتهت الجلسة بإغلاق باب الكرنتينة الدولية على نظام الإنقاذ، لمدة خمسة وعشرون عام متتالية ، تحت الرقابة الدولية الخاصة تحت البند الرابع إلى 2005 ومن ثم البند العاشر إلى الآن ، على أن يرفع المقرر الخاص ثلاثة تقارير للعام القادم .
صلاح جلال