ما هي أدواء الدولة السودانية..؟!

بعث اليَّ اللواء ركن (م) محمد علي الريفي، رسالة تضمَّنت سؤالاً مباشراً عن أسباب وجذور الأزمة السودانية، وذلك في سياق البحث عن الإجابة للسؤال التاريخي الباحث عن مسببات الأدواء التي ظلت تعاني منها الدولة السودانية، منذ أن تحرَّرت من رَبِقة الاستعمار.. وحتى يوم الناس هذا. أو لنقل منذ أن خرج المستعمر الأجنبي، وحلَّ محله المُسْتَدْمِر السوداني، الذي تجسَّد في قرارات كثيرٍ من الحكومات السودانية التي تعاقبت على حكم البلاد.

ويبدو أن اللواء ركن (م) محمد علي الريفي، ميَّال للنظر من زواية فيها الكثير من الوضوح والصراحة. لذلك مضى ينقِّب في اتجاهات لم يطرقها كثيرون. فالرجل دفع بسؤال يبدو وجيهاً عند كثيرين، بل إن هناك من يرى أنه المدخل لحل الأزمة السودانية في كثير من جوانبها.

عن نفسي؛ فأنا اتفق معه كليَّة، ذلك أنني على قناعة تامة، ويقين راسخ، أن مشكلة البلاد الأساسية تكمُن في استشراء الفساد المالي والإداري، وفي غياب الضمير الوطني، وفي ظهور ثقافة الاسترضاء التي تنتهجها الحكومة في شراء ودِ كثيرٍ من المُكونات المناطقية والقبلية والعسكرية والديمغرافية، حتى لو كان ذلك على حساب ثوابت الوطن.

إليكم رسالة اللواء ركن (م) محمد علي الريفي، والتي أضعها بين يديكم وبين أيدي المختصين، للاجابة عن السؤال الذي طرحه الرجل في الهواء الطلق، بحثاً عن التشخيص السليم للأزمة السودانية، بما يقود لكتابة وصفة طبيَّة حاذقة تضع حداً لِجرحات السودان التي تطاولت جداً..

أخي يوسف

لك التحايا

يدور في ذهني سؤال ليس مطلوباً منك الاجابة عنه.. ولكن التحليل وإبداء الرأي.. والسؤال هو:

هل تخلَّقت المشكلة السودانية في رحم المشكلة المصرية؟

بحثت عن إجابة ولم أجدها. ولكني وجدت أن البحث في المشكلة المصرية يؤدي للإجابة عن المشكلة السودانية. وخير من تحدَّث عن المشكلة المصرية الدكتور مصطفى محمود، في مقال له نشر في ستينيات القرن الماضي، وأُعيد في منتصف الثمانينسات، جاء فيه:

لو سُئلت ما المشكلة المصرية التي لها الأولوية المطلقة الآن.. لقلت ودون تردد: الفساد، والسرقة، والغِش، وخراب الذمم، والكسل، والسلبية، والأيدي الممدودة. التي تريد أن تأخذ ولا تعطي، والأصوات التي تطالب بالحق دون أن تنادي بالواجب.. والنهم، والجشع، وتعجُّل الربح ،وضياع القيم، وعدم الانتماء.

المواعظ لم تعد تجدي، لأنها تخرج من أفواه لا تعمل بها، الكل يهدي ولا مهتدٍ. لو سُئلت ما السبب؟ لقلت: سقوط الهيبة، وانعدام القدرة، وتراخي قبضة الحكم في محاولة لارضاء الكل. والحاكم الأمثل لا مفر من أن يُغضب البعض، ويصدم البعض، ويواجه البعض بما لا يرضى.

لقد وقفت (تاتشر) أمام إضراب عمَّال المناجم، ولم تُهادن ولم تَلِن. وطرحت القطاع العام للبيع رغم الاحتجاج، والهتاف، وأصوات الاستنكار. وأنقذت اقتصاد بلادها، وعالجت التضخم، وأعلنت أنها عائدة لتستأصل الاشتراكية من انجلترا، وحملتها أصوات الأغلبية الى الكرسي من جديد، تقديراً لشجاعتها. فالاصلاح أحياناً يحتاج الى جراحة والى إسالة بعض الدم لانقاذ المريض من موت محقق، والطبيب لا يكون طبيباً إذا افتقد هذا الحد الأدنى من الجرأة، ليخرج ويعتمد عند اللزوم.

ولك أخي يوسف أن تُحلِّل وتبدي رأيك.. مع شكري،،

لواء ركن (م) محمد على الريفي ــ البسابير ريفي شندي
الصيحة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..