من الذي تغيَّر؟ ..!

لم ينشغل السودانيون مؤخرًا بشيء، أو يتفاعلوا معه بصورة واسعة، بمثلما انشغلوا وتفاعلوا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي أنهى فيه حظر دخول السودانيين إلى أمريكا. بل إن اهتمام الناس بذاك الخبر، فاق اهتمامهم بكل الأحداث التي تزامنت معه؛ لدرجة أنه ذاع بين الناس ذيوعاً عظيماً، وحاز اهتماماً كبيراً، بل كان مثار استفهام الكثيرين، حتى إنه أوجد تساؤلات مهمة حول ما إذا كان ذلك القرار مقدمة لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان كلياً؛ أم لا؟
ولعل ذلك كفيل بأن يجعلنا نعاين الفرحة التي عمّت قطاعات واسعة من السودانيين، بعدما أشيع أن أمريكا رفعت اسم السودان من قائمة الدول التي يحظر دخول مواطنيها إلى أمريكا، ففي تلك الفرحة توضيح لحجم الأذى الذي كان واقعاً على الناس، جراء سياسة الحكومة المضطربة والمتحوِّلة..!
ولأن المقام مقام وطنية، ولأن المشاعر الآن تبدو منصبّة كلها ناحية الوطن، لذلك سوف “انخمد” وأكتم مشاعري التي تمتزج فيها الحيرة بالاستغراب بالغيظ بالشماتة، ولن أسأل عن الدواعي والأسباب التي تجعل السودان يتموضع في مثل تلك القوائم المُذِّلة طوال السنوات الماضية..!
ولكي لا تأخذ من البعض الحماسة كُلَّ مأخذ، ويتهمنا البعض بما ليس فينا، فإننا نقول إن لسان الحكومة وموقفها يشيران إلى أن وجود اسم السودان في تلك القوائم مُذِّل، وأنه لا يجلب الزهو، وإلا لخرجت حكومة الحركة الإسلامية إلى الناس، وقالت إنها ترفض الخروج من أي قائمة وضعتها فيها أميركا، لأن وجود السودان فيها دليل عزة وكرامة..!
دعونا من ذلك، لأننا لن نسأل عنه، كما أننا لن نسأل عن الأسباب التي جعلت السودان يتفسّخ – الآن – من حوصلة رُعاة الإرهاب.. ولكننا سوف نسأل سؤالاً واحداً: ما الذي تغيَّر؟ هل تغيَّرت أمريكا أم المؤتمر الوطني حتى يُرفع السودان من قائمة الدول التي فرض الرئيس ترمب قيوداً على دخول مواطنيها إلى بلاد اليانكي..!؟
أقول ذلك وفي بالي شيئان، أولهما التصريح الموصول لأحد قادة الحزب الحاكم حينما قال: “لو شفتو أمريكا رضيت مننا.. أعرفوا إنو نحن ما ماشين عديل”..! وثانيهما أن راعي الضأن في الخلا يعرف أن أمريكا لم تبدِّل في مواقفها ولو مقدار أنملة.
حسناً، فإذا ثبت أن الذي تغيَّر هو المؤتمر الوطني، وهو أمر راجح جداً، فساعتها يتوجّب علينا ? جميعاً ? أن نقول له “نان قوة الرأس من زمان لزوما شنو..!؟”
كما يتوجب علينا أن نعيد سؤلنا القديم مجدداً: “هل ستقوم الإنقاذ – من باب المعاملة بالمثل – برفع اسم أمريكا من قائمة الدول التي دنا عذابها..!؟”
الصيحة