بلند الحيدري

٭ الشاعر العراقي بلند الحيدري كان ثائراً ومتمرداً رحل قبل واحد وعشرين عاماً في بداية الأسبوع الأول من أغسطس عام 1996م فاتني أن أقف عند الذكرى في تاريخها.. ذلك لأن المفكرة التي احتفظ فيها بتواريخ الأحداث المهمة في أغسطس لم أتمكن من تصفحها والسبب تزاحم الأحداث ومتابعة المبادرات والتصريحات والملفات التي ملكها دكتور ترابي لكمال عمر وأخذ يلوح بها وموجات الغلاء المتصاعدة في الحياة.. ولكني تذكرتها.. تذكرت المفكرة ورجعت إليها وكم آلمني أن تفوت علي فرصة الوقفة مع ذكرى القنبلة الذرية في هيروشيما وناجزاكي.. وذكرى رحيل الشاعر صلاح عبد الصبور وذكرى رحيل الشاعر بلند الحيدري.
٭ لم أجد كلمات كثيرة أقولها في الذكرى الحادية والعشرين لرحيل رقم مهم وأساسي وكبير في دنيا الابداع الشعري في خارطة العطاء المتجرد.. ذلك لأن الكلمات مهما كثرت لا تتجاوز حقيقة ان المبدع لا يموت ولذا توارت مني الكلمات ولم تلب دعوتي إلا كلماته هو. كلماته التي كتبها قبل أن يدخل المستشفى في مرضه الأخير قال فيها:
(كان المنفى قائماً في داخلي منذ أن وعيت نفسي كائناً شعرياً وكائناً سياسياً في آن واحد والغربة بهذا المعنى كانت في داخلي غربتي عن عائلتي البرجوازية المتشبثة بالحكم البائد مما دفعني يومذاك للهرب من داري في قصر العائلة لأتشرد في شوارع بغداد وأنام على أرصفتها بصحبة الشاعر حسين مروان، ولكي أجسد ثورتي الحقيقية على عائلتي البرجوازية فقد وضعت كرسياً ومنضدة مهترئة لأغدو كاتباً للعرائض «عرضحالجي» أمام بواية وزارة «العدلية» التي كان خالي داؤود باشا الحيدري يشغل منصب الوزير فيها.
٭ وهذا التمرد على العائلة كان صدى لتمردي على الشكل العشائري الموروث.. ربما بدأ المنفى في حياتي يوم عشت غربة حقيقية في داري حيث توزع حسب والدي ما بين حب أمي لأخي الكبير وحب أبي لأختي الصغرى وهذا ما أشعرني بالكثير من الاغتراب في حيز العائلة وهو ما دفع بي إلى الهرب من البيت.
٭ إذن فالمنفى كان في نفسي منذ البدء وكبر هذا المنفى بمعان مختلفة عندما وقفت وأقف سياسياً ضد النظام السائد في العراق).
٭ هذه الكلمات التي كتبها بلند ليضعها مع دواوينه الشعرية التي أخذ يصدرها منذ عام 6491م. خفقة الطين.. أغاني المدينة الميتة.. جئتم مع الفجر.. خطوات من الغربة.. رحلة الحروف.. أغاني الحارس المتعب.. حوار عبر الأبعاد الثلاثة.. إلى بيروت مع تحياتي.. دروب في المنفى وهذا الديوان أصدره قبل رحيله بأيام.. رحم الله بلند الحيدري.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..