الاتصالات وشركاتها.. والهمبتة الإليكترونية

بسم الله الرحمن الرحيم
الاتصالات وشركاتها.. والهمبتة الإليكترونية
اتصال هاتفي ، أعاد إلى ذهني حواراً قصيراً دار بيني وبين أخصائي جراحة شاب مغادر إلى السعودية. فقد سألته عن سبب اغترابه وهو قد تخصص شاباً وتزوج من زميلة وله عيادة. فماله ومال الاغتراب ؟ اجابني المستر محمد حسين يومها، أريد أن يكون لي وقتي الخاص بعد دوام معروف. فأنا هنا ، تحت طائلة الاستدعاء لأربع وعشرين ساعة!! مع مجتمع يظن أن الأخصائي ينبغي أن يقابل أي حالة ترد إلى المستشفى على قلة أعدادنا. من اتصل بي وأعاد إلي هذا الحوار لغرض خاص، كان صديقي العزيز وجاري الدكتور ضو النور ، استشاري الباطنية بمستشفى حلفا. وهو من الذين تحملوا ما لم يتحمله الأخصائي الشاب.وبحكم طبيعة العمل هذه ، فإن الهاتف الجوال ، أساسي بالنسبة لعمله في المستشفى.فهو كغيره من الأخصائيين ،يتابع مرضاه بعد المرور اليومي عبر نوابه.أو عبر اتصال وتساؤل ذوي الذين قرر حجزهم بالمستشفى. علاوة على الحالات الطارئة التي يرى النواب عرضها عليه على مدار ساعات اليوم. وكم شهدت اتصالات عديدة وهو يحلل الصيام.تخيل شخصاً في زحام المسئولية هذه يريد الاتصال . وطبيعة الاتصال قد لا تتحمل التأخير. فبم تقابله شركات الاتصالات ؟ إن لم تكن قد سجلت بياناتك ، فبادر بالتسجيل!! وتقترح عليه عدداً من الخيارات ، وتستهلك من وقته وتضعه على الخط ، حتى تكتمل الحدوتة! وقس على ذلك ذوي مسئوليات في كل المجالات . ورجال اعمال وحتى مواطناً عادياً يريد متابعة حاجياته. أما شركات الاتصالات، فتتفنن في عرض خدماتها وباقاتها ومزاياها وأنت في انتظار فتح الخط.فأي سخف وتلاعب بوقت وأموال الناس هذا ؟
والأنكى أن وزارة الاتصالات وشركاتها ، تعتبرك مداناً بعدم تسجيل البيانات حتى تثبت براءتك !! ألم تجد في كل استخدامات الحواسيب ما يخصص هذه الرسالة إلى الأرقام غير المسجلة ؟ ويزداد الأمر سوءاً إن كانت الرسائل على حساب مالك. وهو كذلك خاصة إن كان وقتك للعمل .كان محدثي منفعلاً على غير عادته وهدوئه وطول باله. أسمى ذلك بالهمبتة الإليكترونية على زمنك ومالك. ضحكت وقلت له مهوناً الأمر ، يا عزيزي أنت في زمن يظهر المسئول فيه على أجهزة الاعلام والناس تنتظر معلومة محددة قصيرة ، فيقرأ عشر آيات من القرآن وسبعة أحاديث، ثم يصلي على النبي (ص) وعلى آله وأصحابة وتابعيهم إلى يوم الدين ، ظاناً أن هذا هو جوهر الدين !! ولا يعتبر الحفاظ على وقت الناس وزمنهم جزءاً منه. أما الهمبتة والجباية، فأنت أدرى انها لا تتوقف عند الاتصالات.فإن زرعت ، سيقف أمام كل سنبلة جباة من كل شاكلة ولون. وإن تاجرت، فأنت فريسة ثمينة لعدد مهول منهم . وأقلها رسوم الزيارة! وتذكرت عندها قول بيرم التونسي في قصيدته (المجلس البلدي)التي يقول في أبيات منها حسب ما تحضرني في ذاكرتي:
أخشى الزواج إذا يوم الزفاف أتى *** أن ينبري لعروسي المجلس البلدي
وربما وهب الرحمن لي ولداً *** في بطنها يدعيه المجلس البلدي
أشري الرغيف فنصف الخبز آكله*** والنصف أتركه للمجلس البلدي
كأن أمي بل الله تربتها **** أوصت وقالت أخوك المجلس البلدي!!
[email][email protected][/email]
والله شركات الاتصال تحتاج الى جهة رقابية قضائية مستقلة لتقوم بمحاسبتها ومتابعتها واسترداد حقوق المشتركين