مقالات سياسية

حول الذكرى 59 لتأسيس مؤتمر البجا

حول الذكرى 59 لتأسيس مؤتمر البجا

تأسس مؤتمر البجا فى اكتوبر 1958 بمبادرة من دكتور طه بلية واخرين وهو من الاحزاب الاولى فى السودان التى دعت الى الفيدرالية وجاء ذلك فى بيانه التأسيسى والذى حضره الاستاذ عبد الله خليل رئيس الوزراء حينها والى قضايا كثيرة عن البجا والشرق لاتزال قائمة حتى الان .
يقول المناضل محمد سعيد ناود : (قد نبعت فكرة تكوين تنظيم للبجا من الإحساس العميق بالحرمان الذي يعيشه الإنسان البجاوي ، ومعاناته من الثالوث المقيت وهو الجهل والفقر والمرض . في نهاية الأربعينيات وأوائل خمسينيات القرن العشرين وقبل إعلان استقلال السودان ، كانت المجاعة تكتسح ارض البجة ومصر كانت الدولة الوحيدة التي قامت بتقديم مواد الإغاثة وكانت تتكون من الأرز والسكر والعدس والقمح بالإضافة للملابس والبطاطين
وان جيلنا الذي ساهم في تأسيس وإقامة مؤتمر البجة كان يشعر بان للبجة قضية تتمثل في الحرمان من التعليم بالإضافة للحرمان من الصحة ومن العمل . وفرص العمل التي كانت مقامة آنذاك بمدينة بور تسودان لأبناء البجة لم تكن تتجاوز مجال الشحن والتفريغ في الميناء وكذلك البحرية . ورغم أن مدينة بور تسودان كانت بها حركة عمل نشطة إلا أن البجاوي لم تكن لديه المؤهلات المطلوبة لأنه محروم من التعليم ، كما إن الأمراض الفتاكة كانت تحصد الأرواح بأعداد هائلة دون أن تجد المقاومة المطلوبة من الهيئات الصحية ـ
يواصل المناضل محمد سعيد ناود قائلا : (وكان المرحوم الدكتور طه عثمان بلية وهو أول بجاوي يتخرج من كلية الطب ويفتتح عيادة خاصة بمدينة بورتسودان ، في مقدمة من بدأ المناقشات والاتصالات بالمتعلمين من أبناء البجة وتبلورت بذلك فكرة عقد مؤتمر للبجة لعرض قضيتهم وبلورتها ومن اجل تحسين أوضاعهم . واذكر إن المرحوم الأستاذ محمد دين إسماعيل البجاوي وهو من المتعلمين والذي كان سباقا في إقامة وافتتاح ( مدارس التنوير ) للارتقاء بمستوى أبناء البجة بإيجاد مدارس تتولى استيعابهم ، فقد أصدر كتيبا آنذاك بعنوان ( اللاي كليب ) بمعنى ( مقبرة الأحياء ) تطرق فيه لأوضاع البجة عموما والعمال منهم في مناجم الذهب وما يتعرضون له من استغلال على وجه الخصوص ـ .
وبدأت المشاورات مع نظار القبائل والمتعلمين والشخصيات الاعتبارية ورجال الدين ، حيث وجدت الفكرة كل ترحيب . وعندما تم تحديد المكان والزمان لعقد مؤتمر البجة ، وأخطرت القبائل بهذا الموعد وبالمكان .. ومن ثم وجهت الدعوة للحكومة المركزية . كما أن السلطات المحلية أخطرت بالأمر مع دعوتها للحضور بالقطارات واللواري من كل مدن وبوادي مديرية كسلا ودون أن يتخلف احد من شملتهم الدعوة ـ .
وبما أن كل قبائل البجة التي حضرت المؤتمر كانت ممثلة بنظارها وعمدها ومشائخها ورجال الدين والأعيان والشخصيات الاعتبارية والمتعلمين فلذا كان الحضور ضخما ـ
وانعقد المؤتمر في الهواء الطلق في المنطقة الواقعة شمال ديم العرب ، والذي عقد جلساته بمدينة بور تسودان في الفترة من 11ـ 13 أكتوبر 1958م . وابرز الحاضرين للمؤتمر كان رئيس مجلس الوزراء السوداني الأمير الاي عبد الله بك خليل ، والسيد / علي عبد الرحمن وزير داخلية السودان ، وكلاهما جاءا من الخرطوم خصيصا لحضور هذا المؤتمر .. كما أن كبار المسئولين الحكوميين من مديرية كسلا ومن مدينة بور تسودان كانوا ضمن الحاضرين كما حضر ممثلون كل الأحزاب السياسية والإعلاميون من مراسلي الصحف .
افتتح المؤتمر سكرتير مؤتمر البجة الدكتور طه عثمان بلية بكلمة ضافية شملت أهداف المؤتمر ومطالبه .
وألقى الدكتور محمد عثمان جرتلي قصيدة عصماء طويلة شملت أهداف المؤتمر ، ومطالب البجة ، ونضالا تهم عبر القرون من اجل تحرير السودان ووحدته . وبعدها تتالت الكلمات ، وكنت احد أولئك الذين القوا كلماتهم في المؤتمر وأمام رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية . وكان المؤتمر وقراراته والكلمات التي ألقيت فيه تحوي المطالبة برفع تظلمات الإنسان البجاوي ، ومطالبته بالإصلاحات في التعليم والعمل والصحة . وكان يعكس معاناة الإنسان البجاوي بكل صدق ، ويطالب بضرورة اعطائة الأولوية في فرص التعليم في كل الوظائف في إقليمه وفي الحكم المركزي .
وحسنا فعلت صحيفة ( الفجر ) السودانية في عددها 73 من السنة الثانية ، الصادر في 4/10/1980م
وتحت عنوان ( من ذاكرة الشعوب ) عندما سجلت مطالب البجة التي طرحت في ذلك المؤتمر في النقاط التالية :
1 : المطالبة بالحكم اللامركزى
2 : تصنيع المنطقة واستغلال معادنها
3 : توفير المستشفيات والدواء
4 : كل أنواع المهن مهما كان نوعها حق مكتسب للبجة ـ
5 : تنفيذ مشروع خشم القربة الزراعي والمياه لري الأراضي الزراعية
6 : نشر التعليم وعدم نقل أبناء البجة من المدرسين لضرورة اللغة وفهمهم للناس والمنطقة .
7 : إشراك نواب الشرق في الوزارة حق ثابت ينص عليه الدستور
8: إقامة مصنع نسيج بسواكن ومصنع زراير بدرديب
9 : تنفيذ هذه المطالب بأسرع فرصة ممكنة
كان البجة عبر مؤتمرهم هذا سباقون في رفع قضاياهم وتظلماتهم وذلك قبل غيرهم من مناطق ما يطلق عليهم اليوم بالمناطق ( المهمشة ) بل سبقوا غيرهم في السودان كله في مركزه وأطرافه بحكم اللامركزية الذي أصبح الجميع اليوم في الحكومة المركزية والأطراف يرفعونه لحل مشكلة الحكم في السودان قاطبة . والبجة لم يكن واردا لافي تفكيرهم أو في قاموسهم السياسي بالانفصال أو العنصرية ، بل كانوا يرفعون شعارات من اجل الحصول على حقوقهم المشروعة . وبالرغم من ذلك فان هناك من تجرأ ووصفهم بالحركة العنصرية بمقالة في صحيفة ( الرأي العام ) وذلك بعيد انفضاض المؤتمر مباشرة . وقد قمت شخصيا بالرد على ذلك الصوت بمقالة قوية وفي صحيفة ( الرأي العام ) وفي الحال بل كنت الوحيد من أبناء البجة الذي قام بالرد عليهم ، وبعد ذلك داهمنا الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق إبراهيم عبود . وقد نالت تلك المقالة استحسانا من كل أبناء البجة ومؤتمر البجة وسكرتاريته وسكرتيره العام . حتى أن الدكتور طه عثمان بلية ، وهو السكرتير العام لمؤتمر البجة كان الطبيب الخاص لشركة الايسترن التي كنت موظفا بها ، فقد كتب لي راحة لمدة أسبوع قائلا : انك لاشك قد أجهدت نفسك في كتابة هذه المقالة التي عبرت عن إحساسنا جميعا ، وبالتالي تحتاج إلى راحة أسبوع كامل .
إن أهم إنجاز حققه مؤتمر البجة انه قد سلط الأضواء على مشاكل وهموم البجة ومعاناتهم ومطالبهم ، وان تلك المطالب ربطت بين أبناء البجة قاطبة وكانت القاسم المشترك بينهم .. ورغم انتماء أبناء البجة إلى مختلف الأحزاب السودانية إلا أن مبادىء المؤتمر وقراراته ظلت هي التي تربط بينهم ولا تزال تلك المطالب مع بعض التعديل والإضافة يرفعها أبناء البجة ويحملون رايتها جيلا بعد جيل حتى اليوم . ومنذ ذلك الحين أي منذ انعقاد مؤتمر البجة التاريخي قبل ما يقارب الخمسين عاما ، فقد ازداد عدد المتعلمين من أبناء البجة بعد التوسع في التعليم الذي شمل السودان عامة . وعليه فقد ازداد زخم البجة وارتفعت أصواتهم وأصبح تأثيرهم ومشاركتهم في إدارة شؤون إقليمهم اكبر من ذي قبل .
تم حظر نشاط الحزب بعد انقلاب عبود اسوة ببقية الاحزاب فى العام 1960 وعندما عادت الديمقراطية مجددا بثورة اكتوبر 1964 عاد الحزب مجددا لممارسة نشاطه حيث فاز بأحدى عشر مقعدا فى البرلمان فى انتخابات 1965 .
تكالبت على الحزب ظروف كثيرة منها الطائفية والقبلية مما ادى الى فوزه بمقعد واحد فى البرلمان بعد الاطاحة بالطاغية نميرى . ولكنه عاد وبشدة عندما شارك فى تأسيس التجمع الوطنى الديمقراطى .
تجربة الكفاح المسلح تجربة عميقة تحتاج الى بحث فى اغوارها ولكن مؤتمر البجا مع كل الكيانات الاخرى وقع على مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية وقدم ورقة موجودة على الانترنيت حول رؤية مؤتمر البجا .
قدم مؤتمر البجا الكثير من الشهداء عبر نضاله المستمر والتى ظل يقدمها جيل عبر جيل وتاريخ الشهداء محفوظ ولابدّ ان نذكرهم ونذكر كل الناس حول التضحيات التى قدمها شباب مؤتمر البجا .
ولسع حنواصل

مقال مرتبط
[url]https://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-71619.htm[/url]

بكرى سوركناب
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..