أمّا وقد بات تحت الثرى الجعد، حقّ لي أن أنعيَه وأنا آمنٌ بعد، فما كان لي أن أفعل أو أقول في حياته أو بعد وفاته (قبل أن يُوسَّدَ ذلك اللحد) ما لا يرضى … وهو لا يرضى الثناء…ليس من أحد….
هو من عاش حياته للآخَر … لا يرى نفسه… كان حين ينظر إلى نفسه ليلاً يصير أعشى، وأجهر حين تحدّثه نفسه بالنهار، بينما (الآخرُ) في حدقة عينه يختالُ … يبذل الودّ لكلّ من حوله وكلمّا انداحت الدائرة أكبر، تلقّت من ودّهِ أكثر. وهو في الظل… لا يجأر…. سيرة إنسان خُلق من غير طينة البشر ….
أنت في معيته في السويداء في مجرى الدم مع كلّ من عرف هو من البشر…. لا كدر… وكلُّ واحدٍ من صحبه يظنّ نفسه وحده في مجرى دمه لا يُعكّر صفوَه بشر… والكلّ في مجرى دمه يختال…. جيلي من غير طينة البشر…. من شرب من عذوبته لم يشرب على كدر…. على نقيض قولِ من قال:
طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها *** صفواً من الأقذاء والأكدار
من قالها معذور فهو لم يعِش في مجرى الدم من جيلي …. وجيلي من غير طينة البشر….
عندما كان في شرخ الصبا الباكر قاد رفقاءه من الشباب والصبية وبنوا نادياً يتسامرون فيه… وعندما تقرّر إنشاء مدرسة متوسطة بقريته (موركى) قاد رفقاءه فذهبوا لمكتب التعليم ليتنازلوا عن ناديهم طواعية بإلحاح، فأقيمت في ناديهم المدرسة فوراً دون الانتظار لعام. وبنوْا هم داراً أخرى للسمر. وشواهد كهذه في مسيرته الخصبة لا تحصى ولا تعد…
طبت حيّاً وميّتاً يا جيلي ….. يا صديقاً ثوى في اللحد….. تاركاً كلّاً من أصدقائه في وحشة الفرد.
أنت وإن أُفردت في دار وحشةٍ *** فإنّي بدارِ الإنس في وحشة الفردِ
د. صلاح علي محجوب / الرياض
[email][email protected][/email]
اللهم اغفر له وارحمه واحسن اليه واجعل البركة في ابناءه واهله اجمعين.. بس ما اعطيتونا نبذة عن هذا الشخص