الصدق والامانة

الصدق والامانة
اوردت في كتاب حكاوي امدرمان، ان بعض اهل امدرمان اتوا لكي يبلغوا عن خادمهم الذي سرق بعض الاغراض وهرب. وعند السؤال عن هويته قالوا انه دينكاوي او جنوبي. فتوقف صول البوليس العم ضرار المعروف بشنب الروب، الذي كان في طريقه خارج القسم الاوسط وقال لهم …. جنوبي بيسرق مافي الا يكون اتربى: في الشمال. امشوا اتأكدوا من ولدكم.
الصدق والامانة ابطالها الدينكا والكثير من النيليين والجنوبيين وليست حصرا عليهم. لقد عشنا وسطهم ولم نعرف ان عندهم مقدرة على الكذب، السرقة او خيانة الامانة الخ. وسيقول البعض ان الظروف قد تغيرت. اخي واستاذي الامدرماني الكبير هلال زاهر سرور الساداتي كان عميدا لمعهد التونج لتعليم المعلمين في الستينات وهو من اعظم الاسر الامدرمانية ان لم تكن الاسرة الاعظم … ولقد نشر كتابا رائعا قبل حوالى العقدين ، لا يرتوي الانسان منه . وهذه الايام يعيد نشره في الاسافير .
اقتباس
أيام التونج: حياة الناس
هنا أكبر قبيلة الدينكا وهي اكبر القبائل عددا ليس في الجنوب فحسب وانما في السودان قاطبة وهم يتمركزون في مديرية ( ولاية ) بحر الغزال ويوجدون بأعداد أقل في ولايتي اعالي النيل والأستوائية ونذكر منهم دينكا عالياب وأتويت وأقار وبور علي سبيل المثال ، وهم قوم طوال القامة رشيقوا القوام يندر أو يكاد واحدا” منهم بدينا” أو له كرش ، ولون بشرتهم اسود يكاد يبرق سواده ويتميزون ( بشلوخ ) خمسة متوازية بطول الجبهة وبقلع الأسنان السفلي من فك الفم ، وهم رعويون يرعون الأبقار ويحبونها الي درجة تقترب من التقديس ، وهم يلتقون في ذلك مع الهندوس في الهند ، ولكن هنا تقاس مكانة المرء في المجتمع بما يملكه
والدينكا قبيلة يتميزون بالشجاعة والعزة ويتميزون بروح مرحة ومزاج طروب وميل للغناء والرقص ويخيل للواحد ان كل فرد في هذه القبيلة شاعر وراقص ومغن عليها وهو سائر في فنجد الواحد منهم يرتجل قصيدته ارتجالا” ويلحنها ثم يرقص عليها وهو سائر في طريقه ويتوقف قليلا” ليرقص رافعا” يديه مادا” صدره الي الأمام وضاربا” الأرض بقدميه في قوة الواحدة تلو الأخري وكأنه سيخرقها ، وشكل اليدين المرفوعة الي أعلي يحاكي شكل قرون ثوره
وشيئ آخر يتوقف عنده المرء كثيرا” وهو ان هؤلاء القوم يمتاذون باستقامة خلقية نادرة فالأمانة والصدق عندهم سجية ، والسرقة هنا منعدمة لأن لا أحد يسرق ، وليس هناك شذوذ جنسي والناس هنا سواسية لا فضل لاحد علي الآخر .
مولانا القاضي حمزة محمد نور الزبير له كتاب مفيد جدا ، لانه تنقل في السودان كقاضى . وهو مولود في مدينة الرنك الا ان جزوره في امدرمان حي القلعة وحلفاية الملوك الخ . استميحه العذر في اقتباس بعض كلماته .
اقتباس
يتميز العمل القضائي في جنوب السودان بسرعة البت في القضايا مهما تشعبت مقارنة بما يحدث في العديد من اقاليم السودان الاخرى . وذلك لان الجنوبيين بصفة عامة لا يميلون للكذب حتى في الاحوال الحرجة التي يكون الكذب فيها منجاة لحياة شخص من الهلاك او تحقيق مصلحة شخصية ، وذلك لان اغلبهم لا يزال على سجيته وفطرته الاولى . الامر الذي يسهل على المحكمة سرعة البت في القضايا . وفي هذا الصدد اذكر انني كنت عضوا في احد المحاكم الكبرى التي عقدت بالرنك لمحاكمة متهم بقتل احد ابناء عمومته . وبعد ان ادانت المحكمة المتهم لارتكاب جريمة القتل حكمت عليه بالاعدام شنقال حتى الموت . سألته عما اذا كانت لديه اسباب تستوجب التوصية بالرأفة به ، فادلى بما لديه من اسباب وطلب من المحكمة الاستماع لىشهادة والده على حسن سلوكه وتأكيد ما ادلى به في افادته . استدعت المحكمة الشاهد وسألته عن علاقته بالمتهم ، فرد بأنه ليس بولده من صلبه ولكته في مقام ابنه لانه ابن اخيه وربيبه . وعندما سئل عن اخلاق المتهم وسلوكه الاجتماعي ومدى صحة ما ادلى به من اسباب ومبررات لتخفيف العقوبة عنه ، نظر الشاهد مليا الى المتهم ونطق بكلمة واحدة القاها في وجه المتهم كالصاعقة من دون ان يتلعثم او يتردد مشيرا اليه باصبعه قائلا ,, ده … وسخ ,, وكان ذلك اقسى وصف يمكن ان ينعت به شخص مدان بجريمة القتل العمد وهو على قاب قوسين او ادنى من حبل المشنقة ، خاصة من انسان في مقام والده . لقد شق على الشاهد ان ينقذ حياة ابن اخيه وربيبه من موت محتوم ولو بكذبة بيضاء ، فقد آثر ان يقول الحق ولا شئ غير الحق لانه كان عنده خيار واحد لا غير ، ان يقول الحق ليحافظ على سمعته وهيبته في قبيلة ومجتمع معافى لا مكان فيه للكذابين والمداهنين والمراوقين والمنافقين .
على النقيض مما شهدته في الجنوب ، فقد فصلت في مئات القضايا والاستئناف خلال امتهاني للقضاء في امدرمان والخرطوم بحري والابيض وبارا والنهود وام روابة ورجل الفولة وبابنوسة بشمال السودان . وغربه . وكنت احس بأن الكذب متوقع من المرأة والرجل والشيخ والصبي على حد سواء ، لأن الكذب يعتبر منجاة حسب التقية ومفاهيم فقه الضرورة السائد في تلك المجتمعات . فعلى سبيل المثال . ترأست المحكمة الكبرى التي انعقدت في النهود لمحاكمة المتهم جابر ضو النعيم لاتهامه بفتل احد تجار الماشية من قبيتة الزيادية قدم من ام كدادة في دارفور لشراء ابل من سوق المواشي بالنهود . كان جابر من ارباب السوابق ومعروفا بسوء اخلاقه وسلوكه الاجرامي في المنطقة وما ورد في صحيفة سوابقه المعروضة امام المحكمة . ادانته المحكمة بارتكاب جريمة القتل العمد وحكمت عليه بالاعدام شنقا حتى الموت . ، وسالته عما اذا كان لديه من يشهد على حسن سلوكه كي توصي المحكمة بالرأفة به . طلب الى المحكمة استدعاء ثلاثة اشخاص من بينهم شيخ الحلة التي ينتمي اليها للاستماع الى شهادتهم . وحضر الشهود الثلاثة واكدوا على اليمين وتحت دهشة اعضاء المحكمة وجمهور الحاضرين الذين يعرفون المتهم حق المعرفة انه حسين السلوك ودمث الاخلاق ويتمتع بخصال حميدة وكرم وشهامة وبوقوفه مع الجميع في السراء والضراء . قالوا ذلك بالرغم من كانوا على يقين تام من زيف ما ادلوا به من اطراء وتبجيل يتناقض مع ما هو مدون في صحيفة سوابق المتهم .
وفي قضية اخرى سجلت اعترافا قضائيا لاحد المتهمين وبعد اسبوعين او اكثر احضر المتهم امامي للتحقيق القضائي معه ولما تلوت عليه اعترافه القضائي وسألته عما اذا كان لديه اى تعليق على ما ورد فيه ، فوجئت به بدلا من ان يقر باعترافه او يعدل عنه مدعيا انه قد ادلى به تحت التعذيب او الاكراه او الترغيب او من الاسباب المتعارف عليها في هذا الخصوص ، انكر الاعتراف القضائي الذي ادلى به جملة وتفصيلا ، واصر على انه لم يظهر امامي البتة ولم يرني في حياته على الرغم من انني كنت القاضي الوحيد بالمحكمة .
لم يعد القسم على المصحف في العديد من المجتمعات في شمال السودان الوسيلة الناجعة لحمل المتقاضين والشهود على قول الحق ، اذا يطلب بعض المتقاضين الى المحكمة ان يحلف المدعى عليه او الشاهد على سورة معينة في القرآن يعتقدون فيها كسورة ,, قاف ,, او ,, نون ,, . على سبيل المثال وليس على المصحف بينما يعترض بعض المتقاضين على ان يحلف الشاهد او غريمه على المصحف ويطلب الى المحكمة ان يقسم بشيخ او ولي معين يؤمن بصلاحه وذلك للاعتقاد السائد بأن الجزاء على شهادة الزور يكون سريعا وناجزا في الدنيا بينما يأتي جزاء المولى عز وجل في الدار الآخرة .
تحتفظ احد بطون قبيلة المعاليا بولاية جنوب دارفور بشعبة ,, منسأة ,, جدهم شايب الذي يعتقدون بصلاحه ، وجرى العرف على ان يستعير المتقاضون الشعبة او يستأجرونها من سدنتها لتقديمها كأداة للقسم امام المحاكم . ونسبة للخوف من الذي يعتري الاطراف من مغبة الحلف على الشعبة بالزور ينتهي النزاع بين الفرقاء بالصلح او التسوية .
وعلى هذا المنوال تواترت الروايات عن عبقرية بعض رؤساء المحاكم من رجال الادارة الاهلية وابتداعهم وسائل خاصة لانتزاع قول الحق من الشهود والمتنازعين ويروي عن الشيخ الكرسني رئيس محكمة ام بل بدار حمر او ود نواي رئيس محكمة البقارة بكوستي ,, والعهدة على الراوي ,, انه كان يربط ورلا صغيرا ويلفه بقطعة قماش ويضعه في مكان المصحف في الصندوق الذي يحفظ فيه المصحف وعندما يضع المتقاضي يده لاداء القسم على ما يعتقد انه المصحف يبدأ الورل يتنفس فيرتعب الشاهد او المتقاضي ويقول الحق خوفا من غضب الله .
نهاية اقتباس .
لقد تطرقت لشهود الزور في امدرمان منهم ود الحاجة كنت اشاهدهم في قهوة مهدي حامد وبقية المقاهي . وفي الستينات قبضوا مالا وشهدوا زورا في قضية فنان الحقيبة ابو الجود رحمة الله عليه كان جار خالتي في المسالمة . وكان قد تعرض لدهس بواسطة عربة تاكسي . وهذا النشاط قد اتي من مصر واتمنى ان لا يكون قد انتقل للجنوب .
المصحف المطبوع كان لا يجد الاحترام من الناس ويسمونه الاريقط ويقولون … الاريقط تدقوا .. ده مكتوب بي مكنة النصارى . علا مصحف المسيد ما تقربوا . ومصحف المسيد يخط باليد وهو ضخم . كان الانجليز يدفعون 25 قرشا لاحضاره من المسيد في حاة التقاضي . احد المستهبلين سرق عتودا وانكر السرقة . واصر على الحلف على المصحف وعندما احضروا المصحف على ظهر الحمار . اصيب بالهلع وقال عليكم الله ده مصحف عتود صغير . واعترف بالسرقة التي كانت بسبب قعدة شراب .
الدينكا كانوا يقولون لنا … انتو عرب مية كلموا واحد بس بيسمع . ففي محاكمنا تكثر القوقائية والصراخ والكل يتدخل . وعند الشلك مثلا لا يتحدث الا شخص واحد . ويتقبل الحكم بدون تهديد وتشنج ويقول … ان لا اوافق على الحكم ولكن سأنفده فانتم اهلي .
مدرسنا وضابط المدرسة في ملكال الاستاذ عبد الفضيل حسن علي ، حكي لنا انه عندما كان في الاجازة في بلدته ود سلفاب في الجزيرة ان احد المزارعين قد ادخل بهائمة في حواشة جاره وانكر بالرغم من الشهود . وطلب من الاستاذ عبد الفضيل التدخل واحضر المصحف وتوضأ الرجل وكان على وشك القسم . الا ان غريمه قال …. هوي الله ده روحه طويله ، الزول ده يرفع ايده ويقول وحاة الشيخ حسن ود حسونة ما دخلت بهايمي الحواشة . وتراجع الاول عن نكرانه لانه يعتقد ان لن يستطع انزال يده مرة اخرى .
لقد شاهدت هذه المنازعات في الجزيرة في شع الدين والعديت والخشيم واسترحنا . والجميع يقسمون ويصرخون ويتدخل كل اهل التفتيش . في المشاريع الخصوصية شاهد اخي كمال ابراهيم بدري بعض المزارعين في مشروع بركة العجب وهم يلتقطون القطن واغنامهم معهم وهذا ممنوع قبل انتهاء عملية اللقيط . وعندما واجههم نائب المدير محمد الحسن انكروا تماما بالرغم من ان المدير كمال قد شاهدهم .
هنالك قصة احد صغار الرقيق الذي اشتهر بالنكران فقبض
عليه ويده في الجراب فانكر انه يسرق وان تلك يده . فاخرج سيده سكينه وقال له سيقوم بقطع هذه اليد التي تنكر ملكيتها . فقال ببساطة . كان بتدور تخسر مالك خسروا . البعض لا يستطيع ترك الكذب .
بعد ان دخلت في مشاكل كثيرة بسبب النشأة في الجنوب وعدم المقدرة تى التوقف من قول الحقيقة قررت بعد اطلاق سراحي وطردي من براغ ان اتوقف عن قول الحقيقة واول كذبة كانت وعمري 25 سنة . ولكن المرض بيتاور .
اليمني الجنوبي مقبل غازي ارتبط بالسودانيين لان مدرسيه كانوا سودانيين . انتقل مع زوجته السويدية لدبي واسس ما عرف بمستشفي الاسنان الاسكندنافي . كان يستعير مكتبي بعد ان يضع عنوانا للاطباء والممرضات السويديات . وفي احد المرات اضطررت لدخول القاعة الكبيرة لغرض فطلب منى افهام السويديات ان المرتب الذي يعطيه لهم في دبي كافى . فقلت له بدون ترد انه مبلغ تافه . فبدا في التحدث ان الطعام في دبي رخيص وفي امكانهم احضار عربة معفية من الجمارك بعد نهاية عملهن ولبس هنالك ضرائب دخل في الامارات الخ . فقلت له الاكل حالة شخصية تعتمد على ما يريد الانسان اكله . وربما بين السويديين من لايركب سيارة . وهذه اشياء شخصية لا دخل لها بالمرتب فانصرف السويديون . وصار يلومني فقلت له …. عاوزني اكذب ولدهشتي وغضبي ، قال طبعا . وتوقفت مقابلاتنا .
حضر م . ن . كطالب لجوء ولدهشتي كان يعرف كل اهل منزلنا فهو رباطابي . وذهب للمعسكر وعاد مرة اخري ومعه صلاح عبد الجليل وابراهيم متوكل . واخذتهم لمسكن الضيوف بالقرب من المكتب . وبعد يوم نظرت خلف بعض الكتب حيث احتفظ بخاتم ضخم وساعة ذهبية تخص الاخ الريح البلولة طيب اله ثراه وبعض النقود بعملات مختلفة لتسهيل السفر قي المطارات . فقلت لهم . انا لا اريد الفلوس ومن اخذها يمكن ان يحتفظ بها وساعود بعد فترة لكي اجد الساعة والخاتم في مكانهما . وعندما رجعت عرفت ان الشخص الثالث قد سرق من فتاة اريترية في المعسكر فلوسها . وان يده طويلة . واتصل بي من قدم نفسه كالريح رئيس الجالية السودانية في فرانكفورت لأن ابن اختي قد سرق تحويشة سوداني وجوازه وكان يقدم نفسه كابن اختي .
قمت بأنتزاع الجواز الالماني المسروق من ابن اختي المزعوم . واخذته لمحطة القطار واشتريت له تذكرة وحذرته من الحضور لمالمو مرة اخرى . وبدأت بالاتصال بالسودانيين وبدأت بشقيقي اسعد الذي قال لي ان زوجته قد فقدت مبلغا من المال .وعندما انتهي الامر عند الرشيد عبد الحليم حامد عرفت منه انه وآخرين كانوا يعرفون من قريبي الرباطابي احمد ميرغني زروق ان الضيف يده طويلة ومعروف في امدرمان . وعندما قلت له لماذا لم تخبروني كان رده …. لو الزول جاب ليك اي كلام عن زول بتشاكلوا او تواجهو بالزول . ومافي زول بيقدر يجيب ليك كلام .
في اول اجازة من براغ كنت اتواجد عند توأم الروح بله طيب الله ثراه اغلب الوقت . وكانت والدتي تشتكي لان الناس تأتي للتحية وانا غير موجود . واضافت ان بله غير امين اخذ فلوسا من صديق ورفض ارجاعها له . فذهبت مباشرة لتوأم الروح ، وقلت له اما ان تكون والدتي خاطئة او يكون هو غير امين ويجب مواجهة والدتي لانها طعنت في امانته . وبعد ساعات من الانتظار اخطرت بله بانه اذا لم يذهب معي لمواجهة والدتي فلن اعود له . ووضح اخيرا كما روي بلة انهم لفترة كانوا يلعبون الورق وبالرغم مرتبه العالي في المعونة الامريكية فقد كان يخسر واضطر للاستدانة من الصديق الذي كان يكسب . ولكن الحظ لم يسعفه لفترة . وعندما تغير الحال صار الصديق مدانا له . وهو لن يطالبه ولم يخبر اي انسان . عندما كان بلة يبدي تعجبه لمواجهة والدتي كنت اقول له الوضوح والصراحة والصدق لايعلى عليهم . وكل شئ يمكن ان يحل بالصدق . وبله كان من اصدق البشر ، فدماء الدينكا تجري في شرايينه .
عندما اقول ان نشأتنا في بلدنا الاول الجنوب قد علمتنا التزام الصدق والوضوح يحسب البعض انها شطحات او تخريفات . الجنوبيون الذين عرفناهم وشاركناهم السكن في الداخلية لم يعرفوا الكذب او السرقة ابدا . لقد كانوا الاصدق والاوضح والاكثر ادبا والابعد عن البذاءة ..
السفير الفريق محمد احمد زين العابدين دعاني لزيارته في اسطوكهولم لاننا لفترة كنا نستأجر منزلهم وكان جيرانهم جيراننا . وذهبت اليه ومعى اخي ابن بلدي رمبيك فيليب دينق . فهرب الفريق مني ولم يرد على التلفون فعدت ادراجي 650 كيلو متر . وبعد الاتصال بعد مدة عرفت ان مصطفي عثمان شحادين كان في زيارته . وقال لي نعمل ليك شنوا لو كنت جيت كنتا سمعتو كلام صعب انت في كوبهاجن ما خليت ليه جنبا يرقد علي . احد الاصدقاء كان يقول يا آخي ماعندك شوية نفاق اجتماعي تمشي بيه الامور وكنت اقول له لا اقدر .
دعتني الجالية السودانية لمحاضرة عن الهوية السودانية . وبعد المحاضرة اصر الدكتور محمد على التوم الذي له في قلبي احاسيس جميلة ، ولكن لم اقبل ان يكون خادما للبشير وهو نطاسي بارع . عرض على قضاء الليل في مسكنه . فقلت له انه ليس بمنزلك انه منزل الانقاذ ولن اضع قدمي فيه . فاشار لزوجته التي هي ابنه ابنه عمتي وقال طيب دي مابنتك ادخل بيتها . فقلت لها انه كان يفرقنا زقاق من اهلها في امدرمان ولكن وجوده كسفير للانقاذ لا يسمح له بدخول منزله . واخذتني رحلة العودة ثمانية ساعات ووصلت بعد تعب وارهاق شديد في الصباح ، والرحلة كانت 22 ساعة متواصلة . . وفي بعض الاحيان كنت اتمكنى لو انني استطيع ان اتناسي بعض الامور ولكن النشأة لا تترك فرصة . ولقد فقدت عقودا واموالا يسيل له لعاب الكثيرين ، لانني اصر على قول الحق . لقد كان والدي رحمة الله عليه والذي عاش وسط الدينكا لثلاثة عقود وتزوج منهم يتصرف كدينكاوي كامل الدسم . وتعلمنا منه .
بعد قبولنا في الجامعة ارسلونا لشمال بوهيميا لدراسة اللغة التشيكية . مدير المعهد الرفيق زلاتوهلافيك كان متسلطا لانه تعلم في كلية اللاهوت الكاثوليكية حيث الانضباط الشديد والمثلية . وكان يسيطر على المسكن والدراسة بيد حديدية يخافه الجميع . وهو من المثليين ووجود 31 جنسية من الشباب في كل سنة كان عبارة عن بوفيه بالنسبة له . وكان يتحرش بالطلبة . وكان في المسكن بعض الفتيات احداهن اسفيتلا نيكولوفا ابنة دبلوماسي بلغاري كنت اخرج معها ومع يوهانا هانزدوتر الآيسلندية . وكان هذا يغيظه . وفي نقاشه معي قال لي امام نائبه الرفيق تاهال … الا تحترمني فقلت له بدون تردد … لا احترمك . وطلب مني ترك المعهد والذهاب لبراغ ومراجعة الجامعة . وبعد تعب وانتظار ارسلوني لمعهد هولوشوف في مقاطعة مورافيا . وعندما اكمل الجميع الدراسة واستمتعوا بالصيف في براغ كنت مرغما على مواصلة الدراسة في مارينسكي لازني اقليم السوديت الذي تتواجد فيه الاقلية الالمانية . البعض من السودانيين كان يقول لى لماذا ترد عليه ؟ فقلت لهم لقد سالني وقمت بالرد عليه . وكنت اعرف انه قد تحرش كثيرا باحد زملائنا من لاتن امريكا وهو شاب لطيف خجول . كان يحيرني عندما يتكلم عن الفقر والجوع في بلده . وشكله يبدو كاوربي او خواجة كامل الدسم . كيف عرف الفقر والجوع ؟؟ !!
وانا في التاسعة من عمري بلغ احد التلاميذ انه شاهد شقيقي الشنقيطي يلعب البلي في حينا . فقام ضابط مدرسة بيت الامانة استاذ الرياحي الذي صار ناظر المدرسة حي العرب الاولية ، بجلده . وقال لى …. لو تاني شفت اخوك ده بيلعب البلي تجي تكلمني … سامع ؟ فالتزمت الصمت فردد كلامه عدة مرات . حتكلمني ؟ فقلت له …لا …فانهال علي بالسوط حتى صرت احبو ولم اتوقف من ترديد لا … لا حتى تركني في حالي . كنت قبلها قد شاهدته ينهال ضربا مبرحا علي يوسف ابن اخيه بطريقة قاسية . ولكن لم افهم ابدا كيف يتوقعني ان ابلغ عن شقيقي الذي احبه وكان قدوتي . وما دخل المدرسة في ما نقوم به في منازلنا . والضرب لم يكن يمارس في منزلنا . هذه الحادثة اوردتها في الموضوع …الظلم ….. هذه التصرفات تدفع النشئ للكذب والجبن .
بعد انتقالنا كاول اجانب وسود في منطقتنا لم يتقبل وجودنا بعض السويديين . وبدا بعض الآباء في الشكوي . وتكررت العملية استدعتني السيدة افا قرين مسؤولة التعليم في المنطقة , وقلت لها هل حدث ان حضر ابنائي الاربعة متأخرين او بملابس قذرة او ممزقة ؟ وكان الجواب بالنفي . هل هم جيدون في دروسهم؟ هل سرقوا اى شئ او كذبوا ؟ وكان ردها انهم لا يكذبون ابدا . وهم شجعان يواجهون الاساتذة ويحتجون على طريقة الاستاذ او قراراته اذا لم تعجبهم . ويتأثر بهم بقية الطلاب ويريدون ان يصيروا مثلهم في امكانهم مجادلة الكبار في الاسرة واحضار اصدقائهم بدون سابق انزار ويحسون باهميتهم ويعتدون
بانفسهم الخ . فقلت لها اخيرا …. يكفيتي ان ابنائي لا يكذبون …. والسبب هو انهم لا يخافون من اى شئ . واذا ترك لهم الآخرون فرصة التأثير عليهم فهذا من سوء حظهم . ما يهمني ان اطفالي لا يكذبون . وهذا علامة عافية .
ا بعض الكيزان ورجال الانقاذ يكذبون لأنهم اتوا من بيوت تقدس الكذب . كنوع من الشطارة والفهلوة .
بـمـناسـبة الـكـذب , يحـكى عـن الـبـشـيـر ان اسمه لما كان طالـبا فى الكلية الحـربية ” عـمر الكـذاب ” طـبعا هـذه حكاية غـير مـسـؤلـين عـنها لأنـنا لم نـكن ندرس معـه ولكـن عـندما اصبح رئيسا صار كـذابا درجة أولى . واكـثر شئ بيضحكنى فيه عـندما يـزور بورتـسـودان ويوعـدهـم بأن الـسـنة القادمـة سوف يـشـربون من ماء الـنـيـل الذى سـوف يوصـلـه لهـم والمـساكـين الى الآن مـنـتظريـن ماء الـنـيـل .
شكرا على السياحة الراقية. وكما ذكرت فان الكذب وشهادة الزور كشرب الماء فى سوداننا وذكرتنى مصحف (ودع عولك) بمنطقة القضارف والذى كان يهابه المنكرون اكثر من اى شيئ.
منور يا معلم .. يوجد فرق بين المؤمن والمسلم. كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم
مؤمن. كل المؤمنين موعودين بالجنه.المسلمين حاليا قرابة سبعه مليار مسلم
معظمهم غثاء سيل كما حدث رسول الله سيدي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. الشيء المؤكد المؤمن ليس بكاذب. الخصلة الخايسه دي بتجيب خبر معظم السياسيين العواطليه ديل رجال وحريم. مصيرهم عند الممات ارواحهم تسجن في سجين [الارض السابعه] وما ادراك ما سجين. ثانيا في الآخره يحشرو في جهنم خالدين فيها ابدا. صلاتهم وحجهم ربنا ما بقبلها. الا اذا تغمدهم الله برحمته ودا موضوع آخر . عندهم فرصه ما دام أحياء قبل الغرغره وهي التوبه برد المظالم ….
ياسلام عليك أخونا الكبير شوفي
مقال رائع وسياحة ممتعة لإعلاء قيمة الصدق في حياتنا
متعك الله بالصحة والعافية أخي العزيز
لك التحية أستاذنا شوقى والتحية لكل الشرفاء من أبناء هذا الوطن ..
يجب أن يفهم الجميع انه كلما كان السودانى صادقا حقيقيا يعنى ذلك أن دماء الدينكا هى الغالبة فى تركيبته وعلينا أن نفخر بذلك ..
أذكر فى بداية التسعينات إلتقيت الأخت العزيزة سارة ماليت إبنة الدينكا ووالدها كان محافظ أعالى النيل قبل الإنقاذ ووقتها كانت سارة قد أحيلت من الخارجية لما يسمى زورا وبهتانا بالصالح العام ..لم تكن غاضبة على إحالتها للصالح العام بقدر غضبها وحزنها على هجمة ناس الحكومة وقتها على النازحين وترحيلهم قسريا من الخرطوم وكانت تقول لى المقصود بالنازحين هم الجنوبيين وهل يوجد غيرهم ..قلت لها مطيبة خاطرها يا سارة أهلنا الكبار بقولوا الدينكا أولاد عم الجعليين يعنى كلنا واحد فى السودان فقالت لى ممازحة لا …المثل الأصح هو الجعليين أولاد عم الدينكا ..فقلت لها وما الفرق ؟؟ قالت لى الفرق فى المثل الأخير أن الدينكا هم الأصل ..وصدقت سارة طيب الله ثراها ..إن الدينكا هم الأصل…
يقول رجل البر والإحسان عبد الرحمن السميط رحمه الله في
كتاب له بعنوان خادم فقراء أفريقيا يقول عن الدينكا:
(( والواقع: هذه القبيلة والتعرف على حياة زيارة هذه القبيلة والتعرف على أناسها ليعجب بالعديد من الصفات الخلقية والاجتماعية التي تكاد تنفرد بها وليقف مندهشا في نفس الوقت من بعض العادات والتقاليد التي تمثل جانبا مهما من ثقافتها وتاريخها الحافل.
فالشجاعة والصدق والأمانة من أبرز الصفات التي تميز بها أفراد هذه القبيلة حتى ليكون من النادر أن تسمع بوجود لص بينهم أو عمل من أعمال السرقة
وكان من أعرافهم السابقة أن أي فتى من فتيانهم يستجيب لإغراء أي فتاة يكون جزاؤه الطرد من القبيلة
لكن الفاحشة اليوم أصبحت منتشرة بينهم بصورة كبيرة.
ونحن لا نشك في أن تكون عدوى إباحية الحضارات الغربية سببا رئيسا في ذلك ومع ذلك قلما تسمع بحالة من حالات الشذوذ في علاقاتهم المحرمة
ولكم كنت أحلم بنشر الإسلام في هذه القبيلة لتحقيق هدفين نبيلين:
أولهما: إنقاذ حياتهما من الكفر والضلال وتحريرها من الجهل وسوء العادات الضارة.
وثانيهما : إيقاف حمامات الدم الناجمة عن الحرب الاهلية حتى تعيش في أمن وسلام واستقرار لأن إسلامها سيحررها من التبعية العمياء للكنيسة الغربية التي تحرض أتباعها على الانتقام من المسلمين وتقف وراء الشرور التي تدمر حياة هذه القبيلة، لكن المشروع المناسب لإسلامها لا تقل تكاليفه عن 300000 دينار كويتي سنويا
…
وقد كانت لي علاقة صداقة مع السلطان عبد الباقي اكول أشهر سلاطين قبيلة الدينكا حيث كللت هذه الصداقة بسلسلة من المساعدات لنشر العلم والتعليم ….
لكن المفاجأة التي أدهشتني أن السلطان كان قد طلب مني مرة بناء مدرسة وقدم لي قائمة بأسماء التلاميذ الذي يرغب أولياء أمورهم في تدريسهم بهذه المدرسة فلما نظرت في القائمة لاحظت أن حوالي ستين تلميذا يحملون اسم والدهم عبد الباقي أكول فحسبت أن الناس ينسبون أولادهم إلى السطان اعتراف بمنزلته … ولكني عرفت منه أنهم أبناؤه حقيقة، وأن هذا العدد إنما هو جزء من مجموع أبنائه البالغ عددهم 160 ولدا وبنتا .. من زوجاته البالغ عددهن 76
فأخبرته .. أنه يحرم عليه .. وأن عليه أن يطلق الباقيات
….. فأخبرني أنه اختار من بينهم أربعا على سنة الله ورسوله وجعل الباقيات إماء وعبيدا فشرحت أن هذا الأمر الأخير مخالف لشرع الله ولكنه اعترض عليه بشدة))
ويقول في ص 24: (( حي الرحمة في الخرطوم عاصمة السودان يبعد عن وسط المدينة بالسيارة حوالي 3 ساعات، يسكنه النازحون من جنوب وغرب السودان الهاربون من جحيم الحرب الأهلية
رئيس الحي هو السلطان عبد الله كافي الذي انضم إلى تمرد جون غارنغ وقاتل في صفوف قواته ثم تاب إلى الله ورجع إلى أهله وازداد تمسكه بالإسلام ورفض السماح لأية كنيسة أن تبنى في الحي الكبير الذي يشرف عليه وشجع رغم قلة الإمكانيات إنشاء خلاوي لتحفيظ القرآن.
زرنا إحدى هذه الخلاوي وقابلنا طفلة اسمها تهاني عمرها 3 سنوات، ورغم هذا تحفظ من سورة الضحى إلى آخر جزء عم في فترة صغيرة لا تتجاوز الشهرين.
حملها الشيخ على كتفه وطلبنا منها أن تقرأ لنا القرآن، قرأت الضحى وسور أخرى، بكينا جميعًأ عندما سمعناها وتساءلنا ماذا يحدث لو وجد هذا الشيخ وأمثاله راتبًا أو دخلًا شهريا يعيش منه بكرامة، وماذا يحدث لو أن هذه الطفلة الموهوبة كرمت ولو بالقليل.
أحس بالألم عندما أشعر أن الملايين من المتبرعين السذج تطير إلى جيوب اللصوص والأفاقين ممن يزورون بلادنا أو يراسلوننا ويدعون أن لديهم مشاريع إسلامية تحتاج إلى تمويل، بينما آلاف المشاريع والاحتياجات مثل ما ذكرنا تبقى بلا دعم لا لسببٍ إلا لأنهم لم يستدلوا الطريق على متبرع ساذج يحسن الظن بكل من يطرق بابه
هذه الخلوة ليس فيها إلا سرير بدون أرجل وضع الشيخ مكان الأرجل طابوق يجلس عليه عندما يدرس الطلبة مثل الطفلة تهاني، الذين يجلسون على الأرض الترابية بلا مظلة تقيهم من الشمس والمطر، يتمنى الشيخ أن يقدم وجبة إفطار كل يوم لكل طالب من الفقراء لأن الكنائس في المناطق المجاورة توزع فطورًأ يوميًا وهو لا يحلم بالكثير إذ يكفيه أن يطعم كل طفل من طلبة القرآن بوجبة تكلف 19 هللة يوميا
أين نحن من إخواننا المحتاجين الذين لا يجدون ما يسترون به عوراتهم وفي دواليبنا العديد من الفساتين؟
أين نحن من آلاف المسلمين يموتون جوعًا لأنهم لم يجدوا حتى الحشيش ليأكلوه ونحن نلقى بالكثير من الطعام في القمامة بعد كل وجبة))
لك التحية أستاذنا شوقى والتحية لكل الشرفاء من أبناء هذا الوطن ..
يجب أن يفهم الجميع انه كلما كان السودانى صادقا حقيقيا يعنى ذلك أن دماء الدينكا هى الغالبة فى تركيبته وعلينا أن نفخر بذلك ..
أذكر فى بداية التسعينات إلتقيت الأخت العزيزة سارة ماليت إبنة الدينكا ووالدها كان محافظ أعالى النيل قبل الإنقاذ ووقتها كانت سارة قد أحيلت من الخارجية لما يسمى زورا وبهتانا بالصالح العام ..لم تكن غاضبة على إحالتها للصالح العام بقدر غضبها وحزنها على هجمة ناس الحكومة وقتها على النازحين وترحيلهم قسريا من الخرطوم وكانت تقول لى المقصود بالنازحين هم الجنوبيين وهل يوجد غيرهم ..قلت لها مطيبة خاطرها يا سارة أهلنا الكبار بقولوا الدينكا أولاد عم الجعليين يعنى كلنا واحد فى السودان فقالت لى ممازحة لا …المثل الأصح هو الجعليين أولاد عم الدينكا ..فقلت لها وما الفرق ؟؟ قالت لى الفرق فى المثل الأخير أن الدينكا هم الأصل ..وصدقت سارة طيب الله ثراها ..إن الدينكا هم الأصل…
يقول رجل البر والإحسان عبد الرحمن السميط رحمه الله في
كتاب له بعنوان خادم فقراء أفريقيا يقول عن الدينكا:
(( والواقع: هذه القبيلة والتعرف على حياة زيارة هذه القبيلة والتعرف على أناسها ليعجب بالعديد من الصفات الخلقية والاجتماعية التي تكاد تنفرد بها وليقف مندهشا في نفس الوقت من بعض العادات والتقاليد التي تمثل جانبا مهما من ثقافتها وتاريخها الحافل.
فالشجاعة والصدق والأمانة من أبرز الصفات التي تميز بها أفراد هذه القبيلة حتى ليكون من النادر أن تسمع بوجود لص بينهم أو عمل من أعمال السرقة
وكان من أعرافهم السابقة أن أي فتى من فتيانهم يستجيب لإغراء أي فتاة يكون جزاؤه الطرد من القبيلة
لكن الفاحشة اليوم أصبحت منتشرة بينهم بصورة كبيرة.
ونحن لا نشك في أن تكون عدوى إباحية الحضارات الغربية سببا رئيسا في ذلك ومع ذلك قلما تسمع بحالة من حالات الشذوذ في علاقاتهم المحرمة
ولكم كنت أحلم بنشر الإسلام في هذه القبيلة لتحقيق هدفين نبيلين:
أولهما: إنقاذ حياتهما من الكفر والضلال وتحريرها من الجهل وسوء العادات الضارة.
وثانيهما : إيقاف حمامات الدم الناجمة عن الحرب الاهلية حتى تعيش في أمن وسلام واستقرار لأن إسلامها سيحررها من التبعية العمياء للكنيسة الغربية التي تحرض أتباعها على الانتقام من المسلمين وتقف وراء الشرور التي تدمر حياة هذه القبيلة، لكن المشروع المناسب لإسلامها لا تقل تكاليفه عن 300000 دينار كويتي سنويا
…
وقد كانت لي علاقة صداقة مع السلطان عبد الباقي اكول أشهر سلاطين قبيلة الدينكا حيث كللت هذه الصداقة بسلسلة من المساعدات لنشر العلم والتعليم ….
لكن المفاجأة التي أدهشتني أن السلطان كان قد طلب مني مرة بناء مدرسة وقدم لي قائمة بأسماء التلاميذ الذي يرغب أولياء أمورهم في تدريسهم بهذه المدرسة فلما نظرت في القائمة لاحظت أن حوالي ستين تلميذا يحملون اسم والدهم عبد الباقي أكول فحسبت أن الناس ينسبون أولادهم إلى السطان اعتراف بمنزلته … ولكني عرفت منه أنهم أبناؤه حقيقة، وأن هذا العدد إنما هو جزء من مجموع أبنائه البالغ عددهم 160 ولدا وبنتا .. من زوجاته البالغ عددهن 76
فأخبرته .. أنه يحرم عليه .. وأن عليه أن يطلق الباقيات
….. فأخبرني أنه اختار من بينهم أربعا على سنة الله ورسوله وجعل الباقيات إماء وعبيدا فشرحت أن هذا الأمر الأخير مخالف لشرع الله ولكنه اعترض عليه بشدة))
ويقول في ص 24: (( حي الرحمة في الخرطوم عاصمة السودان يبعد عن وسط المدينة بالسيارة حوالي 3 ساعات، يسكنه النازحون من جنوب وغرب السودان الهاربون من جحيم الحرب الأهلية
رئيس الحي هو السلطان عبد الله كافي الذي انضم إلى تمرد جون غارنغ وقاتل في صفوف قواته ثم تاب إلى الله ورجع إلى أهله وازداد تمسكه بالإسلام ورفض السماح لأية كنيسة أن تبنى في الحي الكبير الذي يشرف عليه وشجع رغم قلة الإمكانيات إنشاء خلاوي لتحفيظ القرآن.
زرنا إحدى هذه الخلاوي وقابلنا طفلة اسمها تهاني عمرها 3 سنوات، ورغم هذا تحفظ من سورة الضحى إلى آخر جزء عم في فترة صغيرة لا تتجاوز الشهرين.
حملها الشيخ على كتفه وطلبنا منها أن تقرأ لنا القرآن، قرأت الضحى وسور أخرى، بكينا جميعًأ عندما سمعناها وتساءلنا ماذا يحدث لو وجد هذا الشيخ وأمثاله راتبًا أو دخلًا شهريا يعيش منه بكرامة، وماذا يحدث لو أن هذه الطفلة الموهوبة كرمت ولو بالقليل.
أحس بالألم عندما أشعر أن الملايين من المتبرعين السذج تطير إلى جيوب اللصوص والأفاقين ممن يزورون بلادنا أو يراسلوننا ويدعون أن لديهم مشاريع إسلامية تحتاج إلى تمويل، بينما آلاف المشاريع والاحتياجات مثل ما ذكرنا تبقى بلا دعم لا لسببٍ إلا لأنهم لم يستدلوا الطريق على متبرع ساذج يحسن الظن بكل من يطرق بابه
هذه الخلوة ليس فيها إلا سرير بدون أرجل وضع الشيخ مكان الأرجل طابوق يجلس عليه عندما يدرس الطلبة مثل الطفلة تهاني، الذين يجلسون على الأرض الترابية بلا مظلة تقيهم من الشمس والمطر، يتمنى الشيخ أن يقدم وجبة إفطار كل يوم لكل طالب من الفقراء لأن الكنائس في المناطق المجاورة توزع فطورًأ يوميًا وهو لا يحلم بالكثير إذ يكفيه أن يطعم كل طفل من طلبة القرآن بوجبة تكلف 19 هللة يوميا
أين نحن من إخواننا المحتاجين الذين لا يجدون ما يسترون به عوراتهم وفي دواليبنا العديد من الفساتين؟
أين نحن من آلاف المسلمين يموتون جوعًا لأنهم لم يجدوا حتى الحشيش ليأكلوه ونحن نلقى بالكثير من الطعام في القمامة بعد كل وجبة))