الإنقاذ..هل تمثل أشواق الأسلامين ليلة الثلاثين؟

زهير هاشم طه

[email protected]

هذا التعبير لا يأتي هذه المرة من تلقاء اليسار أو الطائفية نقمة علي إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية في يونيو من العام 1989حيث إنتزع الإنقلاب الحكم من أصحابه الشرعيين حزب الأمة القومي بزعامة رئيس الوزراء في ذلك الوقت الصادق المهدي ,
فحق لهم وقد اُنتزع منهم الحكم أن ينقموا من الجبهة وإنقلابها , أو أن ينقم اليسار علىإنقلاب الجبهة فذلك حقيقٌ به وهو الذي ذاق الامرًين من الجبهة ونظامها الإنقلابي خاصة في عهد الإنقاذ الأول أيام بيوت الأشباح الشهيرة في الخرطوم قي ذلك العهدِ الأسود.وربما سيستغرب قارئ هذا المقال بأن كاتبه ينتمي الي الحركة الاسلامية في نسختها المتجددة المؤتمر الشعبي وكان من الاولي له ان يدافع عن الإنقلاب وهو الذي خططت له الجبهة ونفذه شبابها في تلك الليلة الحالكة من ليالي خريف عام 1989ولم يكن العسكر إلاحلقة صغيرة أو واجهة براقة ُاًريد بها إستعطاف القوات المسلحة وإسباغ قدر من التمويه المطلوب لإنجاح الإنقلاب وتأمينه.
نعم إنقلبت الجبهة على الحكم في ذلك اليوم ولكنها لو إستقبلت من أمرها ما أستدبرت فلربما تلكأت وفكرت ألف مرة قبل أن تقبل على إنقلاب دمرها هي نفسها قبل أن يدمر الوطن إستكمالا لحلقةِ شريرةِ من حلقات الأنظمة الإستبدادية الشمولية التي دمرت
هذا البلد الطيب ,إن كاتب هذا المقال يعبر عن وجهة نظره الشخصية أكثر من كون أنه يعبر عن الرؤية الرسمية لحزب المؤتمر الشعبي كيف لا وهو الذي رأى بأم عينه آثار الدمار الإنقلابية على البني التنظيمية والفكرية والسياسية للحركة الإسلامية
التي أجزم أن الإنقلاب قد قطع خط تطورها الطبيعي في ظل مناخ ديمقراطي معافى وحولها إلي مجرد حارقة بخور وضاربة طبول في معبد حكومة شمولية ظنت الحركة إنها تستغل العسكر لأجندتها فاذا بالعكس والعكس هو الذي قد حدث فالعسكر هم
الذين إتخذوا من الحركة مطية لأغراضهم السلطوية ثم عندما قضوا وطرهم منها ألقوا بها كالجيفة في قارعة الطريق ورموا بشيخها في غياهب السجون لم يراعوا له سنا ولاقدرا ولم يحفظوا له جميل أنه أجلسهم على كراسي السلطة وليس هذا هذا الوضع قاصرا على المؤتمرالشعبي الذي ينصرف إليه الذهن تلقاء إذا ذكر مثل هذا الحديث ولكن حتي بقايا الإسلاميين في المؤتمر الوطني هم اليوم رهينوا أجندة ثلة من العسكر القابضين على مفاصل القرار في النظام وليس كبار الإسلاميين في النظام إلاسكرتارية أو في أحسن الأحوال مدراء علاقات عامة تستغل طاقتهم لخدمة الأجندة السلطوية للإنقاذ ولإسباغ قدر
من الشرعية عليها فالإنقاذ اليوم أتحدى أياً من المدافعين عن المؤتمر الوطنى ونظامهإنكانت تمثل أشواق الأسلامين ليلة الثلاثين من يونيواونصفها اوعشرها اوخمسها إننا اليوم كإسلامين محتاجين لوقفة مع الذات لمراجعة مواقف حركة الإسلام وخاصة
موقف الإنقلاب الذي مر عليه الآن واحد وعشرون عاما حدثت فيها تفاعلات كثيرة وجرت مياه تحت الجسر وثمة متغيرات كثيرة حدثت بالضرورة من جراء الانقلاب .
ان العودة المتبصرة للسياق السياسي الذي حدث فيه الإنقلاب تنبئنا في تقديري بخطل هذا الموقف وقد تتبعت المبررات التي ساقها الإخوان في ذلك الوقت لتبرير الانقلاب فوجدتها أوهى من بيت العنكبوت وسأناقشها تباعاَ وهي :

أ / ان الغرب لا يسمح للديموقراطية ان تلد إسلاما ورأيي أن جزاءا من هذا التبرير قد وضع لاحقا بعد أحداث الجزائر 1991 مما يضعف من مصداقية هذا التبرير خاصة أننا كنا في العام 1989لازلنا في أجواء الحرب الباردة حيث الغرب حليف للحركات
الاسلامية في موجهة الشيوعية ودعم الولايات المتحدة الامريكية للجهاد الافغاني خير مثال فضلا ان إرادة الشعب الايراني عندما أسفرت عن نفسها بثورة عارمة لم يستطع الغرب ولا أمريكا معها حيلة وكذلك تركيا العدالة خير دليل على أن إرادة الشعب فوق امريكا والغرب.
ب/ أن الجيش قد تقدم بمذكرة الي رئاسة الوزراء تطالب بأقصاء الجبهة الاسلامية من الحكم وبالعودة لنص المذكرة نفسها نجد ان هذا المطلب غير مضمًن في نصها وقد يكون حزب الأمة قد استغل المذكرة لتصفية حساباته السياسية مع الجبهة خاصة ان الجيش لا مصلحة له في ذلك الوقت في إقصاء الجبهة اشد الاحزاب دعما له وان قلنا ان حزب الامة صاحب الاغلبية قد فض الائتلاف مع الجبهة فذلك موقف ديموقراطي ليس من الصواب مواجهته بالدبابة .
ج/ان الحرب الاهلية قد استعرت وان التمرد قد حازى حدود النيل الابيض واذا تجاوزنا بروباجندا الراية والوان فأن الوضع لم يكن بهذه القتامة فالقوات المسلحة استطاعت ان تسترد الكرمك وتنتصر على التمرد في معركة ميوم بقيادة العميد وقتها عمر حسن احمد البشير في 1988 وصحيح ان القوات المسلحة كانت تواجه بعض المصاعب ولكن الحل لم يكن في الانقلاب بالطبع بل في الاجماع الوطني وحشد الدعم للقوات المسلحة او تسريع خطى السلام مع الحركة الشعبية وكفى الله المؤمنين القتال .
ان الطيران الالماني عندما حلق في سماء لندن لم يكن حل الانجليز هو الاستبداد باضافةمشكلة الي مشكلة بل استطاع الا نجليز عبرالاطرالديموقراطية أن ينتصروا على العدوان الالماني وبذات الديموقراطية واجهوا تمرد الجيش الجمهوري الايرلندي الامر الذي لم يستطع انقلابيو الجبهة الذين دخل عليهم التمرد كسلا وا م درمان بل هاهو الجنوب الآن يستعد للانفصال وداوني بالتي كانت هي الداء.
د/ الازمة المعيشية الطاحنة وصفوف الرغيف المتطاولة وانعدام السلع الاساسية ظنها الاسلاميون مبررا للانقلاب ونسي انقلابيو الجبهة اوتناسوا ان الازمات تمر بالديموقراطية ولا يكون علاجها بالاستبداد الا كمستجير من الرمضاء بالنار وهاهي الهند الديموقراطية على مجاعتها الدائمة
واصبح نظام الانقاذ يستورد منها الذرة وهاهي امريكا واوربا تعاني من ازمة اقتصادية ستخرج منها كما خرجت من ازماتها من قبل من غير حاجة الي استبداد ولا بطش وبيوت اشباح.
ه/ الشريعة الاسلامية التي نادى بها الاسلاميون وظنوا خطأا ان الانقلاب يخدم قضية الشريعة ولو فهم الاسلاميون القران جيدا لوجدوا ان القران يقف موقفا قويا ضد الاستبداد والمستبدين من امثال فرعون وملأئه وفي المقابل يثني ويعقب ويعقب على كلام بلقيس الشورية التي امنت مع سليمان لله رب العالمين فواهم من يظن ان المشروع الاسلامي يمكن ان ينجح في سياق استبدا د وطغيان فمحك الايمان على الحرية والمشيئة الفاعلة .
ان سودان اليوم مثخن بجراح الشموليات المتعاقبة المتطاولة التي صحيح انها لكم تخطئ وحدها في حق هذا الوطن بل للديموقراطية اخطاؤها كذلك ولكن تتحمل الشموليات نصيب الاسد من الكوارث التي دمرت او اوشكت ان تدمر هذا البلد فازمات كازمة الجنوب تتجدت من بعد عهد المستعمر في عهدعبود 1963 وفي عهد النميري 1983 وازمة دارفور استعرت في عهد الانقاذ 2003 والمجاعات والازمات المعيشية ظهرت في اواخر عهد النميري وورثتها الديموقراطية الثالثة تركة مثقلة وثالثة الاثافي ما ينتظر السودان اليوم من تفتت وتمزق بعد انفصال الجنوب وانهيار اقتصادي شامل بعيد ذهاب نفطه مماسيشكل اكبر كارثة في سودان ما بعد الإستقلال . لقد أدرك الدكتور الترابي وأنا أحسبه كذلك هذه الدروس وأستخلص منها العبر وهو المفكر المجرب لا المفكر المجرد فأصبح خطابه الفكري والسياسي والاجتماعي يتشبع بمعاني الحرية التي إدرك أهميتها في دين الله وحياة الانسان فبدأ مرحلة فكرية جديدة يمكن أن تكون منطلقا لتجربة إسلامية رشيدة متجددة مفارقة للإستبداد الفرعوني الطاغي ونهجه ومقاربة للنهج القرآني الذي وهب الإنسان الحرية في التكليف في كل مساقات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحقيقا لمعاني الإستخلاف في الارض

تعليق واحد

  1. بعد ايه جيت تشكى جيت تحكى بعد مادمرت وطنى الكنت فيه الاعتزار مابفيد والدموع مابتعيد
    الوطن انتهى ومنتظرين عدالة السماء .. وربنا انتقم لينا من الاسلاميين لعنة الله تغشاهم اينما حلوا
    واينما اجتمعوا واينما احتفلوا ..

  2. استاذ زهير طبعا هذا حديث صحيح مائه بالمائه ولكنه مبتور مثل امصال التطعيم نسبة تركيزه ضعيفة للغاية (تاميهوا مويه) كان يمكنك ان تتحدث بعمق وتحليل اكثر من ذلك . علي العموم تشكر والحقيقة التي يجب علي الاسلاميين التسليم بها هي أن إمكانية القبول بتنظيم اصولي اسلامي او مسيحي بالسودان اصبحت شبه معدومة إذ لا اظن عند انبلاج صبح الديمقراطية وكتابة دستور السودان لا اظن الناس ستسمح بمجرد ذكر تلك السيره دعك عن مناقشتها وهذه هي الخساره الحقيقية للحركات الاسلاميه واكيد خسارة لنا كمسلمين سوء السمعه الذي لحق بديننا ولكن عشمنا في ان يتفهم الاخرون حقيقة ماحدث . لكن تنظيمات دينية او طائفيه او عرقيه — باي باي .
    اكرر لك الشكر علي اجتهادك .

  3. لقد كان حل مشكلة الجنوب في ما أعتقد في اتفاقية الميرغني قرنق نوفمبر 1988
    ولكن الجبهة الاسلامية لم يرق لها هذا الاتفاق لأنه يتعارض مع مصالحها الطفيلية .. فخططت للانقلاب المشئوم . يبدو أن الكاتب الاسلامي نسي هذه الحقيقة التاريخية أو تعمد اسقاطها من مقاله ..

  4. الحقيقة المجردة ان شيخ الترابي هو عراب الانقاذ و مفكرها و سبب وجودها و انقلابها و ظل لعشر سنوات علي راسها منظرا رغم كل الويلات و الفظائع التي ارتكبتها و لعله و حزبه الان تابوا و انابوا و اعترفوا بخطئهم…. المشكلة الاكبر ان مصداقية الاسلاميين قد فقدت و ارتبط الاسلامي بالفشل و بالعنف و الكذب و الظلم و الجبروت و الفساد و اكل المال الحرام و بيع الوطن.

  5. سؤال لكاتب المقال: هل كنت ستكتب ما كتبت لو أن الانفصال لم يحدث؟ أعتقد أن الإجابة – و الله أعلم- ستكون لا. و هذه هي المصيبة. و الكثير من النقد الذي يويجهه الترابي و أتباعه سبق توجيهه من ناس آخرين خارج "حوش الجبهة" إلا أن الحكمة ليست ضالة الجبهجية فهم لا يؤخذونها إلا مٍن مَن يرضون عنه. و ما يحدث الآن هو نتيجة لأخطاء الكل يعرفها و لكن ماذا تقول في الديكتاتورية. الإخوة في المؤتمر الشعبي أقول لكم لا فرق بينكم و بين الموتمر الوطني اللهم إلا في الوجه و اختلافكم حول السلطة و ليس حول منهج أو فكر مهما ادعيتم و أرجو منكم أن تحدثوا الشعب السوداني عن أي شيء إلا "بسط الحريات" و "العدالة" و ما إلى ذلك من الشعرات البراقة. الترابي عراب هذا النظام لو كان لديه ذرة شجاعة واحدة لطلب العفو و السماح من الشعب السوداني و لكنها العزة بالإثم و الغرور.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..