تدمير مع سبق الإصرار

في ورشة عن إعادة توطين صناعة النسيج في السودان ، قال مستثمر أجنبي في مجال النسيج وزراعة القطن أنه يعمل من أجل إعادة توطين صناعة النسيج في السودان وعدد مزايا صناعة النسيج والفوائد التي تعود علي المجتمع ، وتحدث عدد من الخبراء منهم وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي وكل المتحدثين تحسروا علي انهيار صناعة النسيج ولكن أسباب الانهيار والجهات المتسببة في الانهيار تورات في معظم المداخلات ، قال عبد الرحيم حمدي في ورقته إن صناعة النسيج في السودان هاجرت إلي الخارج ثم انقرضت وأبدي دهشته من الانهيار الغريب لصناعة النسيج وقال من ضمن الأسباب غياب المادة الخام ، غير أن واقع صناعة النسيج والأرقام والمعطيات تقول غير ذلك وأن هناك أسباب سياسية وإدراية يعلمها حمدي علم اليقين وتهرب مها هي التي أدت إلي تدمير صناعة النسيج وتدهور انتاج القطن.
توقفت المصانع وتراجعت المساحات المزروعة بمحصول القطن وتم بيع المصانع ك (خردة) وتشرد آلالاف العمال وفقدت أسرة كثيرة مورد رزقها، بفعل فاعل رسمي والأسباب كثيرة وعديدة ومنها ضعف الإمداد الكهربائي، وارتفاع رسوم الجمارك والضرائب على قطع الغيار، وغياب السياسات التسويقية المشجعة ، وبل كانت كثير من السياسات تحمل المزارع كل تكاليف العملية الإنتاجية وكثير من أخطاء السياسات الرسمية التي لم تنظر إلي صناعة النسيج والعمالة الكبيرة نظرة استراتيجية بل كان المهم لدي صانع القرار البعد السياسي والمصالح الآنية الضيقة وكانت الخلاصة تدمير صناعة وطنية كانت تمتص عمالة كبيرة جداً وتساهم في رفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة ، وتظل أسئلة كثيرة حائرة تفرض نفسها في مشهد انهيار صناعة النسيج السوداني والإهتمام النسبي مؤخراً بتأهيل بعض المصانع بشهادة الخبراء يظل بمثابة خطوات ناقصة تحتاج إلي إكمال ، ويري الخبراء أن عمليات تأهيل مصانع النسيج دون الالتفات إلى تأهيل مصانع الغزل والتي تعد الحلقة الأهم في هذا المجال، لن تحل الأزمة.
تدهور وانهيار صناعة النسيج في السودان ملف كبير ومتشعب والتدهور له أسباب كثيرة ولكن من ضمن أهم الأسباب السياسات الرسمية التي ساهمت في زيادة تكاليف الإنتاج والفشل الإداري والفساد والمحسوبية وغيرها وفي النهاية تحمل المنتج ( المزارع) كل تفاصيل هذا الفشل الحكومي الممتد لسنوات ، وفي النهاية تعطلت المصانع وتقلصت المساحات المزروعة وتم بيع مصانع كلفت الخزينة العامة ملايين الدولارات ك ( خردة) في السوق ، ولأن الحكومة كانت ولازالت تنظر إلي كل المشاريع الكبيرة والاستراتيجية بعقلية الربح والخسارة ولأنها كانت تريد الخصخصة والبيع لم تعمل علي صيانة أو تأهيل الماكينات ، والحكومة لن تنفق أموالاً على شيء تريد بيعه، وبالتالي انهارت صناعة النسيج بفعل فاعل ومع سبق الإصرار والترصد.

حسن بركية
[email][email protected][/email] ** الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..