حركة الحديث

٭ هناك أمثال كثيرة تتحدث عن حركة الحديث أو المعلومة يقول أهلنا في السودان الحديث يصل الريف وعند سيده يقيف.. عندما يريدون التعبير عن أن صاحب الشأن آخر من يعلم بما يقال عنه لا سيما ان كان هذا الحديث في خانة السلب (شمارات) وهذا يقابل مقولة (الزوج آخر من يعلم) في ذات سياق المعنى.. كان هذا في زمان محدودية آليات نقل الحديث واندياح حركة (الشمارات) سواء كانت الآليات محطات فضائية أو أشخاصاً يضعون ألف حساب لنقل الكلام.
٭ الكل يتحدث عن أهمية نقل المعلومة.. الحكام يتحدثون عن تمليك المعلومة لدوائر الصحافة ولعامة الناس وفي ذات الوقت أهل الصحافة يشكون مر الشكوى من عدم تمليك المعلومات أو منعهم من تركها لتأخذ طريقها للقارئ وفريق يرى المشكلة في أن بعض الوزراء وأهل الرأي والمعرفة يخفون عن رؤسائهم المعلومات الحقيقية والضرورية ويبدلونها حتى لا يحاسبونهم ويكدرون عليهم حياتهم أو يفقدون مواقعهم وامتيازاتهم.
٭ تداولنا هذه الآراء بيننا وكان الحديث عن حرية الصحافة وعن الهجمة الدائمة عليها واتهامها بأنها تجنح للإثارة وتضخيم السلبيات بل وذهب البعض إلى انها تطعن في الثوابت وتتحدى السلطة ودار الحديث طويلاً عن زمن الرقابة ومحاولة أن يصل الحديث إلى سيده.
٭ حضرتني في تلك الجلسة واقعة حدثت في العهد العباسي للخليفة المكتفي.. وهي أنه طلب ذات مرة من وزيره أن يأتيه ببعض الكتب ليقرأها في أوقات فراغه فأمر الوزير أحد نوابه بتحصيل كتب للخليفة وجمع الرجل الكتب وعرضها على الوزير ليراجعها قبل أن يرسلها للخليفة.
٭ ورأى الوزير ان الكتب تتناول التاريخ وبعض الأحداث التي جرت في أيام سالفة وأخبار وزراء في عهود سالفة وكيف كانوا يتحايلون في استخراج الأموال? وهنا صاح الوزير في الذي أحضر هذه الكتب.. والله انكم أشد الناس عداوة لي أنا قلت حصلوا للخليفة كتباً يلهو بها وينشغل بها عني وعن غيري فحصلتم على كتب تعرفه مصارعة الوزراء والجلساء وتدله على طرق استخراج المال وتجعله يعرف خراب البلاد من عمارها.
٭ وقذف الوزير بالكتب قائلاً.. ردوها وحصلوا كتباً فيها حكايات تلهيه وأخبار تطربه.
٭ عندما فرغت من الرواية لحظت نظرات الاستغراب من حولي كأنها تتساءل عن علاقة الواقعة بالحديث عن حرية الصحافة والمعلومات وتمليكها.. واختصرت الطريق وقلت لهم السياسة في معناها البسيط وغير المعقد هي فن إدارة حياة الناس بصدق وبفرضيات الواقع ومكوناته الحقيقية.
٭ والمعلومات في عصر الفضائيات والانترنت والصحيفة والفيس بوك والواتس أسرع من كتب الوزير ومن يفكرون بعقليته.. ولكن المصيبة في أن البعض يتجاهل الواقع ويرمي الصحافة بعيداً أو يرميها بالاتهامات ويشن عليها حرب الارهاب والتخويف ولكن حبل الكضب قصير وثورة الاتصال قوية والحقيقة هي الأقوى.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..