وماذا بعد رفع العقوبات الأميركية عن السودان

وماذا بعد رفع العقوبات الأميركية عن السودان

وماذا بعد رفع العقوبات الأميركية عن السودان؟ .. هذا سؤال بدأ يشغل الكثيرين بمجرد أن قامت واشنطن برفع عقوباتها عن الخرطوم السبت الماضي بعد أن استمرت عشرين عاما نتج عنها الكثير من التداعيات الاقتصادية ذات المساس بحياة الناس الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية بالنتيجة، وذلك باعتبار أن الجوانب الاجتماعية هي دائما تشكل تيرومتر قياس مختلف أنواع الممارسات السياسية والاقتصادية.
وباعتبار أن المحور الأساسي في العقوبات وتداعياتها المعاشة هو محور اقتصادي، فإن تساؤلات كثير من الاقتصاديين تدور في سياق البحث عن المآلات التي ستتجه نحوها الأمور اقتصاديا في السودان، ليتفرع السؤال بذلك إلى ثلاث مناح هي: ثم ماذا بعد رفع العقوبات على مستوى الشارع السوداني اي ماذا سيعود على حياة الناس جراء هذ الخطوة؟، ثانيا: ثم ماذا بعد رفع العقوبات بالنسبة للحكومة السودانية ومتخذي القرار؟، وثالثا: ثم ماذا بعد رفع العقوبات من حيث انعكاسها على السياسات الاقتصادية الخارجية للسودان؟
بالنسبة للتساؤل حول ماذا يتوقع رجل الشارع العادي في السودان، وكون أن الشارع السوداني ظل متطلعا بترقب لرفع هذه العقوبات البغيضة ولما يليها من إجراءات قد ترفع عن كاهله المعاناة من تداعيات الكثير من الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها كإجراءات احترازية أو علاجية أحر من العلاج بالكي بالنار دون تخدير بهدف تجاوز ما كان يعانيه الاقتصاد السوداني من آثار سيئة لتلك العقوبات التي عزلته عن النظام المصرفي والمالي العالمي. فها هي العقوبات قد رفعت الآن، فمن البديهي أن ينتظر الشعب السوداني نتائج ملموسة في مختلف قطاعات حياته اليومية.
وفي هذا السياق يرى الاقتصاديون أن ما تم الإضرار به من قطاعات اقتصادية ذات علاقة مباشرة بحياة الناس بسبب عشرين عاما متواصلة من العزلة، يصعب تجاوزه وإصلاحه بين يوم وليلة، بما يعني ان علاج التداعيات المعقدة الأقرب للمزمنة يحتاج بالضرورة إلى حزم متكاملة من ?الخطط، والقرارات، والإصلاحات، والإجراءات التنفيذية الشفافة? .. وكل ذلك يحتاج إلى وقت ليس بالقصير وبعض من الصبر الذي ينبغي أن يكون مسنودا بمؤشرات تشي بأن هناك نتائج إيجابية سيتم جنيها جماهيريا .. وهذا أيضا يحتاج إلى حالة من التضامن والتعاضد بين الجميع أي بين الشارع والحكومة.
وحول ماذا بعد رفع العقوبات بالنسبة للحكومة السودانية ومتخذي القرار؟ في هذا الشأن يرى المراقبون بأن رفع العقوبات الاقتصادية، رغم أن جانبا كبيرا منه يصنف في خانة الانتصار السياسي للدبلوماسية السودانية، ولسياسة النفس الطويل التي انتهجتها الحكومة السودانية في تعاطيها مع الإدارات الأميركية المتعاقبة، إلا أن الوجه الآخر من هذا الإنجاز الدبلوماسي سيشكل عبئا ثقيلا على الحكومة السودانية ابتداء من تاريخ رفع العقوبات، وذلك باعتبار أنه سيقضي على أي عائق ?عقوباتي? كان معيقا لأي خطة حكومية لتنفيذ أي مشروع في مجال توفير الخدمات الصحية أو التعليمية أو في مجال تطوير السكك حديد، أو شركة الخطوط الجوية السودانية، أو إحياء وتطوير مشروع الجزيرة، أو توفير التكنولوجيا المختلفة التي يحتاجها التدريب وتنمية المهارات البشرية، وكذلك التكنولوجيا التي تحتاجها الصناعات الصغيرة والمتوسطة وخصوصا الصناعات التحويلية الزراعية وغير الزراعية التي يرجى منها الإسهام القوي في إجمالي الناتج القومي المحلي بالبلاد.
وبالتالي ستجد الحكومة السودانية نفسها أمام مسؤليات عظمى تجاه تلبية متطلبات شعبها خصوصا وأن قطاعات عريضة من الشعب السوداني ما زالت متمسكة بمفهوم أن ?الدولة خادمة الشعب? .. وحتى إن لم يكن ذلك المفهوم متاحا فإن توفير الأساسيات ضروريا ليتمكن الشعب من أن يكون شريك الدولة أو الحكومة في تلبية متطلباته الآنية والمستقبلية أيضا.
أما ثم ماذا بعد رفع العقوبات من حيث انعكاساها على السياسات الاقتصادية الخارجية للسودان؟ فقد أثبتت السنوات الماضية عمليا أن السودان أصبح وجهة مغرية للكثير من المستثمرين العرب وغير العرب لما يتمتع به من خيرات وموارد متنوعة وجاذبة، غير أن عزلة السودان وخروجه القسري عن النظام المصرفي والمالي، وحرمانه من الدوران الطبيعي في فلك التجارة العالمية المتعلقة بأنظمة ?الباركود: أو الترميز الدولي وغيرها من المعيقات التي تعتبر نتيجة للعقوبات الاقتصادية، جميعها كانت عائقا أساسيا أمام انسيابية وتدفقات الاستثمارات على السودان.
وبهذا الرفع للعقوبات سيكون أمام القائمين على الترويج للاستثمار الأجنبي في السودان الكثير الكثير من المسؤوليات خصوصا فيما يتعلق بالإجراءات الإدارية التي تحتاج إلى هزة هيكلية تساعد على الجذب الاستثماري بشكل أفضل.
وعلى الجانب الآخر المتعلق أيضا بالسياسات الاقتصادية الخارجية، فإن رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية، بالضرورة سيفتح آفاقا أوسع للتعاطي الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع أميركا، الأمر الذي ينبغي أن يكون مصحوبا بشكل أساسي بكافة مراحل دراسات الجدوى الاقتصادية، مع ضرورة الانتباه لعدم الضغط على إيرادات البلاد من العملات الصعبة عبر الاستيراد غير الضروري من المنتجات الأميركية، وأهمية التركيز على التكنولوجيات الإنتاجية المهمة، فضلا عن تضمين الاتفاقيات الاستثمارية شروطا سيادية تتعلق بضرورة تدريب القوى العاملة السودانية والحفاظ على نصيبها في العمل في المشروعات الاستثمارية الجديدة وغيرها من شروط الاستدامة التي تؤكد على حق الأجيال القادمة في كافة الاتفاقيات الاستثمارية بعد رفع العقوبات الاقتصادية ??? فهنيئا للسودان بما تحقق، ونأمل أن تجد كافة أسئلة المراقبين إجاباتها الشافية عمليا.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..