الدولة غير مسؤولة عن الفقراء (1)

أن تكون فقيرا في وطن غني هو الجنون ذاته يمشي بمحاذاتك لأن الألم والقهر الذي تشعر به يعود إلى شعورك بأن أحدهم تسبب في ذلك الفقر ولكن الفقر في حد ذاته ليس عيبا يستدعي التباكي لأنه حالة ترتبط ارتباطا وثيقا بك خصوصاً إذا كنت تنتظر أن يتغير وضعك المادي وأنت في بلد نامي ومتخلف ويقع في نطاق الدول النامية أو النائمة إذا كنت تعتقد ذلك وانت ترفض الايمان بأنك المسؤول عن فقرك وحريتك في بلد كهذا!
دعنا نسترسل في الحديث يا صديقي ونحاول الإجابة على تساؤلات تدور في مخيلة كل معدم وفقير وجائع ومشرد في هذا الوطن!
هل قضية الفقر والجهل والصحة والتعليم من اهتمامات الدولة وهي المعنية بتوفير حياة كريمة لكل مواطن ؟
ام هي قضية ترتبط باجتهاد الفرد نفسه وأخلاقه ونظرته للحياة ومعرفته بما له وعليه ؟! وإيمانه المطلق بحق المواطنة والعمل والمساواة ؟
هنا تختلف الاجابات ويحتد النقاش والفلسفة ويتباهى الجميع بمعرفتهم بأمور الاقتصاد والسياسة والقانون الدولي و الإنساني ..الخ
ولكن نترك هذا الأمر لاجتهاد القارئ ليعلمنا هو عن رؤيته ونظرته لأسباب فقره وحوجته في دولة تمتلك اسباب الرفاه الاجتماعي والاقتصادي بحسابات الربح والخسارة
من المفترض أن لا يكون فيها مواطن فقير أو مشرد .!
أن الذين لا صوت لهم في أي وطن هم الفقراء وكل من ينام جائع ومريض في بلد السلطة السياسية تعتبر الحرية تعري ورقص وفجور والدين مساحة لقمع الآخر ومصادرة حقه في التعبير والكتابة ونقد الآخر في بلد فقراءؤه بين مطرقة السلطة واستبدادها وسندان دعاة التغيير ومشتقاتها.
في وضع كهذا على الجميع أن يخرج عن صمته ويعبر عن ذاته بأي شكل كان يسأل يكتب يمشي في الطرقات يفعل أي شيء حتى لا يموت كمدا وقهرا من هذا الواقع المرير تلك الهرطقة سمها ماشئت وهذا الاستهلاك الغير مجدي لحروف اللغة العربية نابع من تساؤلات داخلية تعتري الكاتب كلما خلد إلى النوم يتساءل ما هو مصير الآلاف الذين يبيتون في منازلهم المظلمة بدون أكل أو شرب أو أمن وأمان أو حتى إبتسامة حانية وفي نفس الوقت هناك طغمة فاسدة تعيش في رغد من العيش والسلام والحرية وكل الفئتين يعيشون في رقعة جغرافية واحدة ولكن الفوارق بينهما عميقة
وهذا ما يسمى بالظلم الاجتماعي والفساد السياسي وتوزيع موارد الدولة في غير موضعها
وتظل قضايا الفقر والتنمية المتوازنة هي أس المشكلات في كل الدول النامية في افريقيا ولكن المضحك المبكي أن هناك دول استطاعت الخروج من هذه القوقعة وعالجت مشكلة الفقر عبر برامج التكافل الاجتماعي والإنساني ووضعت أسس علمية حديثة تعالج قضايا الفقر وما يرتبط بها من تشرد وهجرة وأمراض نفسية واجتماعية أن من الخطأ أن يتم ربط قضية الفقر بالسلطة التي تتحكم في موارد البلاد وتحتكر أدوات الإنتاج الزراعي والصناعي وتجلب الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر بغرض توزيع عائداتها على المواطنين مما يتحول إلى الفقراء في شكل خدمات هذا خطأ لأن من المعروف أن أي سلطة سياسية خصوصاً في الدول التي تصنف بأنها نامية دوما ما ينصب اهتمامها بكيفية الاستمرار في الحكم والسلطة بعيدا عن قضايا الفقر وغيرها
إذا من هو المسؤول عن هذا الأمر المسؤولية تقع على المواطن نفسه ودرجة وعيه بحقوقه وقدرته على انتزاعها رغم فساد السلطة السياسي واستبدادها وهذا ما يدفعنا أن نقول بأن الفقراء هم المتسببين في فقرهم وحوجتهم ومتى ما شعروا بالحرية وبث فيهم الوعي بحقوقهم سيحصلوا عليها من المستبدين وهذا الحديث قد يتفق أو يختلف معه الكثيرين وهذا أيضاً يعود إلى درجات وعيهم المتفاوتة ونظرة كل منهم للقضية بجوانبها المختلفة السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل وحتى الثقافي لأن الموضوع متشابك ويحتمل الكثير من وجهات النظر ولكن خلاصة الأمر أن القصد من هذا المقال هو البحث والتفكير في مفاهيم التكافل الاجتماعي التي تم تطبيقها في العالم الأول ولم تطبق في دولة كالسودان تدعي كل حكوماتها المتعاقبة بأنها إسلامية ونحن نعلم أن هذه القيم الاجتماعية هي من صميم الاسلام ولكن لماذا لم تطبق هذه القيم الاجتماعية وحصل العكس تماما؟
القهر والإستبداد تجاه الفقراء والمعدمين ولم تلتفت عليهم أي سلطة سياسية جديدة وتهتم بقضيتهم وتنصفهم وتضع القوانين التي تكفل لهم حقهم في العيش بكرامة وحرية كذلك هؤلاء المعدمين والفقراء لماذا يستسلمون لسلطة يعلموا بأنها مستبدة تسرق قوت يومهم وتقمعهم وتصادر حياتهم بل يصل بها الأمر أن تقتلهم أن لم يكن بالجوع والقهر والإستبداد سيكون بالرصاص ورائحة الدماء
أذا في حسابات سلطة بهذا الفهم الرجعي والمتخلف هؤلاء الفقراء لا وجود لهم هم موتى ورغم ذلك الجميع يستسلم وينتظر أن يتحسن الوضع في يوم من الايام هؤلاء حالمون وبقدر بساطتهم لأن هناك جهات تعلم كيف تقوم بمهمتها لصالح المستبدين عبر تغبيش وعي هؤلاء البسطاء وتخويفهم بمصيرهم المجهول إذا ما فكروا في التمرد على هذا الواقع المرير

نورالدين جرجرة
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..