رفع الحظر والمتوقع منه!!!

سالني أحدهم: لماذا لم تكتب أو تعلق على موضوع رفع الحظر بعد معاناة استمرت 20 عاما؟ هل أنت سعيد بذلك ؟ أم إنك مع الذين ينادون بعدم رفعه؟ أم على الحياد؟ أم لم تكوّن رأيا بعد؟

كانت إجابتي له: عندما تكون مقاطعا لشخص ما أو في حالة خصام معه، ويتم الصلح، ألا تكون سعيدا بذلك؟ قال بلى.. قلت هذا ما أشعر به الآن. لم يعجبه ردي. فقال، ردك هذا لم يجب على ما أردت أن أعرفه. قلت ماذا تريد أن تعرف؟ قال: بصراحة هل ستستفيد البلاد من هذا الأمر؟ أم سيبقى كل شيء على ما هو عليه أم سيزداد الأمر سوءًا؟

قلت: هل ما نحن عليه الآن سببه الحظر؟ كان رده ?بالطبع هذا هو السبب الرئيس?. ضحكت، وقلت: هل السودان بكل هذه الامكانيات المهولة يحتاج لأية دولة حتى يصبح من الدول المرموقة على الأقل اقتصاديا؟ قال?ماذا تعني?؟ أجبته بأننا دولة تمتلك كل شيء، موارد، وعلم وعدد سكان مناسب. ماذا ينقصنا؟ هل كما قال الباشمهندس عثمان ميرغني أننا لا نعرف كيف نحلم؟ بالتأكيد نعرف كيف نحلم، لكن للأسف هنالك من يسعى بشدة لتحطيم قدرتنا على الأحلام وتطبيقها والإبداع فيها وإنزالها إلى الواقع. قال ?من تقصد بذلك؟ هل هم في الداخل أم في الخارج؟ سودانيون أم أجانب؟?. قلت هم سودانيون ويحكموننا أيضا منذ ما يقارب الثلاثين عاما. حطموا بنياتنا الأساسية ، واستولوا على كل ما تبقى، وتحكموا في كل مفاصل الدولة وفي كل الداخل والخارج منها، ولن يسمحوا، مهما كانت الظروف لأحد أو جهة ما بأن تشاركهم في ذلك، ويعتقدون أن هذه البلاد ملك لهم هم فقط. قال: تفتكر الأميريكان سيتركونهم يفعلون ذلك بنا بعد أن تتطبع العلاقات وينتشروا بيننا؟ قلت: هل نسيت أنني عشت بالولايات المتحدة اربع سنوات ونصفا بالطول والعرض، واندمجت في مجتمعهم بطريقة لم يسبقني أي مبعوث عليها. امتدت علاقاتي بالأسر من كل الأعراق (انجلو ساكسون وزنوج ومكسيك ويهود) وكنت عضوا بالعديد من الأندية (إكراميا)، ومشاركا فاعلا في كل الأنشطة الراضية لاعبا و متابعا من كرة قدم أميريكية وسلة وملاكمة محترفين وطلاب، ورحلات اجتماعية وعلمية. كان بيتي مزارا للعديد منهم وكانموا يأتون خصيصا لتناول الوجبات السودانية رغما عن عزوبيتي فأنا طباخ ماهر!! كنت مشتركا بالعديد من الصحف والمجلات ومتابعا لكل البرامج بالتلفاز سياسية وسهرات (التوكشو) والمسلسلات..الخ. بل كنت أعشق السماع للسلام الوطني الأميريكي، وهو يهز المشاعر واعتبره أحد ثلاثة اناشيد وطنية رائعة (السوداني والمصري والأمريكي). بل عرض علي البقاء هناك بجامعة كاليفورنيا ?ديفيز، وأنا بجامعة أريزونا، والتقدم للجرين كارد، ورفضت!! نعم رفضت لسببين. أولهما أن حياتهم رغم جمالها وبساطتها لا تناسبني. ثانيا، وعدت مدير الجامعة المرحوم محمد عبيد مبارك بالعودة وأن لا أخذله، خاصة وأننا الدفعة الأولى من الأساتذة بالجامعة الوليدة.

عليه، أقول لك أن الأمريكان شعب عظيم وجميل ويسهل التعامل معهم ويحترمون الكل. لكنهم لا يعرفون أي شيء خارج حدود الولايات المتحدة، ولا يهمهم ذلك في شيء. فدائما ما يقولون لك نحن رقم واحد (نمبر ون)، فلماذا ننظر للأخرين؟؟!! ثانيا، كل شيء هناك ينظر اليه على أنه بيزنيس (عمل)، ربح وخسارة. لابد من دراسته دراسة متعمقة (جدوى) ومفصلة قبل اتخاذ القرار. الوقت بالنسبة لهم عامل رئيسي لنجاح أى شيء، ولا يتركون شيئا للصدفة. كل موضوع أو مشروع لديه أكثر من سيناريو لتنفيذه ونجاحه، مع المتابعة بدقة لتصحيح المسار في أي لحظة. الشعب لا يتدخل في عمل الحكومة. طالما انتخبها فعليه قبول ما تقوم به. إن فشلت فلديه انتخابات قادمة وستنال عقوبتها بانتخاب حزب آخر.

الحكومات الأميريكية على مر العصور لديها برنامج واستراتيجيات طويلة المدى. الفرق بين حزب وآخر في تنفيذ هذه الاستراتيجية أو الخطة. مصلحة الولايات المتحدة ومواطنيها فوق الجميع. يلتزم بذلك الجمهوريون والديموقراطيون والمستقلون وغيرهم.

هل أجبتك يا صديقي؟ قال أنت بهذا السرد تسببت في تعقيد الأمر أكثر.

سالته: لماذا قامت الولايات المتحدة بعد 20 عاما من الحصار برفعه؟ هل هي راضية بالفعل عن أداء المؤتمر الوطني، ولا أقول الحكومة؟ هل هي عملية رفق بالانسان السوداني الذي طحنه المؤتمر الوطني؟ هل رأت أن حصارها لم يعد مناسبا لسياسات العصر الحالي، وهنالك طرق أخرى للعقوبات؟ أم هل عجزت عن التخلص من المؤتمر الوطني؟ والخيار الأخير، قد تكون قد رأت أنها لن تجد في السودان نظاما أنسب للتعامل معه من أجل مصالح أميريكا من المؤتمر الوطني؟

الإجابة في الحلقة القادمة إن شاء الله .. اللهم نسألك اللطف (آمين).

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..