?جورج ويا? رئيساً

في مباراة السودان وليبيريا في تصفيات أفريقيا لكأس العالم 2000، لعبت ليبيريا مع السودان في استاد الهلال، في التشجيع كان السودانيون يهتفون (يا جورج يا ويا سودانا مية المية)، وأعتقد حينها كان لاعب الكرة المشهور ?جورج ويا? محترفاً بأوروبا عاد ليشارك مع منتخب بلاده، المباراة انتهت بهزيمة السودان 2 صفر، وعندما رأى السودانيون خيبة فريقهم في الميدان شجعوا الفريق الليبيري، وحين غادر بصه إستاد الهلال صفقوا له وقابلوه في الشوارع بالترحيب. ويعتبر ?ويا? أفضل لاعب أنجبته أفريقيا، فقد نال جائزة أفضل لاعب أفريقي في القرن العشرين وأفضل لاعب في أوروبا وأفضل لاعب في العالم، ليصبح أول لاعب في العالم يجمع الألقاب الثلاثة، اعتزل اللعب عام 2002 وتحول إلى العمل السياسي والعام، وترشح للانتخابات مرتين، لكن لم يوفق في المرة الأولى بسبب حظوظ رئيستهم التي شهدت ليبيريا في عهدها استقراراً كبيراً. عاد ?جورج ويا? وترشح في الانتخابات الأخيرة الأسبوع الماضي، وفاز بالأغلبية وسيصبح أول رئيس من خلفية رياضية.
ليبيريا قفزت خطوات بعيدة في 12 سنة فقط، بعدما فازت بالرئاسة سيدة اسمها ?إيلين جونسون? عام 2005 لتصبح أول رئيسة في أفريقيا، حينها كانت ليبيريا تعاني من عدم الاستقرار السياسي، ولكنها عملت على تحقيق السلام والتصالح والتطور الاقتصادي والاجتماعي وتطوير وضع النساء، وتعزيز علاقة بلادها بالعالم خاصة الصين والولايات المتحدة. وفي عام 2011 خاضت الانتخابات للمرة الثانية وفازت بـ90% من الأصوات وفي ظلها استطاعت ليبيريا لأول مرة، الحفاظ على الاستقرار السياسي الذي فقدته، وبعد حروب أهلية دامت 20 عاماً، وهاهي اليوم تسلمها إلى ?جورج ويا? والبلد آمنة ومستقرة.
ليبيريا لمن لا يعرفها تقع في غرب أفريقيا وهي واحدة من دولتين فقط جنوب الصحراء ليس لها جذور صراع غربي مثل بقية دول أفريقيا، وقد أسسها الأفارقة المحررون من الولايات والذين أعادتهم إلى أفريقيا، وأخذتهم السفن إلى هناك بدلاً من إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية، وأسسوا حكماً على غرار النظام الأمريكي في المنطقة بمساعدة من جمعية الاستعمار الأمريكية وسموا الدولة ليبيريا ومعناها الحرية، وسميت عاصمتها ?مونروفيا? تيمناً بالرئيس الخامس لأمريكا ?جيمس مونرو?، وبدأت الدولة عملية تحديث في أربعينيات القرن الماضي تحت إدارة هؤلاء العائدين من أمريكا، ولكن في عام 1980 حدث انقلاب عسكري أطاح بهذه المؤسسة وحدثت فيها صراعات عنيفة على السلطة، وقتل وشرد مئات الآلاف من السكان، لدرجة أن رئيسها الأسبق اتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأدين في ?لاهاي? عام 2007، ولم تنعم بالاستقرار الكامل إلا بعد أن جاءت الرئيسة ?إيلين? وأحدثت فيها نقلة اقتصادية واجتماعية كبيرة.
السؤال الآن هل يستطيع ?جورج ويا? الحفاظ على استقرار البلد ويعبر بها نهائياً إلى بر الأمان من أمراض القارة الأفريقية المزمنة؟ الأمر ليس صعباً فالحكم الراشد هو دليل أي رئيس أراد لبلده الاستقرار مهما شهدت من ظروف، خاصة إذا كان ينعم بحب الشعب مثل ?جورج ويا?، وهو الآن أمامه الفرصة ليكون لاعباً سياسياً ناجحاً ليسجل اسمه في التاريخ مرتين.
التيار