فن لغة و إدارة الخلاف ..!

إذا كان تصغير الخد أو السكوت على الإهانة هونوع من الضعف الذي يتجاوزحد التسامح المطلوب أو يجعل من الحلم نوعا من الجُبن .. فإن اللجوء الى المصادمة بلغة العوالم سواء عند الرجال أوالنساء هو ذروة الضعف لاسيما إذا كان يتجاوز حدود اللياقة ويكسر حواجزالأدب.
لم نألف من كبارنا في ما ضينا السياسي منذ أن شب وعينا عن طوق سذاجة الصبا و علا فوق رعونة الشباب وقارب من أكتاف النضوج.. وبرغم قصورهم ولا نقول فشلهم في كيفية قياد رسن البلاد في مضمار ونهج الديمقراطية بالرشد السياسي القائم على سيقان الوطنية البعيدة الخطى عن دروب الإحن الحزبية و الطائفية والعقائدية الضيقة المواعين .. بل فقد كنا برغم كل ذلك ننبهر من ذلك الآدب الجم حينما يختلف سياسيونا الذين أسسوا لمرحلة الإستقلال وما بعدها من مراحل الشفافية الموءدة .. ولكنهم كانوا يديرون تلك الخلافات بلغة ما فيها حطة المقصد ولا درن اللسان ..ولم ينحدروا يوما الى درك التنابذ بالأمور الشخصية ولانقاط الضعف الإنسانية التي لا يسلم منها بشر طالما أن تلك أوهذه لا تؤثر في الأداء العام لمهمة الموقع الذي يشغله المسئؤل باستثناء الجنوح للفساد واشاعة الرذيلة والمجاهرة بما هو مشين طبعا كخطوط حمراء ينبغي أن ينتهي عندها المستقبل السياسي والوظيفي لمرتادها ..!
ولم نسمع منهم أن أساءوا لهذا الشعب ببنت شفة ..لانه هوالذي كان يكلفهم وليس هم من يركبون على ظهره قسرا بفرض أنفسهم عليه بدعوى أنهم أصحاب ولاية سماوية تجعلهم قوامين عليه بتقوى مزعومة في القول ومنزوعة في الفعل !
ولكن حينما ينفلت لسان من يملك السيف وهم جبان وينتفخ جيب من يستغل نفوذه وهومحض سارق ..و يصبح القلم في يد من يفتري على الفهم من منطلق موقعه وهو جاهل ليس إلا ..وتصبح لغة التحقير هي ديدن كل أولئك لمجرد أنهم أمسكوا بزمام مكبر الصوت ظناًمنهم أن علوا الصياح هوما يجلب الغلبة لمنطقهم الأعوج ..فلا بد أن تنشأ في المقابل أصواتٌ تفسخ ثوب الحياء لتنازل ذلك الفريق بعري الأسلوب في ساحات التشنيع والتبشيع ..ونزوع كلا الفريقين الى هذا المستوى من الإنحدار مرفوض لاجدال في ذلك !
لم نسمع من المحجوب أو زروق أوالأزهري وشيخ علي عبدالرحمن أو عبدالخالق ولا حتى الترابي في ذلك الزمان الذي تأدب فيه الجميع باخلاق زمانهم مثلما لم نسمع من فاطمة أحمد ابراهيم وكل شقيقاتها وعلى مختلف إتجاتهن السياسية وفي كل مراحل الماضي ولوكلمة واحدة خارج سياق ادب المرأة السودانية التي تربت على القيم السامية فطبقتها بدءاً في نظرة الخفر قبل تعفف اللسان!
من حقنا أن نختلف ..ولكن وجب على كل منا أن يحفظ المسافة التي تجنبه الإقتراب من خصمه ببذي القول أونبش النواقص ..فليس فينا من هوكامل في صفاته .. وهذا القول معنيٌ به الحاكم قبل المحكوم ..والموالي قبل المعارض !
فإذا كان الإختلاف أصلاً في كيفية إدارة الوطن كلٌ من منطلق فكرته التي يراها الأصوب ..فمن الأولى أن نفهم أولاً كيف ندير ذلك الخلاف وليتعلم كل منا اللغة الرفيعة التي يعادي بها الآخر دون إنتقاص أو تحقير .. فثملما لا يرضى المرء أن يصيبه مساس في نفسه بعيداً عن المبدأ المختلف حوله وعليه ..فينبغي ألا يذهب ابعد مما ينحصر في الشأن العام ..إلا إذا كان غرضه غير ذلك الصالح أوهو يدعي الكمال ..وتلك صفة الخالق وحده !
ولنافي من الدروس ما يكفي ..في بيت الحكمة للإمام الورع الشافعي .. الذي يقول
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى ..
ودينك موفور وعِرْضُكَ صَيِنّ..
لسانك لا تذكر به عورة امرئ ..
فكلك عورات وللناس ألسنُ
وعيناك إن أبدت إليك معايباً ..
فدعها وقل يا عين للناس أعينُ
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ..
ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ..
[email][email protected][/email]
مقالك على غير العادة فيه كثير من الاستعارات والتورية، فما الذي استجد؟
مقالك على غير العادة فيه كثير من الاستعارات والتورية، فما الذي استجد؟