أحداث جمهورية افريقيا الوسطى

فشل الجهود الدولية لاكمال عملية السلام و استعادة هيبة الدولة و حماية المدنيين في جمهورية افريقيا الوسطى.
في اقل من اسبوع تعرضت الاقلية المسلمة لهجمتين دمويتين ومقتل و جرح اكثر من 200 مسلم في بلدتي كيمبي و بمبلو في جنوب شرق افريقيا الوسطى. يقال ان المهاجمين خليط من مقاتلين محليين و مرتذقة من جنوب السودان و جمهعورية كنغو الديمقراطية. تعمل هذه المجموعات تحت شعار الجماعات المسلحة ذات غالبية المسيحية والتي تعرف بمليشيات الانتي-بلاكا (ترجمتها بالفرنسية مجموعات ضد ذخيرة الكلاشنوف), تؤمن هذه الجماعات المتشددة بالخرافات والسحر و تحمل حجاب محلي حسب اعتقادهم تمنع اختراق الذخيرة في اجسادهم, وتعلن في مبادئها انها تهدف لطرد الاجانب من بلدهم اوصراحة تسعى لانهاء وجود المسلمين في اراضيهم كهدف اساسي.
منذ سبتمبر 2014 دفعت الامم المتحد بقوة دولية (تحت مسمى المينوسكا) لدعم الحكومة السنترال افريقية لبسط هيبة الدولة و حماية المدنين و تسهيل العون الانساني, الا ان المهمة تصعب يوم بعد يوم بسبب حفاظ الجماعات المسلحة على اسلحتها و محاولتها المستمرة للسيطرة و توسيع نفوذها في المجتمعات المحلية و السيطرة على الموارد الطبيعية من ذهب و الماس و مراكز تمركز الرعاة لفرض الرسوم و الضرائب.كذلك يستمر الصراع بسبب عمليات تدفق السلاح المستمر والمقاتلين من تشاد, السودان و جمهورية كنغو الديمقراطية حسب تقارير الامم المتحدة والمراقبين الدوليين.
في نوفمبر 2016 و حتى ابريل 2017 حدث قتال عنيف بين المسلمين, جماعات الفولاني (الفلاتة و الامبروروا) من جهة و بقية المسلمين من القبائل الاخرى (رونقا, قولا, عرب, سارا, كارا, يولو….) في شرق افريقيا الوسطى, شاركت مليشيات الانتي بلاكا مع بقية المسلمين في قتال ضد مجموعات الفولاني, تم تدمير قرى الفولانيون واستفادت هذه المليشيات من بعض التسليح والمال لتعيد صفوفها للقوة و منذ شهر مايو 2017 تنظم هجمات دموية ضد الاقلية المسلمة كافة دون تمييز وقتل المئات في كل من منطقة بنقاسو, باكوما, و منطقة زميو واخيرا في منطقة كيمبي و منطقة بمبلو التي استهدفت صباح اليوم الاربعاء وقتل فيها 161 و جرح 52 بما فيهم النساء و الاطفال حسب التقارير الاولية.
التسلسل التاريخي:
بدا الصراع بالانقلاب العسكري 2013 حينما طرد الرئيس فرانسوا بوذيذي من السلطة بواسطة متمردي السليكا ذات الغالبية المسلمة, تولى ميشيل جوتوديا المسلم (السيد ضحية), رئيس تحالف سليكا السلطة في بانقي في مارس 2013. حكم السيد جتوديا رئيس سليكا لفترة 9 اشهر و انهار النظام الاداري والقضائي في عهده نتيجة لمشاركة مرتذقة من تشاد والسودان في القتال وفشل جتوديا في السيطرة على حلفاءه من الدول المجاورة والذين ساندوه في الحرب. نتيجة لذلك ارتكبت مجازر و احداث عنف ضد الغالبية المسيحية من السكان المحليين مما دفعتهم لتكوبن مليشات الدفاع الذاتي (الانتي بلاكا) بواسطة بعض افراد القوات النظامية السابقة, و تحول هذه المجموعات لاحقا الي حركة متعصبة تهجم كل المجتمعات المسلمة دون تمييز. فشلت انذاك الجهود الاقليمية لتبسيط السلام من دول السيماك تحت قيادة تشاد و جمهورية كنغو.
بمساعدة من بعض افراد القوات المسلحة المنهارة, استطاعت المليشيات المسيحية بشن هجوم كاسح ضد العاصمة بانقي بتاريخ 05 ديسمبر 2013, دافعت مجموعات سليكا عن سلطتهم وحصلت مجزرة دموية للمسلمين و المسيحيين معا.
بعد المجزرة الدموية و التوترات المستمرة و نزوح اكثر من 2 مليون نسمة, قرر المجتمع الدولى بطلب من فرنسا بارسال قوات دولية عاجلة لحماية المدنين و تنظيف العاصمة من المليشيات والسلاح.
دخلت القوات الفرنسية بتاريخ 06 ديسمبر 2013 و استطاعت ان تساهم في هدوء نسبي لكن سرعان ما تحولت الامور لصالح المسيحيين مع استغلال السياسين للصراع و تحويلها الي صراع ديني (اسلام-مسيحية) و كثف المسيحيون هجماتهم ضد المسلمين مع تجميع مقاتلي السليكا في معسكرات و تقييد حركتهم. واصبحت الاقلية المسلمة دون حماية كافية من ايدي المدنيين و المليشيات المسيحية والتي تحمل غالبية افرادها اسلحة بيضاء واسلحة تقليدية. اتهمت الاقلية المسلمة القوات الفرنسية بالانحياز للجانب المسيحي عند دخولها و قيامها بتجريد اسلحة جماعات السليكا و تجميعهم في المعسكرات بالقوة وهو اتهام رفضه فرنسا. وبعد تازم الاوضاع وبمساعدة الجيش التشادي تم اخلاء المسلمين ذات جذور تشادية و دول الساحل الافريقي الي بلدانهم.
في يناير 2014 بضغوط من المجتمع الدولي و الاقليمي تنازل الرئيس ميشيل جتوديا عن السلطة و تم تكوين حكومة انتقالية برئاسة السيدة كاترينا سيمبا بانذا, وبعد عامين من حكومة انتقالية, نظمت انتخابات في مارس من العام 2016 و فاز بها البروفيسر “فوستا اركاج توادرا” الرئيس الحالي لافريقيا الوسطى.
الا ان الصراع رغم الهدؤ النسبي في العاصمة لا زال يحصد ارواح المدنيين والمقاتلين من الجانبين وتحدث مناوشات من وقت لاخر مسحوبة بعمليات حرق للقرى و نزوح مستمر للقرويين. انسحبت القوات الفرنسية من افريقيا الوسطى في ديسمبر 2016 نتيجة لضغوط داخلية و بعد اكتمال عدد القوات الاممية, للاسف مغادرة الفرنسيين تركت فجوة و ثغرة لانها كانت القوة الضاربة الوحيدة التي تمتلك القرار و الامكانيات الحربية لردع المقاتلين والمليشيات من شن هجمات ضد المدنيين.
تعتبر ازمة افريقيا الوسطى واحدة من اسوا الازمات الانسانية في العالم اليوم و يسعى المجتمع الدولي عبر المنظمات الدولية تقديم العون الانساني الطارئ و اعادة بناء النسيج الاجتماعي و حماية المدنيين.

علي عبدالرحمن داؤد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تخيل ان السودان نجح ان يكون التعايش ممكنا بين المسلمين والمسيحيين والأديان . الا ينعكس هذا خيرا ونموذجا ينقذ مسلمي افريقيا الوسطى والروهنجا.
    او على الأقل اليست هي مسئولية وواجب ملزم ان تتفكر مصير المسلمين كل مكان.؟

  2. تخيل ان السودان نجح ان يكون التعايش ممكنا بين المسلمين والمسيحيين والأديان . الا ينعكس هذا خيرا ونموذجا ينقذ مسلمي افريقيا الوسطى والروهنجا.
    او على الأقل اليست هي مسئولية وواجب ملزم ان تتفكر مصير المسلمين كل مكان.؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..