مرة اخرى جبهة المستنيرين

في مستهل مقالي الذي نشرته بالامس قلت ان تناول هذا الامر يتطلب تفكيرا غير تقليدي وخارج الصندوق
وكما توقعت جاءت بعض الملاحظات متعجلة لم تتعمق وتحفر عميقا حول اهداف المقترح مماتطلب مني هذا المقال التوضيحي شاكرا للجميع اهتمامهم وتفاعلهم متفقين او معترضين
استندت فكرتي والتى اعترف بانها غير تقليديه الى نقطتين
الاولى رفض مسالة الدوله الدينيه واستبدالها بالدوله المدنيه
ثانيا الجهات والجماعات التى اعتقد انها مؤهلة للتصدي لرفض الفكره ومنازلة اصحابها في ميادين الفكر
ومن البديهي ان اليساريين والليبراليين ان يكونو في مقدمة الرافضين للفكره وهذا امر بديهي ولكن ان نجند لها من يرفضونها من داخل الجماعات ذات الخلفيات الدينيه فهو مايعطيها مصداقية وقوة حجة وبنفس الادوات والمرجعيات ذات الطابع الديني علما بان كثيرا من هذه الجماعات تقاتل بشراسه ضد الظلاميين حفاظا على صورة الدين التى يؤمنون بها والتى يتهمون الظلاميين بتشويهها
وفي الجانب الاخر فان متطرفو الاسلام يقاتلون حرفيا ضد هذه الجماعات لانها تحاربهم بامضى سلاح وهو سلاح الدين نفسه وهم يواجعونهم بشراسه شديده تحت ذاك الفهم
الجهات ذات الطابع الديني التى اوردت اسماءها كشركاء اساسيين في الجبهه لم اتي بهم اعتباطا وتكبير كوم وانما جاء ذلك بعد دراسة عميقة لافكارهم استمرت لعشرات السنين وبعد حوارات مباشره معهم
ثالثا وكما لاحظ الصديق مجدي اسحاق الذي وافق على الفكره وتحفظ على اسم الجبهه بمايحمله من حمولات سياسيه تستدعي للوهله الاولى مدلولات الاسم المتعارف عليها وقد اتفقت مع ملاحظته وقلت ان الجبهه في الفكر السياسي هي تجمع لجهات مختلفة المشارب تتفق على برنامج حد ادنى تعمل على تنفيذه
وقد تعاملت مع المصطلح بهذا الفهم وان كانت دلالاته السياسيه قد القت بظلالها على ردود من انتقدو الفكره متعجلين بحسبانها دعوه الى تحالف سياسي جديد يضم ثلة من المتتاقضين
وهوالامر الذي لم افكر فيه ابدا…
مادخل الجهات ذات الخلفيات الدينيه في مسالة التصدي للدوله الدينيه؟؟
ان النظره المتعجله لهذه الجهات بدون تمحيص او درايه تجعلنا نضعهم شئنا او ابينا في سلة واحده مع الظلاميين وهذا ظلم بين لهم وتعجل مابعده تعجل في الحكم عليهم بينما هم يقاتلون معنا في المعركه ضد الدوله الدينيه انطلاقا من قناعاتهم كمسلمين
فكيف نتعجل ونرفض تحالفهم في هذه القضيه معنا فنعطي وبغباء حجة الذين يدعون لوحدة اهل القبله تحت رايات دولتهم
فلنفكك معا المقترح بهدوء ….
المتصوفه…
ان اهداف المتصوفه هي تربية الانسان على القيم الفاضله من زهد وحسن خلق وليست لمعظمهم رغبه في دخول المعتركات السياسيه كاحزاب تدعو للدوله الدينيه وقد فشلت اجتهادات الاسلاميين في ادخالهم في دائرة النشاط السياسي الا في حدود ضيقه ولم يتفرغ للسياسه غير بيت واحد الى درجة ان انغماسهم في الشان السياسي ابعدهم عن اصولهم الصوفيه علما بان الحزب الذي رعته الطائفه الختميه وبالرغم من عمامته الدينيه فقد كان يحتوي على مجموعة من اقوى التيارات الليبراليه وظل خصما تقليديا للاسلاميين
ان من يتعجلون في رفض وضع بعض المتصوفه في قائمة المستنيرين يتجاهلون التاريخ المضيئ لاباء التصوف ممن كفرهم الظلاميون واعدمو علماءهم عبر حقب التاريخ المختلفه كالحلاج والسهروردي وغيره ويتجاهلون النزعه الانسانيه العاليه وروح التسامح التى اتسم بها المتصوفه عبر التاريخ
كما ينسون استهداف المتصوفه وتكفيرهم من قبل الظلاميين ممن لاشاغل لهم غير تسفيه المتصوفه ووصفهم بالقبوريين وعبدة الازلام
هذا قطاع عريض ومؤثر ينازل الظلاميين على مدار الساعه يوميا فهم حلفاء اصليين في جبهة المستنيرين منطلقين من فهم انساني عميق لقيم الدين بعيدا عن طغيان الدوله الدينيه
الشيعه…
انطلق بعض منتقدو الفكره من ضم الشيعه انطلاقا من فهم متعجل يتهم الشيعه بانهم دعاة دوله دينيه وقد اشار البعض الى تاييدهم لدولة ايران الدينيه
ومن يدرس كتب الشيعه الاثني عشريه ومراجعهم الرئيسه عندي ينسى نقطتين رئيستين
الاولى ان الشيعه يؤمنون بان من يطبق الشريعه هو امام معصوم والامام المعصوم عندهم الان هو المهدي المنتظر الذي سيخرج في اخر الزمان فيملا الارض عدلا بعد ان امتلات جورا وحيث ان هذا المهدي في اساس فكرته من الغيبيات ولايعرف زمانه وقد لاياتي زمانه ونحن احياء فالى حين ظهوره بين يدي الساعه فان غالب الشيعه لايقبلون بدولة دينية يديرها غيره فحتى ذلك الحين فهم يناصبون الدوله الدينيه العداء واما تاييد ايران من الناحيه الدينيه فهم مصدر خلافات لاتنقطع بينهم استنادا الى الفهم الذي شرحناه
ثانيا فان دعاة الدوله الدينيه هم من غلاة السنه ومعلوم ان الشيعه من حيث المبدا لهم تفسير مغاير للقران ولايعترفون بكل كتب الاحاديث السنيه فهم لاياخذون الاحاديث الا من ال البيت
وحيث ان دولة الظلاميين ستكون سنية بالضروره فهم ضدها مهما كانت شعاراتها
فكيف نبعدهم عن جبهة المستنيرين وهم من دعاة العدل الاجتماعي والقيم الانسانيه فهم حلفاء لنا في الصراع ضد المستنيرين وللعلم فالشيعه السودانيين ليسو فصيلا صغيرا بل هم مجموعات تتزايد اعدادها كل يوم ولهم مفكروهم وعلماؤهم الافذاذ ولهم كتابات عميقه في رفض الدوله الدينيه
الجمهوريون
ابتداءا يقوم الفكر الجمهوري على رفض مبدا الدوله الدينيه وقد حسم الاستاذ الشهيد محمود محمد طه ذلك في كل مؤلفاته وعلى راسها فكرته القائله بعدم تطبيق قران الشريعه الذي نزل بالمدينه والاخذ بالقران المكي الذي يخاطب الانسانيه بقيمها العامه فهو يعتبر ان قران المدينه قد نزل لتلبية حاجات سكان المدينه في القرن السابع الميلادي فهو بصورته الاولى لايصلح لانسانية القرن العشرين على حد تعبيره ويكفيه شرفا ان مضى شهيدا في رفضه للدوله الدينيه
وحيث ان دعاةالدوله الدينيه يركزون على تطبيق شريعة القران المدني بدون ان يضعو في اعتبارهم متغيرات المكان والزمان فالجمهوريون يقاتلون بشراسه ضد الدوله الدينيه
الخلاصه
الجبهه هي دعوه لجمع طيف واسع لرافضي الدوله الدينيه صرف النظر عن منطلقاتهم الفكريه في رفضها وحشد كل قدراتهم الفكريه لمنازلة دعاة الدوله الدينيه في جبهة الفكر
فما الجديد؟؟
الجديد هو اننا ومع احترامنا لكل التحالفات السياسيه القائمه فاننا نفتقد تحالفا متماسكا في الجبهه الفكريه لاننا نقاتل فرادي في ميادين متعدده مما يقلل تاثيرنا ويجعل ظاهر اختلافاتنا تبعدنا عن اهمية النظر الى مايجمعنا جميعا وهو اهمية توحيد جهودنا ضد العدو المشترك
لقد ادخلتنا خلافاتنا العابره في حالة من الضعف البين بينما يواجهنا عدو متماسك الصفوف يستغل انشغالاتنا في قضايانا الخلافيه لكي يجتاحنا معا بضربة واحده
لن معركة الاستناره تتطلب وحدة المؤمنين بها صرف النظر عن منطلقاتهم فمجموعة الانسكلوبيديين الذي قدمو الارضيه الفكريه الصلبه التى قامت عليها الدول المدنيه في اروبا جمعهم رفضهم للدوله الدينيه وكان منهم المسيحيون المتدينون وفيهم اللادينيين واصحاب شتى المذاهب المختلفه ولكنهم امنو بضرورة الدعوه الى دوله مدنيه ديمقراطيه تستوعب تنوعهم ذاك
المهمشون
ادهشني ان وصم بعض ابناءنا البجا احزاب الهامش بانهم مجرد محتجون لايستندون الى اي عمق فكري وينسون انفسهم وهم يناضلون يوميا في معارك الاستناره
من قال ان قوى الهامش لافكر لديها؟؟
اولا من نعني بالمهمشين؟؟
هم اهل الاطراف الذين همشهم مركز الدوله السودانيه القابضه سواء كان ذلك في اقصى الجنوب المنصرف ام الغرب او الشرق
لقد كتب مفكرون كثر ينتمون الى تلك المناطق دراسات عميقه تملا ارفف المكتبات واستند عليها مانيفستو الحركه الشعبيه ودارفور وغيرهم فلايجوز لنا ان ننظر اليهم بنفس النظره الاستعلائيه لبعض مستعربي المركز
انا جلست الايام الطويله داخل وخارج السودان محاورا تنظيمات المهمشين وايضا ممثليهم فيما نسميه بالاحزاب القوميه يسارا ويمينا وكلهم ينطلق من رؤية متماسكه صرف النظر عن اخنلافنا او اتفاقنا معهم في هذه الجزئيه او تلك فالاستخفاف بهم هو استخفاف بانفسنا وتقليل من شاننا
بقي ان نقول انهم جميعا ضد الدوله الدينيه وايا كانت منطلقاتهم فانهم لم يرو في الدوله الدينيه غير كيان عنصري استعلائي حاربهم وسعى الى
تصفية ثقافاتهم وحاول فرض ثقافة دخيلة عليهم والدوله الدينيه بالنسبه لهم هي تلك الدوله التى ستحولهم الى مواطنين من الدرجه الثانيه وتنظر اليهم والى ثقافتهم بعين الاحتقار ولم يجدو من دعاتها غير القتل والدمار
ان ابناء الهامش لن يجدو اتفسهم الا في دولة المواطنه المدنيه فهم معنا في قلب الصراع لان النظره المستنيره للامور تنصفهم تماما
اخيرا
هذه الجبهه او ايا كان الاسم الذي سنطلقه عليها هي تحالف حد ادنى فكري يستهدف الصراع ضد دعاة الدوله الدينيه وهو تجربة لاحترام وفهم تنوعنا الفكري والديني بدون احكام مسبقه وسنكتشف كل يوم مدى عمق القواسم المشتركه التى تجمعنا
فلندع اهل السياسه يواصلون نضالهم ولنحشد كل العقول والاقلام في معركة الاستناره التى لاتنتظر تاخير
عبدالله موسى
ياخي الشيعة كونهم امامهم المهدي المنتظر غائب هذا لا يمنعهم من افامة الدولة الدينية~ فهل الشيعة في ايران يحكم دولتهم الدينية المتشددة امامهم الغائب؟ ربما الشي الذي لا تعلمه هو ان في فكر الشيعة ان الامام الغائب له وكيل عنه يحكم نيابة عنه في غيابه كما هو حال آيات الله في ايران ~ وعليه فان دولة الشيعة خدعة كبيرة كأي دولة دينية تحكم باسم الله او الدين بتنصيب انفسهم وكلاء لله في الأرض دون تفويض من الله ولا الناس وكذلك يخدع الشيعة بفكرة حكم الامام الغائب الذي لن ياتي ابدا وذلك بتنصيب قادتهم آيات الله وكلاء عنه يحكمون دون تفويض من ذلك الغايب الذى لا وجود له حتى في غيابه ودون تفويض من الناس بطبيعة الحال!
وعليه فكل جماعة او افراد لا يؤمنون بحكم الديمقراطية الدستورية التي تحكم بالمؤسسات وليس الأشخاص وتعامل الافراد فقط كمواطنين متساوين غض النظر عن الجهة والقبيلة واللون والدين والجندر فلا يصلح لفكرتك هذه ولا فائدة منه. على أن هذا لا يمنع حامل هذه اللفكرة من المشاركة برايه الديني والقبلي والجهوي داخل المؤسسات الديمقراطية مع القبول التام والمسبق بما تقرره الأغلبية الديمقراطية وفقا للقانون بشان قسمة الثروة على كافة الاقاليم حسبما ارتضته الاغلبية في الدستور وتعديلاته حسب تطور الدور الدولة ومواردها.