أخبار السودان

بل تدخل المتأسلمون في شئوننا

بقلم: د. سالم حميد

أصابت الدهشة عددا من المراقبين وهم يتلقون تأكيد السيد محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري، على حرص مصر الدائم على عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، قائلا: “إن ما يحدث في مصر هو أمر يخص الشعب المصري فقط ولا شأن لنا بنقل ما يحدث في مصر إلى دولة عربية أخرى وكل دولة أدرى بشئونها ومصر ليس لها مصلحة في تصدير أي فكر خارج القطر المصري.”

التصريح جاء ردا للوزير على سؤال حول احتجاز عدد من المصريين بدولة الإمارات تابعين لتنظيم الإخوان المتأسلمين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل في ختام الاجتماع الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي الذي عقد بالرياض برئاسة الوزيرين، وهو ما دعا الأمير سعود الفيصل للرد على ذات السؤال بقوله: “هذا أمر داخلي يخص دولة الإمارات ونحن لا نتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى سواء فيما يخص إخوان أو غير إخوان.”

بالتأكيد تبقى لدهشة المراقبين الكثير من المبررات المنطقية، فعدم التدخل في شئون الآخرين لا يكون بالتصريحات والكلام، بينما الأفعال على الأرض تؤكد عدة حقائق تفضح عظمة المسافة الفاصلة ما بين الحقيقة واللاحقيقة. فالخلية المقبوض عليها في الإمارات أكّدت واعترفت بإنتمائها للتنظيم الإخواني المتأسلم، وقيامها بتجنيد الكثير من المصريين العاملين بالدولة خاصة في فترة الانتخابات المصرية الأخيرة، وامتد الضرر للإمارات، فالخلية التي تم القبض عليها قبلا وأنشأت تنظيمها وشرعت في إنشاء جناحها العسكرية كانت خلية إخوانية، رعاها وأنشأها التنظيم، وظل يرعاها ويقدم لها التدريبات المختلفة في داخل وخارج الدولة، ويقدم لها الدعم، ويستحلب منها الكثير من الجبايات الثابتة التي كانوا يجمعونها تحت ستار الإنسانية وعمل الخير، وحتى زيارة الوفد الرفيع المستوى للدولة بعد القبض على منتسبي التنظيم، والطلب من المسؤولين التدخل في سير القانون والعدالة، والافراج عن الموقوفين يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي، لأن الدولة عندما قبضت عليهم كانت لها مبرراتها المنطقية وأسبابها وأدلّتها التي جعلتها تتخذ هذه الخطوة.

إذاً، التصريح بعدم التدخل الاخواني في شئون الآخرين يبقى مدعاة للضحك والاستغراب، فالدول التي نكبتها الأقدار بما أطلق عليه الإعلام الإخواني مصطلح الربيع العربي خير شاهد على كذب وزيف هذا التنظيم، والدليل على ذلك هذا الربيع الموهوم الذي تهب نسماته رصاصا يقتل الأبرياء، وتورق شجيراته تهجيراً من البيوت المستقرة الآمنة لمعسكرات النزوح، وتغرّد عصافيره بتشظية المجتمع لفرقاء يقاتلون بعضهم بعضا، وتلوح ملامحه بتدمير البنية التحتية والتاريخية ومكتسبات المجتمع.

وما صرّح به عراب الإخوان وكبيرهم الذي علمهم السحر يوسف القرضاوي في تعليقه عندما أوقفت الإمارات بعض العابثين الذين غرر بهم التنظيم الإخواني، وحاول عبره إثارة الرأي العام السوري والعربي ضد الدولة ألم يكن تدخلا في شأن الإمارات؟! والأموال التي قام التنظيم بتحويلها لمنتسبيه، ومساعدتهم على إنشاء الخلية ألم يكن تدخلاً؟! ودعم المستهدفين بالإعلام وألسنة المنظمات الإخوانية المتخفية تحت قناع حقوق الإنسان، ألا يعدّ تدخلا؟! والكثير الكثير من المواقف التي لا حصر لها ولا عد، تقف شاهداً حياً على تدخل التنظيم الإخواني في شئون الإمارات التي كانت تحاول معالجة الأمر بالحكمة حرصا على العلاقات الأزلية مع الشعب المصري والتي شهدت وقفات تاريخية تجعل من هذا الاستهداف أمرا أكثر استغراباً.

وتدخل التنظيم الإخواني في شئون الدول الأخرى لا يمكن إنكاره وإلا لما خرج التنظيم من مصر، ولست أدري كيف يتمكن وزير الخارجية المصري من تفسير وجود خلايا إخوانية في عدد من الدول خارج مصر طالما أن التنظيم لا يتدخل في شئون الآخرين، ولا كيف سيفسر قسم الولاء للمرشد وتجديد البيعة، والعمل بفتاوى خارجية، والكثير المكشوف الذي تقوم به تلك التنظيمات الفرعية، ولا كيف سيفسر لنا طبيعة قراراتها ومن أين تتلقاها طالما أن التنظيم لا يتدخل، اللهم إلا لو كان للتدخل في شئون الآخرين معاني أخرى في قاموس الوزير غير المعاني المتعارف عليها في كل قواميس الدنيا.

ويؤكد موقف الإمارات الثابت الذي عاد بموجبه الوفد الإخواني خائبا، مدى إيمان الدولة بأهمية الحفاظ على مكانتها كدولة قانون، وقد توقع الوفد أن التعاطي مع القانون في الإمارات يشبه ذلك الذي تتعاطاه الدول الإخوانية، ناسية أن القانون في الإمارات هو الذي يحكم ويتحكم في كامل شرائح المجتمع، وليس العكس، ففي الدول الإخوانية يتم استسهال وجود القوانين ومحاولة تشويهها وتطويعها حسب المصلحة الإخوانية التي تقود قاطرة قانونها بما يمكّنها من السيطرة على المجتمعات دون توقف، وفتح الأبواب أمام الظلم الاجتماعي من إقصاء وتضييق على المناوئين، ومحاربة الخصوم، وتدمير كل إمكانيات المجتمع، والأدلة لا تخطئها عين.

د. سالم حميد

@bgsalem

ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. احبك يا الامارات احبكم يا الاماراتيييييييييين والله انتم الدوله ولا بلاش هولاء الاخوان سوسه وحاقديين عليكم وعلي النعيم الانتم فيهو لانهم ليس لديهم غير الفقر والبوس والنفاق والسرقة اضربو الملاعين اينما كانو اطردوهم خارج الامارات اطردو العملاء والمدسوسين لاتعطوهم فرصة عبدة المال والسلطان

  2. شايفين الكلام دة يا جماعة الاماراتيين ديل قارين الوضع كويس جدا وواعين بالحاصل

    “ويؤكد موقف الإمارات الثابت الذي عاد بموجبه الوفد الإخواني خائبا، مدى إيمان الدولة بأهمية الحفاظ على مكانتها كدولة قانون، وقد توقع الوفد أن التعاطي مع القانون في الإمارات يشبه ذلك الذي تتعاطاه الدول الإخوانية، ناسية أن القانون في الإمارات هو الذي يحكم ويتحكم في كامل شرائح المجتمع، وليس العكس، ففي الدول الإخوانية يتم استسهال وجود القوانين ومحاولة تشويهها وتطويعها حسب المصلحة الإخوانية التي تقود قاطرة قانونها بما يمكّنها من السيطرة على المجتمعات دون توقف، وفتح الأبواب أمام الظلم الاجتماعي من إقصاء وتضييق على المناوئين، ومحاربة الخصوم، وتدمير كل إمكانيات المجتمع، والأدلة لا تخطئها عين.”

    دة كلام سليم 100% ..ديل شايلين الفايروس بتاع الفساد معاهم محل ما مشو , الحذر كل الحذر من نقل العدوى الى الامارات …. والحاجة البضحك كمان الجماعة مشو يكسرو تلج هناك عشا ن يمرقو اخوانن قايلين البلد ديك فاكة ساى …. أمشو ألعبو بعيد.

  3. لا فض فوهك يا دكتور، لقد أثرت موضوع في غاية الأهمية، مشكلة المتأسلمين أنهم يجتهدون في تطويع الدين لخدمة أطماعهم السلطوية، ولا يكتفون بذلك بل يحاولون فرض اجتهاداتهم الخاطئة في فهم الدين على كل المسلمين، ويقيمون أنفسهم أوصياء على الدين باعتبارهم ورثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم- وهم أعداء أمته صلى الله عليه وسلم- وأصدق مثال لحكمهم هو حكام السودان، أخرجوا الناس من الأسواق وأدخلوهم المساجد وخرجوا هم من المساجد ليسيطروا على الأسواق، وطوال ربع قرن خدعونا باسم الدين فانخدعنا لهم، وقالوا لنا الإمبريالية العالمية واللوبي اليهودي والغرب كله أعداء الاسلام والمسلمين، فصدقناهم، وطلبونا للجهاد فجاهدنا، وباعوا لنا صكوك الغفران وزوجونا الحور العين، وعندما صحونا من سحر كلامهم وتأملناهم ماذا وجدنا؟ أناس همهم السلطة والمال، ولا يحول بينهم وبين ذلك أي وازع من دين أو ضمير، فارتكبوا أفظع الجرائم قتلاً وتشريداً وإفقاراً وظلماً …. من أبشع المعاني التي يترفع عنها حتى المجوس عبدة النار.

  4. صدقوني انها بداية نهاية لبني كوز لاننا زمان نحن بس في السودان الكنا مكتوين بي نيرانهم لكن الآن ما دام دخل فيها دول الخليج وخصوصا المملكة العربية السعودية نقول لهم باي باي بني كوز الى جهنم وبئس المصير.

  5. (فالدول التي نكبتها الأقدار بما أطلق عليه الإعلام الإخواني مصطلح الربيع العربي خير شاهد على كذب وزيف هذا التنظيم)
    لا تعليق

  6. دولة الإمارات إتخذت خطوة شجاعة وواضحة منذ البداية , وهي كشف هؤلاء الملاعين للناس,ان ما سمى زورا (الربيع العربي) هو كما قال الفريق (ضاحي خلفان) فسيخ عربي نتن الرائحة. إن الدور الذي يلعبه أخوان الشيطان في المنطقة لهو دور مكشوف ومرفوض , فيا حكومة الامارات أضربوهم بيد من حديد ونحن معكم حتى نطهر الارض من رجسهم, هم طلاب سلطة ومال ولا يعلمون من الاسلام شيئ.

    شكرا حكومة الامارات الشجاعة واتمنى ان يحزوا البقية مثلكم.
    حفظ الله الامارات والدول العربية شرور الاخوان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..