لغة الضاد فى مدرسة ودمدنى الاهلية (2) 1945-1948‎

وبطبيعة الحال تواصلت صلتنا مرّة اخرى بقواعد اللغة العربية على يدى شيخ جليل تحرّج لتوّه فى معهد ام درمان العلمى العريق الذى اضحى بعد سنين طوال جامعة امدرمان الاسلاميه.معهد امدرمان العلمى ظل لسنين عددا يرفد مجالات التعليم والقضاء الشرعى بالكثيرين من خريجيه الذين كان نفرمنهم ينطلقون الى مصرللاستزادة من علوم اللغة العربية والشريعة الاسلامية فى الازهرالشريف ودارالعلوم. جاء الشيخ قطبى سالم?الرجل الضرب حقيقة ومجازا..الحزم ديدنه والانضباط مسارحياته اليومية فى نهارومساء وعصاه “الكريز” ذات الرأس المدبب ما تفتأ تطال كل خارج عن المألوف من السوك الطلابى وكل متقاعس عن اداء الواجبات. تقاسم تدريسنا لغة الضاد مع النو افندى خلال عامنا الثانى..كان الرجل عالما بعلوم القرآن واللغة العربية ادبا وقواعد يستشهد فى كثير من الاحيان بابيات من الفية ابن مالك. تلقينا على يديه قدرا من قواعد لغة الضاد مما حفل به المنهج الدراسى من اسناد الافعال الى الضمائر.وما كان للمفعول به ان يؤديه مع الفعل اذا توارى واستتر الفاعل وجوبا او جوازا..الى جانب المنصوبات من ظروف الزمان والمكان والحال والمستثنى والتمييز..العقبة الكأداء كانت اعراب كلمة تفاحة (المرفوعة تارة والمنصوبة اخرى والمجرورة ثالثة) وهى التى تعقب”لا سيما” فى المثال الذى يؤكّد فى كتاب النحو الواضح انّ “اكل التفاح (الذى لم نكن قد رايناه) ينقّى الدم ولا سيما (تفاحتُن..المرفوعة خبرا للحرف”لآ” وسيّ اسمه.. تفاحتَن المنصوبة تمييزا.. او تفاحتِن المكسورة مضافا اليه) على الريق “! .واغصان اشجار النيم التى كان يحملها عبدالله الفراش تؤدى المطلوب منها فى كثير من الاحيان اذا ما تساءل شيخ قطبى عن اى امرمن امور قواعد اللغة او ياتى تذكار”لآسيما” لآى سبب او فى اى مناسبة داخل الفصل! شفتو كيف واحكيلكم يا هداكم الله ماذا فعلت لاسيما بمن ذاق الامرين من ويلاتها على يدى الشيخ..الواقعة كانت بعد التحاق احد تلاميذ الشيخ فى لمدرسة ودمدنى الاهلية الوسطى بالمرحلة الثانوية ? حنتوب-عندما كان الفنان الكاشف يغنى ذات مساء من خميس احدى اغنياته يخاطب شاعرها محبوبته بقوله..”ليلى..حنانك! اننى بك مستهام” ومادرى الكاشف ان ترداده كلمة”حنانَك”منصوبة تارة ومرفوعة تارة اخرى ثم مجرورة ثالثة ستجرعليه لعنة من ذاق الامرين على يدى شيخ قطبى فى المدرسة الوسطى عندما طلب منه ذات مرّةاعراب لآسيما وما يتبعها..وحالما ردد الكاشف كلمة “حنانك” فى حالاتها الثلاث الآ وانتفض “الزول” وغادر المكان لاعنا الكاشف والشاعر والملحّن قائلآ” ياخى الله يلعنكم..هلكتونا وطلّعتو روح حنان! هى دى اصلها ليلى ولآّ “لاسيما” رفعت بيها حنان ونصبتها وكسرتها كمان! غادرالشيخ الجليل المدرسة الاهلية ملتحقا بوزارة المعارف عام 1956 واستقر به المقام سنين عددا فى معهد التربية ببخت الرضا. كم سعدنا بلقائنا..الاستاذ الشيخ وتلميذه الفتى(شخصى الضعيف ) اثناء احتفالات المعهد بيوبيله الفضى عام 1959 فكان لقاءا عاصفا استعدنا الكثير من ذكريات ماضى السنين فى ودمدنى الاهلية وظل لقائى به يتواصل عاما بعد عاما اثناء معسكرات تصحيح اوراق امتحانات الدخول للمدارس الثانويه الذى كان يقام فى واحدة من المدارس الثانوية الكبرى الثلاث عاما اِثرعام. لن انسى آخر لقاءاتى به فى داره العامره (وانا ناظرلمدرسة الخرطوم الثانوية) عام 1976فاستعدنا ما كان من ايام عمله فى ودمدنى وعادت بنا الذكرى الى رفاقه من معلمينا الاخيار ورغم ما عرفناه عنه من قوة الشكيمة الآ ان تلك الذكريات جعلت صوته يتهدج ويتوقف عن الحديث مرّات عديده ويكثرمن الاستغفارفقد احب الرجل المدينة واهلها ويحفظ لهم ولزملائه معلمى مدرستها الاهلية الوفيرمن الوداد ولمن جلسوا الى حلقات درسه فيه قدرلا يوصف من المحبة والاخاء لكبارهم والابوة الحانية لصغارهم.رحم الله الشيخ قطبى فى الفردوس الاعلى بقدرما اعطى وبذل وعلّم وهدى وارشد.. فقد كان الرجل من اهل التقى والورع والزهد فى متاع الدنيا الفانية.
وسارت بنا الايام وهى تمضى سراعا لنلتقى فى بداية عام 1947 بمعلم لم يبق بيننا لآكثرمن شهرواحد. جلسنا خلاله الى حلقات درسه يزيد حصيلتنا من قواعد لغة الضاد كما تلقينا عنه شرحا وافيا لابيات قصيدة اميرالشعراء يرثى بكلماتها البطل الليبى المغوارعمرالمختار..وهى ذات المطلع..” ركزوا رفاتك فى الرمال لواء 00 يستنهض الوادى صباح مساء”…” ماضرّ لو جعلوا العلاقة فى غد00 بين الشعوب مودّة واخاء”. افاض الاستاذ محمدصالح عبداللطيف المتخرّج لتوّه فى قسم الآداب بالمدارس العالية فى الحديث عن بطولة ذلك الشيخ “التسعينى” وفدائيته ومناهضته احتلال ايطاليا لبلاده حسبما اشاد به اميرالشعراء بقوله “بطل البداوة لم يكن يغزو0على تنك ولم يكُ يركب الاجواء”..”لكنْ اخوخيل حمى صهواتها0 وادارمن اعرافها الهيجاء” وعن شجاعته منقطعة النظيرفقد شبّهه اميرالشعراء بسقراط عندما تقدم ليشرب السم بعد الحكم عليه بالاعدام وفق ما جاءت به الروايات والاخبار فيو ن اللغة العربية فى ذلك الصرح الكبير) وغادرالاستاذ محمد صالح عبد اللطيف المدرسة الاهلية ومجال التعليم الى آفاق المواقع الادارية الرحبة ابتداء من قسم اعداد وتدريب السودانيين من خريجى المدارس العاليه(نواة كلية الخرطوم الجامعيه المتطورة الى جامعة الخرطوم فيمابعد) ليشغلوا وظائف “نواب المآمير” التى كانت تتبع لمكتب السكرتيرالادارى البريطانى لحكومة السودان وتحولت تلك ” السكرتارية” ومهام منصب من كان على قمة هرمها – عند تشكيل اول حكومة سودانية خالصة فى مارس 1954 الى وزارة سيادية للداخلية- مثلما تم تحويل رصيفتيها “سكرتاريتى المالية والقضائية” تباعا الى وزارة المالية ورئاسة القضاء ? المدنى منه الى وزارة للعدل وظل القضاء الشرعى تحت اشراف من كان يعرف ب “قاضى القضاة” وآلت امورالافتاء الى”المُفْتِى”) وعند انشاء وزارة الحكومات المحلية لاحقا آلت الكثيرمن المهام ذات الصلة اشرافا على المرافق الخدمية التى كان يتولآها من كانوا يشغلون وظائف “المآميرومفتشى المراكز ونوابهم” ابّان فترة الادارة البريطانية للبلاد الى ضبّاط الحكومات المحلية تحت مسميات “ضباط “المجالس البلدية” فى كبريات المدن وعواصم المديريات و”المجالس الريفيه” التى تضم عددا من المدن ذات الثِقَل السكانى الادنى . وظل استاذنا السابق يبذل ويعطى ويخرج عن نفسه ليهبها لأهل امدرمان ولكل من جاء مكتبه يطلب قضاء حاجة ..متدرجا فى مجال ادارة شؤون الاهلين الى ان وصل الى منصب ضابط مجلس بلدى “ام المدائن”- امدرمان? (الموقع الذى كان يحتله الخواجه “برمبل” فى سوابق الازمان والحديث عن “برمبل فى مدينة امدرمان طال واستطال وتناول دوره كثيرون ممن افاضوا فى تذكار تاريخ المدينة! واصل الرجل تدرجه الوظيفى فى الاعالى من المواقع فتم اختياره وكيلا لوزارة الاستعلامات والعمل ابّان فترة حكم الفريق عبود ثم قاضيا فى اخريات ايامه قبل تقاعده بالمعاش( حفظه الله ومتّعه بالمزيد من الصحة والعافيه).
وجاء “احمد البشير” ودّاد – خيرخلف لخيرسلف..معلما وهاديا ومرشدا.. وفى لواحق الازمان اخا وصديقا..نشأ وترعرع احمد البشير وشقيقه الاصغر(معلّم المرحلة الابتدائية) ? يحيى ودّاد- بين اب وخال من اميزممن كانوا لسنين عددا من “المنشئين انفسأ وعقولا”.. امّا الاب فهوالشيخ الجليل ودّاد احمد الخضر الذى صال وجال فى المدارس الاوليه ? مرحلة الاربع سنوات الاولى من مرحلة اساس هذا الزمان- وهوممن جلس الوالد(على السلاوى) بين يديه تلميذا فى مدرسة النهرالاولية بين عامى 1919و1922..شيخ ودّاد لم تكن سيرته العطرة تنقطع عن لسان الوالد اشادة به واجلالا له واكبارا كلما جاء تذكارللتعليم وللمعلمين. كلما التقيا فى المكتبة الوطنية او فى صيدلية الجزيرة او النيل الازرق فى زدمدنى كان الحديث بينهما لا ينقطع والفرحة والبهجة بلقائهم تملآن المكان.مثلما كانت دار السلامية تمور وتموج احتفاء بالشيخ ودّاد كلما جاءها زايرا فقد عرفت الن المرحوم الشيخ الجليل كان اشبه اهل ودمدنى بالمرحوم ” جدّنا “الطيب” بابكر السلاوى (الذى اُطلق اسمه على شخصى الضعيف..وهومن كان والدا للمرحوم الوالد على السلاوى.).. امّا الخال فهوشيخ معلمى اللغة العربية فى المدارس الثانوية..هو الاستاذ دفع الله عبدالله الذى سعد نفرمن ابناء جيلى بتدريسهم اللغة العربية فى المدارس الوسطى وانتقل الى تدريس الكثيرين منهم فى المرحلة الثانوية حيث بزمالته سعدت – فى مدرسة امدرمان الثانوية للبنات عام 1969.صال ابن الاكرمين استاذنا – احمد البشير- وجال فى مرحلة التعليم الاوسط سنين عددا تعليما وتوجيها وادارة فى مكاتبها فى السودان الشمالى وفى جنوبه.. واداريا ذرِبا فى اقسام جامعة امدرمان الاسلامية فى بدايات عهدها (رحمة الله عليهم اجمعين)..فاض الاستاذ احمد وتدفّق حزما وحماسة وابداعا وظل ينتقل بنا (دون مشاركة من اى احد رفاقه ممن كانوا يدرّسون لغة الضاد )خلال ذلك العام الثالث فى الصرح العظيم – بين اقسام منهاج اللغة العربية المتعددة.. املاءا وتعبيرا وقواعد وادبا منثورا ومنظوما فى ارحب الآفاق. كان اول ما تلقيناه منه بعد رحيل الاستاذ محمد صالح من الشعر”نونية “الشيخ محمد سعيد العباسى ذات المطلع..” ارقت من طول هم بات يعرونى00 يثيرمن لاعج الذكرى ويشجونى” .. الى جانب ما افتخر بنفسه فى قوافيها ابو العلاء المعرى ” الا فى سبيل المجد ما انا فاعل00 عفاف واقدام وحزم ونائل”.التى كان من بين ابياتها ” وانى وان كنت الاخير00 زمانه لآت بما لم تستطعه الاوائل” ذلك البيت الذى تحداه عند القائه احد الحاضرين من صغار السن الايفاع وطالبه ان يضيف الى حروف اللغة العربية ولو حرفا واحدا ليصبح عددها تسعة وعشرين. فأُسقط فى يد المعرى ولكنه تنبّأ برحيل سائله فى سِنّه المبكّره!. وحلّق بنا الاستاذ فى آفاق سيرة معلّم الاجيال احمد محمد صالح من خلال ما نظم.. فكانت قصيدته فى مواساة اهل دمشق فيما اصابهم من عدوان فرنسى غاشم فى عشرينات القرن العشرين وهى ذات المطلع.. “صبرا دمشق فكل طرف باك00لما اسْتُبيح مع الظلام حماك”..”جُرح العروبة فيك جُرح سائل 00 بكت العروبة كلها لبكاك ” .. “جزعت عَمّان وروّعت بغداد00واهتزت ربى صنعاء يوم اساك”..وقرأت فى الخرطوم آيات الاسى00 وسمعت فى الحرمين أنّة شاك” الى غير ذلك من الاشعار المتفرقة ما كان يأتى به وفق الظروف ومقتضيات الحال او لدواعى الاعراب بين دروس قواعد اللغة العربيه مثل”اورِق بخيرتُرجّى للنوال فما0 يُرجى النوال اذا لم يورِق العود”..”ان الثمانين وقد بُلِّغتُها00 قد احوجت سمعى الى ترجمان”..
*لعل ابرزما اتحفنا به الاستاذ احمد ودّاد فى عامنا الثالث فى الصرح العظيم كانت تجربة “التعلّم الجَماعى” Cooperative Learning” وهى التجربة التعليمية التى هدف الاستاذ الجليل ونجح فى غرس مهارات البحث والاستقصاء وسبر اغوار المعرفة فى نفوسنا وعقولنا منذ ذلك الزمان الباكروهى تجربة افرد لها الامريكيون مؤتمرا تعليميا تدريبيا لمعلمي مدارسهم فى مدينة “ريتشموند” حاضرة ولاية فيرجينيا عام 1996 ابّان فترة عملى مديرا للشؤون التربوية والتعليمية فى ” الاكاديمية الاسلامية السعودية “وكأن ذلك الضرب من التعليم “الجَماعى” من المستحدثات التعليميه التى رأت ادارة التعليم فى الولاية انها تثرى تجربة المعلمين وتزيد من فرص اكساب الطلاب المزيد من مهارات البحث والاستقصاء..واقع الامرفوجئت بما لقيته فى ذلك المؤتمرمن تلك التجربة التعليمية التى خبرتها على يدى الاستاذ احمد ودّاد عام 1947 فى المدرسة الاهلية فى ودمدنى مما زادنى قناعة ان معلمينا الاخيار كانوا يتقدمون على غيرهم من المعلمين فى كثيرمن البلدان بما فيها امريكا! انه شىء عجاب.. لم يصدق من زاملتهم حضورذلك المؤتمرمن المعلمين من مختلف الاجناس والاعراق العربية ما ابلغتهم به عما خبرته عن ذات التجربه بتفاصيلها التى كانت وقع الحافرعلى الحافرلما كان ذلك المؤتمريهدف الى تحقيقه من اهداف ومرامى اعتبروها حينها من الNovelties?”) وقد خبرها ابناء السودان (الانجليزى المصرى آنذاك) قبل تسعة واربعين عاما فى بلد شاء له حظه العاثران يتراجع فيه التعليم ويتخلّف فى الالفية الثانية والعالم يسير متقدما وينطلق فى آفاق العلوم والتكنولوجيا ومختلف المعارف ويستجدى حكام السودان اليوم – فى تذلل وانكسار- امريكا لترفع عنه عقوبات اقتصادية هم كانوا السبب فى انزالها علي شعبهم! وتتمثّل تجربة “التعلم الجماعى” تطبيقا فى تقسيم الطلاب على مجموعات يتم تكليف افراد كل واحدة منها بالبحث وجمع كل ما يمكن الوصول اليه من المعلومات عن موضوع محدد..ادبا منظوما اومنثورا..اجتماعيا..اوتاريخيا او سيرة ذاتية لاحد المشاهيرممن بزغ نجمهم فى مختلف مجالات الآداب والابداع يستقونها من مختلف مصادر المعلومات..من الكتب التى كانت تزخر بها مكتبة المدرسة او مكتبة الفصل او مما يمكن الحصول عليه من الاستاذ احمد ورفاقه من المعلمين فضلا عن المجلات والصحف التى كانت مكتبة مجلس بلدى مدينة ودمدنى تفيض بها او من ذوى العلم والمعرفة والخبرة بالموضوع من اهل المدينة ومتعلميها.. وتقوم كل مجموعة بعرض ما حصل عليه اعضاؤها من تلك المعلومات على زملائهم وفق جدول زمنى محدد ليتم تداول تلك المعلومات داخل الفصل تحت اشراف الاستاذ ومن ثَمّ يقوم الطلاب بتدوين اهم النقاط التى وردت عن كل موضوع للاستعانة بها عند كتابة مواضيع الانشاء فى لاحق من الزمان.
من بين ما عرفناه فى شخص الاستاذ الجليل ( رحمه الله بين الشهداء والصديقين) كان ذلك القدرالوافرمن المكر الهادىء.. فى عينيه بريق ونظرات نافذة لم تكن يوحى بنوايا شريرة فى دخيلة نفسه ولكنه كان بريق يقظة دائمة وحضورذهنى واسع المرتكزات يجعل طلابه على الدوام فى انتباهة وحالة استعداد كامل لمباغتته ومفاجآته من يحس ان الخيال قد اخذ منهم اى مأخذ . فالكل يظل متيقظا وان كنا دائما فى حلة من اليقظة طوال اليوم الدراسى واثناء حصص اللغتين الانجليوية و العربية على وجه الخصوص ذلك لما كانت تفيض به حصص اللغة العربية على يدي الاستاذ ودّاد من تجديد وتشويق وتدفق بالحيوية والنشاط من خلال نبرات صوته الجاذبة فضلاعن مساعيه لاحكام الربط بين اجزاء اللغة العربية وتدريسها..اذ كانت قواعدها اعرابا وتأكدا من رسوخها فى الاذهان دائما حاضرة بين المطالعة وترديد الاشعار الى جانب تصحيح الاخطاء الاملائية التى تحتاج الى مزيد من لفت النظروتجنب تكرارها على السبّورة عند اعادة كراسات الاملاء والانشاء الى اصحابه فردا فردا.
رحم الله الاستاذ احمد ودّاد فى الفردوس الاعلى..فقد كان من ااولئك الذين قال عنهم التربوى الامريكى “هنىرى آدامز” انهم يؤثرون فى اللانهائية والابديه وما بعدهما Teachers affect Eternity, infinity and Beyond? “.فتواصلت صلتى به عبرالزمان..ابّان فترات عملى معلما واداريا فى ثانويتى ودمدنى للبنات والبنين حينما سعدت بالعمل فيهما حيث كان نفرمن بناته وابنائه يتلقون تعليمهم. وهكذا كانت سعادتى غامرة ان نعيش ذلك الزمان الزاهى من القرن العشرين الذى اسعدت سنواته الباكرة..الوالد بقدر وافرمن تدريس وتوجيه وارشاد شيخ ودّاد (الأب) وشخصى الضعيف بالجلوس الى حلقات درس الابن “احمد البشير”.. وحصولنا منهما على ما انتفعنا به من العلم النافع ما لا يزال وما ينفك هو دينا فى عنقى بعد رحيل الوالد الى رحاب ربه ليبقى ذلك الديْن اضعاف اضعاف ما سعيت الى سداده الي الاستاذين فى شخوص احفاد الشيخ الجليل.. يقينى شيخ ودّاد احمد الخضركان هو صاحب الفضل..كل الفضل.. واليد الطولى فى اساسيات ما وصلنا اليه فى هذه الحياة..خروجا من ظلمات الجهالة الى انوارالعلوم والمعارف..وستظل صورة وذكرى الرجلين باقية خالدة فى اعماق نفسى واحمل لهما على الدوام كل اجلال واكبار ما لاح البدراو نادى المنادى بالاذان.

الطيب السلاوي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..