مركز خدمات الجمهور..لا حدود للطموح ..ولكن.

يومان قضيتهما في مركز خدمات الجمهور بالسجانة. بدأت أساساً لترخيص سيارة .لكن يسر المعاملات أغراني لاستخراج البطاقة القومية الذكية.
المركز مطبق فيه ما ينبغي تطبيقه ومسايرة العالم المتطور منذ زمان بعيد. حيث الحوسبة هي الحاكم لكل الأعمال ، إضافة إلى كثرة النوافذ لكل غرض وترقيمها .واحترام آدمية الإنسان عبر توفر التكييف المركزي الكامل وتوفر المقاعد وتوفر كافة الخدمات. وربما هو المكان الوحيد الذي خرج من التفكير السوداني في عدم الاهتمام الكافي بدورات المياه وعددها المتناسب مع عدد المتعاملين مع المركز . وبالطبع المستوى العالي للنظافة ونقاط الإرشاد التي يختلف أسلوب التعامل فيها عن الفظاظة التي تسم منظمي العمل في المرافق الحكومية، وكأن الإنسان السوداني لا يستحق إلا التعامل بالعنف .وربما لذلك لا يتصور الكثيرون أن الخدمة المتاحة هي له. فتجد من يصر على التكدس أمام الكاونتر المحدد حتى إن وجد مقعد للمتعامل أمام الكاونتر ومقاعد للانتظار لمن يليه. وإن كانت المقاعد لا توجد في كل النوافذ.
لكن اهم ما فيه في تقديري ، هو عدم الحاجة إلى وسيط أو الحاجة إلى معرفة شخص يعمل فيه لتسهيل المعاملة ، أو تخطي الدور عبر التذاكر المرقمة والنداء على الشاشة بالرقم والنافذة التي على الشخص مراجعتها .لكن من يقتنع بذلك ؟ فالعادة السودانية القميئة المتعلقة بالتسهيل عبر المعرفة، تجد لها طريقاً ولو ضيقاً. فقد مرت بي في مرحلتين أثناء استخراج البطاقة الذكية . فقد كان يجاورني من كان رقمه بعدي بحوالي عشرين شخصاً. وكان يبدي إعجابه لعدم وجود تجاوز . وكان ملتحياً يكيل الثناء على الله في كل شرح أخبره به. لكنه فجأة تحرك من جواري وبدأ المعاملة. ونادى علينا كي نبدأ. ذهبت متعجباً مع ثان كان يجاورنا متردداً إلى النافذة..فردنا قائلاً بأن علينا انتظار الدور حسب الرقم!!؟ تأكدت من ذلك عندما أكمل شخص ما معاملته ووجد في الداخل من يعرفه ..وعندما علم بانتهائه قال له ( معليش نخدمك في مرة قادمة!!!) واعتذر لي أحد الجالسين عند التصوير لأنه كان يسعى لخدمة أحد معارفه حتى بدون فصيلة دم. العلة هنا أن نظام العمل لا وجود فيه لتاريخ وتوقيت بداية المعاملة ورقم التذكرة.ورغم أن كل من تسأله في المركز يجيبك عن النافذة التالية ، إلا أنه من المهم وجود لوحة تشرح الخطوات . وقد اقترح على أحد المعارف أن أقابل شخصا ولكني بحمد الله لم أفعل.ولم استهلك وقتاً.
هذا هو الجانب المشرق . لكن السيئ في الأمر هو نهج الجباية الذي يعرف به النظام. وهو نهج متجذر لعدم وجود موارد من إنتاج اقتصادي . فتكون الخدمة مدخلاً للدخل لدى الدولة. فإذا كان من اعتذر لي قد اعتمد على بيانات فصيلة الدم من الرقم الوطني السابق مثلاً، فما الذي يجعل ذلك شرطاً لا تتم المعاملة بدونه ويسلب المواطن مبلغ أربعين جنيهاً ؟ أم أن فصيلة الدم تتغير بمرور الزمن ؟ والرسوم يدفعها المتعامل عن يد وهو صاغر. في ظني أن هذه المراكز ، لم يكن من الممكن التفكير في قيامها، لولا كمية الرسوم التي تجبى عبرها وما تشكله من مورد للمالية. وهنا تكمن العلة.
في الختام فإن تاريخ المحاباة في السودان يجعل من المهم بأن تعزل أي إجراءات ، من التدخل البشري . إتقاء للرشاوى والعمولات والمحسوبيات .التي تقعد بالبلاد. وتنشر الفساد.
[email][email protected][/email]