لماذا تُصادرون أحلام أولادكم؟

خلف الستار
سؤال قد يبدو غريبا للبعض!ولكن منطقيا للمتسائلين دوما وباحثين عن أجوبه للأسئلة التي ليست للإجابة؟وفي هذا الصدد نمضي ونحاول فتح النوافذ المغلقه بطرقها مرارا وتكرارا،حتي تُجيبون!أو سنظل نحاصركم ونطاردكم مهما هربتم منا،إيمانا وتيقناً بأن لكل سؤال جواب.
وفي تقديري السؤال أعلاه مُوجه لكبار القوم سوي كانوا أباء،أمهات ،اعمام،أجداد وغيرهم.لأننا ومنذ نشأتنا الأولي كجيل وجدنا الكثير من الأشياء حولنا في قوالب ثابته،لاندري أهي ثوابت ليست قابلة للنقاش،أم عادات وتقاليد رأسخه منذ القدم،خطوط حمراء لايمكن تجاوزها،مقدسات سماوية ترفض الإضافات،قُيم أصيلة ونبيلة تظل فوق الجميع،أم فرضيات حتمية وجبرية يجب إتباعها بِسُكات مع تكميم الأفواه وصمت العقول!وتلك الأشياء تتمثل في{تاكلوا كده،تشربوا كده،تلبسوا..،تحلقوا..،تمشوا..،تقروا..،تتزوجوا كده،لأنو ود العم بشيل الهم وبت العم بتزيد الهم،وتسكنوا كده و…الخ} وكل ما ذكر أعلاه يُعد فرضا من الفروض وقيدا من القيود،وأغلب الذين نشاؤوا علي تلك الشاكلة فقدوا الإحساس بالحياة وقيمتها،وذلك بسبب مصادرة أحلامهم وطموحاتهم من قبل أسرهم منذ بواكير الصبا!فالذي تخرج من الجامعة التي درسها بناءا علي رغبة أسرته،لم يستفيد من علمه بعد،كما ليس له إحساس بما تعلمه البته،ويجد نفسه تائها في عالم التوهان!لايدري من أين يبدأ؟وكيف؟لانه يفتقر الثقة في نفسه ويغلبه إحساس عدم المعرفة بأي شيء،ويصبح كثير الفشل في التجارب التي يخوضها!!ثم في النهاية يعود لحضن أسرته مترهلا مكسور الجناح يُعاني من الضعف وشُح رأس المال،وغالبا تتضامن معه الأسرة في فتح مشروع صغير أو متوسط كي يبني نفسه بنفسه بصورة مستقلة،ولكن سرعان ما يتفاجؤن بفشل ذريع،!وفي هذه الحالة المذرية تبدأ الأسرة بتوجيه كل أسلاحتها وسهامها نحو الإبن بغلظه شديدة ودون أدني رحمة،ومن رحمه يكيل عليه سيل من العتابات علي نحو..والله ناس بيتكم ما قصروا معاكم ربُوكم احسن تربية وعلموكم بالشيء الفلاني الفلاني،وزوجوك بت عمك بدون أي تكاليف..بس إخس أولاد الزمن ديل كُلكم ما نافعييين..!ولا أحد يستمع بصمت لمعرفة أسباب الفشل وتباعاتها،كما ليس لهم باء وأفق في فحص المشاكل وتحليلها،بل يجيدون الأحكام المطلقه من المظهر فقط!وفي تقديري من هنا يولد التهميش وينطلق للفضاءات الخارجية،ومعظم الذين مروا بتجارب عويصة كهذه يتنامي فيهم التفكير السلبي،فمنهم من يصبح مدمنا ويعيش بخياله في عوالم بعيدة،وأخرون يسعون الي جمع الأموال بأي طريقة سوي كان بالتحالف مع الفاسدين المفسدين في الحكومات المستبده،أو عصابات المافيا وتُجار المخدرات والمتخصصين في عمليات غسيل الأموال.وعندما يجنون الأموال يستخدمونها في إذلال وإنتهاك أعراض المجتمع وإبتزازهم!وعلي سبيل الذكر جرائم إغتصاب القاصرات وممارسة فن صناعة الجريمة وتلبيسها لكل من يعترض طريقهم من العفيفين الأنقياء.اما الذين سُلموا من ذلك يهربون خارج البلاد وهنالك ربما يجدون بعض الإحترام والكثير مما حُرموا منه منذ الصبا،فيتعقلمون في البيئات الجديدة ويذوبون بسرعة في المجتمعات وينسون أهلهم وبلادهم.
اما الذين حالفهم القليل من الحظ وبقوا داخل الوطن مستقرين،عندما تسألهم عن الأحوال يردون بإحباط شديد أهو عايشن وبس!ليه؟؟ما هو أصلا الواحد ما قرأ الحاجه الهو عايزوا،وشغال شغل مشي أمرك ياقدر،وفوق لده المغصه في زواج السجم الما فيهو طعم ده!فحكمنا علي أنفسنا بعيشة النكد قصاد ترضية الأسرة والأهل،والله قسمه عجيبة!!والبنيات حدث ولا حرج كأنهن في العصور الوسطي!وعلي هذا المنهاج يمضي قطار مصادرة أحلام الأبناء إبتداءا من المنزل،المدرسه أو الجامعه،المجتمع،المؤسسات ودواوين الدولة لأن الكبار يتشدقون في الوظائف والمناصب حتي الموت،ولا يتركون فرصة للشباب لضخ الدماء النشطة في الأجسام،الكيانات،والمؤسسات المترهله،ودائما ما يرفعون أصواتهم عالية في مهرجانات الكلام والخُطب الحماسية،ينعون فيه هذا الجيل الذي يعتبرونه جيل الغضب والصعلقه والضياع،ولايدرون أن الجيل نفسه نسخه كربونية من جيناتهم الطيبة الشريفة والذي يشاهدونه ليس إلا إنعكاس إيجابي لتربيتهم السمحه،وصورتهم الجميلة المصبوغه بالتشوه و الدمامة والإنهيار!فبالله عليكم لا تخجلون من ولادتكم وتربيتكم التي توصمونها بفشلكم المتوارث،وتضربون الدفوف علي أزمانكم الغابرة وأمجادكم البالية وتصفونها بياء حليل الزمن الجميل الكان فيهو كلو حاجه سمحه،مجانية تعليم،علاج،تغذية،منح خارجية وياء حليل زمن الطلبه الكانوا طلبه بجد!والله نحنا كان الباسطة ما جات في التحلية نطلع مظاهره طوالي!!إذن من هنا نتقدم بوافر الشكر والعرفان لأجدادنا العظماء الذين مهروا دمائهم رخيصة في سبيل هذا الوطن وصنعوا واقعا جميلا لأبنائهم الذين خانوا عهود أبائهم.
وكي لا نبكي علي الأطلال مثلكم ونتحسر كمدا من الواقع ونحلم بعودة الماضي الذي لا يعود،نُطلق مبادرة الحوار الداخلي الذي يبدأ من داخل كل أسرة كريمه مع أبناءها،ونعاهدكم برفع أكفنا بيضاء ناصعة كشباب ولا نستخدم سلاحا سوي الحوار المبني علي الحُجه المنطقية والعلمية وليكن البساط احمديا حد الصفاء والشفافية،وبعدها نطمح في حوار جماعي بين المجموعات في الأحياء والمدن حتي نصل ركب الدولة،واليقين في هذا الصدد هو الإرتباط المباشر بين نجاح الحوار الأسري الداخلي وحوار الدولة فالكل يتبع للمؤسستين الراسختين،إذن دعونا نبدأ.
صالح مهاجر
[email][email protected][/email]