هو القروا عملوا شنو !؟

خلف الستار

مقولة أصبحت كثيرة الإنتشار في الأوساط السودانية،لحدي ما بقت ثقافة رأسخة أو لقت طريقا للتصديق والإيمان،بسبب ظروف الواقع وتحولاتو السياسية ،الاقتصادية،الإجتماعية والفكرية.لأنو في قديم الزمان كان الأباء بوصوا أبناءهم لأهمية التعليم والتعلم،وبقولوا الشغل ملحوق وموجود بس إنتا أقرأ في الأول،والقلم ذاتو من غير فهم ما بزيل بلم والوصايا دي كانت بتلقي حظها من الإهتمام وديمة بتقعد فوق للرأس،وفي الزمن داك كان كلو حاجه سمحه والعلم شيق وجاذب وكمان مجاني!المهم الشباب وكتها درسوا وتعلموا وإشتغلوا وإستفادوا وأفادوا،وكان من باب الإستحالة إنو الواحد يقرأ وما يلقي شغل!لو شهادتك رابعه كُتاب بتحس إنو إنتا ملك ورأسك ملان وممكن تشتغل طوالي كده،وعشان أي حاجه متوفرة في الزمن داك ومجاني،وهسي القصة إتحولت وبقت أي حاجه من القديمات ديلاك ما موجودة وبقروشك ما بتلقاها،وكان لقيتا بطلع زيدك!كل العوجات دي خلت الأجيال الأولي تبكي ماضيها،ياحليل السودان كان زمان،وياحليل زمن العريس البكسر العنقريب،وياحليل الزمن الجميل زمن السرقدور وكروما والناس الطيبين وهلمجرأ.
طبعا من حقهم يبكوا ماضيهم الجميل لأنو عاصروا ثورات شعبية متميزة في الوقت المعظم دول العالم وناس الربيع العربي ديل ما كانوا بعرفوا معني كلمة ثورة!زايد ديمقراطيتين متميزات علموا الشعب معني التداول السلمي للسلطة ودكتاتوريات ما كانت بتصادر الحقوق الأساسية للشعب وحاجات تانية حامياني!عموما جرت مياه كتيرة تحت الرمال والناس إتغيرت لدرجة نفس الناس الإستمتعوا بالخدمات السمحة في وطنهم بجوا بصادروها كلها،والتعليم الكان مجاني وإجباري هسي عملوا تجاري وقروشوا يقطعن مسمار القلب كان عيالك كتار،وفوق لي ده بدرسوا مناهج مأدلجه ومدجنه تساهم في زيادة مستوي التخلف والإنغلاق الذهني للطلاب،والبتخرجوا أغلبهم حفظه وما فاهمين أي حاجه،وعلي ده الوظيفة إلا بمحسوبية أو لونية ومرات الموقع الجغرافي وكان بقيت ود ساده كمان دربك مرق تب.
في تقديري كل المذكورات ديل خلوا التعليم ما عندوا فايدة في نظر معظم الأسر وأبنائهم،والبخش السوق من بدري وبلقطا بنجز أكتر من البمش بقرأ في الجامعات وبنشف ريق أهلوا الغلابة بالمصاريف ويرجع تاني يقنب ليهم في البيت عاطل!فكل الوقائع ديل قلبوا الأية في الوصية القبيل وبقي {المال مهم والعلم ملحوق} وكان ما عندك مال ما بتتعلم والحاجه دي بقت واقعية بالتجارب المُعاشه،لأنو معظم الخريجين المهمشين الما عندهم وساطات بلفوا سنين طويلة بشهاداتهم في المؤسسات وبطلعوا بلا حُمص،والحكاية دي بتخليهم يقنعوا ويسبوا للقرأيه ويقلعوا جلباب العلم ويندفسوا في السوق بأي وضعية،وغالبا في بداية دخلوهم للسوق بتفأجؤا بزملائهم الزمان طلعوا من الأساس وبقوا برجوازية!والسوق ماشي علي حسهم وكان قدمت ليهم درأسة جدوي لمشروع متوسط كده،بقولوا ليك خلي نظرياتك الفارغه دي لأنو ما ضيعكم إلا كترت أعتقد وأفتكر النية حقتكم دي،والله لو سمعت كلامنا زمان الوكت ده كان بقت رقم وود السوق عديل!بس ركوب الرأس حقك خلاك ضيعت مستقبلك مع بنات الجامعات!!وكان عندك النية جد داير تشتغل تبدأ بالبسيط زيما نحنا بدينا بالفرش في الواطة وإندقينا مع ناس المحلية لحدما الله غفر لينا،وشوية شوية إدرجنا لحدما ما وصلنا للوضع الشايفوا ده!بس إنتا داير تتلب سااي تُرلوب كده وتبقي باتروا دي ما بتجي،وهنا تبدأ سيناريوهات الصراع النفسي بالتخلي عن المفاهيم والمعارف والرضوخ لقوة الجبابرة الجدد،لأنو المال بِكسب الإنسان قوة،ومرات عظمه وجنون عظمه،وأحيانا فرعنه كمان والقصة باينه في مُستجدي النعم بتلقي الواحد ماشي في الواطه كأنوا خالقا،ويططاول كأنه يبلغ الجبال طولا!!
فمن رضخ لتلك الضغوط عليه أن يرتد عن مفاهيمه وقيمه ويذوب في ثقافة الغالبية،وسرعان ما يتخندق في خنادق التجار ويبدأ في محاربة الطلاب مثل أسلافه!اما الذين يرفضون تلك الوضعية المأزومة يفكرون في الهجرة داخليا للصحاري ومناجم الدهب أو خارجيا لبلاد المهاجر،وأغلبهم يفلحون في ذلك وربما يجدون نصيبهم سريعا من كنوز الدهب،ويأتون مهرولين لإتمام مركب النقص بالمشتريات الجديدة،ويرتدون ثياب البرجوازية المتعفنه بصورة لا شعورية من منطلقات كبتهم القديم،ويمارسون لغة التباهي والتكابر مع أسلافهم الضالين وتتجدد العلاقات من جديد بناءا علي معايير المصالح المشتركة التي لا تعرف العداوة الدائمة.
ولكن الجدير بالذكر حال أؤلئك الذين فروا للمهجر،ودخولهم لبيئات متطورة غنية بالمعرفة والحضارات المتقدمة الراسخه المتأصلة بحقوق الإنسان،والمعدومه في العالم الثالث،برغم الفُرص المتاحه لا يستطعون الإستفادة من الإمكانيات والحقوق،بسبب العقلية المتمترسه علي العادات السالبة،التي تقدم دائما المال علي العلم ومعظم الشباب في العشرينيات يرفضون كل فرص التعليم المتقدم والمجاني بكل إمتيازاته،ويتسابقون في العمل في الأعمال الثابته التي لا تسمن ولا تغني من جوع،بل تظل فيها كالرجل الألي طول العمر وهذا الأمر يُؤدي الي الهلاك والضياع والإنغماس في الروتين الذي لا فكاك منه!فطالما نعيش كشباب في مرحلة عصيبه من عمرنا وسط العديد من التحديات علينا عدم الإنجرار وراء تلك المزالق،التي تكبلنا من النهوض ومحاولة إستبصار الحياة بصورة مختلفة عن طريق وضع رؤي ثاقبه وخطط إستراتيجية محكمة بعيدة المدي توصلنا لاهدافنا المنشودة،والأحلام لاتتحقق إلا بالتمسك بالعلم لأنه ينبوع السعادة الذي يفك الأغلال والأطواق ويستبين لنا طرق الحياة وقبل العلم أخلاقا.

صالح مهاجر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..