من أين نأتي بالدواء؟

٭ لا يستطيع أحد أن يتجاهل وجود الأعداد الكبيرة من الذين فقدوا عقولهم في طرقات وشوارع الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.. وكل امتدادات العاصمة القومية.. مجانين من كل الأعمار.. رجال ونساء، شباب وشيوخ وكهول وحتى أطفال قالت احصائيات وزارة الصحة ان 03% من تلاميذ المدارس يعانون من الضغوط النفسية والاكتئاب? تتغير التصرفات والحركات والأزياء ولكن العلة واحدة.. غياب العقل.
٭ الكل يلحظ هذا ويبتسم ابتسامة صفراء حزينة مع هزة رأس حائرة ويقول مسكينة أو مسكينة ما تستأهل أو مسكين ما بستأهل.. صغير وجاهل? هل هذا يكفي؟
٭ لو أتينا بكمبيوتر ووضعنا فيه مجموعة المعلومات المعبرة عن واقع الحياة ومشاكلها وسياسات الحكومة الاقتصادية ودخول الناس ومنصرفاتهم وطلبنا من الكمبيوتر أن يوافينا بمعادلة.. لكانت الاجابة استحالة المعادلة بمعنى استحالة القدرة العقلية والعصبية للمواطن السوداني أن يحتمل كل ما يحدث له أو حوله وأن تظل سليمة أو بمعنى آخر أن يتحول السودان كله إلى مستشفى كبير للأمراض العقلية والعصبية والنفسية.. ولكن من أين نأتي بالدواء.. هل نستسلم إلى المصير الأسود المحتوم.. أم نتنادى لنزحف نحو اشعاع الرجاء فما زال هناك بصيص أمل.
٭ وتبقى الحقيقة المعجزة انه مازال هناك عقلاء مازال هناك من يلحظ ويأسف.. لانتشار الانهيارات العصبية وحالات الاكتئاب والقلق والملل وهذا يرجع في المقام الأول إلى أننا شعب يواجه الشدائد والأهوال مستلهما تراثه الايجابي وحضارته العريقة وقيمه الروحية الأصيلة ضد الانهيار المحتوم.
٭ إذن لنتنادى للزحف نحو الأمل وهذا ممكن بل هو واجب مقدم على الذين مازالوا يقاومون الضغوط ويتمسكون بقيم النضال من أجل أن تتسع دوائر الاشعاع، اشعاع الاستقرار والهناء.. وتخلو شوارع السودان من الذين فقدوا عقولهم وعبثت بنفسياتهم أهوال الحياة.
هذا مع تحياتي وشكري
الصحافة