د ى قصة أغنية ..وهل لكل أغنية قصة !

كنا في ندوة شعرية قبل أكثر من ربع قرن .. الشاعر الشفيف تاج السر ابوالعائلة على اليمين وجلست أنا على اليسار بينما توسطنا بأعتباره كبيرالجلسة تجربة وأوسعنا شهرة صديقنا شاعر الفراشات والورود إسحق الحلنقي ..بدأت الأصوات تترى بالحاح من ثنايا صفوف القاعة التي إكتظت بالحضور ..مطالبة حلنقي بالقاء كلمات أغنية بتتعلم من الأيام وهو يبتسم برقته تلك ويعد بالإستجابة .. وفجأة إنطلق صوت من أخر القاعة وهتف أحد الظرفاء مخاطبا الحلنقي .. يا أستاذ بعد كل هذه التجارب الشعرية الثرة .. أما أن للأيام أن تتعلم منك .. ؟
فضجت االصالة بضحك الإستحسان للطرفة الحلوة والعميقة !
كثيرا ما يطلب بعض الناس من الشاعر أن يحكي قصة أغنية ما ..هناك شاعر لفرط عذوبته يلبي الطلب ويسرد القصة الحقيقية وبعضهم قد يلوذ بقصص ربما لاتمت لحقيقةالأغنية بصلة من قريب أو وبعيد ..ولكن ذلك كله في راي المتواضع هو ما ينبغي تجنبه باعتذار لايجرح السائل لاسيما فيما يتعلق بالقصص العاطفية ذات الخصوصية أو مناسبات القصائدالتي قد تمس بأطراف آخرى.. بل وقد يتسبب الأمر في تحطيم الصورة التى إختزنها الكثيرون في أعماقهم العاشقة لتلك الأغنية وقد تكون لامست فيهم زمناً طويلاً وتراً ظل يتقطر منه حلو التذكر أو حتى مره .. فيأتي الشرح بما خالف احساسهم إفسادا لذلك الشعور الذي سيطر عليهم بسحره الأخاذ ..لذا من الأفضل للشاعر أن يتر ك مساحة الخيال منداحة في دواخل من رسم صورة فيها ظل ولا زال يتأملها بعيون ماضيه كلما استمع الى تلك الأغنية !
قرأت لأحد الكتاب قبل مدة إختزالا مخلاً.. لا يخلو من السذاجة وهو يختلق قصة مختلقة حول الظروف التي كتب فيها الحلنقي أغنية بتتعلم من الأيام التي قال لي إسحق وكنت قريبا منه باعتباره استاذا لي وصديق مشوار الغربة .. وبغض النظر عن ملابسات قصتها الحقيقية التي نحن في حل عن ذكرها للإعتبارات أعلاه ..إنه كتبها في ربع ساعة من الزمن إنسرب لحظتها منسكباً جدول وجدانه دون توقف حتى النقطة الأخيرة .. ولكنها لقوة مفرداتها المنسجمة مع مضامين و تماسك نظمها و طربية جرسها قد عاشت خمسين عاما ظل يتجدد فيها سيل مشاعر الفنان الكبير محمد الأمين من مآقي الذكرى ..كلما .. ردد..بشجن حنجرته الساحر ..
اقابلك وكلي حنية ..
وأخاف من نظرتك ليا..
..وأخاف شوق العمر كله..
يفاجئك يوم في عينيا ..
وراء البسمات كتمت دموع ..
بكيت من غير تحس بيا ..
فالشعر الغنائي يكون أصدقه ما يتولد عن معايشة حقيقية إعتصرت المعين الحسي للشاعر ..فسكبه في حقول أزمنة الناس ليسقي بذرة في تربة كل الذين مرت بهم التجارب المشابهة ولكنهم لا يملكون أدوات التعبير عن ذواتهم وأهمها الموهبة .. فيصبح الشاعر والمغني والملحن هم الناطقين باسم كل أولئك!
ولكن ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود معطيات آخرى تنجم عنها أغنية بذات الصدق الذي يجعلها تلتصق بزمان الناس جيلا بعد جيل ..ولا يتصور أحد أنها كانت من نسج الخيال الواسع للشاعر المجيد أو أنه استوحاها من محيطه القريب سواء كانت قصة لإنسان آخر حركت في الشاعر تقمصاً أو من واقع استشرافي رسم به الشاعر صورة لما يراه بعيون غده أو يسترجع فيها شريطاً من ماضِ سمع عنه وإن لم يكن حاضراً له أو أن يكلف بنظم أغنيات يستشفها من سيناريو فيلم كما نشاهد في الأفلام العربية التي يكون أبطالها مغنون أو يطلب منه تأليف أغنيات مصاحبة لمسرحية ما ..وهنا تتجلى الإحترافية أو ما يسمى شعر الصنعة التي هي أعلى درجات المقدرةعلى كتابة الشعر على غير ما يعتقد الآخرون بأنها درجة من الإسفاف الذي يجعل من الشعرمن هذا النمط في نظرهم ضرباً من الحياكة!
وإجازة اسبوعية سعيدة بعيداً عن سيرة البحر التي قد تكون بلغت زبى الضيق في نفوس قرائنا الأعزاء طيلة أيام الأسبوع .. فأردنا إمتصاصها عبر هذه الأحرف وإن كانت خجولة تستجدي الإنعتاق من براثن السياسة ولو من حين ٍ لاخر.
[email][email protected][/email]
شكرا للطرح العميق بس مين البيفهم مقدم أغنيات من البرامج بالنيل الأزرق البيقول ماتهتمو للأيام كان الشاعر بيتو شالو السيل …. مما شرخ إطار الإنطباعية الجميلة و هدم حيطان الخيال الحر و ظلم خيالات كانت بتنسج معانيها بحرية و تبحر في مسامات الروح.
شكرا للطرح العميق بس مين البيفهم مقدم أغنيات من البرامج بالنيل الأزرق البيقول ماتهتمو للأيام كان الشاعر بيتو شالو السيل …. مما شرخ إطار الإنطباعية الجميلة و هدم حيطان الخيال الحر و ظلم خيالات كانت بتنسج معانيها بحرية و تبحر في مسامات الروح.