الغربة ميتة ممرحلة

خلف الستار
لم أبحث عن معناها الأصم في الكتب والقواميس المختلفة حتي اليوم،ولكن وجدت الغربة إحساس متعمق الجذور في داخلي منذ بواكير صباي قبل مغادرة بلادي، وظل هذا الإحساس يصارعني كثيرا يوما تلو الأخر،فسألتُ نفسي لماذا؟لأن الغربة دائما أو في أغلب الأحوال مرتبطة بالهجره،والإبتعاد عن ديار الأحبة وأنا أحسه داخل منزل أبي وفي الشارع،مؤسسات الدوله،المدارس،الجامعات،الكتب والمناهج،تاريخ السودان،وسائل الإعلام،أحياء البرجوازية في بعض المدن،مكونات المجتمع المختلفة،جمعيات،روابط،نقابات وأحزاب.وفي كل تلك المحطات التي عبرتها مرارا وتكرارا وجدتها مصبوغة بصبغ الغربة،فمعظم ما قرأته في المناهج السودانية لم أحسه وأتذوق طعمه في اللفظ،المعني،القيمة والإنتماء ،فكنت أشعر بالملل عندما يُكثر الأساتذة سرد أحاديث العرب وجاهليتهم في القرون الوسطي،وكيف حاربوا نبي الإسلام وأصحابه بالإضافة الي معاملاتهم البشعه لذوي البشرة السمراء،وفي الوقت نفسه أجبر علي الإنتساب لهؤلاء القوم عن طريق اللغة والدين والقليل من الثقافة،وتؤكد المناهج بإصرار إنتمائنا للجزيرة العربية وبلاد الشام رغم الإختلاف،ثم نُدرس تاريخ دخول العرب السودان،الأتراك والمصريين و الإنجليز،فنتسأءل هل الخرطوم كانت عاصمة العرب يقع في قلب الجزيرة العربية وإنفصل صدفة بعصي موسي عندما ضرب البحر الأحمر وعبر مع قومه وأغرق فرعون مصر!؟بأي حال كل تلك التشوهات عكست صورة محددة غير واقعية لمفهوم الوطن لي وللكثيرين،لأننا لم نري أنفسنا بعد في مرأة الثقافة،اللغة،التاريخ والهوية الوطنية،ومن هنا نبع الإحساس الفعلي للغربة وهو {إحساس بوطن مافي} وأصبحت الغربة مره ومؤلمه،يخالجها الشجن الأليم لوطن مفقود ومجتمع متصالح وأسر متسامحه.
الجدير بالذكر أن معظم الطيور المهاجرة هاجرت اوطانها بحثا عن الإنتماء،فمنهم من وجد مناله ومقصده في الأوطان البديله والإنتساب إليها كليا،ويحاولون تناسي ماضيهم وتواريخهم المزيفه،!بالإنفتاح علي الشعوب الجديدة والتأقلم مع حضاراتهم،بالاضافه الي دفاعهم المستميت عن أصولهم الجديدة رغم وجودهم في خانة المهاجرين،وعلي تلك الشاكلة يمضي القطار فيقارن البعض وضعهم بين الوطن الموجود المافي الذي يُمكن أن يأتي تحت أي لحظة بشعلة ثورة مفاهمية كفاحية وتتم فيه كنس كل مظاهر التشوهات المترسبه المفروضه منذ فجر التأريخ،وصولا لتكوين وطنا صافيا نقيا كالزجاج لايجب صورة أحد ويحقق معني الإنتماء فخرا وإعتزازا،أو البقاء الإفتراضي في الوطن الموجود الذي لا يُمكن أن يأتي علي الإطلاق!فلسان حال الواقع يؤكد غياب الإنتماء للعمارات الشاهقه التي تفتقد روح بيوت الجالوص وجلسات شاي المغربية في الحوش الكبير،العربات الفارهه ،البصات السياحية،القطارات الحديثة التي تسكنها الصمت،الطُرق المصممه بدقه والمزدانه بالزهور الخالية من الماره والجالسين علي الأرصفة مستقبلي السلام بالترحاب وبشاشة أولاد وبنات البلد،الحدائق الجميلة وارفة الظلال كالجنان التي لا تعرف فيها أحد،المسارح العامره التي لاتشبه الفاضل سعيد والأندية الليلية الراقصة دون خفة الروح الإفريقية الجنونية،اللغات المتعددة غريبة النطق التي تقرش الأذن،الثقافات الهجينه المنصحره التي لا تعرف نوباتيا،كوش،وداي والسلطنه الزرقاء ودارفور،الفنون سريعة الإيقاع والموسيقي الصاخبه التي تفتقر لإيقاعات الكرنق،المردوم،الحجوري،الكمبلا والطنبور، الأديان الموجودة الغائبه التي لا تترنم كنائسها ولا تشعرك مساجدها بالوجود بصحوة صوت الأذان،المأكولات والمشروبات الحديثة التي تفتقد طعم ومذاق الكركدي،القنقليز والحلو مر{الأبري}،المساكن المنفرده التي لا تعرف معني الزيارات وتداخل الجيران،إذن البقاء الأبدي في واقع مثل هذا يُعد ضربا من الجنون،ويعني تماما الغربة ميته ممرحلة.
صالح مهاجر
[email][email protected][/email]
ما فهمتك داير تقول شنو ؟؟؟
لم أجد أي رابط للعنوان “الغربة ميتة ممرحلة” مع بقية الموضوع.
ما فهمتك داير تقول شنو ؟؟؟
لم أجد أي رابط للعنوان “الغربة ميتة ممرحلة” مع بقية الموضوع.