جنون أوروبا !!

خلف الستار
يُعد من إحدي الأمراض الخطيرة التي ظهرت مؤخرا في معظم أنحاء القارة السمراء وجزء من أسيا،وهو أكثر إنتشارا في الفئات العمرية بين السادس عشر حتي الأربعين،وقد بلغ ذروته بين العامين 2017 -2010 ومازال يُمضي في الإنتشار،وفي تلك الفترة سابقة الذكرة قد هلك حوالي 53الف ونيف بحسب إحصائيات منظمة الهجرة الدولية،للجثث التي تم إنتشالها من البحر الأبيض المتوسط،ودفنت في المقابر الجماعية للمهاجرين في {أربجان}ويقال أن العدد المفقود قد يُساوي ضعفي الأعداد التي تم الحصول عليها.
وعند العودة لتشخيص هذا المرض الفتاك والبحث مليا في أعراضه وطرق العدوي،نجده مستفحلاً وقابعاً في الدول التي تنتشر فيها الأقنولوجي الذي يُعرف علميا ب {علم الجهل}وهو عملية صناعة الجهل ونشره بصورة رصينة في المجتمعات،وغالبا تنتجه الأنظمه الدكتاتورية الإستبداية التي تأتي للسطه عبر البندقية،بالإضافة الي شركات البروجوازية المتعفنه التي تستثمر رؤوس أموالها في المضاربات الضارة،وتجني الملايين والمليارات من خلال تدمير طاقات الشعوب،ومن أمثلتها شركات التبغ التي تدفع الملايين لبعض العلماء السفله،من أجل التشكيك في البحوث العلمية ونفي الأضرار التي تخلفها التدخين مثل مرض السرطان الحقير وغيره،وعبر ذلك المنهج يحسنون صورة المنتج إجتماعيا ويجعلونه قابلا للتسويق رويدا رويدا،عن طريق لوبي متمترس يجيد فن الإصطياد في المياه العكرة.
أما من جانب الحكومات الدكتاتورية الغاشمه فهي عادةً تعمل علي تضليل الرأي العام بشكل إستراتيجي ومقنن،بإتباع أكثر مناهج صناعة الجهل تطورا التي دوما تسعي لبث عنصر الخوف في المجتمع،وإثارة الشكوك حول الأشياء بصورة مستمرة،ثم عملية إرتبارك وصناعة الحيرة التي تؤدي الي فقدان البوصلة،ويتم كل ذلك عبر أعداء وهميين يعملون ليلا ونهارا من اجل جرف الشعوب لمرمي الضياع والتوهان،وأحيانا يستثمرون ما تبقي من طاقتهم في الدفاع عن المقدسات ومكتسبات الأمة مع الترهيب،أي إن لم يحتشدوا في ذلك سوف ياتيهم طوفان من السماء،أو بركان من باطن الأرض يذهب بالناس للجحيم،وهكذا يصورون المشاهد والمناظر ويكثفون بثها في إعلامهم المزيف،فالمحتارون يصدقون تلك الأكاذيب المصبغه بالشعائر الدينية،فمنهم من ينخرط في لواء الجهاد مهللا ومكبرا بصدق وهو لايدري،وأخرون يستسلمون ويمضون نحو سريان التيار بإنكسار وذُل،أي علي نهج الإستسلام للقاهر وإرتداء جلبابه بخجل،والبعض يهزهم القليل من هفوات الضمير بصمت،ولكن الأسوي هم اؤلئك الذين يُهيمن عليهم فيروس التجهيل مسيطرا علي عقولهم وأجسادهم،فيتجيشون أفرادا وجماعات ويحملون احدث ما إستورده السلطان من أسلحه ويقتلون أهلهم وذويهم،ويحرقون ارضهم مقابل القليل من الأموال والنجيمات المزيفة التي تمنحهم إحساس قادة وهميين،فترتفع اصواتهم تاره ويعلو ضجيجهم في سموات القري التي احرقوها،وربما تصمت المدائن حين يعبرون فيزدادون هيبة ووقارا،واحيانا يثورن علي بعضهم ويقتلون البعض وهم لا يعلمون أن السلطان يمارس عادته السرية.
وفي ظل تلك المنعطفات المريرة والبيئه المشحونه بالغبن والغضب،مع إنعدام الخدمات الأساسية أو احتكارها في جهات معينة،بلاضافة الي تفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية في كل دواوين الدولة،وإرتفاع نبرة الولاء للسلطان والحزبية كمعيار اساسي للتوظيف،ومصادرة حقوق الإنسان التي كفلتها الدساتير والأعراف الدولية،من ثم إنبساط يد الأمن في ممارسة الإعتقالات والتعذيب المفرط لكل من أراد التعبير عن حريته أو فكر في التغيير!،إذن من هنا يبدأ ميلاد مرض جنون اروبا في شباب القارة السمراء،ويزدادعدوته بالحروب الأهلية والنزوح واللجؤء للمعسكرات،التي تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة الإنسانية وفي محاور تلاقي الشباب في المستقبل المشترك الشبه معدوم أو المرئئ من البعد وسكته محفوفة بالمخاطر،يختارون ركوب الصعاب من أجل بلوغ المقاصد النبيلة في بلاد المنافي كما يتخيلون!رافضين كل أشكال المساومات القديمة والجوفاء التي أفضت بهم للسراب، بما فيها الندم علي تلك السنين التي ضاعت هباءا منثورا مع الحركات التي تدعي حمل لواءات التغيير،واصبحت شركات إستثمارية لأفراد محددين يكسبون الكثير من الأموال من دماء الشهداء والنازحين والمشردين.
في تقديري الخاص أري أن الأسباب التي ذُكرت كانت ومازالت سببا في إنتشارمرض جنون اروبا بشدة في أوساط الشباب،فاصبحوا لا يدرون أي عدوٍ وطاغوت يواجهون،فكلما هربوا من احدهم يجدون الأخر متربصا في الوسط يُحجب بينهم الأحلام،فطاغوت البحر المتوسط هو الأشرس الذي يبتلع بسُكات دون سابق إنذار،فسنويا يتمدد في قاعِه الالاف من الجثث العارية تحت المياه الزرقاء،وهذا يؤكد أنه يستهلك اضعاف ضحايا الحروب في ماما افركا والكثيرون لاينتبهون!!عدا أنظمة الشر فهم يعلمون ويستمتعون من سلوك حليفهم المحترف كمصاصا للدماء الشابه والحارة التي تعتبر وقودا للتغيير إن ظلت في أوطانها،وبالمقابل ضياعهم يُعد مكسبا وغنيمة لتلك الأنظمة الإستبدادية بإطالة عمرهم في السلطه دون زحزحه،وعليه فالمصل الواقي والشافي لمرض جنون اروبا هو سلاح التغيير الجذري والشامل لكل انظمة الشر المتغطرسه والمستبدة في عموم إفريقيا واسيا،وهذا هو الحل الوحيد الذي يضمن سلامة شبابنا وبقائهم علي قيد الحياة،من ثم بناء دول قوية بنهج ديمقراطي تعددي يعيد الهجرة العكسية لإفريقيا.وحينها فقط تتأكدون أن اوروبا هي ليست جنة الله في الأرض.