مبدعون خارج الاسوار!! التلفزيون القومي انموذجاً

[CENTER][/CENTER]

ما سأتناوله هنا في هذا المقال اليوم هي قصة حقيقية من الواقع السوداني وليس من نسج خيالي ولكني سأجد لك العذر أيها القارئ الكريم لأن كل ما يحدث في السودان وخاصة أن لم تكن من معاصري الأحداث والمشاكل والأمور التي تحدث يخيّل اليك من الوهلة الأولى إنها محض خيال أو من نسج راوي القصة لأنه ( بالجد) شئ غير طبيعي الذي حدث في ال 28 عاماً من عمر الإنقاذ والذي أدى إلى إعادة التشكل الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي ولو لا خوفي من أن يعتقد القارئ مبالغتي في التوصيف لقلت :- والبايولوجي ، في تركيبة الدولة والشعب السوداني علماً بأنني كنت و لزمن قريب لدي اعتقاد كبير في أن الحركة الإسلامية والوطني ، هما ذات الشئ أو هما وجهان لعملة واحدة ولكن الأمر بدى يتكشف لي رويداً رويدا وهو ، أننا تحكمنا في حقيقة الأمر منظومتان تحملان نفس الايدلوجية في الظاهر وتختلفان في التطبيق والجوهر ولكن هذا الأسلوب أدى إلى تصعيب الأمر على هذا الشعب الذي ظل لا يعرف من هو الحاكم الفعلي بالضبط ؟!!
كما أن هناك صراع خفي لا يمكن لأحد أن يتعرف عليه إلا عند التقرب من الفريقين ، ولكن يبقي السؤال في أيهما تتم إدانته على ما وصل اليه حال هذا الشعب المسكين؟؟ ..
لأن النهج الذي انتهجه حكم العسكر الإسلامي في بداياته أدى إلى تغيير تام في مكونات أشياء كثيرة وبالذات في الخدمة المدنية والتي هي محور موضوعنا اليوم ، وقد مرت في بداية حكم الإنقاذ بمرحلة مؤسفة قامت فيها الدولة بشن حملة كبيرة وظالمة على الكوادر المهنية والعلمية والإقتصادية من خلال ما يسمي بالصالح العام ، وتم استبدالهم بكوادر المحسوبية الهشة و التي تفتقر إلى أبسط مقومات الخدمة المدنية ليس لأي ذنب اقترفوه ، فقط لأنهم كانوا ينتمون لتنظيمات أخرى من قبل ، حيث لم تشفع لهم كفاءتهم ولم يشفع لهم وقوفهم ضد انهيار مؤسسات الخدمة المدنية التي ضرب بها عرض الحائط ، وعلى ذلك قس أيها القارئ الكريم ، فهاجر من هاجر منهم إلى أرض الله الواسعة يبتغي الرزق الحلال وبقي منهم من بقي يجرب حظه مع المعيّنين الجدد الذين أتت بهم الإنقاذ من أجل التمكين ليتامروا على كل من لا ينتمي إلى منظومة ( العسكرإسلاموي) حتى وإن كان معدم الكفاءة والخبرة ويحمل شهادة من الخلوة ، وللأسف هذه هي مصيبة هذا البلد كل من يأتي لا يواصل في البرامج التي وضعها أناس قبله ، لأننا لا نتبني خطط واستراتيجيات وطنية تصلح لكل زمان ومكان والتي هي ملك صرف للدولة وعلى من يأتي – أياً كان – عليه التنفيذ فقط ، دون المساس بجوهر الخطة ومضمونها ، ولكن للأسف كل من يأتي يبدأ من الصفر لذلك نحن ظللنا في ذيل الركب وبتنا من دول التخلف زيادة علي أننا أصلا من دول العالم الثالث.
هذه المقدمة أردت بها الولوج عبر بوابة صرح عظيم وعنوان كبير لأي دولة ، ألا وهو التلفزيون القومي والذي لا يعلم كل الناس ما يدور بداخله من صراع ، ولكن في اعتقادي إذا تمعن الرائي قليلا ، لعرف السبب من خلال تردي الخدمة التي يتم تقديمها للمواطن أو للعالم ، لكونه فضائية ، فاذا نظر الانسان ملياً لما يقدمه تلفزيون السودان اليوم من برامج باهتة وخدمة فقيرة ، يعرف ما مدى سوء الحال داخل هذا الصرح الذي يعجز عن تقديم الأخبار الرئيسة في حينها لأسباب واهية لايقبلها عقل طفل يافع ، وهذا كله نتيجة لنفي الكوادر المؤهلة للصالح العام أو ( تكديرها) وعدم ترقيتها لأن من يقوم بعملية التقييم والترقية هو نفسه غير مؤهل، لأنه جاء في زمن الغفلة والتمكين لذلك لن يحاول أن يعطي العمالقة مجالاً بحكم أنه لا يقدر علي منافستهم لفقدانه الأهلية والخبرة والدرجة العلمية التي تؤهله من الوقوف في الصفوف الأمامية لذلك تحدث عملية الاقصاء .
بطل روايتنا اليوم رجل عالم ، ومبدع ، وباحث ، في التراث السوداني وروائي مؤهل . منتج للأفلام التي تحكي عن تاريخ وثروات وعظمة السودان حصل على أربع ميداليات عالمية ثلاثة ذهبية وواحدة فضية من خلال أفلام وثائقيه في مهرجانات دولية منها الطريق إلى النابع ، وفلم النواة الوثائقي ، الذي تم في الزيداب وهو أول مشروع لعالم زراعي أمريكي إسمه لي اسميث جي هنت ، وهو مدير جامعة إيوا ، والذي جلب معه 200 خبيراً أمريكيا بطلب من ونجت باشا آنذاك ، وكان غالبيتهم من الزنوج الأمريكان حيث ظل بعد ذلك جزء كبير منهم في السودان مفضلين العيش هنا وكونوا أسراً عريقة امتدت جزورها في الزيداب .
وهذا الفيلم النواة ، كان السبب الرئيس الذي أدى إلى رفع الحصار الزراعي والبحث العلمي الذي فرضته أمريكا على السودان ، وقد رفع قبل رفع الحصار الكلي ولكن للأسف لم يسأل أحد حتى اللحظة من المسؤولين عن :- من هو هذا الجندي المجهول الذي انتج ذلك الفيلم . التقيته أنا بالصدفة وتعرفت عليه وعرفت منه الكثير المثير ، وكان متواضعا ، مهذبا ، زاهدا
حتى في الشهرة ، ناهيك عن العائد المادي ، فمثل هذا الشخص لو كان لديه ( ضًهر ) – زي ما بيقولوا الجماعة – لتم نصب تمثال له ، لأن عملية رفع الحصار هذه تحتاج إلى جهود وحوارات ، وسفر ، وربما لاتكلل بعد هذا بالنجاح ،
أعرف أيها القارئ الكريم إنك تتوق لمعرفة مبدعنا اليوم والذي ظل خارج سور التلفزيون ، وغلّقت الأبواب دونه ، ولكن يجب أن نتعرف على انجاز وإبداع آخر له :- وهو الفيلم الوثائقي بعنوان غردون النجم الذي هوى وهو فيلم يتحدث عن تاريخ السودان والمهدية كما هو صاحب للبرنامج الإذاعي الرؤى والخيال الذي كان السبب المباشر في التعدين المحلي أو التعدين التقليدي و الذي زاد في الأونة الأخيرة من مكونات المجتمع السوداني وانتشر في جميع الأماكن التي يوجد فيها الذهب بالسودان نتيجة لهذا البرنامج الذي كان يعده ويخرجه بطل قصتنا اليوم ولكن هناك شئ أعظم وأقيم قام به هذا الجندي المجهول الذي ظل خارج المنظومة المنتجة لهيئة التلفزيون عن قصد رغم الانجازات الهائلة والتي يشهد عليها الجميع و كانت كلها من أجل الوطن السودان وبدلا من أن يكرم أبعد لمكتب خارج مباني الهيئة، وطبقت عليه كل الأحكام الجائرة التي أدت إلى تحطيم نفسيته وكبريائه في وطن ظل يحسب نفسه من ابنائه ولعلك أيها القارئ الكريم لازلت تتوق لمعرفة عمن نتحدث أو لربما عرفه البعض الآن ولكن مهلاً ليس قبل أن تعرف أكبر انجاز له من خلال فيلم الكويت الوثائقي وهذا الفيلم بالذات جاء بالخير الوفير للسودان وخاصة إنه يدور حول قصة الجيش السوداني الأصيل والذي ذهب دفاعاً عن دولة الكويت لمدة ثلاثة سنوات عندما أعلن الغزو الأول عبد الكريم قاسم رئيس دولة العراق للكويت بعث السودان بقوة من الجيش السوداني لحماية الكويت وعند انقضاء فترة اقامته – وفي المطار – قام أمير دولة الكويت بمكافاة كل ضابط بمبلغ 10 الف دينار كويتي وساعة ذهبية وكل عسكري بمبلغ 5 الف دينار كويتي وساعة ذهبية وربما سمع الكثيرون منكم بهذه القصة الشهيرة والتي حدثت بمطار الكويت عند وداع الجيش السوداني صاح في أفراد فرقته قائد الكتيبة حينها صديق الزئبق قائلا أرضا ظرف أرضا ساعة معتدل مارش فاسقط جميع الضباط والعسكر ما بأيديهم من ظروف وساعات في أرض المطار تاركين الحكومة الكويتية في ذهول شديد وهنا ، تقدم القائد صديق الزيبق نحو أمير الكويت قائلا ، نحن لسنا مرتزقة وإنما جئنا دفاعا عن وطننا الثاني
فرجاه أمير الكويت أن يقبلوا الساعات ذكرى ، فقبل ،
هنا من حقك أيها القارئ الكريم لك أن تسألني ما هو دور بطلنا المجهول في هذا الأمر لأقول لك :- إنه تواصل مع كل من له صلة بهذا الحدث و قام بجمع كل الافادات والصور والشواهد و مقاطع الفديو القديمة والبيانات وانتج فيلما وثائقيا اسماه الكويت قام بعمل ومجهود دولة كاملة من خلال هذا الفيلم وفعل ما لم تفعله وزارة الخارجية حينها حيث قام بعرضها علي مسؤول دولة الكويت والذي أصر بسبب هذا الفيلم مكافاة السودان والشعب السوداني الأبي وجيشه الباسل الذي رفض أن يلصق به صفة الارتزاق أو القتال بالوكالة
وقدم سرداً تاريخيا لما قامت به دولة الكويت حيث قدمت للسودان أربعة منح عظيمة الأولى كانت قرض السكة حديد والممولة في عهد الزعيم عبود والتانية كانت امتداد المناقل في مشروع الجزيرة حوالي 800 مليون فدان والثالثة هي شركة سكر كنانة ، أما الأضخم والأكبر فهي الرابعة والتي كانت منحة تنمية صندوق الشرق و قال مشيرا إلى الشاشة من أجل هؤلاء الابطال ، تقدم الكويت منحة للسودان – آنذاك – مليار وسبعمائة مليون دولار وكان شرطا من الجانب الكويتي أن يعرض الفيلم الوثائقي أثناء توقيع العقد هذه الانجازات جميعها بفضل مجهود شخص واحد عمل بإخلاص وتفانٍ ونكران ذات ، من أجل وطنه ، ونحن نقرأ قول الله تعالى :- وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ،،
ولكن ،، يالاسف لم يهتم به أحد ولم يكرمه أحد ولم ينل فلساً واحداً
بل على العكس لفظ خارج أسوارالهيئة ، إمعانا في تهميشه وظلمه ،
لذلك عزيزي القارئ أنا وأنت ، اليوم نقف وقفة إجلال وإكرام ، وتقدير لنكريم رجل في قامة وطن ( أقلاه ) لنقول له شكرا لك أيها القامة …. وأخيراً أميط اللثام وأرفع الستار بفخر واعزاز لتعرف عمّن كنت اتحدث لأقول لكم
– وبكل فخر – :-
إنه المبدع والباحث الاستاذ عباس أحمد الحاج .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..