التغيير عبر ثورة الأسافير

بلا حدود

* بينما كان ينتظر العاملون بالقطاع العام زيادة المرتبات التي تحدثت عنها الحكومة و(حندكت) بها الجميع قبل عامين وهلل لها المهللون، وبينما قطع النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء بنهاية عهد الفساد واجتثاثه من الجذور، إذا بالسكينة المنتظرة تتحول لصاعقة زلزلت كيان السواد الأعظم من الشعب السوداني بعد أن تجاوزت الزيادات المخيفة في أسعار السلع المعلنة السقف المحدد لزيادة المرتبات المعلنة، ولا زال الدولار قافزاً و متجاوزاً لكافة الأعراف والمعادلات الاقتصادية، أي أن الحكومة الشفتة (أدت باليمين وشالت بالشمال)..
* حتى الفقراء من أصحاب المهن الهامشية، وممن هم خارج نطاق القطاعين العام والخاص، باتوا مهددين بالتشرد والجوع والأمية بعد تجاوز كافة الأسعار حدود إمكاناتهم.
الجهة الرسمية الوحيدة المعنية بهم، وهي (بيت مال المسلمين) فقدوا ثقتهم فيها وهي تهب أموالهم باعتبارهم مستحقيها لجهة يفترض فيها (التعفف) من مال المسلمين، وأعني هيئة علماء الإسلام التي صرحت من قبل بتلقيها أموال من ديوان الزكاة، والأمثلة كثيرة ومتعددة..
حالة السخط التي تضج بها الأسافير هذه الأيام تشير إلى حالة من الاحتقان الحاد سيطرت على المشهد السياسي والشعبي بالدخال والخارج، والتي صاحبتها حملة من البوستات والـ(هاشتاق) رافضة القرارات الاقتصادية الأخيرة ومطالبة بضرورة التغير المتمثل في رحيل النظام.
* فوضى عارمة تشهدها البلاد عقب الارتفاع الجنوني للدولار وهي التي تسببت فيها الحكومة بسوء تقديرها، وما زالت تبحث عن مخرج لها من بين (ثورة الأسافير) التي ستنتقل إلى الشارع الأيام القادمة كما هو واضح.
*حالة من الاحباط تسود بعض القطاعات، ولكن الواضح جداً وماثل أمام الأعين، أن الانفجار قادم لا محالة وينتظر فقط لحظة الحقيقة التي لا تخطئ هدفها.
عدد من الثورات التي انتظمت دول الجوار خاصة مصر مطالبة بالتغيير وتحسين الأوضاع، بدأت عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتحديداً عبر الفيس بوك، ورغم تعداد سكان مصر الذي فاق التسعين مليوناً وقتها إلا أن وحدة الشعب وإلتفافه حول قضيته عجل بالخيار الحالي وقاد للتغير الذي انتظره الشعب طويلاً بغض النظر عن ما حدث فيما بعد.
* وما يجب الإنتباه له هذه الأيام مع الدعوات للوقفات الإحتجاجية، هو تجنب الإشاعات المسمومة التي باتت تظهر بين سطور البعض، والتي تكون في مجملها دعوة غير مباشرة لإشاعة الفوضى في البلاد والتخريب، وتخويف البعض بالمستقبل المظلم الذي ينتظر بلادنا وتشبيهه بسوريا والعراق وليبيا واليمن.
* ولكن الذي لا يعلمه مروجوا هذه التهديدات، هو أن السودان يختلف كلية عن مصر وسوريا واليمن، جغرافياً وإجتماعياً وثقافياً، والمواطن السودان يختلف عن غيره بتقديراته الإيجابية للمواقف حتى ولو جاءت متأخرة..
* في النهاية كافة الحلول التي قدمتها الحكومة للخروج من هذه الأزمة لم تعد مقنعة، فقط ينتظر من الحكومة وقبل أن تبدأ بحزم حقائب الرحيل، أن تقدم اعتذارها للشعب السوداني (الأموات منهم والأحياء) بتجاوزهم في كافة حقوقهم الدستورية، وهضم حقوقهم الإنسانية من صحة وتعليم وغذاء وكساء وتشريد وحرية وكرامة، وبعده للشعب كل الحق في قبول أو رفض هذا الاعتذار وبطريقته الخاصة.

[email][email protected][/email] الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..