فجيت الخلوق

التحليق العالى بطبعه يخص المخلوقات التى خصها الله بالطيران ، لكن التفكير المعنوى العميق حول ابسط الكلمات والمعاني السامية التى لها الحق فى تحريك الوجدان ليسمو بنا الى حد اللا نهائية قد تكون لدى البعض مبالغات ولكن بواقع الحس الإنساني هي سمو بأحاسيس صادقة .
فخلق الله جميعه بالنسبة لكل متبصر و لمن يتامل إبداع ، ففى بعض الاشعار وإن كانت مصاغة بإحساس إنسان ولكن الإنسان هو اعظم خلقه .
اغنية البنت سعاد جمعت معاني متعددة وهى من كلمات الاستاذ /الدوش ، والتى صاغها الاستاذ /عبدالكريم الكابلى بلحن مبدع ، هى وحسب مضامين الكلمات وحتى اللحن والآداء رسخت عدد للمفاهيم التى حوت الجانب الإجتماعى والسياسي بل حتى الغرامي وحتى البعد الروحى والإيمانى ، متجلي فيها بطريقة عميقة المعنى تُدخلنا فى خيال واسع بل توسع درجة الخيال وانت تستمع لها بكل انصات لهذا الجمال الراقى والطرب .
اذا اخذنا فقط جانب الحب والإرتباط بالمحبوبة وما تكنه لها النفس فى الدواخل ، نجدها رسمت لنا تقدير وآيات من الإحترام التى مثلت لنا عظمته فى المشاعر الإنسانية التى يعبر عنها بقمة الأدب والحياء لمعشوقة ملكت الكيان ولكن البوح لها وإن هو السعادة لكن لإحترامها وتقديرها لابد أن يظهر بصورة تلميحية لا تصريح فيها ولعظمة وعمق الحب لها .
كذلك عكست لنا مدى حب المرأة لجوانب الشهامة فيمن تحب وتعشق بكلمة كانت او غيره وبصوت الاستاذ الكابلى شعرنا بقمة معناها اكثر من حروف الكلمة نفسها وهى كلمة (ركزت ) وهو قد ركز فى لحظات الجلد الذى عُرف فى بعض قبائل السودان فى المناسبات السعيده ويطلق على جلد الصوت (البطان ) اذا أبعدنا تفسير هذه العادة بصحتها او عدمه ، لكننا تتجلى لنا كلمة (أركز) هذه بصمود الحبيب وتحمل البلى امام من يحبها ، وبفرحتها هى وإطلاق زغاريد الفرح أن من عشقته تحمل لأجلها وكان شجاعا أمام الجميع بسببها ، وهى فى مفخرة لذلك فمن يتحمل لأجلها الأذى يستحق أن ترفع رأسها به وترفع رأسه بها .
يظهر لنا هذا الثبات تماسك مجتمعنا بأشياء أصيلة قل أن نجدها فى مجتمع آخر ، برغم إختلافنا لكننا نظل نعتز بأشياءنا الجميلة تعيش داخلنا ونعيش فيها نحملها معنا شرقا وغربا لا نتنكر عنها ولا ننفيها ، فالجميل المعتق يزداد عبقا والقا وبهاء كلما مرت عليه السنون .
عاداتنا الجميلة إن نفضنا عنها غبار علق عليها وإستعدنا تعديل رؤيتها بإستطصحاب اصالتها الجميله وإضافت مجددة ومحسنة، لتعكسنا بزهو بالغ ،كنا قوم وسنظل مفخرة لمن يعرفنا حاليا ، ولما سيكتبه التاريخ عننا ، فالاشياء المتفردة لا تتكرر قد تقلد ، ولكن التقليد لا يمكن ان يكون اصلا .
نحن واشياءنا شئيا واحد تحضننا ونحتويها مهما بعُدنا عنها فى اى وقت او لحظة نسمعها او حتى نتذكرها نحس بالشئ الضائع منَا ونبحث عنه ونجده دائما ،بكلمة او لحن اوهمسه او حتى تعبير منفرد لا يوجد الا لدينا ، برغم ما يقال بسخرية عن بعض الاشياء ، لكنها هى نحن ونحن هي .
ودمتم ………..
حتى لا ………… ننسى
منى الفاضل