جنجويد أروبا..وتداعيات عملية الخرطوم !!

تفاقمت الأوضاع مؤخرا في دول الإتحاد الأروبي بسبب المهاجرين واللأجئين القادمين من إفريقيا بصورة غير شرعية،حيث أعلنت منظمة الهجرة الدولية في تقرير لها أن عدد المهاجرين في الثلاثة أعوام الماضية،بلغ مائتين وخمسون ألف مهاجر نصفهم عبر الي أروبا،وربعهم غرق في البحر المتوسط نتيجة لعمليات التهريب غير المقننه،التي لا توفر أدني سُبل الحماية! بينما ظل الربع الأخير من العدد الكُلي حتي الأن في ليبيا ،يُعانون صنوفا من العذاب والإستغلال المُفرط الذي وصل لحد تجارة الرقيق،ويذكر رئيس بعثة المنظمة بليبيا وهو من أصل ليبي أن سعر الفرد يتراوح بين مائتين الي خمسمائه دينار في أسواق النخاسه الليبية! وأكدت هيئة السي إن إن الأمر عن طريق بث فيديو من سوق دلالة المهاجرين في إحدي المزراع الليبية قرب مدينة صُبراته بالصورة والصوت مزاد علني لشباب أفارقة،وأضاف ذات التقرير أن هنالك سبعه مواقع أخري تقع قرب العاصمة طرابلس تُمارس فيها أيضا عمليات الإتجار بالبشر!فأثار البث سخط كبيرا من المراقبين والمتابعين بالإضافة الي مجموعات ضخمه من الأفارقة المقيمين في دول المهجر،وعبروا عن رفضهم وشجبهم لعمليات إنتهاك حقوق الإنسان في ليبيا،بمسيرات متعددة أمام السفارات الليبية في دول مختلفة من ضمنها فرنسا.
إذن هنالك سؤال محوري يطرح نفسه لماذا وصل الأمر لهذ الحد المريع والدرك الأسفل من الإنحطاط في القرن الواحد والعشرين؟؟طالما هنالك إتفاقيات موقعه بين الدول فيما يخص إحترام حقوق المهاجرين واللاجئين،وتسهيل عمليات العبور لهم بحسب ميثاق روما1951 ومرورا ببقية الإتفاقيات الأممية حتي تأريخ اليوم!في تقديري الخاص أن عمليات إنتهاك حقوق الإنسان منذ فجر التأريخ حتي الأن تبدأ من تلك الدول الأروبية،التي لا تحترم تلك الحقوق سوي في بلدانها!وكل الشواهد التاريخية تأكد ذلك،فبعدما جبلوا الرقيق عنوةً وإقتدارا الي قارتهم العجوز وإستخدموهم مرارا وتكرار في المشاريع الزراعية،الصناعية وتأسيس البنية التحتية الي أن شاخوا وهرموا وإنتهت دورة حياتهم!وبعد كل هذا التأسيس إندلعت الحروب الطاحنة في أروبا وهُلك الملايين من أبنائها،فأصبحت معظم مدنها خالية من السُكان ومع تطور الحياة كان لأبد من وضع خطة بديلة لإحياء أروبا وجعلها جاذبة للأخرين،فوضعوا دساتير عظيمة وقوانين متقدمة جُلها تقدس الإنسان والإنسانية،ومهروها بالمزيد من الدماء حتي تري النور الي أن أفلحوا!وصدروا للأخرين مفهوم أروبا هي جنة الله في الأرض وشعوبها هي شعوب الله المُختارة!!وفتحوا أبوابهم واسعة للهجرة واللجؤ بجذب خيرة الكوادر البشرية والطاقات الشابة للدول النامية، التي ساهمت في ضخ الدماء الحية في المدن المترهلة وإعادة بث روح الحياة فيها من جديد بالتنمية،! ولكن بالمقابل كانوا ومازلوا يساهمون في صناعة الفوضي بدعم الأنظمة الدكتاتورية،مصاصي دماء الشعوب بالإضافة الي صناعة الإرهاب والإرهابين وتصديرهم وتسويقهم عبر تلك الأنظمة الدوغمائية والمافيات العالمية،فهم يرون من أجل تسويق السلاح والذخائر لابد من خلق حالة إضطراب مستمرة في دول العالم الثالث،بتقديم دعم لوجستي ومادي للحُكام المستبدين ومساندتهم في البقاء في الحكم لأطول فترات ممكنة،عن طريق القبضه الحديدية للشعوب ونشر التخلف بصورة رصينة،يعمل علي طمث الهويات الوطنية،تأجيج التفرقة العنصرية،صناعة الطوائف الدينية المتعصبة،وسياسيون سُذج يخزلون الشعوب دائما،احزاب معارضة كسيحه مشوهه ومتواطئه مع أنظمة الشر،نسف إستراتيجي لكل المشاريع التنموية الحية وتقييد النهضة،حروب عبثية طاحنة تدميرية،تعطير الأجواء وتلغيمها بشعارات جوفاء براقه مزيفة،ثم تفكيك وتفتيت كل الدول المستقرة والأنظمة الديمقراطية التي تسعي الي جعل إفريقيا قوية ومعتمدة علي ذاتها.
والجدير بالذكر السياسات الأخيرة التي صممت لمحاربة المهاجرين في عملية تمت تسميتها ب{دعوهم يغرقوا}وفيها تم سحب الوحدات البحرية الفرنسية،الإيطالية،الهولندية والمنظمات التي تساهم في إنقاذ المهاجرين من المياه الإقليمية،وبموجب هذة الخطة غرق الالاف من المهاجرين في عمق المياه الزرقاء هذا العام،ورغم ذلك ظلت المحاولات مستمرة فتلتها خطة أخري وهي {إعادتهم لجحيم ليبيا}ومضي غفر السواحل الإيطالية في إعتراض قوارب المهاجرين في عرض البحر وإعادتهم الي ليبيا مرارا وتكرارا!ولكن كل تلك الخطط باءت بالفشل وإستمر الحال كما هو علية من غرق مستمر ووصول مستمر للشواطيء الإيطالية.
وبعد فشل الخُطتين لجأ الإتحاد الأوروبي لصناعة الخطة جيم التي عرفت ب{عملية الخرطوم} وتضمنت دعم سخي من جنجويد أروبا للحكومة السودانية بي215 مليون دولار،لمكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تتم معظمها بالأراضي السودانية،فرحبت الحكومة المفلسة بالمشروع وأصدرت توجيهات صارمة لقائد مليشيات الدعم السريع لمكافحة ومحاربة الهجرة غير الشرعية ومراقبة الحدود مع ليبيا،وحينها فرضت تلك المليشيات سطوتها وألقت القبض علي 1500 مهاجر بحسب تصريحات قائدهم،والذي فاجأه العالم مطالبته رفع العقوبات الأمريكية من السودان بالأضافة الي مطالبة جنجويد أروبا بالمزيد من الدعم اللوجستي والمادي،أو يطلق الحبل علي القارب وجرت مياه كثيرة تحت الجسر هنا،وعبرها تم فتح منافذ تحالفات جديدة مع حكومات المافيا أثمرت برفع جزئي لعقوبات السودان الإقتصادية!كما أن هنالك تنسيق أخر تم مع الحكومة التشادية في ذات الصدد وكُون قوات ما يُسمي بالديوان لذات الغرض ومارسوا ضالتهم مع المهاجرين في الصحاري والمناجم،بالإضافة الي التنسيق مع المليشيات الليبية لتجفيف منابع المهاجرين بالضربة الإستباقية،وتم إطلاق العنان لها بممارسة أبشع أنواع الإنتهاكات وأقذرها مع المهاجرين العالقين في ليبيا،حتي لا يُفكرون مرة أخري في الهجرة وتم ما تمه!والتقارير الأخيرة التي أحدثت ضجه إعلامية صاخبه ما هي إلا نتائج لإفرازات تلك الخطط القذرة،المتبعه بمنهجية عالية لخلق أزرع أخري لتنفيذ سياسات قوي رأسمالية تتصارع من أجل مصالحها الذاتية.
إذن بدلا من الإحتجاجات الواسعة أمام السفارات الليبية فاقدة الشرعية يجب إعلان ثورة داوية وقوية ضد جنجويد أروبا وحلفائهم من الأنظمة الإستبدادية التي تقهر شعوبها،وتنظيم تظاهرات قوية تنديدية في كل أنحاء العالم تدعوا لأحترام حقوق المهاجرين واللأجئين المبرمه في الإتفاقيات والمعاهدات الدولية،ثم الكف عن دعم ومساندة ديكتاتوريات القارة السمراء وديناصوراتها العائله للإنقراض!وإذا اراد الإتحاد الأروبي معالجة ظواهر الهجرة غير الشرعية بصورة جذرية يجب دعم الشعوب المقهورة لإستئصال الأنظمة الطاغية الجاثمة علي صدور الشعوب،وبناء ديمقراطيات حقيقية تعمل علي إرساء ثقافة السلام التي تعزز إستقرار الشعوب.وإلا سوف يغرق الغرب مجددا في الدماء طالما تتعمدون تدمير إنسان إفريقيا الذي يعتبر زخر العالم.إنتهي.
[email][email protected][/email]