الراقصة والطبال

وكأنما اكتشفت صحافة الخرطوم لتوئها إستبداد النظام القائم وعسفه ،فملأت الدنيا صريخا على خلفية تعديل قانون الصحافة ،ولولا التعديل لظلت تصدق ما تسطر بل وترسم بيديها صورة أنيقة لعسف وصلف النظام وتقدمها للقاريء في إطار مذهب، ولعل من تضامن مع القضية كذلك يصدق سطورها ولو من باب المؤمن صديق.. وقفة إحتجاجية شهدتها باحة مجلس الصحافة قبل عدة أيام ومعظم الاحزاب والتنظيمات السياسية والمنظومات الحقوقية والصادق المهدي والعالم على قول ـ (عادل امام) شجبوا وادانوا التعديل ،حزب المؤتمر الشعبي في ثوبه خاطف لونين (كراع في القصر والتانية معارضة) نظم ندوة في الشأن معلنا مناهضة قانون الصحافة وقال القيادي بالحزب أبوبكر عبد الرازق، إن القانون يهزم توصيات الحوار الوطني لأنه ضيق على الحريات التي ينادي بها الشعبي ووضعها كشرط للمشاركة في الحكومة، الأستاذ نبيل أديب المحامي والذي تساءل بدوره عن وضع قانون خاص بالصحافة والصحفيين، مسترجعاً تاريخ الحكومة الحالية وتعاملها مع الصحف من خلال تأميم كل الصحف في مطلع الإنقاذ ثم وضع (8) قوانين للصحافة في الفترة ما بين 1998 إلى 2017م.
وقال إن التعديلات الحالية أسوأ من قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م، وشدد على عدم وجود سلطات لدى المحاكم تمنع الصحافي من مزاولة عمله لأن المنع يخالف الدستور.
الندوة مشاركتها كانت كبيرة ، وقبل ايام شبكة الصحافيين السودانيين تنادت لندوة في ذات السياق بمقر صحيفة الجريدة …قالوا في التعديل ما لم يقله النظام في الامريكان، وما لم ينفقونه من تمسك وصون للمشروع الحضاري وا.. و… الى ما تسع الواوات من عطف وإنعطاف…وعثمان ميرغني في سياق ربطة عنقه الشهيرة ينعطف لمنحى آخر، داعيا للإنتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم ، كل هذا بينما الجمل ماشي.. واثق الخطوة و(عاديا تماما كالذي يمشي بخطوٍ مطمئنٍ كي يناما)
دعونا من كل تلكم الثرثرات ولنقف على حال صحافتنا ـ مثار الجدل، وما الذي تهاوى بها الى قاع هي فيه؟ بتأمل حال الصحافة في ظل هذا النظام نجدها في أضعف أحوالها منذ ميلادها فما الذي جد بالتعديلات طالما هي في ضعفها وهوانها الأول؟.. هو الحال في مصادرتها وإيقافها ومنع بعض الكتاب ـ الناشذين ومحاربة الصحيفة ـ “البتركب رأسها” بوسائل مختلفة منها حرمانها من الإعلان ،وما الى ذلك، ما الذي جد في الأمر! إذن؟ هو نفس صوت الإستحالة، ومع ذلك فالصحافة راضية بحالها وتقوم بدورها المرسوم في مكيجة وإجرائها عملية ـ (فوتو شوب) لوجه النظام ليخرج الى الناس في تمام عدالته وإنجازاته فقط على صدر الصحافة، وفي المقابل نجد بأن ذات الصحافة تقتدي بالنظام وديدنه في إظهاره خلاف ما يبطن، وكذا صحافة الخرطوم تقول بما لا تبطن…الصحافة ارتضت بدور الطبال للراقصة، ولعل بيت من الشعر للشاعر عاطف خيري يعبر عن الحالة النشاذ هذي ـ (أجمل الناجين من الذبح صار يعبد خنجرا) والاحتجاج يفضح الصحافة التي ظلت تتستر على عسف النظام الى ان دخل العسف والعسس بمدخل القانون (بعد ما طرف السوط لحقها) ولماذا سكتت عن قضايا المواطن وهي تكتفي بجرجرة وتسويف النظام في الحلحلة والتحلل!؟
صحافة الخرطوم وهي تحت رحمة النظام وبطشه أصابتها عدوى العسف فأنقلبت على بنيها من الصحافيين لتسلخ سياطها ظهورهم، فانظروا معي حال الصحفي الذي يلهث وراء الخبر والمادة الصحفية ويتقطع ويبلي حزائه وسني عمره مقابل ملاليم ، (وهم ياخدوا بلاوي) على قول عادل امام .. فكم من صحفي يعاني الداء ويعز عليه الدواء … للأسف الشديد هذه ليست صحف، بل هي محض مؤسسات ربحية غير آبهة بحال الصحفي ،وبركم كم صحيفة إلتزمت بقرار مجلس الصحافة القاضي بالحد الادني لاجرالصحفي ليتناسب مع ما يبزله من جهد وتكاليف مهنية؟
وعليه يجب تأسيس الإحتجاج على عسف الناشر وإنتهاكه وهضمه لحقوق الصحافي أولا قبل الإنبراء لتعديلات القانون ، والصحافة بوصفها جزء من منظومة الفساد لاتملك حق الاحتجاج أوا تنهى عن خلق وتأتي بمثله؟ اذن ولتعديل الصورة المقلوبة فلننقل الثورة اولا لمواجهة الصحافة نفسها قبل مناهضة التعديل.
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..