هاء السكت: حياة في مهب الريح

نملة ضئيلة .. ضئيلة ، لا تعض ولا تأكل من طعام آدمي محفوظ ،وما بها من شراسة. كانت تسير في الطريق العام فوق خشبة هي، ما عدا مناطق الحصول على الطعام المجهولة لدينا- نحن الرواة العجولين- كل عالمها. نملة لا قبيلة لها ولا تشترك مع النمل في بيت جماعي .هي من الضآلة بحيث ربما يحسبها المتأمل لانملة . لكنها تأكل مثل كل الكائنات الحية من خشاش الأرض . ومن قال إنها بلا بيت؟ هي ببيتها ولها بعل وهو أيضاً ينتمي للنمل ولها بنات وأبناء.
– كم ترى يكون مقياس اللذاذات أو الآلام لديها مقارنة بالحوت أكبر الكائنات أو الفيل؟
هكذا تساءل شاعر كان يهز رجليه قبالة النافذة (مجرة النملة) في غرفته معمل قصائده.وكان سيدخل في أسئلة أخرى لا حصر لها لولا أن تيار هواء مر فأطار النملة عن مسارها بعيداً وربما وقعت على الأرض.
– ستحتاج لقرن نملي بحساباتها حتى تعود للخشبة في أعلى الشباك .
هكذا نبس الشاعر لنفسه.وما لبث أن طوى الأمر كله من سريرته. ولو أنه مضى في التأمل لغايته لجاد لنا بقصيدة تأملية أو اكتشاف يفيد العلماء ولو بعد حين ، .لكن الشاعر ملول.
الهاء إياها ألمت به فتحول يبحث عن صورة شعرية كان قد ترك للتو ما هو أفضل منها لو كان يعلم.
بشرى الفاضل