محرقة الجنجويد وإرهاصات النُخب الفاشلة!

خلف الستار
معلوم للجميع أن الجنجويد هم مجموعة من الأرزقية النفعيين،الذين لا يحملون في جوفهم أي قيمة إنسانية تذكر،مبدأهم في الحياة القوي يأكل الضعيف،أغلبهم عُربان بدو سُذج وشرذمة قلة من القبائل الأخري لايحملون أي ثقافة ولا دين!وكانت تلك هي قواسمهم المشتركه مع النظام العديم الأخلاق! فإستعانت بهم حكومة الفقُر الدمار والجبروت مباشرة لحماية عرشها،عن طريق تنظيمهم في مليشيات متعددة مدججين بأحدث الأسلحة وسيارات الدفع الرباعي المزدانة بالدوشكات،ولا يخُفي لأحد أن أغلب قادتهم من كبار المجرمين مرتادي السُجون ومحاكمون،ومازال بعضهم أو جلهم مطلوبين للعدالة وبلاغاتهم قابعة بكثرة في مراكز الشرطة المترهلة!في وأقع أليم تلاحق الشرطة فيها الفقراء وتحاكمهم وتحرس اللصوص بأعين ساهرة ثم تحمي مرتكبي المجازر البشرية ومصاصي الدماء بعصي القانون!وأحيانا يتفننون في إلباسهم شرف الدولة بطرق قذره تنتهك حقوق المؤسسة العسكرية العريقة،بالإضافة الي منحهم أعلي الرُتب القيادية في شهور فقط بعد تنفيذيهم السياسات المرسومة حرفيا بدقة عالية،والتي تتمثل في سياسة الأرض المحروقة،التهجير القسري،الإخفاء القسري،الإختطافات العلنية للمواطنين وإبتزازهم،ممارسة الإغتصاب في أقصي صوره بالتناؤب،كسر إرادة القبائل وتركيعهم جبرا للسلطة،القضاء علي الأخضر واليابس في دارفور ونهب ثروات القبائل المصنفة في قائمة أعداء الدولة،تفكيك أنظمة الحواكير وتوطين مستوطنين جُدد،بث ثقافة الرعب وترويع المواطنين العُزل،إشاعة الفوضي في القري والمُدن وإذلال المعتمدين والولاة أمام الرعية،بالإضافة الي كسر هيبة أجهزة الشرطة،الجيش ،القضاء وإشاعة قانون الغابة! ممارسة أبشع أنواع التعذيب والتنكيل والقتل لكل من سولت له نفسه الحديث عن نظام البشير الفاسد.فكانوا ومازالوا أهلا لتلك التوجهات التي تهدف الي تفكيك وتمزيق البلاد وتقسيمه لدويلات أخري،بعد شطره الي نصفين شمالا وجنوبا.
إذن الملايين من مواطني دارفور الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في معسكرات النزوح واللجوء،شهود أعيان أمام الله والعدالة لما إرتكبوهوا الجنجويد من جرائم،بالإضافة الي المنظمات الإنسانية وقلة من السودانيين الأشراف لا ينكرون ذلك،كما أن الأدلة التي تدين البشير وزمرته وحميدتي وحليفه السابق موسي هلال بالإضافة الي السافنا،علي كوشيب،عبدالله شغب،محمدين أركوجور والبقية،موجودة وموثقه بالصورة والصوت ومعلومه للجميع ولا ينكرها إلا مكابر أو نفعي أرزقي.
ذكرت مرارا بأنه لا دخل للشعب السوداني الفضل في صراعات الطواغيت والجبابرة الضلله،طالما هم يتافسون في حماية زعيم عصابتهم عمر البشير المطلوب للعدالة الدولية،وإن أحالوا الإقتتال لبعضهم البعض ذاك شأنهم الخاص فاليتقاتلوا ويحترقوا بعيدا عن المدن والقري النائية،كي لا يُصاب الأطفال،النساء وكبار السن بأي شظايا إضافية ناتجة من عراكهم،يكفيهم تلك السنون من العذابات المستمرة بسبب اؤلئك الفجره الضالين.وأعتقد لا يمانع أي صاحب عقل أو ضمير ذهاب كل الطغمه الحاكمة وأعونهم الي الجحيم المخلد.
وبما أن الأنفس البشرية السليمة تواقة للعدل والمساواة،ونشر القيم الإنسانية العليا من سلام ومحبة وغيره،ولا يتحقق ذلك إلا ببناء دولة الديمقراطية والقانون الذي يتساوي أمامه الجميع من الرئيس حتي الغفير،ومحبي التغيير دائما ينشدون تعزيز قيم العدالة حتي في أقرب أقربائهم طالما هم مدانون،إلا أن الغريب في الأمر هو إرهاصات ما يدور في أروقة النُخب السودانية المدمنه للفشل،بعدما تم القبض علي المُجرِمين السافنا وهلال من قبل إخوتهم المجرمون بأمر من كبير المجرمين،فالأمر أكثر من عادي طالما يُفكر النظام في تقليل جبروت جبابرته!ولكن المدهش والمثير للحزن فجأة هو إنتكاس الكثيرين الذين كانوا بالأمس القريب يصرخون ويملؤن الدنيا ضجيجا،في الميديا والصحف مطالبين بمحاسبة مرتكبي الجرائم والجانيين علي المواطن والوطن!إلا أنهم إنقلبوا وبدأؤوا يدافعون بإستماته عن بعض الجُناة ويصورونهم أبطالا للتاريخ ولكن هيهات!مع إن حميدتي نفسه ذكر جزء من تأريخ موسي هلال بأنه كان مسجونا في جرائم عديدة،ولكن عفي عنه الرئيس وعينه رئيسا لعصابته ووزيرا بديوان الحكم الإتحادي،إلا أنه كفر بالنعم وتمرد بعد أن قويت شوكتة وظل يُمارس عاداته الضالة مع الناس المساكين،وجرايموا كتيرة بس محتفظين بيها وما دايرين نذكرها،بس لازم يُحاكم محاكمة عسكرية عادلة!هكذا قال وقوله ليس فيه جديد للمراقبين والمتابعين لما يجري علي الأرض في دارفور،وعند العودة لتفكيك عقلية الصفوة التي تناصر هلال والسافنا نجدها لا تتعدي مفاهيم النقد عند الأستاذ/فائز السليك في كتاباته واصفا العقل السوداني ذاكرة مثقوبة وتفكير مضطرب،وهذا يؤكد وجود ذات الخلل البنيوي في عقلية النُخب المثقفه المدمنه للفشل التي تنحاز للعِرق والقبيلة ساعة المعارك الأخلاقية الفاصلة،وسايكولوجية التمييز الإيجابي للأعراق هذه ليست إلا إحدي ميكنزمات التمركز والتهميش بحسب ما ورد عند د/أبكر ادم في كتابه جدلية المركز والهامش الذي شخص الواقع السوداني بالوضعية المأذومة،وتكمن الأذمة في إعلا نبرة العِرق العروبي في كل المنحنيات،وهي إيدولوجية مقززة ظلت تسبب شرخا كبيرا في الهوية الوطنية،عبر إستخدام فلسفة التمييز العنصري الجهوي المرتكزة علي مبدأ اللون،الدين،الثقافة والرقعة الجغرافية المحددة،وهذا النموذج باين في طبيعة التعامل مع أسري الحرب من أبناء السادة المبجلين وكيفية معاملتهم،أسوة بأبناء الهوامش الذين يتم تصفيتهم مرارا وتكرارا في زنازين النظام،حتي الطلاب المعتقلين جلهم من دارفور بالإضافة الي من تم إغتيالهم كذلك،لم يكونوا البته من الجزيرة،النيل الأبيض،نهر النيل أو الشمالية،لذا سيناريوهات الحروب المستمره في السودان لن تتوقف علي الإطلاق،طالما الغرض الأساسي منها محو عناصر محددة ومسحها من ذاكرة الوطن،مقابل سيطرة عناصر أخري من الأقليات علي زمام الأمور وتفردهم بالسلطة في بلد متعدد ومتنوع الأعراق،الثقافات،والأديان.
رسالتي الأخيرة أرسلها لأبناء تلك الكيانات التي بدأت تتصارع مؤخرا،فصراعهم وإقتتالهم يصب في مصلحة العدو الأول للشعب السوداني وأنتم تعلمون!سوي كان ذلك في داخل البلاد أو خارجه مثل حرب اليمن،فعليكم الإبتعاد عن التخندق تحت أيدولوجية النظام الفاسد وهوس الإسلاموعروبية،وإتخاذ موقفا شجاع للتاريخ والإنسانية بالإنحياز للشعب،عبر تبني مبادرة إصلاح جوهري تستهدف معالجة الذاكرة الخربة التي أفسدها النظام بفيروسات العنصرة والتمييز،ثم توعية أؤلئك المستخدمون في حروب حصاد أرواح السودانيين في كل الهوامش،بالإضافة الي وضع إستراتيجية جديدة تكون قاعدتها خط تحالفات قوية مع كل دعاة التغيير الجذري،الذين يوجهون سهامهم بصورة واضحة إتجاه حكومة التفرقة والشتات،لأنو المثل بيقول صبرك علي الحال العوج مابيبقي حل عوجك تعدلوا بإيدك،وإيد في إيد حتجدع بعيد وتحدث تغيير جذري أكيد،ولا يفوتكم مقولة أبوالقاسم الشابي :إذا الشعب يوما أراد الحياة لأبد أن يستجيب القدر..ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.وهذه هي الفرصة التاريخية الأخيرة في أن نكون أو لا نكون.
صالح مهاجر
[email][email protected][/email]